تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » البله المنغولي : كيف يحدث وكيف يمكن تجنبه في المواليد الجدد ؟

البله المنغولي : كيف يحدث وكيف يمكن تجنبه في المواليد الجدد ؟

البله المنغولي أو متلازمة داون هي إعاقة ذهنية شهيرة تحصل في الكثير من حالات الولادة، نستعرض في السطور المقبلة أسباب حصول البله المنغولي .

البله المنغولي

البله المنغولي هو نوع من الإعاقة الذهنية. وتحدث الإصابة نتيجةً لخلل صبغي في الخلية. ويؤدي البله المنغولي إلى قصور في القدرات الذهنية وضعف الجسم وتأخر نموه. ويصبح المصاب عُرضةً للإصابة بالكثير من الأمراض العضوية مثل سرطان الدم واضطراب الغدة الدرقية وأمراض القلب. ويعود أصل التسمية إلى وجود تشابه بين الأطفال المصابين بهذا النوع من البله وبين أفراد العرق المنغولي، إلا أن استخدام هذا الاسم تراجع قليلاً في الآونة الأخيرة، وأصبح يُشَار إلى هذا البله باسم متلازمة داون نسبةً إلى العالم جون لانجدون داون، وهو أول من شرح هذا البله ووصف أعراضه. وينتشر البله المنغولي بنسبة ليست بالقليلة، لذلك اهتم العلماء والمتخصصون بشرح أسبابه والتوعية بوسائل التعامل اللازمة وطرق التأهيل والعلاج.

ملف كامل عن البله المنغولي وعن أسباب حدوثه وطرق تجنبه

أسباب البله المنغولي

يحدث البله المنغولي عند الأجنة نتيجةً لوجود خلل في عدد الصبغيات؛ حيث يتكرر الصبغ 21 في ثلاث نسخ بدلاً من نسختين، ما يؤدي إلى وجود صبغ إضافي ليصبح العدد 47 صبغًا بدلاً من 46. وتُعَد هذه الحالة هي الشائعة. ومع ذلك، قد يحدث الخلل الصبغي بطريقة أخرى مثل انفصال الصبغ 21 والتصاقه بصبغ آخر وتسمى هذه الحالة بالانتقال الصبغي، وهي من الحالات النادرة. وهناك أيضًا نوع آخر من الخلل الصبغي النادر حدوثه، وهو وجود نوعين من الخلايا لدى الجنين، حيث يحتوى أحد النوعين على العدد الطبيعي من الصبغيات وهو 46، بينما يحتوي الصبغ الآخر على 47 صبغًا، ويُسَمَّى هذا النوع بالفسيفسائي وهو نادرٌ للغاية.

عوامل الخطر

هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية انتشار البله المنغولي مثل:

  • وجود صلة قرابة بين الأبوين: تشير الكثير من الدراسات إلى أن زواج الأقارب يزيد من احتمال إصابة الأطفال بمرض العته المنغولي؛ خاصةً في حالة وجود إحدى حالات الإصابة بين أفراد العائلة، وبالتالي تصبح هناك فرصة كبيرة لانتقاله بصفته مرضًا وراثيًا.
  • الإنجاب في سن متأخرة: يلعب سن الأم عند الحمل والولادة دورًا مهمًا في تحديد فرص الإصابة بمرض البله المنغولي حيث تشير الأبحاث إلى أنه كلما اقترب عمر الأم من الخامسة والثلاثين، زاد خطر الإصابة.
    التعرض للعوامل البيئية الضارة: يساهم التعرُّض المستمر للمؤثرات السلبية الضارة في المجال المحيط إلى زيادة احتمال الإصابة، مثل التعرض للأشعة السينية أو المواد المسرطنة أو الإصابة بفيروسات الكبد، أو التدخين أو استنشاق دخان السجائر لمدة طويلة بانتظام.

الأعراض والصفات المميزة

يعاني الأطفال المصابون بهذا البله بأعراض مرضية وصفات مميزة تُصَنَّف على النحو التالي:

  • الصفات الجسدية: يتميز الطفل المصاب بصغر حجم الذقن وميل مستوى العين ووجود طية بارزة أسفلها وصغر الفم ما ينتج عنه بروز اللسان بالخارج، بالإضافة إلى تسطح راحة الكف ووجود طية واحدة فقط فيها وقصر في طول الرقبة، وكبر في حجم الرأس واستدارة الوجه، فضلاً عن ارتخاء العضلات والمفاصل وعدم ثباتها. وينفصل أيضًا إصبع القدم الكبير عن بقية الأصابع بمسافة ملحوظة. وقد يعاني المصاب من خلل عضوي نتيجة لهذا البله مثل العيوب الخلقية في الأعضاء الداخلية لا سيما القلب أو اضطرابات في المخ والتي قد تتمثل في الإصابة بالصرع. كما يعاني المصابون البالغون من انخفاض نسبة الخصوبة لديهم خاصةً عند الرجال.
  • مظاهر التأخر العقلي: يؤدي البله المنغولي إلى انخفاض مستوى الذكاء حيث يصل إلى إلى درجات منخفضة في أغلب الأحوال، إلا أن هناك بعض الحالات التي يمكن التعامل معها وتأهيلها ورفع معدل الذكاء لديهم. ويؤدي هذا التراجع إلى تأخر النمو العقلي والمعرفي وضعف الإدراك ما يؤدي إلى وجود مشكلات في التعليم وتوصيل المعلومة إلى الطفل المصاب ما يستدعي التعامل الخاص معه وإلحاقه بالمراكز المتخصصة في التأهيل. وتوجد أيضًا مشكلات صحية متعلقة بتأخر الكلام واضطرابات التخاطب والنطق. وتؤدي كل هذه المظاهر إلى صعوبة التواصل الاجتماعي مع الأفراد المحيطين والعجز عن التعامل مع الأطفال الطبيعيين والانخراط في تفاصيل الحياة العامة.

طرق الوقاية والعلاج

مع انتشار معدل الإصابة وظهور حالات البله المنغولي على نحو ملحوظ اهتم العلماء بهذا المرض وشرعوا في إلقاء الضوء على طرق الوقاية ووسائل العلاج. ويمكن الوقاية من هذا المرض عن طريق تجنب عوامل الخطر المذكورة بالأعلى، بالإضافة إلى إجراء فحوصات ما قبل الزواج لمعرفة ما إذا كان هناك احتمال لإصابة أحد الأبناء المحتملين، وإجراء التحاليل أثناء الحمل لضمان التدخل المبكر في حالة الإصابة.

علاج التشوهات العضوية والظاهرية

في حالة وجود تشوهات في تكوين القلب يمكن إجراء تدخل جراحي لمعالجة وتصحيح هذا التشوه ما يؤدي إلى تجنُّب الكثير من المشكلات الصحية في المستقبل. ومن ناحية أخرى، يمكن إجراء بعض الجراحات التجميلية والتقويمية الهادفة إلى تعديل السمات الشكلية المميزة للمصابين بهذا البله، ومن أبرز هذه الجراحات تقويم حجم الفم لتسهيل النطق وتحسين مخارج الألفاظ لدى الطفل المريض. وعلى مدار حياة المصاب ينبغي أن يُجرَى له بصورة دورية الفحوصات والتحاليل الطبية بسبب استعداده للإصابة بالكثير من الأمراض العضوية.

التأهيل النفسي والاجتماعي

نظرًا لأن الطفل المصاب بحالة البله المنغولي يعاني من تواضع القدرات الذهنية وصعوبة في التواصل الاجتماعي فإنه يحتاج إلى برنامج تأهيلي متخصص يمكنه التغلب على هذه المشكلات ومحاولة دمج الطفل المصاب في المجتمع وتحسين قدرته على التعلم. وفي هذا الصدد تم افتتاح مراكز متخصصة من أجل إجراء التأهيل السلوكي ودمج المصابين في الحياة العامة. وعادة ما تهدف هذه البرامج إلى استغلال ما تبقَّى من القدرات الذهنية القابلة للتوجيه والتطوير، وتفيد هذه البرامج في حالات الإصابة الخفيفة حيث يسهل توجيه المصاب وتلقينه التعليمات. ومن ناحية أخرى هناك بعض الدورات الموجهة للأبوين والأفراد المحيطين بالطفل المصاب، وتسعى هذه الدورات إلى توعية الأبوين بسبل التعامل مع الطفل وتوجيهه. وفي مجال التعليم، تم تخصيص بعض المدارس لاستقبال الأطفال الذين يعانون من البله المنغولي وتقرير مناهج دراسية خاصة بهم تناسب قدرتهم الاستيعابية للمعلومات. وتلجأ الكثير من المدارس إلى دمج المصابين مع الأطفال الطبيعيين في النشاطات الاجتماعية والرياضية لتنمية الجانب الاجتماعي لدى المصابين وتطوير أدائهم التواصلي وتنمية مهارة التعبير اللغوي.

وبعد إتمام التأهيل التعليمي والتأكد من إمكانية الدمج الاجتماعي، يمكن حينئذٍ البدء في التأهيل المهني بحيث يتقن المصاب حرفة معينة يستطيع ممارستها، ومن ثم تعمل المؤسسات الاجتماعية على توفير فرص العمل المناسبة للبالغين من المصابين.

وتؤكد المراكز المتخصصة دائمًا على ضرورة التدخل المبكر سواء في العلاج الطبي أو السلوكي لأن ذلك يؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية وتجنب الكثير من المشكلات. ويُشَار كذلك إلى أهمية التوعية المجتمعية بشأن المصابين بمرض البله المنغولي وضرورة التضامن معهم وتقديم الدعم لهم من قِبَل أفراد المجتمع. وتساهم الدول أيضًا في تقديم الكثير من التسهيلات والخدمات المقدمة للمصابين بحالة البله المنغولي وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية المناسبة لهم.

وفي النهاية علينا أن ندرك أن البله المنغولي حالة تتطلب تعاملاً خاصًا على الصعيد الطبي والنفسي والاجتماعي، وأن لكل داء دواء، وقد أوضح لنا العلم الكثير من المعلومات حول هذا الخلل، لذلك علينا التعامل مع هذا البله على النحو الذي يقلل من آثاره السلبية سواء على الفرد أو المجتمع.

أحمد علام

كاتب ومترجم، أحب القراءة في المجالات الأدبية بشكل خاص.

أضف تعليق

20 − 4 =