تسعة شخصيات

دريد لحام .. رائد الكوميديا السياسية بالوطن العربي

دريد لحام .. رائد الكوميديا السياسية بالوطن العربي

دريد لحام هو أحد أهم الفنانيين العرب المعاصرين، هو ممثل وكاتب ومخرج سوري الجنسية، أمتعنا على مدار سنوات نشاطه الفني بعدد كبير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، قدم من خلالها مختلف أنواع الدراما، ولكنه كان أكثراً تميزاً في فن الكوميديا، وبرع دريد لحام في إضحاكنا على مشاكلنا، ودعا إلى وحدة الصف العربي وأعلن رفضه لحالة الانقسام والتشتت التي تعيشها بلدانه وشعوبه بواسطة النكات والمواقف الطريفة، وهو أمر شديد الصعوبة لابد لفاعله أن يكون متمتعاً بموهبة فريدة، كتلك التي تمتع بها السوري المخضرم دريد لحام.

من هو دريد لحام :

دريد لحام هو أحد رواد الكوميديا السياسية في الوطن العربي، له مسيرة فنية طويلة ومشرفة وتاريخ حافل بأعمال خالدة في الأذهان.. فكيف كانت مسيرته إلى عالم السينما والأضواء؟ وكيف صنع ذلك التاريخ؟

ميلاده :

في السابع والعشرين من يناير 1934م وُلِد الممثل السوري الشهير دريد لحام ،واسمه بالكامل دريد محمد حسن اللحام، وُلِد لحام في حي الأمين التابع لمدينة دمشق القديمة في سوريا، وقد نشأ دريد في كنف أسرة سورية مسلمة متوسطة الحال عُرف عنها الالتزام الديني، وقد تأثر دريد لحام بأسرته بشكل كبير، ويقول إن كان لهم إسهام مباشر في تشككيل وعيه وشخصيته، وإنهم كانوا يحثوه على القراءة، فشب محباً للمطالعة، يقرأ بنهم، وكلها أمور ارتقت بمستواه الفكري، كما غرس والداه في نفسه بذرة الوطنية والانتماء في نفسه منذ نعومة أظافره، فنشأ مهتماً ومهموماً بقضايا وطنه سوريا والوطن العربي بشكل عام، والتي حرص –فيما بعد- على مناقشتها وتسليط الضوء عليها من خلال الأعمال الفنية التي قدمها.

عشق الفن :

عشق دريد لحام الفن منذ طفولته وكان لديه شغف شديد بالتمثيل، وخاص أولى تجاربه التمثيلية كانت من خلال مسرح المدرسة، فقد كان حريصاً خلال سنوات دراسته على المشاركة في الأنشطة الفنية، ومن خلالها برزت موهبته واكتسب بعض الخبرة، ورغم تشجيع زملائه ومعلميه له على تنمية موهبته، إلا إنه فضل أن تبقى ممارسته لها في حدود الهواية، أما دراسته الأكاديمية فقد اختار أن تكون في مجال علمي آخر.

الدراسة والعمل :

عُرف دريد لحام بتفوقه طيلة فترة دراسته بالمراحل التعليمية المختلفة، ورغم عشقه للفن بشكل عام وفن التشخيص أو التمثيل على وجه الخصوص، إلا إن دراسته كانت بعيدة كل البعد عن هذا المجال، بل إنها كانت علمية بحتة، فتخصص في دراسة العلوم الكيميائية بجامعة دمشق، وتخرج منها في 1958م، ثم حصل على دبلومة تربوية، وبعد أن أتم دراسته عمل بالمؤسسات التعليمية، فبدأ حياته المهنية معلماً بمدارس مدينة صلخد الواقعة بجنوب سوريا، ثم عُين بوظيفة مُحاضر بجامعة دمشق، واستمر في هذا العمل حتى عام 1959م.

بداية المسيرة الفنية :

لم يحتمل دريد لحام العيش بعيداً عن الفن، وظل حلم التمثيل يراوده رغم تخصصه في دراسة الكيمياء وعمله في مجال التدريس، ورغم إيمانه بأهمية التعليم ورسالته إلا إنه لم يستطع مقاومة شغفه بالفن، وفي عام 1959م أنهى مسيرته المهنية بالتعليم التي لم تدم لأكثر من عام واحد بعد تخرجه، وبدأ يبحث عن فرصة للعمل في المجال الفني، فجمعه لقاء خلال تلك الفترة بالدكتور صباح قباني الذي كان يشغل -آنذاك- منصب مدير التلفزيون السوري، وأعجب الدكتور قباني بموهبة لحام وآمن به، فأسند إليه دوراً بأحد الأعمال التلفزيونية التي كان يتولى التلفزيون إنتاجها، وكان ذلك الدور هو الخطوة الحقيقية الأولى بمسيرة دريد لحام الفنية.

دريد والمسرح :

كان دريد لحام يعشق التمثيل بصفة عامة، إلا إن المسرح كان له مكانة خاصة في قلبه، وكان يجد متعة خاصة في الوقوف على خشبته ومواجهة جمهوره، وقد شارك في بدايته بالعديد من الأدوار المساعدة بالعروض المسرحية، ثم صار فيما بعد بطلاً مطلقاً للمسرح، وقدم العديد من المسرحيات الناجحة، وقدم عروضه المسرحية داخل سوريا وخارج حدودها، ويعتبر دريد لحام هو الممثل الأشهر والأنجح في تاريخ المسرح السوري، وكان عروضه تشهد إقبالاً كبيراً من الجماهير وتحقق إيرادات خيالية، وكانت بعض مسرحياته يستمر عرضها لقرابة عشر سنوات متتالية، ومن أشهر مسرحياته كاسك يا وطن وسيلينيا والعصفورة السعيدة وقضية وحرامية وغيرهم.

دريد في السينما والتلفزيون :

دريد لحام له تاريخ فني حافل بعدد كبير من الأعمال التلفزيونية والسينمائية المميزة، استهل أعماله التلفزيونية بمسلسل حمام الهنا الذي شارك في بطولته إلى جانب رفيق السبيعي ونهاد قلعي، ثم توالت أعماله فقدم جزئين من مسلسل صح النوم، ثم جسد شخصية غوار الطوشة لأول مرة في مسلسل غوار الطوشة، وهي الشخصية التي قدمها تميز بها فيما بعد وقدمها من خلال عدد كبير من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، وكان آخر أعماله -حتى الآن- المسلسل التاريخي بواب الريح الذي قدمه في 2014م، والذي تقاسم بطولته مع الفنان الكبير غسان مسعود وأخرجه خلدون قتلان.كذلك قدم دريد عدد كبير من الأعمال السينمائية، من أبرزها أفلام عقد اللولو ولقاء في تدمر والشريدان والآباء الصغار.

التأليف والإخراج :

لم يقتصر نشاط دريد اللحام الفني على التمثيل فقط، بل إنه تولى عملية الإخراج وكتابة السيناريو لعدد من الأفلام التي شارك في بطولتها، فقد أخرج أفلام الحدود والتقرير وكفرون، كما قدم الإخراج المسرحي لعرض صانع المطر، وقد بلغ عدد الأعمال التي أخرجها لحام حوالي إحدى عشر عملاً، بينما كتب السيناريو والحوار لثالثة عشر عملاً منوعاً ما بين السينما والتلفزيون.

الجوائز والتكريمات :

أفنى دريد لحام حياته في العطاء الفني، وأثرى الحياة الفنية والثقفية العربية بالعديد من الأعمال الإبداعية، التي سعي إلى أن تكون جادة وذات قيمة بقدر ما حرص على أن تكون ممتعة، وفي مقابل كل ذلك كان من الطبيعي أن يحظى باحترام وتقدير الجماهير والنقاد، الذي تمت ترجمته في صورة عدد من الجوائز والأوسمة والتكريمات، ومن أهمها:

  • وسام الاستحقاق السوري من الطبقة الأولى.
  • وسام الاستحقاق السوري من الطبقة الممتازة.
  • درع مهرجان القاهرة للإعلام العربي تقديراً لمشواره الفني.
  • درع قصور الثقافة المصرية لدوره في إبراز قضايا الطفل من خلال عمله الفني.
  • وسام الاستحقاق الثقافي من تونس.
  • وسام الوشاح الأخضر الليبي.
  • وسام الكوكب الأردني.
  • نال لحام في عام 2010 درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت.

أثره  وإنجازه :

دريد لحام أحد أهم الممثلين العرب خلال القرن الماضي، وهو رائد فن الكوميديا الراقية، وتمكن من إحداث اتزان بديع بين المتعة والقيمة الفنية، فرغم إن أعماله تتخذ الطابع الفكاهي المرح، إلا إنه تمكن من خلالها أن يسلط الضوء على أهم القضايا المطروحة على الساحة، والتي تمس المجتمع السوري خاصة والمجتمع العربي بشكل عام.

دريد سفيراً لليونيسيف :

في عام 1992م اختارت منظمة اليونيسيف دريد لحام ليكون أحد سفراء النوايا الحسنة التابعين لها في سوريا، ولم يتعامل دريد مع هذا المنصب باعتباره منصباً شرفياً، بل إنه بذل جهوداً كبيرة في دعم قضايا الطفل والمرأة، ومساندة الطبقاء الفقيرة والمطالبة بحقوقهم، ولذلك فقد جعلت اليونيسيف منه سفيراً للنوايا الحسنة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ولكن في عام 1997م قدم دريد لحام استقالته إلى الأمم المتحدة، احتجاجاً منه على الأوضاع في لبنان واندلاع الحرب بها، ولكنه عاد في وقت لاحق واستأنف نشاطه بصفته سفيراً للنوايا الحسنة، وسافر إلى السودان ضمن بعثة الأمم المتحدة لتدشين مشروع إزالة الألغام بجنوب السودان، تحت إشراف وزارة شؤون الإنسانسية السودانية واتحاد طلاب ولاية الخرطوم.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق