تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » كيف يُمكنك رعاية الأطفال في الأوقات التي تغيب فيها زوجتك؟

كيف يُمكنك رعاية الأطفال في الأوقات التي تغيب فيها زوجتك؟

رعاية الأطفال من الأمور الهامة جدًا التي يجب أن يتحملها الزوجين، لكن جرى العرف أن الزوجة هي من تتحمل ذلك أكثر، لكن تظهر المشكلة الكُبرى بالنسبة للزوج في الوقت الذي تغيب فيه الزوجة، فكيف يُمكن يا تُرى التعامل مع ذلك الأمر؟

رعاية الأطفال

طبعًا عزيزي القارئ فكرة رعاية الأطفال من الأفكار التي تراودك بشدة وتجعلك تضع لها ألف حساب، إذ أن الأطفال، وكلما كان سنهم أصغر، تجد أنهم بلا شك يحتاجون إلى رعاية من نوع خاص، رعاية قد تبدو صعبة ومُعقدة بعض الشيء، لكن ربما ما يجعل الأمور تمضي قدمًا أنه خلال عملية الرعاية هذه يتشارك الزوجين ويحملان الهموم عن بعضهما البعض، ثم بعد ذلك تظهر مُعضلة العمل بالنسبة للزوج ويُصبح مُجبرًا على القيام بعملية الرعاية بجزء أقل من الزوجة، أي أنها تتحمل تقريبًا نسبة السبعين بالمئة من هذه الرعاية، وفي الآونة الأخيرة باتت الزوجة هي كل شيء بالنسبة للأطفال وبات الزوج يشعر أنه غير مُطالب أساسًا بعملية الرعاية، بيد أن المُعضلة الحقيقية تظهر في الوقت الذي تغيب فيه الزوجة ويُصبح الزوج وحده في مواجهة فكرة رعاية الأطفال ، فكيف يُمكن يا تُرى التعامل في ذلك الوقت عزيزي الزوج؟ هذا هو موضوع سطورنا المُقبلة.

مسئولية رعاية الأطفال

رعاية الأطفال مسئولية رعاية الأطفال

لا شك أن مسئولية رعاية الأطفال مسئولية ثقيلة قد تكون أثقل بكثير من مسئولية توفير الأموال والطعام والملبس لهم، على الرغم من أن هذا في الأساس يُمكن اعتباره جزء من عملية الرعاية إلا ما نتحدث عنه أعمق بكثير، فما نرمي إليه بالرعاية هو الجلوس معهم وحمايتهم والشروع في تربيتهم، وهذا طبعًا لا يحدث بين يوم وليلة وإنما يأخذ الوقت والجهد حتى يُمكن تحقيقه، لكن لنفترض أننا لا نتحدث أساسًا عن هذه المرحلة التي من المنطقي جدًا أن يشترك فيها الزوجين، فقط نحن ندور في فلك الرعاية المؤقتة، كأن يكون معك طفلين لمدة من الزمن تُقدر بالساعات أو الأيام وأنت خلال هذه المرحلة مُطالب بأن تُولي اهتمام لهذين الطفلين، وهذه النوعية من الرعاية قد تبدو من الحديث بسيطة للغاية ويُمكن القيام بها بكل سهولة، لكنها في واقع الأمر تُصبح جحيمًا وتحديدًا حال غياب الزوجة، وبتحديد أكبر إذا لم تكن مُعتادًا على الاحتكاك بأطفالك خلال فترة تواجد الزوجة ومنعزل تمامًا عنهم، ليُصبح السؤال في ذلك التوقيت، كيف يُمكن يا تُرى القيام بهذا الأمر؟

كيف يُمكنك رعاية الأطفال؟

رعاية الأطفال كيف يُمكنك رعاية الأطفال؟

السؤال الآن مطروح من الأب الغير مُنخرط تمامًا في رعاية أطفاله أو على الأقل بالنسبة للأب الذي يخوض مثل هذه المُغامرة للمرة الأولى في حياته أو في وقت من الأوقات النادرة، ففي هذه الحالة رعاية الأطفال بالنسبة له مُعضلة، لكن يُمكن التغلب على تلك المُعضلة من خلال عدة طرق أهمها محاكاة نفس أجواء الرعاية السابقة.

محاكاة أجواء الرعاية السابقة

قبل أن تتولى أنت رعاية الأطفال كانت هناك مشاركة من الأم، أو يُمكن وصفها بالشكل الكامل للرعاية، حيث أنها من كانت تقوم بكل شيء يُمكن وصفه بالرعاية وأنت فقط تكتفي بالمساعدة الطفيفة، لكن ذلك الأمر يتغير مع غياب الأم ويُمكن ملاحظته بشكل لا يحتمل الشك، حيث أن الأطفال سيشتكون من تغير الوضع، وبالتالي كي تُنقذ نفسك ما عليك إلا إعادة محاكاة الأجواء القديمة، بمعنى أكثر دقة، عليك أن تُعيد دور الأم بشكل أو بآخر بحيث يكون نفس الجو موجود ولا يشعر أطفالك بأي تغيير، فالفكرة هنا تكمن في التغيير المُلاحظ أو الغير مُلاحظ، عمومًا، أولى خطواتك لذلك أن تسترجع ما كانت تفعله الأم أو الزوجة، ومن هنا تنطلق الخطوة الأولى في رحلتك لعملية الرعاية المثالية.

الاقتراب أكثر من الأطفال وحياتهم

لا تكتفي فقط بمحاكاة ما كانت تقوم به الأم من قبل، في النهاية أنت هنا مُطالب بكسب نقاط إضافية أو التفوق على الأم، وهنا تظهر فكرة الاقتراب أكثر من الأطفال وحياتهم، فمثلًا باللحظة التي تقوم فيها بالأمور الرئيسية بالنسبة للطفل كالطعام والشراب والملبس عليك أن تُفكر في الطفل نفسه، تسأله عما يحتاجه وما يُشعره بالخوف أو السعادة، عليك أن تعرف الأمور الحياتية التي يشعر فيها الطفل بأنه يتعامل مع صديقه وليس أبيه، وهذه بالمناسبة هي نقطة التميز الرئيسية، وبالطبع أنتم لا تتخيلون كيف أنه من الممتع جدًا بالنسبة للأبناء، أو الأطفال الصغار عمومًا، أن يُفكروا في أن أحد الكبار يُفكرون بهم وبدواخلهم أو يُفكرون بنفس طريقتهم على الأقل، هكذا ينجح الأمر ويُحقق الغاية المقصودة منه.

محاولة وضع بعض نقاط التميز

هل تذكرون فكرة المقارنة التي تحدثنا عنها؟ حسنًا، بالنسبة للأطفال فإنهم قد اعتادوا على شكل معين من الخدمة والرعاية، ثم تأتي أنت كشخص غير مُعتاد على رعاية الأطفال بنفس الطريقة التي اعتادوا عليها فتبدأ بذلك مرحلة انخفاض التوقعات، لكن لو حدث العكس فإن الوضع سيختلف تمامًا، بمعنى أن تتميز أنت برعايتك عن رعاية الأم، وهذا بالمناسبة مربط الحصان كما يُطلقون عليه، ففي الأساس مخالفة التوقعات هي العنصر الأهم بالنسبة للبشر، ببساطة أنت لن تُعاملهم بنفس طريقة المعاملة النمطية التي اعتادوا عليه، وحتى لو لم تكن متفوقة للأفضل فسوف تجد بالطبع انجذاب من الأطفال، لكن بما أننا نتحدث هنا عن التميز فمن الأفضل أن تكون نقاط تميزك في أمور لم يُجربوها من قبل، كفكرة الصداقة التي تحدثنا عنها، ففكرة الانطلاق في جانب تحضير الطعام مثلًا غالبًا ما لن يكون النجاح حاضرًا فيها، لذلك حاول تحديد نقاط قوتك.

الاهتمام بعنصري الرعاية والأكل

خلال غياب الأم وتحملك المسئولية سوف يطفو على السطح عنصر في غاية الأهمية، وهو عنصر الطعام والشراب، حيث يجب عليك عزيزي ولي الأمر التعامل مع ذلك الوضع بشكل مثالي لأن الأطفال قد يتهاونون في أي شيء آخر بخلاف الطعام والشراب والرعاية بشكل عام، هذا بالأساس السبب الذي يجعلهم يُفضلون والدتهم عن والدهم لأنها توفر لهم ذلك، لكن الآن أنت تعرف أهمية الأمر والدرجة التي ليست بالقليلة من خطورة إهماله، لذلك عليك أن تُراعي ذلك جيدًا وفي نفس الوقت ضع في اعتبارك أن الرعاية والأكل لا يعنيان أنك سوف تجلب لهم كل طعام تراه أمامك، وإنما يجب أن تكون تلك الأطعمة مفيدة لهم ومن الأنواع التي عودتهم والدتهم عليها، لا ترتكب أي حماقات في هذا الجانب من فضلك.

التلذذ بعملية رعاية الأطفال

هل تعرفون من هم الأشخاص الأكثر سعادة في العمل؟ هم ببساطة أولئك الذين يقومون بعملهم وهم سعداء به ويحبونه، ولذلك تجدهم وكأنهم مُتلذذين به، وهذا بالضبط ما يجب عليك عزيزي الأب القيام به خلال عملية رعاية الأطفال التي نتحدث عنها الآن، إذ أنه ليس من المنطقي أبدًا أن تُعامل الأمر وكأنه شيء جُبرت عليه وأنك لا تطيقه على الإطلاق، هذا طبعًا سيؤدي إلى شعورك بالسوء أثناء قيامك به وبالتالي لن يخرج الوضع في النهاية بالشكل المُرضي الجيد، في نفس الوقت دعونا نوضح أن عملية التلذذ التي نتحدث عنها لن تأتي من تلقاء نفسها، بل يجب أن يكون لديك استعداد لها أولًا كما أنك مُطالب بوضع أسباب لذلك التلذذ، كأن يكون لك جزء في الجانب الترفيهي أو أن تكون سعادة أطفالك هي نفسها سعادتك.

عدم إغفال الجانب الترفيهي

فيما يتعلق بالجوانب المُحيطة بالطفل فإنه من الواجب التعرف على شيء في غاية الأهمية، وهو أن رعاية الأطفال لا تعني أبدًا أن تكون حازمًا معهم وأن تُحاول السيطرة عليهم طوال الوقت، فهذا الوضع في الحقيقة لن يقود إلا إلى جعل الأمور أكثر سوءًا ووضع فجوة بينك وبين أطفالك، وهو أمر لا تُريده في هذه المرحلة بكل تأكيد ولا تُريد بشكل عام، ولذلك فإن الحل في مثل هذا الظرف أن تتوجه إلى الجانب الترفيهي بكل ما يُمكن أن تعنيه كلمة التوجه من معانٍ وأن تُشعر أطفالك بأن الطفرات واللحظات السعيدة في حياتهم تأتي فقط عندما يكونون معك، وبالمناسبة، لا مانع أبدًا من المنافسة في مثل هذه الأمور ووضع نفسك في مقارنة مع الأم مثلًا، كأن تفعل الشيء وتسألهم هل كنت مُجيدًا في فعله أفضل من والدتهم أم لا؟

بالنسبة للنصائح المُتعلقة بالجانب الترفيهي الذي نوصي الآن بعدم إغفاله عند رعاية الأطفال فأبرز تلك النصائح أن تتخير الأماكن المناسبة لنوعية الترفيه عن الأطفال على وجه التحديد، فأنت هنا لا تُرفه عن نفسك، وبالتالي الأماكن التي تسعد بالتواجد فيها وترى أن تواجدك به شكل من أشكال الترفيه من الممكن ألا تكون كذلك في الحقيقة، على الأقل بالنسبة للأطفال الذين تقوم بذلك من أجلهم، ومثال ذلك السينما، فهي تبدو مكان ترفيهي لكنها بالنسبة للأطفال سجن لساعتين من الزمن.

ختامًا عزيزي القارئ، ليس هناك أدنى شك في أن رعاية الأطفال مسئولية كبيرة للغاية وليست أمر يُستهان به على الإطلاق، وصعوبة هذا الأمر تزيد أكثر كلما كنت بعيدًا عن أطفالك في السابق وحينما تكون تلك المحاولة هي الأولى في مسألة الرعاية هذه، وصدق أو لا تُصدق، ثمة لحظات سعادة رائعة ستعيشها خلال قيامك بذلك الأمر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

عشرة + 19 =