تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » غرور العظمة : كيف يمكن للمرء أن يحمي نفسه من الإصابة به ؟

غرور العظمة : كيف يمكن للمرء أن يحمي نفسه من الإصابة به ؟

غرور العظمة يعد اليوم أحد الأمراض النفسية المصنفة، الإصابة بغرور العظمة تعني أن يظن المرء على الدوام أنه أعظم ممن حوله، وأنه أفضل منهم.

غرور العظمة

يعرف غرور العظمة بأنه أحد الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان، وتجعله يبالغ بدرجة كبير في وصف نفسه بصفات مبالغ فيها بدرجة كبيرة، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الصفات التي يصف الفرد بها نفسه غير متواجدة في شخصيته حتى ولو بقدر بسيط، لذا فكثيرًا ما يشير البعض إلى أن الشخص المصاب بمشكلة غرور العظمة يدعي على غير الحقيقة امتلاكه قدرات ووقائع وهمية وغير حقيقية، وربما يصل الأمر إلى الحديث حول امتلاكه لثروات وأموال طائلة ومستوى علاقات مميزة ليس لها أي تواجد حقيقي، ويؤكد بعض الأطباء أن هذا المرض يمكن اعتباره خلل عقلي يصيب الإنسان ويجعله يبحث باستمرار عن مجموعة من الوقائع الخيالية الغير حقيقية وذلك في محاولة منه للهروب من الواقع الفعلي الذي يعيش به، لكن ذلك يتسبب في مزيد من الإشكاليات لهذا الشخص إلى درجة نفور عدد كبير من أصدقائه والأشخاص المقربون منه بسبب هذا السلوك الغير سوي، الذي يأخذ الشخص المصاب به إلى وهم العبقرية المفرط.

كيف يصاب الشخص بمرض غرور العظمة

أسباب نفسية

اختلف الأطباء في تفسير أسباب الإصابة بجنون العظمة، لكن هناك مجموعة من العوامل التي تم الاتفاق عليها لتكون أحد أسباب إصابة أي شخص بهذا المرض، ومن هذه العوامل هي الأسباب النفسية؛ التي تشير إلى أن الصراع النفسي بين رغبات أي شخص تعد ركيزة كبيرة من دعائم زيادة نمو سلوك العظمة لدى الأشخاص، بجانب ذلك لفت مجموعة من الأطباء المهتمين بهذا الشأن إلى أن تعرض أي شخص لاهتزاز في قيمه و نمو الإحباط لديه يزيد من هذا السلوك لديه.

الفشل

كل شخص معرض في حياته إلى أن يُصيب أو يخطئ في كل أموره الشخصية بشكل عام وفي عمله بشكل خاص، ومن الطبيعي أن يتقبل الفرد ما أخطأ فيه بطريقة سلمية وبصدر رحب، لكن هناك بعض الأشخاص لا يتحملون الخطأ، على اعتبار أنهم أكبر بكثير من أن يرتكبوا أي خطأ في حياتهم استنادًا إلى أن الصواب والنجاح حليفهم دائمًا في كل خطواتهم العملية والحياتية، لذلك فإن هؤلاء الأشخاص يصرون على التمادي في الخطأ ويجدون على ذلك مجموعة كبيرة من المخارج التي تبرر خطأهم، ومن ثم يتنامى شعور الفرد بمزيد من العظمة في شخصيته.

أسباب أسرية

من بين الأسباب التي توصل إليها البعض حول تنامي هذا السلوك لدى بعض الأفراد هي انتشار الاضطرابات العقلية لدى عدد من أسر الأشخاص المصابون بذلك، إلى جانب وجود بعض السلوكيات الغير جيدة والغير سوية لدى غالبية الأفراد في هذه الأسر والتي قد تكون ناجمة بشكل كبير عن وجود بعض الاضطرابات في الجو الأسري للعائلة والتوترات المستمرة، وبالتالي تساهم هذه العوامل في تكوين شخصيات قابلة لبناء منظومة هوائية غير واقعية مما يؤدي إلى نمو الشعور لديها بالعظمة.

أسباب عضوية

تعد العقاقير من العوامل المؤدية للغرور وفقًا لما صرح به العديد من الأطباء حيث أشاروا إلى أن هناك بعض أقراص الهلوسة وغيرها من الأدوية والأقراص التي قد تسبب ذلك.

تقمص الشخصيات

في كثير من الأوقات يلجأ بعض الأشخاص في المراحل العمرية الصغيرة إلى تقمص بعض الشخصيات مثل شخصية الأب أو بعض أفراد العائلة والذين يعانون من الشعور بالعظمة المتنامية، بجانب ذلك فكثيرا ما يلجأ بعض الأفراد في المراحل العمرية الصغيرة إلى تقليد بعض الشخصيات ذات النفوذ والصفات المميزة مثل تقليد قائد عسكري أو مطرب أو لاعب كرة قدم، لكن في هذه الحالة تتزايد الصراعات النفسية داخل الفرد بين الرغبة في تحقيق وإشباع طموحاته وأهدافه وبين التخوف من الفشل في الوصول إلى مكانة الشخص الذي يرغب في أن يصبح مثله، وبالتالي يزداد لديه ويتنامى بشكل كبير الشعور بالغرور والعظمة الكبيرة كي يستطيع تحقيق هدفه.

الصدمة

في بعض الأحيان يتعرض أشخاص لصدمات عديدة في حياتهم لكنهم يحاولون بشتى الطرق مقاومة كافة هذه الصدمات؛ ففي بعض الحالات يُفاجأ الشخص بحقيقة معينة لصديق له، أو من الممكن أن يتعرض لصدمة معينة في نتيجة امتحان، أو في علاقة عاطفية سواء مع زوجته أو غيرها وفي مثل هذه الحالات يتعرض الشخص لاهتزاز عميق في قيمه ويتحول هذا الاهتزاز إلى إحباط شديد، لكن هناك بعض الأشخاص يحاولون بشتى الطرق مقاومة ذلك من خلال الغرور والتمادي فيه إلى درجة الوصول إلى جنون و غرور العظمة لتبرير عدم تأثر الشخص بالصدمة التي تعرض لها، لكن ذلك دائمًا ما يأتي بنتائج وسلوك عكسي لدى الشخص.

العلاج النفسي

في بعض الأحيان يتعرض كثير من الأشخاص المصابون بجنون العظمة إلى بعض المشاكل في حياتهم الشخصية نتيجة الصفات والسلوكيات التي يصابون بها نتيجة هذا الغرور، وبالتالي يواجهون مزيد من الانتقادات اللاذعة، لذا فإن مطالب البعض بضرورة البحث عن علاج فعال للشخص المصاب بهذا المرض يعد أفضل وسيلة لمنع انتشار هذه السلوكيات لدى الأشخاص في المراحل العمرية الصغيرة داخل المجتمع، ويؤكد بعض الأطباء أن هناك ضرورة لإدخال المريض إلى إحدى المستشفيات النفسية لتلقي العلاج اللازم إذا كان الشعور بالعظمة لدى الشخص ناجمًا عن إحدى الأمراض النفسية أو العقلية، وفي هذه الحالة يُعطى الشخص بعض الأدوية المهدئة والمضادة للذُهان وبالتالي خفض نسبة العوامل المؤدية للشعور بالغرور لدى الشخص، خاصة وأن الأعراض النفسية تعد من واحدة من طرق العلاج التي تحتاج إلى فترة علاجية طويلة، بجانب ذلك فيشير عدد من الأطباء إلى أن العلاج السلوكي يعزز ويدعم بشكل كبير سلوك الشخص التوافقي من خلال العمل على تهيئة البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد حيث يعد العلاج الأسري وتعديل البيئة المحيطة أحد العوامل المحورية حاليا لتحسين وتطوير شخصية الفرد المصاب بالغرور المتنامي ويُحسن بدرجة كبيرة من هذا السلوك.

المساعدة الذاتية للعلاج

هناك بعض الأشخاص يكون لديهم قناعة وإيمان كبير بأنهم مصابون ببعض الأمراض وبالتالي ينمو بداخلهم إصرار كبير في تلقي العلاج اللازم لهم، على اعتبار أنه إذا لم يؤمن الشخص المصاب بأي سلوك أو مرض مصاب به فإنه لن يكون قادرًا على الشفاء من مرضه، ويؤكد البعض أن الشخص المصاب بالغرور أو غيره من السلوكيات الغير إيجابية عليه أن يقلع عن إجمالي السلوكيات التي تتعـارض وتتنافي مع قيم المجتمع حتى لا يزيد التوتر بين الشخص وباقي أفراد المجتمع، وبالتالي القضائي نهائيًا على هذا السلوك.

غرور العظمة الذي انتشر بشكل كبير خلال الفترة الماضية في مختلف المجتمعات بات يصيب عدد كبير من الأفراد في المرحل العمرية الصغيرة وبالتالي تنامي وارتفاع الشعور بالصراع النفسي بين رغبات أي شخص وبين الصفات التي يقوم بتقليدها لبعض الشخصيات البارزة في المجتمع، ويؤكد البعض حاليا أن الشعور بالغرور ينتج دائمًا من مجموعة من العوامل التي تؤدي في النهاية إلى تعرض أي شخص إلى اهتزاز في قيمه و نمو الإحباط لديه بما يزيد من سلوك جنون العظمة لتعويض الاضطرابات التي تعرض لها الشخص، لكن ذلك يزيد من سلوكيات الفرد السلبية في المجتمع، لذا ينصح باستمرار أن ينشأ الفرد على مجموعة من المعايير والمبادئ الإيجابية والسوية في المجتمع والتي تزيد من القيم ذات التأثير الإيجابي في أي بيئة ينشأ بها الفرد.

محمود الشرقاوي

محرر صحفي، عضو نقابة الصحفيين، متخصص في الشأن الإقتصادي والسياسي ومحرر قضائي لعدد من المواقع الإخبارية.

أضف تعليق

أربعة × خمسة =