تسعة شخصيات

علاء ولي الدين ..هاردي السينما المصرية الذي أبكى الجمهور

علاء ولي الدين

سيرة حياة علاء ولي الدين : رغم مسيرته الفنية القصيرة ووفاته قبل 13 عاما، لا يزال الجمهور يذكره. فكيف كانت مسيرته وما الأثر الذي تركه وما سر عشق الجماهير له؟

علاء ولي الدين هو نجم الكوميديا الذي أبكى الشعب العربي بقدر ما أضحكه، فالنجم السينمائي رغم إنه لم يخض تجربة تقديم البطولة السينمائية المطلقة إلا ثلاث مرات فقط، إلا إن حظي بشعبية كبيرة بين جماهير السينما -وخاصة شباب التسعينات- ممن أحبوه من خلال أدواره الثانوية، وعشقوه قبل حتى أن يعرفوا اسمه، وكانت وفاته المفاجئة صدمة مفجعة بالنسبة لهم. علاء ولي الدين هو أقل أبناء جيله من حيث الرصيد الفني لكن رصيده من حب الناس عكس ذلك، فلا تزال الناس تذكره حتى اليوم وتنتشر صوره على مواقع التواصل الاجتماعي كلما حلت ذكرى وفاته.

علاء ولي الدين .. من هذا ؟

خلال فترة زمنية وجيزة تمكن علاء ولي الدين من أن يحجز لنفسه مكاناً ضمن قائمة نجوم الكوميديا الأشهر في تاريخ السينما العربية. كيف تمكن من تحقيق ذلك؟ وكيف كان طريقه نحو النجاح؟

الميلاد والتأثر بالوالد :

في الثامن والعشرين من سبتمبر لعام 1963م وُلد علاء سمير ولي الدين والمعروف باسمه المختصر علاء ولي الدين ،وكان ذلك في محافظة المنيا بصعيد مصر وتحديداً في قرية الجندية التابعة لمركز بني مزار. نشأ علاء الصغير في كنف أسرة مصرية مسلمة بسطية، وكان هو الابن الأوسط بين شقيقيه معتز وخالد.

أظهر علاء ولي الدين شغفاً بالفن في وقت مبكر جداً من عمره، متأثراً في ذلك بوالده الفنان سمير ولي الدين الذي قدم مجموعة أدوار ثانية بعدد من المسرحيات والمسلسلات، وتعد شخصية الشاويش حسين التي جسدها من خلال مسرحية شاهد ماشافش حاجة هي أشهر أدواره، وكان علاء يرافق والده أحياناً إلى المسرح واستديوهات السينما والتلفزيون ويشاهد مراحل إعداد العمل الفني، فأحب ذلك المجال وصار حلمه الأكبر والأوحد أن يأت يوماً ويرى نفسه على الشاشة الفضية.

الدراسة والبداية الفنية :

حاول علاء ولي الدين الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية وتقدم لإجراء الاختبارات مرتين ولكن تم رفضه في كل مرة، لينتهي به الأمر طالباً بقسم المحاسبة بكلية التجارة بجامعة عين شمس وحصل منها على درجة البكالوريوس في عام 1985م، لكنه على الرغم من ذلك لم يستسلم ولم يتنازل عن حلمه في العمل بالمجال الفني، فلجأ إلى أصدقاء والده المتوفي وكان من بينهم المخرج التلفزيوني نور الدمرداش، والذي ادخله إلى مبنى التلفزيون ليعمل معه كمساعد مخرج.

مسيرته الفنية :

لمدة أربع سنوات عمل علاء ولي الدين داخل مبنى التلفزيون كمساعد مخرج، ولكن ظل نظره موجه إلى عشقه الأول وهو فن التمثيل، وفي النهاية تمكن من الحصول على فرصة للوقوف أمام الكاميرا وقدم بعض الأدوار الثانوية، مثل مشاركته في فيلم المنسي لعادل إمام أو آيس كريم في جليم أمام عمرو دياب، وتمكن علاء من خلال هذه الأدوار أن يجذب انتباه الجماهير بابتسامته الطفولية العفوية وخفة ظله، فبدأ المخرجين في إسناد أدوار أكبر منها أدواره في أفلام الإرهاب والكباب وحلق حوش، ثم قدم مسلسل تلفزيوني كوميدي بعنوان وأنت عامل إيه شارك في بطولته عدد كبير من نجوم الكوميديا ولكن الشخصيتين الأبرز به كانا من نصيبه هو ورفيق دربه محمد هنيدي الذي شكل معه ثنائي وكان يطلق عليهما لوريل وهاردي السينما المصرية.

البطولة المطلقة :

في آواخر التسعينات وتحديداً بعد النجاح الساحق لفيلم إسماعيلية رايح جاي بدأت أنظار المنتجين تتجه إلى جيل الشباب الصاعد، فبدأت شركات الإنتاج في استقطابهم وإسناد أدوار البطولة المطلقة لهم، وكانت البداية من نصيب محمد هنيدي حين قدم فيلمي صعيدي في الجامعة الأمريكية وهمام في أمستردام من إنتاج العدل جروب، ونجاح تجربة هنيدي لفتت الانتباه إلى علاء ولي الدين رفيقه الذي دائماً ما ارتبط اسمه به، فقدم أولى بطولاته السينمائية في عام 1999م من خلال فيلم عبود على الحدود والذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً، فتوالت بطولاته وقدم فيلمي الناظر عام 2000م وابن عز في 2001م، أما فيلمه الرابع فقد كان بعنوان عربي تعريفة ولكن القدر لم يمهله فرصة لاستكماله وتوفي أثناء تصويره.

المسرح :

شارك علاء ولي الدين بالعديد من الأعمال المسرحية، كانت البداية من خلال مسرحية ألابندا التي شارك في بطولته إلى جانب مجموعة كبيرة من نجوم الشباب منهم أحمد السقا ومحمد هنيدي وهاني رمزي ومنى عبدالغني، ثم قدم مسرحيتين من بطولته هما مسرحية حيكم عيون، ومسرحية لما بابا ينام التي توفي أثناء تقديمه لعروضها.

الحياة الشخصية :

انشغل علاء ولي الدين بحياة الفن وطموحاته العملية عن حياته الخاصة، فلم يتزوج ولم يبدو مهتماً بالاستقلال بحياته أو بتكوين أسرة، وظل حتى وفاته يقيم في منزل عائلته برفقة والدته، وقد ذكر بأكثر من حوار صحفي وتلفزيوني إنها قد ألحت عليه كثيراً كي يتزوج خاصة وإنه قد اقترب من سن الأربعين، إلا إنه كان دائماً ينظر إلى الزواج باعتباره خطوة مؤجلة خاصة وإنه لم يجد الفتاة المناسبة.

تأثيره وإنجازه :

حطم علاء ولي الدين العديد من تابوهات المجال السينمائي، فبداية تمرد على مواصفات الجان وتمكن من لعب دور البطولة رغم افتقاده لمواصفات الجان السينمائي المتمثلة في الوسامة والقوام الممشوق وغير ذلك، كما إنه لم يحاول الانفراد بأعماله باعتباره بطلها المطلق، بل أن كل عمل قدمه كان بمثابة بطولة جماعية وكان يفرد مساحات كبيرة للأدوار الثانية والثانوية، مؤكداً إن النجاح العمل الفني لا يتحقق إلا بتضافر جميع عناصره.

مكتشف النجوم :

علاء ولي الدين والمخرج شريف عرفة ساهما معاً في تقديم عدد من المواهب الشابة من خلال أعماله وقد صار أغلبهم اليوم من نجوم الصف الأول، فلم يكن علاء من النجوم الساعون إلى السيطرة على الشاشة وحدهم أو ممن يخشون من ظهور مواهب قوية إلى جواهرهم، وقد منح العديد من المواهب مساحات كبيرة من خلال أفلامه مكنتهم من أبراز موهبتهم، من هؤلاء كريم عبد العزيز ومحمود عبدالمغني اللذان شاركاه فيلم عبود على الحدود، وأيضاً نجمي الكوميديا أحمد حلمي ومحمد سعد فكان ظهورهما الأبرز من خلال فيلم الناظر، وجميع من تعاونوا مع علاء في أعماله شهدوا له بالتواضع والاحترام وحرصه على إتاحة الفرصة الكاملة لكل ممثل يشاركه الفيلم، حتى إنه في بعض الأحيان كان يقدم لهم الاقتراحات الخاصة بالأداء أو النكات “الإيفيهات”.

الوفاة :

المقربين من علاء ولي الدين أكدوا إنه كان يستشعر اقتراب وفاته في أيامه الأخيرة، حتى إنه قام بشراء مقبرته بنفسه كما اشترى عطوراً أثناء أداء مناسك العمرة وأوصى شقيقه بأن يُغسل به عند وفاته. في تلك الفترة كان علاء مشغولاً بتصوير فيلمه عربي تعريفة في البرازيل، ثم عاد لمصر في أجازة قصيرة للاحتفال بعيد الأضحى وسط العائلة وكذلك ليقدم عروض مسرحيته لما بابا ينام، لكن في صباح أول أيام العيد صُدم الوطن العربي بنبأ وفاة النجم الشاب متاثراً بمضاعفات مرض السكري، وكان ذلك في الحادي عشر من فبراير لعام 2003م.

وفاة علاء ولي الدين المفاجئة  شكلت صدمة قوية للمجتمع العربي عامة ولنجوم الوسط الفني خاصة، وتم تشييع جثمانه في جنازة مهيبة تقدمها عدد كبير من الفنانيين والشخصيات العامة، بجانب المئات من جمهور الفنان الذي أفنى حياته محاولاً إسعادهم ورسم الابتسامة على شفاهم.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق