تسعة
الرئيسية » العلاقات » مشاكل العلاقة » الشريك المتسلط : كيف تتعامل مع شريك علاقة متسلط بكفاءة ؟

الشريك المتسلط : كيف تتعامل مع شريك علاقة متسلط بكفاءة ؟

في مجتمعاتنا الشرقية على وجه الأخص، الشريك المتسلط ، وخصوصًا الرجل، قد يكون سببًا في الكثير من المشاكل في العلاقات العاطفية، في هذه السطور نعالج ذلك.

الشريك المتسلط

ربما يرجع وجود الشريك المتسلط كنموذج من نماذج شركاء العلاقات العاطفية، إلى اختلاط مفهوم الحب ذاته أو أخذ معنى العلاقة العاطفية على المنحى الخطأ، فاعتقاد البعض أنه طالما ارتبط مع شخص آخر في علاقة عاطفية فهذا يعطيه الحق في التصرف في علاقاته وتعاملاته وسلوكياته وطريقة ملبسه وأسلوب حديثه ومواعيد خروجه ودخوله، وبالطبع لم يكن سيوجد الشريك المتسلط أو يكن له وجود وسط نماذج شركاء العلاقات العاطفية ما لم يكن على الجانب الآخر شريك علاقته شخص منبطح انهزامي، أو شخص ضعيف الشخصية يسمح له بالسيطرة عليه والتحكم في سلوكياته وتصرفاته حتى الشخصية منها والأكثر خصوصية والتي لا ينبغي لأي شخص مهما كان صفته التعليق عليها أو انتقادها فضلاً عن تحديد طريقة معينة لممارستها أو تعيين أسلوب محدد لفعلها بالشكل الذي يراه هذا الشريك المتسلط صحيحًا. وبمرور الوقت من الانبطاح والانهزامية وضعف الشخصية أمام الشريك المتسلط، يرى أنه أصبح لديه الحق في تحديد سلوكيات وتصرفات هذا الشخص وتبرز سمات الشريك المتسلط في عدة نقاط نذكرها إجمالاً.

دليلك إلى التعامل مع الشريك المتسلط

لا يهتم بالطرف الآخر بقدر ما يهتم بصورته أمام الناس

ربما يذكر هذا صراحة بدون أي مواربة أو تغطية للأمور، حيث يرى الشريك المتسلط أنه يحافظ على صورته أمام الناس في شكل سلوك شريكه في العلاقة، والاحتفاظ بالاحترام الواجب له من خلال التصرفات التي يمارسها شريكه في العلاقة، أو الأقوال التي يتفوه بها شريكه في العلاقة أو الأفعال التي تصدر عن شريكه في العلاقة، ولكنه على الجانب الآخر قد لا يهتم بمنظر شريكه إطلاقًا ولا صورته أمام الناس لذلك قد لا يتورع الشريك المتسلط عن الصراخ في وجه شريكه ولا يتورع عن تعنيفه أو لومه أو عتابه أمام الناس وذلك ستجده أيضًا حفاظًا على صورته أمام الناس كشخص مسيطر متحكم وممسك بزمام الأمور جيدًا ولا يترك الأمور تنفلت من بين أصابعه، بينما لا يدخل في نطاق اهتماماته أن يرى الناس شريكه في العلاقة منعدم الشخصية منهزم منكسر ضعيف يستطيع أي شخص قيادته بهذا الشكل.

يتدخل في علاقات شريك علاقته بنفسه كما لو كانت علاقاته

يجد الشريك المتسلط نفسه يمتلك حق الحكم على الناس وعلى العلاقة بين شخصين، حظ أحدهما العثر أن أوقعه في حب هذا الشريك المتسلط، وبالتالي من حقه أن يقضي بحكم على هذا الشخص بأنه سيء أو به خصال غير مقبولة وبموجب هذا الحكم يأمر شريك علاقته بأن يسطح علاقته بهذا الشخص أو يقطعها من أساسه، وبالطبع طالما وجد أن هذا الشريك يطيعه وقام بقطع علاقته بأحد الأشخاص بناءً على طلبه فلن يتورع هذا الشريك المتسلط عن تكرار هذا الأمر عدة مرات، ولن يكف الشريك المُسيطر عليه من الخضوع أكثر وأكثر والتنازل من أجل هذا الشريك المتسلط ومن أجل استمرار العلاقة معه، حتى في النهاية سيقوم بالقضاء على كل علاقاته.

يتحكم في سلوك وتصرفات شريك علاقته كما لو كان يملكه

بالطبع أي اثنين في علاقة قد تنعكس بعض تصرفات أحد أطرافها على حياة الآخر، وتنعكس أفكاره وانطباعاته وآرائه في الأشياء على آراء الآخر ورؤيته وطريقة نظرته للأمور، ويحاول الطرفان النقاش من أجل تقريب وجهات النظر أو الوصول إلى حلول وسط، ولكن الشريك المتسلط لا يفعل هذا بل يثور ويصرخ ويصيح وينفعل ويتعصب ويجد نفسه يتحدث إلى شريك علاقته بلهجة آمرة، فيها من الامتلاك والتسلط والتحكم ما فيها، نبرة سلطوية لا يقولها إلا مالك إلى عبد، وقد يكون التصرف الذي أقدم عليه الطرف الآخر تصرف بسيط، ولكن كيف يمكن للسلطان أن يأمر فلا يطاع؟ القصة ليست في التصرف ذاته بل في أنه يحدد أسلوب تصرف معين أو طريقة تعامل معينة ولا يتم إتباع إرشاداته، هذه هي القصة وثورته كلها من أجل هذه النقطة بالتحديد، لذلك يريد الشريك المتسلط عبدًا يأمره فيطيعه هذا العبد ولا يريد شريك علاقة أبدًا، ووجود شخص في علاقة مع هذا الشريك المتسلط أشبه بجحيم أبدي لا ينتهي، وكما أشرنا بالأعلى أن التنازل من أجله مرة لن يجعله يقدر هذا التنازل بل سيظنه حق مكتسب له وسيظل يستبد ويستنزف ويطلب المزيد والمزيد من التنازلات.

يزداد استبدادًا كلما انبطح الطرف الآخر أمامه

لا يقوم الشريك المتسلط بتقدير أفعال شريك علاقته، بل بالعكس، فكما أشرنا سابقًا أنه كلما ازداد الطرف الآخر انبطاحًا وطاعة له واستسلام له ولأوامره واستجابة لسيطرته عليه وتحكمه فيه كلما استبد هذا الشخص به أكثر وزاد جرعة تحكمه وتسلطه، ولذلك قد يلجأ البعض إلى الإتيان على نفسه أكثر وظلم نفسه أكثر من أجل إشعار هذا الشريك المتسلط بالذنب أو تحريك ضميره نحوه ولكن لا حياة لمن تنادي، فقلما يتحرك هذا الضمير الذي أعمته حب التسلط والسيطرة. باستعراض أبرز سمات الشريك المتسلط ربما يتوجب علينا الآن استعراض أثر ذلك على الطرف الآخر من العلاقة.

يفقد ثقته في نفسه

لا يترك الشريك المتسلط في طرف العلاقة الآخر أي شعور بالثقة بالنفس أو بالرضا عن الذات إطلاقًا، دائمًا هو مدان ومتهم ويشعر أنه مقصر وأنه غير جدير بالدخول في علاقة مع بشر، ويشعر أنه غير مجهز للتعامل مع العالم الخارجي، وكون هذا الطرف المتسلط قبل بالاشتراك معه في علاقة فهذا كرم كبير منه ومنة يمنها عليه بلطف وكرم أخلاق شديد، وهذه أسوأ الآثار الجانبية التي يتركها الشريك المتسلط في شريكه حيث يقوم باستنزافه بشكل يجعله لا يستطيع استرداد ذاته أو ثقته بنفسه أو بقدرته على الدخول في علاقات من جديد بسهولة فيما بعد، إلا ربما بعد فترة طويلة قد تصل لسنوات حتى يستطيع أن يتعافى من علاقة مع هذا الشخص المتسلط الكريه.

يتم ضغطه نفسيًا وعصبيًا

لا تجعل تحكمات الشريك المتسلط الطرف الآخر من العلاقة مرتاحًا أو مطمئنًا بل هو دائمًا مضغوط وعصبي ويحاول أن يحرص على تصرفاته وسلوكياته وأقواله وأفعاله وردود أفعاله كل الحرص كي يحظى برضا هذا الشريك المتسلط عنه أو على الأقل لا يتعرض لتعنيفه، وهذه من الأشياء السيئة جدًا حيث تشعر أنك تتحسس كل قول وكل فعل وكل تصرف وعلى المدى البعيد تصاب بالوسواس القهري تجاه أفعالك وتصرفاتك وسلوكياتك ككل، وتشعر أنك لا تستطيع التصرف في الأمور بشكلٍ جيد على الدوام.

يسحق ذاته في مقابل رضا الشريك المتسلط

كما قلنا أن الطرف الذي يدخل في علاقة مع شخص متسلط مريض بحب الهيمنة والسيطرة وجنون التحكم والتسلط في الآخرين يصبح بمرور الوقت منعدم الشخصية أمام هذا الشريك المتسلط ويندفع دومًا نحو محاولة طاعة أوامره وتنفيذ تعليماته بالحرف بشكل أعمى ودون تمييز أو تفكير وبدون وزن الأمور بعقلانية أو بمنطقية، بل وأحيانًا يخترع تعليمات جديدة من عنده يقوم بتزويد الأحمال على كاهله أكثر، وضغط نفسه أكثر وأكثر من أجل أن ينال ولو نظرة رضا أو كلمة شكر واحدة تخرج من فم الشريك تشعره أنه يقوم بعملٍ جيد، ولكن يبدو أنه لن ينال كلمة الشكر هذه أبدًا بل سيظل طيلة حياته كالثور في الساقية، يدور ويدور ولا يجد جزاءً سوى تغمية عينيه والضرب بالعصا على ظهره لمنعه من التباطؤ وحثه على مواصلة الدوران اللانهائي له، حتى ينال رضا هذا الشريك المتسلط، والذي لا يهتم سوى بتغذية هذا الهوس المرضي لديه بالسيطرة.

يصبح مريضًا هو الآخر بجلد الذات

بعد فترة من تحكم الشريك المتسلط فيه ومحاولته إخضاعه لتحكماته ولسيطرته عليه، ومع انتهاج الشريك المتسلط نهج عدم الرضا يقوم الطرف الآخر بجلد ذاته كل فترة وإهانة واحتقار نفسه لأنه يشعر بالتقصير ولا يستطيع إسعاد شريك علاقته ولا يقوم بالعمل على إرضائه بالشكل المناسب أو الصحيح، وكما أشرنا سابقًا أنه يشعر بمرور الوقت أنه غير مهيأ بشكلٍ كامل للتعامل مع البشر أو إحكام تصرفاته بشكل طبيعي عادي.

هذه كانت أبرز الأضرار التي ستلحق بالطرف الآخر الذي ستحكم عليه أقداره أن يدخل في علاقة عاطفية مع شخص متسلط يتلذذ بإخضاع الآخرين له ولسيطرته وجعلهم تحت تحكمه وتحت إمرته طوال الوقت، وإن كان هذا يتم عن طريق العاطفة واستعمالها كسلاح ضغط وتهديد لتفعيل هذه السيطرة واستعمالها كأداة تسلط في معظم الأحيان.

وربما وجود حلول فعالة مع هذه النوعية من الشركاء، يكاد يكون صعبًا جدًا.. لأنها ستكون أشبه بصراع، صراع حول شخص يريد أن لا تنزع منه سلطته التي بموجبها يستطيع التحكم في إنسان آخر والسيطرة عليه وإملاء تصرفاته عليه وتوجيهه نحو ما يجب أن يفعله ونحو ما لا يجب عليه فعله، وشخص آخر يحاول نيل حريته والاستمتاع بكافة مزايا أن يكون إنسانًا حرًا.. حتى وإن كان في علاقة عاطفية. ولكن خذ إليك، هذه أبرز الحلول التي من الممكن أن تفيد في مسألة كيفية التعامل مع الشريك المتسلط وجعله يكف عن كونه متسلطًا:

اضبط الأمور منذ البداية

لا يمكن أن تفلح الأمور في نهايتها، التعامل مع الشريك المتسلط يستلزم أخذ موقف من البداية، أقصد مع أول موقف قد تتعرضان له يجب أن تتخذ موقفًا يبين له أنك لن تنصاع له بأي شكل ولن تخضع لأوامره ولسيطرته، ذلك وأن اعتياده على أمرٍ ما لن تستطيع تغييره بعد ذلك، لذلك عند أول خطأ يفعله قم بردعه بقوة حتى لا يعتاد عليه ويكرره، لذلك إن قام بالصراخ في وجهك اغضب وخاصمه ولا تحادثه حتى يرتدع ويعتذر ويجعله ذلك يفكر ألف مرة قبل أن يكررها مرة أخرى، إن أملى عليك تصرفاتك أو حاول توجيهك نحو سلوك معين أو فعل معين أو نحو أسلوب تعامل معين أو طريقة معينة للمعيشة، قل له بمنتهى البساطة: أنا لست صغيرًا، أنا شخص ناضج وأعرف ما يجب علي فعله جيدًا.

فإن تمادى وأصر فعليك بردعه أيضًا والغضب منه ومخاصمته حتى يعتذر ويفكر مائة ألف مرة قبل أن يفكر في تكرار هذا مرة أخرى ويعلم أنك شخصية قوية لن تنصاع له بسهولة. هذه إحدى أهم الأشياء التي يجب أن تجربها مع هذا الشريك المتسلط، ويكاد يكون أقوى سلاح يجب أن تشهره في وجهه طالما استعملته في بداية العلاقة لأنك بموجبه تستطيع ضبط هذا الشريك المتسلط على وضع معين أو على نظام معين ستسيرون عليه طوال العلاقة، حيث ستعطيه انطباع أول عنك أنك شخص صعب الإخضاع أو الخنوع.

لا تتردد في معاملته بندية

ببساطة شديدة يجب أن يكون الأمر كذلك: كلانا شريك في علاقة، كلانا عليه نفس الواجبات وله نفس الحقوق، كلانا يمتلك النضج الكافي للتحكم في تصرفاته أو التعامل مع الناس بشكل مؤهل، ينبغي أن نتكامل لنصنع علاقة تسير إلى الأمام بشكل متوازن، لا علاقة عرجاء يستنزف فيها أحد الطرفين الطرف الآخر فحسب، لذلك إحدى آليات منع الشريك المتسلط إفهامه بشكل صريح ومباشر لا يقبل التأويل ولا يعطي فرصة لفهم شيء آخر ولا مجال فيه للالتباس أننا نتساوى في العلاقة بنفس القدر وعلينا نفس الواجبات وعلينا نفس الواجبات ونؤدي نفس الالتزامات تجاه بعضنا البعض، ولا يوجد أي داعي لإملاء أي شخص واجباته على الآخر أو محاولة توجيهه نحو ما عليه فعله، أو منعه مما لا يجب عليه فعله، أعتقد أن الأمور لو سارت هكذا من البداية ربما ستصبح أفضل بكثير مما هي عليه.

التفريق من البداية بين ما هو شخصي وبين ما هو مشترك

الشريك المتسلط لن يقنع بالتحكم فيك في نطاق علاقتكما المشتركة فحسب، بل سيمتد ذلك لأعمق منطقة في حياتك الشخصية، ووقتها لن تشعر أن لديك خصوصية أو مساحة شخصية تفعل فيها ما يحلو لك وبدون رقابة من أحد، ستصبح حياتك كلها وآمالك وطموحاتك وشهواتك ورغباتك وهواياتك وأحلامك وانتصاراتك كلها منصبة داخل هذه العلاقة ومن أجلها، أو بمعنى أصح من أجل إرضاء هذا الشريك المتسلط والعمل على سعادته وإشباع حس التسلط والتحكم وشهوة السيطرة والهوس بالسلطة لديه ليس إلا، وبالتالي طالما حدث هذا لن يكون لديك أ] شخصية على الإطلاق، بل ستصبح أداة من أدوات إسعاد وإرضاء هذا الشريك المتسلط، لذلك منذ البداية يجب أن تفرق بين ما هو مشترك، أي بين الالتزامات الواجبة عليك من أجل إنجاح هذه العلاقة والحرص على استمراريتها، وبين ما هو شخصي، هواياتك التي تحب تمارسها أو الرياضة التي تلعبها، الرسم أو الموسيقى أو الكتابة أو غير كل هذه الهوايات التي تحب أن تمارسها، أصدقائك وحياتك الشخصية الأخرى ومعارفك وعائلتك والوقت المخصص لهم، لذلك يجب أن يكون واضحًا من البداية الفارق بين الاثنين، بين ما هو شخصي.. لا ينبغي لأي أحد مهما كانت صفته أن يتدخل في هذه الأمور الشخصية أو يتحدث فيها ولو حتى بالنقد الغير صريح أو بالسخرية المبطنة، بل يجب أن يساعدك من أجل تحقيقها والعمل عليها وممارستها بلا تنغيص، وما هو مشترك بينكما من حق شريك العلاقة إبداء رأي فيه أو اعتراض عليه ومن حقه مناقشتك فيه والوصول إلى حل وسط يرضي كليكما عن طريق النقاش القائم على الندية وعلى احترام كل طرف منكما للآخر وتساوي كلاً منكما في الحقوق والواجبات كذلك.

خاتمة

النصيحة الأخيرة التي نقدمها لمن يشاركه في العلاقة الشريك المتسلط، أن يقوم بإنهاء تسلطه عليه وتحكمه فيه وأن يخرج من تحت سيطرته في الحال، ولا يسمح له بانتهاك حياته وانتهاك مساحته الشخصية وانتهاك خصوصيته والتعدي على إنسانيته أكثر من ذلك والسعي نحو سحق شخصيته وسحق ذاته، فإن تم ردع هذا الشريك المتسلط فاستجاب كان ذلك خير، وينبغي استكمال العلاقة معه على هذه النحو بعد أن صارت علاقة متزنة لا يقوم فيها طرف باستنزاف الآخر، أما إن لم يستجب وحاول استبقائك تحت سيطرته بأي وسيلة فلا حل سوى إنهاء هذه العلاقة في الحال، إنهائها فورًا.. حتى لا تعيش باقي حياتك بلا شخصية، تحت سلطة وسيطرة هذا الشريك المتسلط المهووس بحب الهيمنة.

محمد رشوان

أضف تعليق

ثلاثة عشر − تسعة =