تسعة شخصيات

أميتاب باتشان .. الذي فتح باب العالمية أمام ابناء بوليود

أميتاب باتشان .. الذي فتح باب العالمية أمام ابناء بوليود

سيرة حياة أميتاب باتشان : هو الممثل الأوسع شهرة والأكثر تأثيراً خلال القرن الماضي وذلك بحسب العديد من الاستفتاءات. فكيف كانت مسيرته وما التأثير الذي أحدثه؟

أميتاب باتشان هو الاسم الأشهر في تاريخ السينما الهندية، هو الممثل الأبرز في العالم خلال حقبتي السبعينات والثمانينات، فقد كانت صور أميتاب باتشان هو فارس أحلام فتيات هذه الفترة، وكانت صوره تتصدر أغلفة المجلات، والصحف والبرامج التلفزيونية تتهافت على إجراء المقابلات معه، وما بلغه نجوم بوليود في وقتنا الحالي من شهرة ونجاح في العالم، الفضل فيه يعود بشكل أو بآخر إلى باتشان، فهو أول من تعدى الحدود ونافس أفلامه السينما الأمريكية في أوج عظمتها.

أميتاب باتشان .. من هذا ؟

أميتاب باتشان هو الممثل الأوسع شهرة والأكثر تأثيراً خلال القرن الماضي، وذلك بحسب ما أسفرت عنه العديد من الاستفتاءات التي أجريت في بداية الألفية الحالية.. فكيف كانت مسيرته؟ وما التأثير الذي أحدثه؟

ميلاده واسمه :

في الحادي عشر من أكتوبر عام 1942م وُلِد النجم الهندي أميتاب باتشان في مدينة الله أباد الهندية والمعروفة أيضاً باسم برايغ ،واسمه بالكامل أميتاب هاريفانش راي باتشان، ولكن ذلك لم يكن الاسم الذي وُلِد به، ففي البداية اختير له اسم إينكويلاب، والذي استوحى من العبارة الهندية الشهيرة “Inquilab Zindabad” ومعناها تحيا الثورة، والتي كانت تردد بكثرة في زمن كفاح الهنود ضد المستعمرين، ولكن في وقت لاحق اقترح صديق العائلة الشاعر سوميتر اناندان أن يسمى الطفل أميتاب، وهي كلمة هندية تعني النور المُشع أو الضياء الغامرة.

الأسرة :

ساهم والدي أميتاب باتشان في تكوين شخصيته وتشكيل وعيه، ومن خلالهما عشق الفن، فوالده هو هاريفانش راي باتشان والذي كان شاعراً هندوسياً، أما والدته فهي تيجي باتشان المعتنقة للديانة السيخية، والتي كانت تعمل كممثلة مسرحية هاوية، ورفضت فرص احتراف الفن حرصاً على رعاية أطفالها، وأميتاب هو الابن الأكبر لوالديه، وله شقيق واحد يصغره يدعى أجيتاب باتشان.

البدايات الفنية :

كان حلم أميتاب باتشان الذي يسعى له منذ صباه أن يصبح ممثلاً، وبحث كثيراً عن فرصة للعمل بالأفلام، وحين أجرى اختبارات التمثيل أعجب المخرج بصوته العميق الرخيم، فأسند إليه دور الرواي في فيلم Bhuvan Shome عام 1969م، أي إنه مثل بصوته فقط ولم يظهر طوال مشاهد الفيلم، ولكنه بعد عامين حصل على دور بسيط بفيلم Saat Hundustani، أما بدايته الحقيقية فقد كانت من خلال فيلم Anand، الذي تمكن من خلاله أن يجذب أنظار الجماهير والنقاد إليه، ونال عنه أول جائزة في مسيرته الفنية، ومن ثم انطلق في عالم السينما، وتوالت أدواره إلى أن صار بطلاً مطلقاً للأفلام في منتصف السبعينات.

الإصابة القاتلة :

من المعروف عن أميتاب باتشان إنه من الممثلين القلائل حول العالم، الذين يفضلون عدم الاستعانة بدوبلير، ويقومون بتأدية المشاهد الخطيرة ومشاهد القتال بأنفسهم، كون ذلك يجعل المشهد يظهر على الشاشة أكثر منطقية وقابلية للتصديق، وكاد باتشان أن يدفع حياته ثمناً لعشق الفن. ففي عام 1982م وأثناء تصوير أحد المشاهد القتالية بفيلم Coolie، كان من المفترض أن يسقط باتشان على إحدى الطاولات ثم ينقلب على الأرض، لكنه أخطأ في تقدير المسافة فسقط فوق الطاولة التي تهشمت أسفله، وأخترقت إحدى حوافها بطنه وأصابته بتهتك في الطحال.

اختبار للشعبية :

المحن منح.. هذا القول المأثور ينطبق حرفياً على حالة أميتاب بتشان ،فإصابته أثناء التصوير جعلته طريح الفراش، واضطرته لإجراء عملية جراحية لاستئصال الطحال، وأقام بالمستشفى لعدة شهور بعد العملية مصارعاً الموت، وكانت الأنباء التي تنشر عن حالته الصحية متضاربة، وفي تلك الفترة كان مُحبيه يتجمهورن خارج المستشفى للاطمئنان على حالته، وتلقى آلاف الرسائل التي تتمنى له الشفاء العاجل، وبعضهم عرض التبرع بأعضائه لـ أميتاب باتشان ،كما كانت المعابد تعج بالجموع للصلاة والدعاء له بالشفاء.

كان حب الجماهير دافعاً معنوياً قوياً بالنسبة لـ أميتاب باتشان ، فلم يستسلم للإصابة وفور استقرار حالته الصحية وانقضاء فترة النقاهة، استأنف تصوير الفيلم الذي تم طرحه بدور العرض في الرابع عشر من نوفمبر 1983م، وحقق ناجحاً ساحقاً وكان الفيلم الأكثر تحقيقاً للإيرادات بشباك التذاكر بهذا العام.

الإحباط والاعتزال الأول :

في وقت لاحق على إصابته أثناء التصوير، تعرض أميتاب باتشان لوعكة صحية أخرى، وتم تشخيص حالته من قبل الأطباء بالإصابة بالوهن العضلي، ومعرفة باتشان بحقيقة مرضه أصابه بحالة من الإحباط والاكتئاب، فصار شخصاً آخر دائم التشاؤم متخبط القرارات، ولم يعد واثق من قدرته على الاستمرار في تحقيق النجاحات، وبات يُصاب بالأرق قبل طرح كل فيلم جديد له خشية أن يفشل في تحقيق الإيرادات المتوقعة منه، وفي النهاية لم يحتمل باتشان العيش على تلك الحالة، فقرر اعتزال التمثيل والعمل الفني.

العمل السياسي :

أعلن أميتاب باتشان إنهاء مشواره الفني في آواخر عام 1983م تقريباً، ولكن ذلك لم يخل بمكانته في قلوب الشعب الهندي، وظل متربعاً على عرش النجم الهندي الأكثر جماهيرية، وهذا كله جذب أنظار رجال السياسة إليه، وقرروا استغلال تلك الشعبية التي يتمتع بها، وكان دخول أميتاب باتشان إلى عالم السياسة من خلال صديق العائلة راجيف غاندي، الذي حثه على الإنضمام إلى حزب ساماجوادي الهندي، ومنذ ذلك الحين صار باتشان هو الواجهة الأهم بالنسبة للحزب، وقدم لهم الدعم الكامل من خلال مشاركته في إعلانات الحزب وحملاته الانتخابية.

العودة إلى الفن :

على مدار ثلاث سنوات كان أميتاب باتشان يشعر بإنه نبات قد اقتلع من جذوره وغرس في أرض غريبة، فلم يحتمل الاستمرار في العمل السياسي، واتخذ قراره بالعودة إلى التمثيل واصفاً السياسة بإنها بالوعة مليئة بالقذورات.. وقد أحدث خبر عودة باتشان للتمثيل دوياً في الوسط الفني الهندي، وكان سبباً في نجاح أول الأفلام التي قدمها بعد عودته، وهو فيلم Shahenshah، ثم توالت أفلامه والتي لم تحقق النجاح المعتاد أو المنتظر منها، وصار واضحاً إن نجم أميتاب باتشان قد بدأ في الخفوت وإن شعبيته تتآكل، وكانا فيلمي Khuda Gawah وInsaniyat أكبر دليل على ذلك، إذ إنهما فشلا فشلاً ذريعاً في شباك التذاكر.

الإنتاج :

قرر أميتاب باتشان اعتزال التمثيل للمرة الثانية، ولكنه في هذه المرة رغب في عدم الانقطاع عن العمل الفني بصفة عامة، فقام بتكوين شركته الخاصة في عام 1996م، وأسماها شركة أميتاب باتشان كوربوريشن المحدودة وتعرف اختصاراً شركة ABCL. وكانت خطته طموحة، وكان يرغب في السيطرة على سوق الترفيه في دولة الهند، وأن تكون شركته من كبرى شركات الإنتاج السينمائي وتوزيع أقراص الفيديو وشرائط الكاسيت، واستطاع بالفعل أن يحصل على حقوق رعاية مسابقة ملكة جمال العالم عن ذلك العام، ولكنه اعتمد في إنتاجه السينمائي على مجموعة من الوجوه الجديدة، ولهذا لم تحقق شركته النجاح المتوقع في عالم السينما.

الألفية الجديدة :

مع بداية الألفية الجديدة أخذ أميتاب باتشان الحنين إلى التمثيل، فعاد إليه مرة أخرى، وللمرة الثانية يحدث نبأ عودته للتمثيل ضجة واسعة في الأوساط السينمائية، ولكن هذه المرة كانت عودته مختلفة في كل شىء، ولم يقتصر الاختلاف على مظهره وإطلالته، بل إن نوعية الأفلام التي يقدمها نفسها اختلفت، فقد صار ينتقي الأفلام ذات القصص العميقة والتي تحمل رسائل هامة، وعاد نجمه مجدداً لتوهجه السابق، ومنذ ذلك الحين تحقق أعماله نجاحاً فائقاً على المستويين النقدي والجماهيري.

حياته الخاصة :

في أوائل السبعينات ظهر أميتاب باتشان كضيف شرف في فيلم Guddi، والذي كانت من بطولة ممثلة بوليود اللامعة آنذاك جويا بهادوري، وتعرفا ببعضهما أثناء تصوير الفيلم وسرعان ما نشأت بينهما قصة حبة، انتهت بالزواج في عام 1973م وساند كل منهما الآخر في حياته المهنية، فحققا معاً النجاح ووفر كل منهما للآخر الدعم في لحظات الإحباط والفشل، وتعتبر هذه الزيجة من أشهر وانجح زيجات مشاهير بوليود، ورُزقا من زواجهما بابنتهما جايا وابنهما أبهيشيك باتشان.

سوبريمو .. بطل الأطفال :

يحظى أميتاب باتشان بشعبية طاغية بين الأطفال والمراهقين، وهو ما دفع أصحاب دور النشر المتخصصة في أدب الأطفال لاستغلال هذه الشعبية، فاقترحوا عليها في أوائل الثمانينات تقديم سلسلة كتب مصورة عن بطل يدعى سوبريمو، على أن يكون شكل البطل يشبه باتشان، وقد لاقت الفكرة استحسان باتشان بعد أن اطلع على فكرة القصص وتأكد من إنها تقدم محتوى يناسب الأطفال، ونشرت مجموعة القصص تحت عنوان (مغامرات أميتاب باتشان)، ولاقت رواجاً في سوق الكتاب الهندي وحققت نسبة مبيعات مرتفعة.

الجوائز والتكريمات :

نال أميتاب باتشان على مدار تاريخه الفني العديد من الجوائز والتكريمات، التي تليق بما بلغه من مكانة وما حققه من نجاحات كبيرة، ومن أمثلة ذلك :

  • تم تكريمه بجائزة بادما شري من الحكومة الهندية عام 1984م.
  • جائزة الإنجاز من فيلم فير في عام 1991م.
  • جاء أميتاب باتشان في المرتبة الأولى باستفتاء شبكة BBC عام 1999م لأعظم ممثلي الشاشة، متفوقاً بذلك على مارلون براندو وتشارلي شابلن وروبرت دي نيرو وآل باتشينو وغيرهم.
  • تم تتويجه بصفته نجم نجوم الألفية من فيلم فير عام 2000م.
  • تم تكريمه لإسهاماته السينمائية من مهرجان الإسكندرية السينمائي في 2001م.
  • منحته مدينة دوفيل الفرنسية المواطنة الفخرية في عام 2003م
  • نال من فرنسا وسام جوقة الشرف الذي أنشأه نابليون بونابرت عام 2007م.
  • نال باتشان خلال مشواره جائزة الفيلم الوطني كأفضل ممثل ثلاث مرات.
  • كما نال أميتاب بتشان أكثر من درجة دكتوراه فخرية، من جامعات جهانسي ودلهي الهنديتان، بالإضافة إلى جامعة دي مونتفورد  وجامعة ليدس ميتروبوليتان الإنجليزيتان، وجامعة كوينزلاند الأسترالية وأكاديمية الفنون بالقاهرة وغيرهم.

وإجمالي جوائزه من فيلم فير بلغت 14 جائزة.

التمثال الشمعي :

من أوجه تكريم أميتاب باتشان أيضاً والدالة على مكانته العظيمة، هو إقامة تمثال شمعي له في متحف مدام توسو في لندن، والذي يضم العديد من التماثيل الشمعية لمشاهير العالم، ليكون بذلك باتشان هو أول أسيوي يصنع له تمثالاً بذلك المتحف.

بجانب ذلك أقيمت العديد من النصب التذكارية لـ أميتاب باتشان في كبرى مدن العالم، مثل تمثاله في نيويورك 2009م وتمثالي بانكوك وهونج كونج في 2011م، وتمثال واشنطن في عام 2012م، وبذلك ينضم باتشان إلى الفئة القليلة التي تم تكريمها بإقامة تماثيل لهم وهم على قيد الحياة.

كتب ودراسات حول أميتاب باتشان :

أميتاب باتشان هو ظاهرة سينمائية فريدة وصعبة التكرار، فهو ليس ممثلاً عادياً أو استثنائياً حتى، بل هو بمثابة سفير لصناعة السينما في الهند، وهو من قادها من المحلية إلى العالمية، وبصفته ظاهرة وليس ممثلاً كان من الطبيعي أن يتم تناوله بالتحليل والبحث، وتم نشر العديد من الكتب حول باتشان، منها التالي:

  • الأسطورة أميتاب باتشان كان أول الكتب وتم نشره في 1999م.
  • أميتاب باتشان : أكون أو لا أكون وتم نشره في 2004م.
  • أميتاب باتشان : إعداد السوبر ستار وتم نشره في 2006م.

هذا كله بجانب عدة كتب أخرى تناولت السيرتين الشخصية والسينمائية لباتشان، بجانب خوض أميتاب باتشان نفسه تجربة كتابة المذكرات الشخصية، والتي دونها بنفسها وقام بإصدارها في 2002م.

تأثيره وإنجازه :

أميتاب باتشان هو النجم الأشهر في تاريخ بوليود، وهو أول ممثل هندي يصل للعالمية بأعماله الخاصة، أي دون المشاركة في أفلام أمريكية الإنتاج، وحقق شعبية تمتد بطول الأرض وعرضها. يرى البعض أن بعض النجوم الشباب لديهم فرصة لتهديد عرش باتشان مثل شاروخان، لكن هؤلاء ينسون إن أميتاب هو من فتح الباب أمام جميع ابناء بوليود، وأعماله وشعبيته هي ما مهدت طريقهم نحو العالمية.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق