تسعة شخصيات

أحمد السقا .. رائد صناعة سينما الأكشن بالوطن العربي

أحمد السقا .. رائد صناعة سينما الأكشن بالوطن العربي

أحمد السقا هو نجم سينمائي عربي يتمتع بشعبية عالية، يشتهر بتقديمه لأفلام الحركة والإثارة وإن كان تاريخه الفني لا يقتصر عليها. كما ويتميز بحرصه وقدرته على أداء المشاهد الصعبة والخطيرة بنفسه، وهو يعد رائد سينما الأكشن في الوطن العربي، وأول ممثل عربي يستعين بالخبرات الأجنبية في تنفيذ المعارك والخدع السينمائية.

من هو أحمد السقا :

نجومية أحمد السقا وشعبيته الطاغية الممتدة من غرب الوطن العربي حتى مشرقه لم تتحقق صدفة أو بين ليلة وضحاها، بل هي نتاج جهد كبير بذل على مدار أكثر من ربع قرن من الزمان، وارتقى سلم المجد من أول درجاته إلى أن بلغ قمته.

الميلاد والأسرة :

أحمد السقا واسمه بالكامل أحمد محمد صلاح الدين السقا، وُلِد في الأول من مارس 1971م بالعاصمة المصرية القاهرة، ونشأ في كنف أسرة فنية عريقة، فوالده هو الأستاذ صلاح السقا رائد فن مسرح العرائس في الوطن العربي، أما والدته فهي السيدة نادية السروجي، ابنة المطرب المصري عبده السروجي، ولـ أحمد السقا شقيقة واحدة تصغره سناً هي فاطمة السقا.

تأثره بوالده :

عشق أحمد السقا الفن منذ نعومة أظافره، وقد يكون ذلك نتيجة طبيعية للبيئة التي نشأ بها، فقد عرف الفن أول ما عرفه من خلال والده، الفنان صلاح السقا الذي درس فن العرائس في رومانيا، ثم عاد إلى مصر ليقدم مجموعة من مسرحيات العرائس، هي الأشهر في تاريخ ذلك اللون الفني وأشهرها على الإطلاق مسرحية الليلة الكبيرة، التي تعاون فيها مع الشاعر صلاح شاهين والملحن الشيخ سيد مكاوي، وكان أحمد الصغير دائم التردد على المسرح بصحبة والده، وكان يحضر مراحل إعداد تلك المسرحيات وكافة الخطوات التي تتخذ حتى يخرج العمل في شكله النهائي للجمهور. بجانب ذلك فقد اعتاد والده على عقد جلسة بمنزله مساء كل أربعاء تشبه الصالونات الأدبية، حيث كان يجتمع عدد غير قليل من مشاهير الفن والأدب في مصر، فيتناقشون في كافة القضايا المطروحة على الساحة، وكان أحمد يحضر تلك الجلسات ويستمع إليهم، وهو ما زاده حباً إلى الفن كما ساهم في تشكيل وعيه وتوسيع مداركه في وقت مبكر من عمره.

تأثر أحمد السقا بوالده على الجانب الإنساني لا يقل عن تأثره به من الناحية الفنية، فهو دائماً ما يذكره في كل لقاء يُجرى معه، ويصف علاقته به بأنها كانت أقرب للصداقة منها للبنوة، وإنه كان شديد الحرص دوماً على استشارته والأخذ بنصائحه قبل كل عمل فني يقدمه، حتى بعدما سطع نجمه وصار أحد نجوم الصف الأول في السينما المصرية.

الدراسة :

التحق أحمد السقا بمدرسة آمون الخاصة، وتلقى بها تعليمه من المرحلة الابتدائية وحتى إتمام دراسته الثانوية، وخلال تلك الفترة كان قد اتخذ قراره باحتراف التمثيل، ولكن لم يلق ذلك القرار قبول والده، وبعد مشاورات عديدة بينهما قرر أن يجري اختبارات القبول بكلية الشرطة، واجتازها بالفعل وقضى بكلية الشرطة عام كامل، ولكنه لم يستطع مقاومة شغفه بالفن بصفة عامة والتمثيل على وجه الخصوص، فقرر ترك الدراسة بكلية الشرطة والالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

دراسته بمعهد الفنون المسرحية :

يعتز أحمد السقا بانتمائه لمعهد الفنون المسرحية، وفي أغلب اللقاءات التي أُجريت معه ذكر من درس على أيديهم بالمعهد بكثير من الامتنان، ويرى إن المعهد قد أصقل موهبته ومكنه من التحكم بها وإدارتها بالشكل الصحيح، وينتمي السقا إلى أحد الأجيال الذهبية التي مرت على معهد الفنون المسرحية المصري، فقد كان دفعته تضم بجانبه مجدي كامل ورامز جلال ومنال سلامة ووفاء عامر وأحمد حلمي وإيهاب فهمي وغيرهم، وجميعهم قد صاروا الآن من الاسماء اللامعة في سماء الفن، ويُذكر أن أحمد السقا قد تخرج من قسم التمثيل والإخراج بتقدير عام امتياز مع مرتبة الشرف، وجاء في المرتبة الأولى على دفعته.

النوة :

بدأ أحمد السقا مشواره الفني من خلال خشبة المسرح، وقدم مجموعة من الأدوار الصغيرة بعدد من العروض المسرحية، منها خدلك قالب وغلط في غلط والنهارده آخر جنان، وكان الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة حاضر بأحد تلك العروض المسرحية، وكان في ذلك الوقت يستعد لكتابة سيناريو مسلسل النوة، وقد أُعجِب بأداء أحمد السقا فاستدعاه بعد انتهاء العرض، وتعرف به ودوّن اسمه لديه، وبعد عدة أشهر قدمه عكاشة إلى المخرج محمد فاضل، الذي اقتنع هو الآخر بموهبته وأسند له دور سيد شرغوش بمسلسل النوة، أمام فردوس عبدالحميد ومحمد وفيق ومحمود الجندي، والذي عُرض على الشاشة في عام 1989م.

السينما والتلفزيون :

توالت أعمال أحمد السقا التلفزيونية في فترة التسعينات، ومن أبرزها من الذي لا يحب فاطمة ونصف ربيع الآخر وبريق في السحاب وعلى بابا والأربعين حرامي ورد قلبي وغيرها، وقد اشتهر بأدائه لشخصية الشاب المشاكس خفيف الظل، على الرغم من إنه قد حاول مراراً عدم حصر نفسه في قالب واحد، وحاول بقدر الإمكان أن ينوع الأدوار التي يقدمها، فجسد شخصية ضابط الشرطة بمسلسل حلم الجنوبي، وطالب الطب الذي يكافح الاحتلال سراً في مسلسل زيزنيا، كما قدم شخصية الشاب المستهتر  في مسلسل حديقة الشر.. كذلك كان له عدد من المشاركات السينمائية، أبرزها دوره في فيلم ليلة ساخنة أمام النجم نور الشريف، ومشاركته في فيلم هارمونيكا أمام محمود عبد العزيز.

الانطلاقة :

بعد مضي عشر أعوام تقريباً قدم خلالهم أحمد السقا العديد من الأدوار الثانية والثانوية، تمكن من جذب أنظار الجمهور وحقق قدر لا بأس به من الشعبية، وهو ما شجع المخرج علاء كريم على منحه أول بطولة مطلقة في مشواره، من خلال السهرة الدرامية زواج على ورق سوليفان، والتي كانت البطولة النسائية فيها من نصيب رفيقة دربه منى زكي، وفي العام نفسه شارك في فيلم صعيدي في الجامعة الأمريكية والذي حقق نجاحاً كبيراً بشباك التذاكر، فتكرر التعاون بينه وبين محمد هنيدي مرة أخرى بالعام التالي بفيلم همام في أمستردام والذي حقق نجاح مماثل، ولا جدال في أن السقا كان أحد العوامل الرئيسية التي كفلت للعملين النجاح، وبناءً عليه كان من الطبيعي أن يقدم بالعام التالي مباشرة أول بطولة مطلقة سينمائية في مشواره، من خلال فيلم شورت وفانلة وكاب من تأليف مدحت العدل وإخراج سعيد حامد.

أنجح ابناء جيله :

رغم إن شورت وفانلة وكاب كان البطولة المطلقة الأولى في مشوار أحمد السقا، ورغم إن الفيلم كان العمل الأول لبطلته نور اللبنانية، إلا إنه حقق نجاحاً كبيراً عند طرحه بدور العرض، ليكتب بذلك شهادة ميلاد السقا كأحد نجوم الصف الأول في مصر، وتوالت منذ ذلك الحين أعماله السينمائية، ومنها : أفريكانو ومافيا وتيتو والجزيرة وتيمور وشفيقة وإبراهيم الأبيض والمصلحة وغيرهم، وأغلبهم قد حقق نجاحاً كبيراً على المستويين النقدي والجماهيري، ويعتبر النقاد أحمد السقا هو أنجح ابناء جيله من الممثلين الشباب الذين جاءت انطلاقتهم السينمائية مع بداية الألفية الحالية.

أثره الفني :

قد نختلف أو نتفق على موهبة أحمد السقا كممثل، أما الأمر المؤكد هو إنه من الشخصيات التي أثرت في صناعة السينما في مصر بشكل مباشر، وبسببه ادخلت إليها العديد من تقنيات التصوير وتنفيذ الخدع البصرية الحديثة والتي لم تكن معروفة بها قبل ذلك، وبكل المقاييس فإن أحمد السقا والمخرجين الذين تعاون معهم قد أحدثوا طفرة في صناعة السينما.

الحياة الشخصية :

في السابع عشر من نوفمبر 1999م تزوج أحمد السقا من السيد مها الصغير، ورُزقا بثلاثة أطفال هم ياسين وحمزة ونادية، ويعد السقا أحد أكثر المشاهير معاناة من ترويج الشائعات، والتي في كثير من الأحيان ما تمتد إلى حياتهم الخاصة، فقد تناقلت الجرائد ومواقع الإنترنت خبر انفصاله عن زوجته عشرات المرات، وفي كل مرة يخرج -في النهاية- السقا لينفي صحة الخبر.

الجوائز والتكريمات :

نال أحمد السقا على مدار سنوات نشاطه الفنية، والممتدة ما بين أوائل التسعينات وحتى اليوم العديد من الجوائز والتكريمات، ومن أبرزها ما يلي:

  • جائزة أفضل ممثل من المهرجان القومي للسينما عن دوره بفيلم الجزيرة.
  • جائزة دير جيست لأفضل ممثل سينمائي عن فيلم بابا.
  • جائزة التميز الفني عام 2010م.
  • جائزة دير جيست لأفضل ممثل سينمائي عن فيلم الجزيرة 2.

هذا بجانب عدد كبير من التكريمات منها تكريم جامعة الأهرام الكندية ونادي روتاري وغيرها، كما يعد هو الممثل الأكثر حصولاً على الجوائز التي تُمنح بناء على استفتاءات جماهيرية.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق