تسعة
الرئيسية » العلاقات » مشاكل العلاقة » الشريك الغيور : كيف تستطيع التعامل مع شريك علاقة غيور جدًا ؟

الشريك الغيور : كيف تستطيع التعامل مع شريك علاقة غيور جدًا ؟

الغيرة في العلاقات العاطفية أمر عادي جدًا، لكن الغيرة إذا ما زادت عن حدها انقلبت إلى ضدها، في هذه السطور نعرفك كيفية التعامل مع الشريك الغيور بسهولة.

الشريك الغيور

الغيرة شعور طبيعي فلا ريب أن كل إنسان يحب أن يكون المستحوذ على الجزء الأكبر من شريك علاقته وألا يشاركه في الشريك هذا أحد بجزءٍ كبير أو مقارب له، والشعور بالغيرة شعور فطري لا يمكن قمعه وينبغي التعامل معه بعقلانية واتزان حتى لا يقوم بإفساد العلاقة، ولكن إن زاد شعور الغيرة عن حده أصبحت الغيرة في هذه اللحظة نار تستعر، وتنعكس هذه المشاعر بالغيرة على العلاقة ككل فتصير إحدى الأشياء التي تنغص على طرفي العلاقة، صفو علاقتهما، والشريك الغيور يجد نفسه يشك في كل شيء وفي كل شخص حول شريكه، وعندما لا يجد ما يشك فيه فإنه يجد نفسه يشك في أشياء صغيرة جدًا وأحيانًا يشك في لا شيء أصلاً، حيث يختلق أشياءً ويتصور أنها مثيرة للشك والريبة، وعلاقة مثل هذه لابد وأنها من أكثر الأشياء إرهاقًا للإنسان وتسبب له الكثير والكثير من الضغط النفسي والعصبي والتوتر اللذان يؤثران على صفو العلاقة وعلى راحة البال واعتدال المزاج، فنجد أن الشك والذي هو مصدر الغيرة، ينتقل بالعدوى من الشريك الغيور إلى الطرف الآخر من العلاقة فنجده هو أيضًا بدوره يحرص على كل تصرفاته ويرتاب من كل سلوكه، وأي فعل يفعله يفكر هل هذا مثير للشك والغيرة أم لا، وبذلك يعيش الشخص في توتر دائم وهذه ليست العلاقة الصحية التي يأمل إليها أي إنسان، بل علاقة مبنية على شكل من أشكال الاستبداد المبطن والمسمى الغيرة، إذن كيف من الممكن أن نتعامل مع الشريك الغيور الذي يقوم بالغيرة من كل الأشياء وكل الأشخاص.

دليلك إلى التعامل مع الشريك الغيور

لا نحاول استفزازه

هذه الطريقة قد تأتي بنتيجة عكسية، فلا ينبغي أن نروض شعور الغيرة داخل الشريك الغيور بأن نحاول فعل تصرفات تجعله يشعر بالغيرة أكثر، وقد يلجأ البعض من جراء الطريقة السخيفة التي يتعامل بها الشريك الغيور بسبب غيرته، أن يقوم باستفزازه كي يحضه على ترك الغيرة، ولكن هذا سيجعله يشتعل أكثر وسيأتي بنتيجة عكسية ولن يكون هادئًا بعدها أبدًا بل سيزداد غيرة وسيزداد شك ولكن هذه المرة شكه سيكون مدعومًا بشيء من اليقين بسبب نوعية تصرفاتك الجديدة هذه، لذلك فإن التعامل مع الشريك الغيور يحتم علينا بشكل مبدأي أن لا نحاول استفزازه بتصرفاتنا المثيرة لغيرته، فالأشخاص الذين يغار منهم نقلل من تعاملنا معهم ولو بشكلٍ مؤقت، والأشياء التي تجعله يغار، نحاول أن نقلل منها، والتصرفات التي تثير غيرته، نحاول أن نحافظ على سلوكنا ولا نمارسها أمامه، والمواقف التي لا يراها، من الأفضل أن لا نحكيها له.. حتى نستطيع تحجيم غيرته وجعلها تأخذ الشكل المناسب بأن تكون غيرة صحية لا تثير الريبة ولا تسبب التوتر وتكون الغيرة مصدرها مواقف حقيقية تستدعي الغيرة لا بسبب وبدون سبب وبأشياء وهمية أحيانًا يصورها دماغ الشريك الغيور له كحقيقة.

ندعم ثقته بنفسه

غالبًا، الشريك الغيور يكون شخص لا يثق بنفسه بشكلٍ كافي، وبالتالي فإن مجرد وجود أي شخص في دائرة شريك علاقته قريب منه بشكل كبير، يراه مصدر تهديد له ولعلاقته ككل، وربما هذا ما يجعله يغار بكل هذا القدر وفي اللاوعي لديه يحاول أن يقوم بإرهاب شريك علاقته حتى لا يفكر ولو للحظة أن يتودد إلى هذه الشخصيات التي في دائرة معارفه أو أن يتركهم يتوددون إليه، ولكن للأسف هذا ليس هو الحل.. فهو بذلك يقوم بخنقهم أو ما يشبه سجنهم وبالتالي سيتوقون يومًا لتنسم نسيم الحرية ويرغبون في ممارسة تصرفات بدون رقيب عليهم سواء بسبب وجوده وهو معهم، أو حتى في عدم وجوده بأن يكون الرقيب من ضميرهم، وهذا ليس بحل أيضًا، لذلك الحل مع الشريك الغيور والذي غالبًا ما يكون فاقدًا لثقته بنفسه أن نشعره بأنه أهم شخص في حياتنا وأنه الوحيد الذي من الممكن أن نسلمه قلوبنا وعقولنا وحياتنا وأننا لا نأتمن أي شخص غيره علينا ومعنى ارتباطنا معه في علاقة أي أن ذلك يعني أنه الوحيد الجدير بنا، كل هذه الكلمات ستدعم ثقته بنفسه وتجعله يخفف من حدة الغيرة التي يطلقها ليل نهار كي ينغص على شريكه حياته ويجعله يكره أن يتعامل مع الناس، أو نحتك بهم، أو نوسع دائرة علاقاتنا التي ولابد من اتساعها بزيادة خبرتنا وتجاربنا ومواقفنا التي نواجهها في الحياة.

قليل من الحنان، كثير من الربح

تستطيع الآن أن تكسب الشريك الغيور بأسرع وسيلة ممكنة، وهذه الوسيلة مفعولها أسرع مع النساء حيث على الرغم من أن الرجال يميلون لحب السيطرة ويرسمون طابع رباطة الجأش والصلابة، إلا أنهم ينهارون عند أول بارقة حنان أو تدليل من النساء، ولذلك عندما يقوم الشريك الغيور بممارسة غيرته عليك، لا يجعلك هذا ثائرًا أو عصبيًا، بل استغل هذا لصالحك، هو الآن يفكر أنك تعامل شخص ما بود لأنه قد يعجبك، طبعًا هذا أبدع ما يكون عن الحقيقة ولكنهم للأسف يتصورون هذا، هل تثور في وجهه وتخبره أنه مجنون وأن هذا الكلام لا يمت بالحقيقة بصلة؟ حسنًا صدق أو لا تصدق هذا الكلام لن يأتي بأي نفع أو جدوى، بل على العكس العصبية تأتي بعصبية مقابلة، وسيؤدي إلى مالا تحمد عقباه، إذن ما الطريقة التي ينصح بها؟

وربما يكون أكثر مناسبة لو وجهنا الكلام هنا بصيغة المؤنث، لأنهن الأكثر مهارة في فعل هذه الأمور.. حيث من الممكن القول بأنه لطالما أتت الغيرة في عقل رجل من الصعب اقتلاعها إلا إذا قمتِ بتدليله، التدليل هو ما يجعله يسترد ثقته بنفسه ويجعله يشعر بأن هناك شيئًا خاصًا بل وشديد الخصوصية لا تفعلينه لكل الناس بل له هو وحده، فالتودد والحديث بأدب أو بذوق إلى شخص ما، ليس له نفس الوقع أو الأثر كما تفعلين معه حين تدليله، أو إخباره بأنه في عينها أفضل رجلٍ في العالم.. مع إلحاق ذلك بجمل من نوعية:

“هل تتخيل أنه من يعرفك، يعجبه أي شخص غيرك؟”، “إنك لا تصدق أنك أجمل بكثير مما تتصوره عن نفسك”، أو جمل من نوعية: “لو طفت العالم شبرًا.. شبرًا، لأجد شريك مثلك، فإنني لن أجد مطلقًا.. إنني محظوظة بك”، ومن الممكن أن تضيف في آخر الكلام صفات تدليل مثل: “بيبي” “سويتي” يا “كوكو” وغيرها من تلك الكلمات التي تأكل عقل الرجال وتفقدهم قدرتهم على المقاومة أمام النساء.

هذا هو السلاح الفتاك الذي لا يصلح مع حديث ولا يأتي بعده كلام، ستجد هناك ابتسامة بلهاء ارتسمت على وجه هذا الشريك الغيور، وستجدي ثورته وعصبيته انقلبت إلى وداعة وبشاشة في لحظة وبدون أي مجهود يذكر. ولا نخص النساء بهذا الفعل فحسب بل الرجال أيضًا يستطيعون فعل هذا وزيادة لكنهم يحتاجون إلى القليل من الصبر، حيث إن النساء يأخذون وقتًا أطول قليلاً من أجل مراضاتهم أو إخماد عصبيتهم، لكن إن كان التدليل مركز ملحق به بعض الجمل المبتكرة من التغزل والإطراءات، تصبح الأمور أسهل. لذلك، مع الشريك الغيور حاول ألا تفقد سلاح الحنان، ولا تتخلى عن التدليل كوسيلة للقضاء على ثورة الغيرة وعصبيتها.

نعزز ثقته بنا

ربما نفعل من التصرفات ما قد يضايق الشريك الغيور بالفعل ويجعله يتصور أننا بذلك لا نراعي مشاعره، وربما يرى تودد أشخاص غرباء لنا، أو يعترض على أسلوب معين من أسلوب الأصدقاء معنا، هذا الشخص للأسف قد لا يحس أننا نستطيع صد هؤلاء بشكل جيد أو وضع الحدود لتعامل الأصدقاء معنا كي لا يتجاوزوا حدودهم.. تعزيز الثقة بنا لا يأتي عن طريق عدم إثارة شكه في سلوكنا، لأنه بالفعل أمر مفروغ منه لأنه لو كان يشك في سلوكنا ونحن في علاقة، فإن هذه العلاقة آية للسقوط وستقتلع من جذوها بالأساس ، ولكن يجب أن نعزز ثقته في قدرتنا على وضع الحدود اللازمة للتعامل معنا كي لا نصبح مطمع لهؤلاء الغرباء، ونقنعه أننا قادرين على إدارة علاقاتنا بالشكل الذي يحترمه ولا يأتي على حساب مشاعره أو علاقتهما المشتركة، ولا يثير ضيقه على الإطلاق، ذلك وأن الشريك الغيور قد يقول أنه يثق في سلوكك ولكنه لا يثق في نوايا من حولك سواء كانوا أصدقاء أو غرباء، والحل هو أن نقنعه ونفهمه أننا قادرون على وضع الحدود اللازمة سواء مع الأصدقاء أو الغرباء كلٌ ومساحته وأننا قادرون على اختيار الأشخاص بعناية الذين يجب أن ندخلهم في دوائرنا وأننا لن ندخل أي شخص إلا بعد التأكد من أنه جدير بأن يكون أحد معارفنا أو أصدقائنا.

الشريك الغيور المتسلط لا علاج له

كل ما سبق كنا نتكلم عن الشريك الغيور المفتقد للثقة في نفسه، أو الشريك الغيور الذي يريد حنانًا وتدليلاً أو الشريك الغيور الذي يريد أن يثق في قدرتنا على إدارة علاقتنا بالشكل الذي نراه جيدًا، لكن يوجد نوع آخر وهو الشريك الغيور بسبب التسلط، هو شريك غيور ليس للأسباب السالفة ولكن لأنه يحب السيطرة والتسلط والاستحواذ الكامل، والتحكم في تصرفات الآخرين وتوجيههم نحو تصرفاتهم لكي يتصرفوا حسب ما يراه هو صحيحًا فحسب، وهذا الشريك الغيور للأسف لا تجدي معه الحلول السابقة، وللأسف لن تجدي معه أي حلول.. فإن الأفضل إما أن يكون هناك طريقة مباشرة لإفهامه أنك لن تقبل أن يسيطر عليك أحد أو يتحكم في تصرفاتك وإنه إنك كنت تضبط تصرفاتك وتتعامل بطريقة معينة مع الناس فإن هذه الطريقة هي ما تتوافق مع أخلاقياتك ومبادئك، وليس خوفًا منه أو من غضبته أو خضوعًا له أو لسيطرته عليه، أما إن كان يظن أنه يستطيع التحكم فيك بشكلٍ كامل ويملي عليك تصرفاتك وسلوكياتك فإن العلاقة مع هذا الشخص السيكوباتي المتسلط لن تنجح أبدًا ولن تجدي معه الطرق السابقة ويجب التعامل معه بندية وبحزم كي لا يظن أنه يخضعك إليه أو يستطيع السيطرة عليك بأي شكلٍ من الأشكال.

لذلك: يجب أن يكون لدينا الحنكة التي نميز بها الشريك الغيور الذي يفتقر للثقة بنفسه ويحتاج تدليلاً وحنانًا لإسكاته، والشريك الغيور المتسلط الذي يغار فقط ليتحكم فينا وفي تصرفاتنا وفي تعاملاتنا مع الناس.

خاتمة

يجب علينا أن يكون هناك مساحة من الحرية والثقة التي يجب أن يتحرك فيها أي اثنين في علاقة، لا يستقيم أن يكون هناك غيرة خانقة تحول العلاقة إلى سجن، حتى وإن كان سجنًا محاطًا بالعاطفة سيظل سجن، وآجلاً أو عاجلاً سيرنو طرف العلاقة المتضرر من هذا السجن إلى الحرية ويتوق إليها، وعند أول فرصة سيتحرر من سجن هذا الشريك الغيور، ووقتها لن ينفع الندم، ولن يجدي الحزن على ما اقترفه هذا الشريك الغيور من تضييق وتوتر وضغط نفسي وعصبي على شريكه من البداية مما دفعه لأن يهرب عند أول فرصة، لا نقول أن تخلو العلاقة من الغيرة.. ولكن الغيرة المحمودة التي تبرز أهمية كل طرف عند الآخر، أما أن تكون حب تسلط وسيطرة وتضييق وضغط نفسي وشك ومراقبة، فإن هذه ليست غيرة على الإطلاق وليست عاطفة، ولا تستلزم البقاء فيها أبدًا.

محمد رشوان

أضف تعليق

خمسة − 2 =