تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » قراءة وكتابة » كيف تظل الكتابة الورقية محتفظة برونقها في عصر التكنولوجيا؟

كيف تظل الكتابة الورقية محتفظة برونقها في عصر التكنولوجيا؟

الكتابة الورقية نوع عتيق من أنواع الكتابة لكنه لا يزال موجودًا حتى وقتنا الحالي على الرغم من وجود الكثير من الأنواع الأخرى في الكتابة والتي جاءت أساسًا كنتيجة للتواجد في عصر التكنولوجيا، فكيف تمكنت هذه النوعية من الصمود والبقاء؟

الكتابة الورقية

لا شك عزيزي القارئ أن الكتابة الورقية لا تزال حتى الآن مُتماسكة وصامدة أمام أنواع كثيرة من الكتابة على الرغم من تواجدنا في القرن الحادي والعشرين وعلى الرغم من ظهور الكثير من أساليب التقدم والتكنولوجيا التي تُشير بكل ثقة إلى الطفرة التي أحدثها الإنسان في هذا القرن، لكن رغم ذلك لا تزال تلك النوعية من الكتابة صامدة إلى الحد الذي يجعلها رقم واحد بلا منازع، بل إنها كذلك محتفظة برونقها وبالصورة المثالية المأخوذة عنها، ولكي نكون واضحين فإن هذا الأمر لم يأتي أبدًا ببساطة، وإنما كانت هناك الكثير من المقارنات والتفضيلات التي أعطت الكتابة الورقية في نهاية المطاف ما تستحقه من إنصاف، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نحاول أن نتنول سويًا الكتابة الورقية وأهميتها وفي نفس الوقت لن ننسى الإجابة على السؤال الهام الذي يدور في أذهان الجميع، كيف صمدت الكتابة الورقية وظلت محتفظة برونقها وسط كل هذه الإغراءات؟ فهل أنتم في شوق إلى الإجابة؟ حسنًا، لنبدأ سريعًا.

الكتابة الورقية

الكتابة الورقية الكتابة الورقية

قبل أن ندخل في أي شيء يتعلق بفكرة الكتابة الورقية وصمودها واستمرارها حتى وقتنا الحالي دعونا أولًا نخبركم بماهية هذه النوعية من الكتابة وإن كان جميعكم بالتأكيد على علم مُسبق بها، فالمقصود بتلك النوعية أن يتم التدوين والكتابة والتسجيل من خلال الورق فقط ولا شيء آخر غيره، أيضًا عندما يأتي دور القراءة فإنه سيتم الاستعانة كذلك بالورق، حيث أنه في تلك العملية سوف يعتمد كل شيء على الورق، والحقيقة أن ذلك الوضع إذا تم النظر فيه بالوقت الحالي فسوف يبدو غريبًا بعض الشيء نظرًا للتقدم التكنولوجي الكبير الذي يشهد العالم وظهور الأجهزة والآلات الكاتبة بخلاف العديد من التقنيات التي تجعل من الاستغناء عن الكتابة الورقية أمرًا منطقيًا، لكن على الرغم من ذلك لا تزال هناك أفضلية واضحة يُمكننا تبريرها من خلال تناول واستعراض أهمية الكتابة الورقية .

أهمية الكتابة الورقية

عنوان هذا المقال هو بالأساس سؤال عن الكتابة الورقية ولماذا هي لا تزال حتى وقت الحالي مُحتفظة برونقها وتواجدها، وربما ليست هناك إجابة على هذا السؤال أبلغ من استعراض أهمية الكتابة الورقية أو فوائدها، والتي أهمها منح القيمة للمحتوى مهما كانت درجة أهميته الفعلية.

منح القيمة للمحتوى

لا شك أن قيمة المحتوى في عملية الكتابة الورقية لها من الفخامة والعراقة ما هو أكبر وأهم بكثير من قيمة نفس المحتوى حال تدوينه في صورة إلكترونية، وربما أكبر ما يُمكننا تطبيق وقياس هذا الأمر عليه فكرة الكتب أو الروايات، فنحن ننظر إلى الروايات الورقية نظرة مختلفة تمامًا عن الإلكترونية، بل وربما ما يجعلنا نُقدم على القراءة في الأساس توافر الرواية في صورة كتاب أنيق ذو قيمة، حتى لو لم تكن الرواية نفسها جيدة فإن السبب المذكور كافٍ جدًا للشروع في قراءتها، وهو المطلوب إثباته بالتأكيد، ولهذا لا تزال كتابة الورقية حاضرة وبالتالي القراءة الورقية كذلك.

المحافظة على المحتوى بشكل ملموس

الكتابة الورقية المحافظة على المحتوى بشكل ملموس

سواء كنا نتحدث عن الكتابة الورقية أم الإلكترونية ففي النهاية ثمة محافظة ستتم على المحتوى الموجود، لكن في الكتابة الورقية ، وما يجعلنا نتحدث هنا عن واحدة من المميزات، أن ذلك المحتوى الورقي الذي سنقوم بالحفاظ عليه سوف يكون محتوى ملموس، بالتالي سوف تكون له مكانة خاصة بخلاف المحتوى الإلكتروني الذي لا يُمكن المسك به باليد، وقد يعتقد البعض أن هذا أمر عادي وبسيط لا يستحق الوقوف عنده كثيرًا إلا أننا إذا دققنا في الأمر فسوف نكتشف أننا، وببساطة شديدة، نُفرق بين شيء قيمته واضحة وشيء قيمته ليست واضحة، فماذا سنختار يا تُرى؟ الإجابة لكم.

إظهار الفوارق الفردية

عندما تكون لديك موهبة الخط الجيد، عندما تكون لديك القدرة على تنسيق ما تكتبه بشكل مميز، عندما تُجيد الكتابة بطريقة نحوية صحيحة، عندما تُجيد الكثير من الأشياء وتُريد إبراز هذه الإجادة فبكل تأكيد أنت غير مُطالب باللجوء إلى الكتابة الإلكترونية كي تُظهر هذه القدرات، فهي ستظهر فقط في نوع الكتابة الورقية، ولذلك يتمسك البعض بها وتُعد هذه واحدة من مميزاتها الرئيسية التي لا يُمكن للكتابة الإلكترونية محاكاتها.

تعريف الصحافة الورقية

بما أننا نتحدث عن الكتابة الورقية فربما يكون النموذج الأقرب على الإطلاق هو نموذج الصحف الورقية، فعلى الرغم من ظهور أكثر من شكل من أشكال الصحف، وعلى الرغم من توافر الأخبار والعناوين من خلال العديد من الأبواب الأخرى إلا أن الصحافة الورقية لا تزال موجودة وقائمة، بل لن نبالغ إذا قلنا إنها تحظى بقوة إضافية من يوم إلى آخر، وبشكل عام يُمكن تعريف الصحافة الورقية بأنها نشر للأخبار والتقارير والمضامين الإعلامية بشكل عام من خلال الأوراق وفي صورة جريدة، بمعنى أدق، نحن نتحدث عن شكل من أشكال التعامل المادي الملموس، إذ أن ما يتم نشره يُحصل عليه من الأماكن المُتخصصة في بيع الجرائد ثم بعد ذلك يُمكن الاحتفاظ به للأبد، وبكل أسف في الآونة الأخيرة قل الإقبال على الصحافة الورقية وباتت أقرب من المُهملة، لكنها في النهاية تبقى موجودة وقائمة وجزء من الصحافة بمفهومها الأصلي الأصيل.

سلبيات الكتاب الورقية

هل للكتابة الورقية أية سلبيات؟ الإجابة التي ربما تبدو مدهشة بالنسبة لكم أنها بالفعل تمتلك عدد من السلبيات التي لا تُقلل منها أو تجعلنا نتخلى عنها لكنها في نفس الوقت تجعلنا نُعيد التفكير في فكرة الاعتماد عليها بشكل كامل، وربما أبرز وأهم هذه السلبيات على الإطلاق إمكانية ذهاب المحتوى دون رجعة.

إمكانية تدمير المحتوى نهائيًا

القنبلة الموقوتة الموجودة في عملية الكتابة الورقية، والتي تُعتبر من أبرز وأخطر السلبيات الموجودة بها، كون تلك النوعية من الكتابة عندما ننتهي منها ونحاول حفظها فإننا لا نضمن بأي شكل من الأشكال إتمام عملية الحفاظ هذه، إذ أنه من الممكن جدًا في أي وقت تدمير المحتوى بشكل نهائي لا يُمكن معه العودة، فعندما تحرق ورقة لا يُمكنك أن تعرف أبدًا ما بها ولو بذلت كل الجهد من أجل تحقيق ذلك، بينما المحتوى الإلكتروني، ومن خلال بعض المحاولات واستخدام البرامج الحديثة يُمكنك استعادة ما تم حذفه، كما أن التقنيات القادمة من المنتظر أن تُسهم أكثر في تحقيق ذلك بحيث تكون فكرة ضياع المحتوى الإلكتروني بشكل نهائي فكرة غير مُتاحة أساسًا.

التأثر بالعوامل الخارجية

أيضًا من السلبيات الخاصة المتواجدة في الكتابة الورقية أنها تتأثر بسهولة بالعوامل الخارجية التي تتعرض لها، فإذا كنت تُمسك مثلًا بملف ورقي حصلت عليه بأي طريقة من الطرق وسقطت عليه المياه أو اقتراب من النيران أو تأثر حتى بالهواء حولك فكل هذه الأمور سوف تجعله في مهب الريح حتى لو لم يتعرض للتلف فعلًا، في النهاية هو ليس مضمونًا بنسبة مئة بالمئة ويُمكن فقدانه بأي وقت، ثم يأتي تأثره وعدم تلفه مشكلة أكبر، فما يُميز هذه النوعية من الكتابة أساسًا كونها تحظى بقيمة مُعينة مُكتسبة من شكلها وطريقة كتابته، وهو ما سيتبدد عند التعرض للعوامل الخارجية.

ارتفاع تكلفتها

كذلك ضمن السلبيات التي لا يُمكننا أبدًا إغفالها كون الكتابة الورقية تُكلفنا أموالًا، سواء قلت أو كثرت هذه الأموال ففي نهاية المطاف نحن نتحدث عن مبالغ مادية يتم دفعها من أجل شراء الأوراق، وهو الأمر الذي لا يحدث طبعًا فيما يتعلق بالكتابة الإلكترونية التي تكون كل تكلفتها مجرد فتح ملف كتابة ليس له أي تكلفة مادية، ثم إنك مهما كتبت في ذلك الملف فسوف يظل مجرد ملف واحد، أما الكتابة الورقية فطبعًا كلما زاد المكتوب زادت كمية الورق المستخدمة.

سهولة الإرسال والاستلام

من الأشياء التي تجعلنا لا نلجأ للكتابة ذات الصبغة الورقية في الوقت الحالي ونتبع أكثر الكتابة الإلكترونية كون الكتابة الإلكترونية توفر لنا عامل سهولة الإرسال وسهولة الاستلام كذلك، فعندما يكون لدينا محتوى ورقي ونريد إرساله إلى شخص في دولةٍ ما فإن هذا الأمر قد يأخذ أيام وربما أسابيع، هذا إذا كنا نتحدث أساسًا عن عمليات شحن مُيسرة، وبالتالي سوف نجد أنفسنا أمام مقارنة محسومة تمامًا فيما يتعلق بهذا الصدد، فالأمر لا يحتاج إلى تفكير لأن الكتابة الإلكترونية لا تُكلف بالمرة ويُمكن إرسال محتواها أو استلام محتوى آخر في ثوانٍ معدودة من خلال الإنترنت.

الكتابة الإلكترونية والكتابة الورقية

الكتابة الورقية الكتابة الإلكترونية والكتابة الورقية

هل ثمة فرق بين الكتابة الإلكترونية والكتابة الورقية ؟ أجل بكل تأكيد، وهو يتضح من فوائد وأضرار كل نوع مثلما تم استعراضهما قبل قليل، فبكلمات أوضح يُمكننا أن نجد في الكتابة الإلكترونية بعض السهولة وبعض السرعة والكثير من الحفظ والكثير جدًا من اليسر في التعامل عند الإرسال، إذ أنه لن يكون من الصعوبة بمكان إرسال مئات النسخ الإلكترونية من المخطوط في نفس اللحظة وبضغطة زر واحدة، وهو ما لا يُمكن القيام به طبعًا في الكتابة الورقية، لكن على الجانب الآخر فإن هذه النوعية من الكتابة ستجعلك تشعر أكثر بقيمة المحتوى الذي تعمل عليه بالإضافة إلى كونها من ناحية الشكل تُنسب للشخص سواء كان خطه الذي يستخدمه في الكتابة والتنسيق جيد أم ممتاز أم متوسط، في النهاية الفضل يُنسب للكاتب وحده، وهو ما لن يكون موجودًا في حالة الكتابة الإلكترونية.

ختامًا عزيزي القارئ، نحن لا نُعارض التقدم أو شكل الكتابة الإلكترونية الذي أصبح يفرض نفسه بقوة في الوقت الحالي، فقط كل ما هنالك أننا نحاول التشبث بكل ما بقي من أمل في الكتابة الورقية مع التأكيد على أهميتها التي لا يختلف عليها اثنين، وهي دعوة للاعتراف بالجميل ليس أكثر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ستة عشر − أربعة عشر =