الولادة

الولادة في الماء : لماذا يعتبرها الأطباء الأسلوب الأفضل للولادة؟

لعل فكرة الولادة في الماء تخفف عنك كثيرا من الضغط النفسي الذي يتسبب فيه خوفك من آلام الولادة. وقد ساعدت هذه الطريقة في الولادة الكثير من السيدات على جعل الولادة ذكرى جميلة يجببن استرجاعها من حين لآخر. تابعي القراءة لتعرفي المزيد.


ظهرت فكرة الولادة في الماء في العالم الغربي منذ فترة طويلة؛ ثم بدأت تنتشر في عالمنا العربي في السنوات القليلة الماضية. ومنذ قديم الأزل يستخدم الماء الدافئ في الولادة بسبب أنه يعمل على إرخاء العضلات؛ فكانت القابلات أو المشرفات على الولادة تستخدم الأقمشة المبللة بالماء الدافئ في وضعها على منطقة العجان لتوسيعها وإرخائها ليخرج الجنين. أما فكرة الولادة في الماء بمفهومها الحالي فهي تختلف عن ذلك. وإليك، عزيزي القارئ، في هذا المقال كل ما يتعلق بالولادة في الماء؛ من حيث الكيفية والمميزات والعيوب وغير ذلك مما قد يثير اهتمامك.

تاريخ الولادة في الماء

في الحقيقة أن غالبية الناس تعتقد أن الولادة في الماء هو شيء جديد ومستحدث؛ بيد أن هناك من الأدلة التاريخية ما يدلنا على استخدام هذه الطريقة في الولادة عند قدماء المصريين وبعض سكان البلدان الأخرى في العصور القديمة؛ والذين كانوا يلدون في مياه الأنهار والبحار والمحيطات. وبالطبع جاءت هذه الفكرة من أن الماء الدافئ يساعد على إرخاء عضلات الجسم وتقليل الضغط والتوتر. وفي العصر الحديث تمت أول ولادة تحت الماء في فرنسا عام 1803؛ وذلك حينما مرت إحدى السيدات بتجربة ولادة غاية في الصعوبة؛ حيث استغرقت الكثير من الوقت وتحملت الكثير من الآلام؛ عندها جاءت للمحيطين بها فكرة وضعها في حوض مملوء بالماء الدافئ؛ عل ذلك يساعدها على الولادة. ومن هنا بدأت الفكرة في دول أوربا، وظلت تنتشر حتى أصبحت خيارا موجودا في غالبية المستشفيات هناك؛ ثم انتقلت هذه الطريقة إلى العالم العربي؛ ليقوم بعض الأطباء المتصفين بالشجاعة على تجريب هذا الأمر.

كيف تتم الولادة في الماء؟

الولادة في الماء كيف تتم الولادة في الماء؟

الولادة في الماء تكون بوضع المرأة التي قد دخلت مرحلة المخاض في حوض من الماء الدافئ، الذي تصل حرارته إلى 37,5 درجة مئوية. ولا تدخل الأم في الماء الدافئ منذ بداية الطلق؛ بل لابد من أن يكون الطلق قد انتظم وعنق الرحم انفتح حوالي 5 سم؛ وذلك لأن استخدام الماء الساخن الذي يرخي العضلات قبل ذلك يتسبب في توقف الطلق واسترخاء الرحم وعدم انقباضه؛ وبالتالي توقف الولادة. وفي بعض الحالات تظل الأم في الماء حتى يخرج الطفل فيه، وفي حالات أخرى تفضل الخروج عند خروج الطفل؛ ويعتمد ذلك على طلب الأم ورأي الطبيب في الأفضل لها وللجنين.

فوائد الولادة في الماء

لا تقتصر فوائد الولادة في الماء على الأم فقط أو المولود فقط؛ بل لكل حظه منها. وبالنسبة للأم، فإن وضعها بالماء الدافئ خلال المرحلة الأصعب من المخاض يخفف الألم بنسبة 60%، ويعمل على إرخاء العضلات، ويكون بمثابة المخدر الطبيعي والمحفز للطلق الذي يغنيها عن أخذ عقاقير التخدير ومحفزات الولادة الصناعية، ويحفز هرمونات الولادة، ويوسع عضلات العجان والمهبل بشكل يتيح للطفل الخروج دون حدوث أي قطع أو قص، ويساعدها على الهدوء النفسي. وأما عن الجنين، فإن هذه الطريقة تستخدم في بعض الأماكن لتمكينه من الاندماج في العالم الجديد بشكل سلس لا يسبب له الصدمة؛ فالماء الدافئ يشبه إلى حد كبير السائل الذي يسبح فيه داخل رحم أمه. ولا نستهين بالصدمة الكبيرة التي تصيب الطفل عند خروجه المفاجئ من الرحم؛ فهي تجعله غير قادر على الرضاعة لفترة من الوقت. ولعل هذا هو السبب في أن الطفل الذي يولد في الماء لا يبكي بالقدر الذي يبكيه الطفل الذي يولد في الهواء.

مخاطر الولادة في الماء

لا تخلو الولادة في الماء من بعض المخاطر؛ شأنها شأن الولادات الأخرى. ومن أهم هذه المخاطر إصابة الطفل بالعدوى بسبب عدم نظافة الحوض الذي تلد فيه الأم أو تبول الأم أو تبرزها لا إراديا عند دفعها للطفل أو غير ذلك. وفي بعض الحالات النادرة يحتاج الطفل للتنفس وهو أسفل الماء؛ مما يؤدي إلى وجود كميات من مادة الصوديوم في دمه. ولأن هذا النوع من الولادة جديد إلى حد ما، فإن كثيرا من الناس تتخوف منه بسبب أن الأبحاث فيه لا زالت قليلة؛ ولا يوجد حصر حقيقي للمخاطر التي من الممكن أن تحدث بسببه. ولكن في العموم، يعتمد الأمر على مهارة الطبيب؛ كما أن جميع أشكال الولادة الأخرى لا تخلو من المشاكل.

شروط الولادة في الماء

الولادة في الماء شروط الولادة في الماء

لا تتم الولادة في الماء لأي امرأة حامل؛ بل لابد من توافر بعض الشروط لإجراء الولادة بهذا الشكل. وهذه الشروط تشمل الآتي:

  • عدم إصابة الأم بأي من الأمراض الجلدية التي تنتشر في الماء؛ حتى لا تكون هناك فرصة لانتقالها إلى الجنين عند خروجه.
  • وجود المشيمة في الوضع الصحيح في أعلى الرحم؛ فإن وجودها في أسفله قد يعرض الأم للنزيف الحاد.
  • اتخاذ الطفل للوضعية الصحيحة للولادة؛ بحيث يكون رأسه للأسفل وقدماه للأعلى.
  • عدم وجود مشكلة في الحمل؛ مثل تسمم الحمل أو سكري الحمل أو ارتفاع ضغط الدم.
  • عدم كون الأم حاملا بأكثر من طفل؛ فإن ذلك يحمل بعض المجازفة.
  • ولادة الأم في الوقت الطبيعي؛ من الأسبوع السابع والثلاثين وحتى الأسبوع الأربعين؛ أما حالات الولادة المبكرة، فلا تصلح لها الولادة في الماء.
  • وجود مرافق مع الأم داخل الحوض الذي يحتوي على الماء الدافئ ليساعدها؛ وقد يكون الشخص هذا زوجها أو غيره.
  • الإشراف الطبي الكامل طيلة فترة الولادة، ومتابعة نبض الجنين بالوسائل لطبية التي تستخدم تحت الماء؛ حتى لا تكون هناك فرصة لأي مضاعفات.
  • التهيؤ لحدوث أي مفاجآت وتجهيز غرفة عمليات قريبة من مكان الولادة؛ حتى يتم إسعاف الأم والجنين عند الحاجة إلى ذلك.
  • متابعة ضغط دم الأم ودرجة حرارة جسمها بشكل مستمر حتى تنتهي تماما من الولادة.
  • عدم إعطاء الأم أي من المسكنات التي تستخدم في الولادة الطبيعية؛ سواء حقنة الإبديورال أو المسكنات التي تؤخذ عن طريق الحقن ؛ لأن هذه المسكنات عادة ما تسبب الشعور بالنعاس؛ ومن الخطر أن تشعر الأم بالنعاس وعدم التركيز وهو في حوض الماء الساخن.

مسكنات تخفيف الألم عند الولادة في الماء

على الرغم مما ذكرنا سلفا من أنه لا يمكن أخذ المسكنات التي يعطيها الطبيب للأم في حالة الولادة الطبيعية، هناك بعض وسائل تخفيف الألم التي من الممكن استخدامها في هذه الحالة؛ والتي تشمل التدليك لمناطق الألم؛ وخاصة أسفل الظهر والاسترخاء التام الذي يساعد على إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وهو هرمون الولادة، والتنفس الصحيح أثناء الطلق وبين الطلقة والأخرى. وكل هذه وسائل طبيعية لا تسبب أي مضاعفات. وفي حالة عدم القدرة على التنفس الصحيح، تستطيعين الاستعانة بالتنفس الصناعي ليسهل عليك الأمر.

ونهاية، يعتبر الهدف الأسمى من ابتكار طريقة كهذه أو غيرها للولادة هو تخفيف الألم على الأم وجعل الولادة أمرا أكثر سهولة ويسرا؛ وما هي إلا مسألة وقت حتى تعمم هذه الطريقة في كثير من مستشفيات العالم العربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى