تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » أضرار التواضع : كيف يصبح التواضع الزائد مضر لصاحبه في بعض اﻷحيان؟

أضرار التواضع : كيف يصبح التواضع الزائد مضر لصاحبه في بعض اﻷحيان؟

التواضع صفة حميدة لو وجدت في الإنسان، ولكن هناك خط رقيق يفصل بين فوائد وأضرار التواضع. تعرف هنا عن أضرار التواضع في هذا المقال لكي تحذر من التواضع الضار.

أضرار التواضع

الكثير من الناس يكرهون المتكبرين والكبرياء، ولكن في المقابل ليس كل تواضع مفيد، وستجد أن هناك أضرار التواضع الزائد عن الحد. فكل شيء إذا زاد عن حده فسينقلب ضده. ولذلك ليس كل الذين يسعون خلف التواضع هم بالفعل يفعلون شيئًا جيدًا، وفي نفس الوقت الذين يستخدمون الكبرياء لا يفعلون شيئًا جيدًا. لذلك خير الأمور “الوسط” ويجب أن تعرف أن للتواضع حدود. أن يتعمد أحدهم في أذيتك وتصمت فهذا ليس تواضع. أن تسمح للناس أن يمزحون عليك فهذا عادي لو كان في إطار الصداقة، ولكن لو في إطار أشخاص غرباء فهذا ليس تواضع، لكنه يحسب جبن وعدم مواجهة الأمر. ولذلك يجب أن نفرق بين كل مفهوم والأخر حتى نفهم هذه الحياة وكيف تسير. ولا نتعامل مع الأمور بطريقة ساذجة بل بطريقة ذكية تجعلنا نتقدم في حياتنا بسهولة، ودون أضرار نفسية تجعلنا نتوقف عن طريق النجاح. ولهذا فنحن نعرض لك اليوم أضرار التواضع الزائد.

ما هي أضرار التواضع الزائد؟

ما هو التواضع؟

في البداية قبل أن نذكر أضرار التواضع الزائد على الإنسان العادي، فيجب أن نتكلم عن تعريف التواضع من الأساس. ولو أردنا أن نعرف التواضع فهو: أن يعيش الإنسان قدر نفسه ولا يتعالى على أحد ولا ينتقص من قدر نفسه. وهكذا نرى أن التواضع هو شيء عظيم ويجعل الجميع يعيشون على حسب مكانتهم كإنسان. ولذلك لو الجميع عاش بالتواضع لن يكون هناك طبقات اجتماعية أبدًا لأن الجميع بشر والجميع سيعيش على هذا الأساس. وليس على أساس أنه أعلى من غيره، لأن أبيه هو فلان أو لأنه من العائلة الفلانية أو لأن لديه الوظيفة الفلانية، بل هو في الأول وفي الأخر إنسان. في المقابل لا ينتقص من قدر نفسه بمعنى أنه لا يقلل من قدره كإنسان ولا يستضعف نفسه. لا يتهرب من الشكر لمجرد أنه يريد أن يختفي عن الأنظار، لأنك ببساطة أنت كإنسان لم تُخلق حتى تتوارى عن الأنظار، بل كي تعيش وتظهر وتفعل كل شيء بطريقة طبيعية. لذلك لا شيء يدعو أن تقلل من قدرك كبشر وكإنسان، ويجب أن تحترم كونك إنسان ولك قيمة. ولا يجب عليك أن تقلل من قيمتك حتى تتجنب أضرار التواضع الزائد.

يفقدك قيمتك الحقيقية

أول أضرار التواضع الزائد عن الحد هي أنك تجد نفسك في يوم من الأيام، تحولت إلى شخص نكرة فاقد لقيمته الإنسانية. وللأسف لم يفعل أحدهم بك هذا بل أنت الذي فعلت هذا بنفسك. حينما تقرر أن تقلل من قدرك وسط الآخرين. أو عندما يقدم لك أحدهم الشكر وتقلل من مجهودك وتقول “أنني لم أفعل شيئًا”. فهذه الكلمة نفسها ليست صحيحة وليست تواضع، بل هي تقليل من شأن نفسك والسبب سأقوله لك. حينما تقول عن نفسك أمام الآخرين أنك لم تفعل شيئًا فأنت أمامهم تقلل من قيمة عملك، وإذا كنت أنت تقول هذا عن نفسك فماذا تنتظر من الآخرين أن يظنوا غير أنك لم تتعب. في حين أنك اجتهدت جدًا في تقديم خدمة لهم. لذلك هنا أنت ستكون قد خسرت قيمة مجهودك الحقيقي. في نفس الوقت لا أقول لك أن تتفاخر بعملك وتقول إن ليس هناك شخص يستطيع أن يفعل مثلك، ولكن ببساطة جدًا الذي يجب أن يحدث هو أن تعيش حقيقتك. قل “عفوًا” لأنك قدمت شيء.

أضرار التواضع الزائد في أنه يجعل الناس تستغلك

من أضرار التواضع الزائد هو أنه يجعل الأشرار يستغلون التواضع الذي فيك بطريقة غير محترمة. بمعنى أن الشخص السيئ أو المتكبر لن يبالي بكونك متواضع أو لا. ولذلك أحيانًا كثيرة يقابل بعض الناس التواضع بنوع من نوع التجبر والاستغلال، لدرجة أن الشخص المتواضع يشعر بالمهانة والضعف بسبب كونه لا يريد أن يتعامل مع كبرياء هؤلاء الناس. لذلك قلنا إن هناك أضرار لصفة التواضع، لأن أحيانًا الضرر يؤذي الشخص نفسيًا جدًا أكثر مما يتخيل أي شخص أخر. وكي تتجنب مثل هذه الأشياء يجب أن يكون تواضعك في مجال العمل مع الأشخاص الطيبين الذين يقدرون تواضعك وعدم كبريائك. ولكن المتكبرين المتعجرفين يجب أن أقول لك لا تتعامل معهم بتواضع زائد، ولكن سأقول لك أيضاً عاملهم بطريقة طبيعية لأنهم سيفهمون تواضعك على أنه ضعف منك وليس بأنك شخص محترم لا تحب أن تتعالى على الآخرين. وهذا يحميك من استغلالهم لك لأن مثل هؤلاء يستغلون المتواضعين في أمرهم وفي تحميلهم حمل وثقل فوق طاقتهم. ولذلك يجب أن تتعامل معهم بطريقة حادة وروتينية ولا تتعامل بتواضع زائد معهم حتى لا تضر نفسك.

تعريض الأقرباء للإحراج نتيجة أضرار التواضع الزائد

أحيانًا أيضًا نجد الأولاد الصغار لا يتفهمون التواضع جيدًا من أهاليهم. مثلًا تجد الولد يمشي مع أبيه ومن ثم يرى أبيه يقابل شخص ويتعامل معه بقدر كبير من المهابة والاحترام. فينظر الطفل للوالد على إنه شخص ضعيف ويشعر أيضًا الطفل بالحرج من هذا. ولذلك في العموم يجب عندما نقابل الآخرين (خاصة بجانب أطفالنا)، مهما كان مقدار حبنا وتقديرنا لهم، ألا يكون هذا التقدير على حساب كرامتك وكرامة غيرك. فهناك نوع أفضل من التقدير يدعى المدح أو المجاملات. فأنت تقدر بلسانك أن تمدح وتقدر الشخص الذي أمامك بسهولة جدًا دون أن تفقد كرامتك ولو جزءاً بسيطًا منها. أيضًا لو فرض وقابلت مديرك في العمل وأنت مع أقربائك فلا يجب أن تتملق المدير بطريقة زائدة عن الحد كنوع من التواضع لك والتكريم له أمام أقربائك. لأنهم لن ينظرون لك سوى أنك شخص منافق ووضيع وليس متواضع، وهذا الرجل يتحكم فيك. لذلك دومًا في معاملتك مع من هم أعلى منصب منك، لا تجعل تواضعك يأتي على حساب كرامتك.

أضرار التواضع الزائد يجعلك ضعيف في العمل

من أضرار التواضع الزائد أعزاءي القراء، هو أن الحياة العملية ليست مجال للأخلاق الحميدة. بل هي مجال لإثبات الذات. ونحن هنا نتكلم بصيغة الواقع والحقائق ولا نتكلم بصيغة الشعارات. التواضع من الممكن أن يكون جيد لو جاء من طرف مدير العمل المسئول عن المكان وعن المال، ولكنه لن يكون مفيد أو جيد لو جاء من عامل أو موظف عادي في الشركة. ببساطة لأنك لست في مكانة تسمح لتواضعك أن يظهر، فأنت بالنسبة للجميع مثلهم. فستكون كارثة عملية عليك لو قررت أن تكون أقل منهم بحجة أنك تتواضع. أضرار التواضع الزائد في هذه النقطة حقيقية ومؤثرة جدًا، حيث أنك في عملك لا مجال أن تكون متواضع أو متكبر بل أن تكون على قدر المسئولية. فلو قررت أن تتفه من عملك فسيتفه منك الآخرون وستجد أنك تتعرض لضرر كبير من الآخرين. أما لو قررت أن تتعالى فالآخرين سيكرهونك ويبدئون في عنادك. لذلك حاول ألا تكون متواضع زيادة عن الحد أو متفاخر، بل مجرد شخص يعمل بكل جد. ولو كان مديرك من النوع الذي يحب أن يقلل من قدر العمال، فلا تسمح له بذلك. بل يجب عليك أن تتصدى لهذا النوع من الناس لأن كونك إنسان أهم كثيرًا من العمل.

يجعل ثقتك في نفسك مهزوزة

الثقة في النفس ضمن ضحايا أضرار التواضع الزائد. لأن الثقة في النفس غالبًا مبنية على عدم الالتفات لرأي الأخر من الأساس. بل إيمانك بنفسك وبفكرك هو الذي يجعلك تكمل أي شيء تريده أو أي هدف أو تفكير. أما في حالة أضرار التواضع الزائد فغالبًا الثقة تنعدم، وتكون مجرد شخص يحاول ألا يتعدى على الآخرين. شخص يركز فقط حتى لا يعتبره الآخرين متكبرًا. ولأن الثقة في النفس عادةً تتشابه كثيراً مع الكبرياء، إذًا الشخص الذي يسعى أن يكون متواضع بطريقة زائدة سيجد أن الثقة في النفس لا تناسبه. وسيبدأ في سماع كلام الناس، وأن يمشي حسب أهواء الناس لأن شخصيته مهيأة على احترام الناس أكثر من نفسه. في حين أن المعادلة هي أن احترامك لنفسك لا ينبغي أن يتعالى على البشر. واحترامك للبشر لا يجب أن يتعالى على نفسك. بل يجب أن تجعل الأمر متعادل بين احترامك لنفسك واحترامك للبشر ولا تفقد ثقتك في نفسك. فليس معنى أن يقول لك أحدهم أنك شخص متعجرف تستمع له، بل هو من الممكن أن يكون شخص يحاول أن يستغل تواضعك ويجعلك تفعل شيء في عقله، فيستفزك بهذه الكلمة.

أضرار التواضع الزائد أنه يؤدي إلى الشعور بالنقص

الشعور بذاتك هو أهم شعور يجب ألا تفقده. بل الجميع يسعى في الحياة لأن يشعر بذاته، سواء من خلال العلاقات أو من خلال العمل أو من خلال ممارسة الهوايات. ولكن من أضرار التواضع الزائد الخبيثة جدًا والمؤذية أيضًا، هو أنه يصيب الناس بالشعور بالنقص وأنهم أقل من غيرهم. لأنهم يظلوا يقنعون أنفسهم أنهم سيئين وأن الناس الآخرين أفضل منهم، وهم لا يستحقون الشكر أو يستحقون الحب. وهذا يكون أسلوب حياة بشكل مستمر. ولذلك الأمر يترسب في عقل الإنسان الباطن وتصبح أضرار التواضع الزائد واضحة جدًا في صورة مرض نفسي يدعى الشعور بالنقص. بمعنى أن هذا الشخص يفقد الشعور بقيمته ويرى قيمته في رؤية الناس له. ولأنه مقتنع أنه سيء سيرى فقط الناس الذين يرونه سيء لن يرى الذين يرونه جيد. وسيعيش هذا الوهم دائمًا، ولكن هذا الوهم سيتراكم مع الزمن حتى يتحول في الأخير إلى شخص فاقد القدرة على التصرف مع الآخرين.

أضرار التواضع الزائد في العلاقات العاطفية

في العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة الأمور يفضل أن تكون على طبيعتها ولا مجال للمبالغات حتى في التواضع. ومن ضمن أضرار التواضع الزائد في العلاقات العاطفية هو عدم الشعور بالأمان مع هذا الشخص. وخصوصًا لو كان الرجل هو الذي يتواضع بطريقة زائدة عن الحد. هذا ناتج من طبيعة الأنثى، فأي سيدة تحب أن تشعر بالأمان، تحب أن تشعر أن الرجل الذي معها ليس شرير ولكنه ليس ضعيف أيضًا. لا أقول إن التواضع ضعف، ولكن المرأة لا تحب الرجل المتواضع بطريقة زائدة بل تحب الرجل التلقائي. لا يقلل من شأن نفسه أو عمله، بل تحب الرجل الطموح الواثق في نفسه، لأنها تحلم أنها معه ستحقق أحلامها وسيكون وقودًا لها ودعمًا. وليس مجرد رجل متواضع يجعلها هي أيضًا متواضعة. يجب أن تعلمون أن كل شخص في العلاقات العاطفية يفكر فيما سيقدمه له الأخر وهذا طبيعي.

من جهة أخرى الرجل لا يحب أيضًا المرأة المتواضعة بطريقة زائدة عن الحد، فجزء من جذب المرأة للرجل هو ثقتها في أنوثتها. فتخيل معي لو رجل يتكلم مع امرأة ويغازلها ويقول لها أنها جميلة جدًا فترد هي “أن البنات الأخريات أحلى منها”. ربما هذا الرد لو قيل مرة واحدة سيكون مقبول لكن لو كان أسلوب حياة الفتاة أنها ترى الأخريات أفضل منها، فهذا سيجعل الرجل لا يراها جذابة لأنها لا تثق في نفسها. وفعلًا هو نفسه سيذهب للأحلى منها حسب قولها له.

التردد

أخر ضرر من أضرار التواضع الزائد سنتكلم عنه هو التردد في عمل أي شيء. وهذا ناتج عن أن الشخص المتواضع بطريقة زائده عن اللزوم، لا يرى نفسه أهلًا أن ينفذ شيء من نفسه بل ينتظر الآخرين ليأمروه أو يقولوا له ماذا يفعل. وحتى لو استأسد وفعل شيئًا من نفسه وقال له أحد كلمة سلبية، سيصدق هذه الكلمة لأنه من الأساس شخص غير واثق في نفسه كما ذكرنا من قبل. ولذلك عدم الثقة في النفس تجعله دائمًا متردد في أخذ القرارات وهذا نوعًا ما شيء سيء جدًا على المدى الطويل. لا أحد سيعتمد عليه وهو أيضًا لن يعتمد على نفسه بل سيذهب إلى الآخرين دومًا طالبًا النصح. وبذلك لن يتعلم شيئًا أبدًا بل سيظل كما هو شخص متواضع القيمة وليس الشخصية.

كيف تتواضع بطريقة صحيحة

في هذا الجزء من المقال سنعلمك كيف تزن الأمور وتكون متواضع وفي نفس الوقت واثق من نفسك. متواضع بحكمة وليس تواضع ناتج من الشعور بالنقص والقيمة.

تعامل مع الناس من منظورك

أسباب أضرار التواضع الزائد يأتي من محاولة إرضاء الناس، ولكن الحقيقة الذي لا يجب أن ننكرها هي أن الناس جمعًا لن يستطيع بشر أن يرضيهم. ولذلك المبدأ نفسه خطأ، فحب الناس لك لن يأتي عندما تقول لهم أنك أقل منهم أو أنك لا تستحق محبتهم. بل محبة الناس ستأتي لك عندما تعيش حياتك الصادقة الحقيقية التي تراها أنت صحيحة. سيكون هناك أشخاص يعاندونك وأشخاص لن يستلطفونك، ولكنك من المؤكد ستجد على الأقل ولو واحد سيكون شبهك ويستحسنك. ربما يكون صديق أو ربما يكون شريك حياة. في المجمل عندما تعيش حقيقتك ستعرف قيمة الحب الحقيقي، وليس الحب المبني على أن تصير أقل من الآخرين حتى تشبع غرورهم فيقبلونك في حياتهم.

ثق في نفسك

التواضع هو أن تعيش قدرك وليس أقل من قدرك. ولذلك عندما تعلم أنك تستطيع عمل شيء فليس هذا معناه أنك تتفاخر، بل أنت في الحقيقة تستطيع عمل هذا الشيء وليس عيب أن يعترف المرء بقدره، بل هو قمة الصواب. ولذلك ثق دومًا في نفسك، وعندما تقابل شيئًا لا تعلمه قل أنك لا تعلمه وبثقة، فعدم المعرفة لا يقلل من كونك تعرف أشياء أخرى. وعدم تقديرك من مجتمع معين لا يعني أنك سيء بل كل ما في الأمر أنك يجب أن تعترف بقيمتك لنفسك. ولا تتفاخر من أجل التفاخر، بل تعلم من الآخرين، ولكن عندما يأتي دورك فلا تقلل من نفسك بل دومًا اعتد بقدراتك ومواهبك لأنها ثمينة جدًا.

أخيرًا عزيزي القارئ أضرار التواضع الزائد منغصة للحياة، ولذلك حاول دومًا أن تأخذ حذرك في التعامل بتواضع حتى لا يستغلك الآخرون أو يعتبرونك قليل الحيلة أو ضعيف. بل اجعل نفسك دومًا في مكانك الصحيح. ولو علمت أن هؤلاء الناس سيقللون من شأنك لا تقف معهم بل اذهب بعيدًا واتركهم، أو واجههم. حاول دائمًا أن تعيش برضاك أنت عن نفسك، وليس برضى الآخرين أو نظرة الآخرين لك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

18 − واحد =