تسعة
الرئيسية » العناية الذاتية » الشخص النباتي : كيف يكون الأكثر إنسانية وحضارية ؟

الشخص النباتي : كيف يكون الأكثر إنسانية وحضارية ؟

يتجه الكثيرون في الوقت الحالي إلى أسلوب التغذية النباتي، وذلك لأغراض صحية، لكننا في هذا المقال سوف نركز على كيفية كون الشخص النباتي أكثر إنسانية ورحمة.

الشخص النباتي

الشخص النباتي هو شخص يتبع نظام معين للغذاء وهو النظام النباتي والذي يعني الابتعاد عن اللحوم بأنواعها والمنتجات الحيوانية، والتغذية فقط على المواد النباتية، ويوجد نوعان للطعام النباتي وهما: النباتي الصرف وهو الذي يمتنع تمام عن اللحوم والمنتجات الحيوانية، والنباتي اللبني وهو الذي يمتنع عن أكل اللحوم ويكتفي بالمنتجات الحيوانية الأخرى مثل البيض واللبن والزبادي وكل مشتقات الألبان، كما يوجد نظام أخر أكثر تشددا وهو الذي يمتنع عن كل اللحوم وكل المنتجات الحيوانية وليس في جانب التغذية فقط وإنما أيضا في كل الأغراض الحياتية الأخرى مثل الأغطية والملابس وكل ما يدخل في تصنيعه منتج حيواني، يعتبر نظام الغذاء النباتي أكثر صحية من النظام الحيواني فكما هو معروف أن الشخص النباتي هو شخص يأكل طعام صحي وتكون صحته أفضل وعمره أطول من الشخص الذي يأكل اللحوم، ويمكننا وهذا ما كان يؤكد عليه أبو قراط، أبو الطب حينما قال لا تجعلوا بطونكم قبورا للحيوان فكثرة تناول اللحوم عادة ما تصيب بالأمراض مثل ارتفاع أملاح النقرس في الدم أو ارتفاع الكولسترول.

كيف يمكن أن يُعتبر الشخص النباتي أكثر إنسانية من غيره ؟

فلسفة الغذاء النباتي

في الواقع يمتنع الشخص النباتي عن أكل لحوم الحيوانات لعدة أسباب منها الأخلاقي وهو إحساسه بالذنب لقتل حيوان وذبحة ليتغذى عليه مثله مثل الحيوانات المفترسة الذي يخاف من سلوكها ويراه وحشي فيرفض تناول اللحوم وكذلك الأسماك، وينتشر هذا النظام في أمريكا وأوروبا بشكل كبير ويتزايد باستمرار، ولكن هناك أيضا أهداف دينية وتنتشر بنسبة كبيرة في الهند ويرجع جزء كبير منه لتقديس الحيوانات وللأسباب الأخلاقية أيضا، وهناك أسباب صحية واقتصادية ولكن الكثر انتشار السبب الأخلاقي والسبب الديني. قام الكثير من الفنانين والرسامين بعمل أعمال ابداعية لتوضيح معاناة الحيوان اليومية معنا نحن البشر، ومنهم من قام برسم لوحات تعبر عن الحياة اليومية في حالة أن قلبنا الأدوار وقامت الحيوانات بدورنا فبدا الأمر وحشي للغاية ومرعب، حاول الكثير من الأشخاص النباتين نشر ثقافة الغذاء النباتي في محاولة للتقليل من حجم معاناة الحيوانات، وكانت هناك استجابات فعليه ولكن لم يتحول الكوكب كله إلى الأكل النباتي مثلا ولا أعتقد أطلاقا أن تنشط مثل هذه الفكرة في مجتمعاتنا العربية ومصر خصوصا فهم يعشقون اللحوم بأنواعها ويعتبرونها الطعام الأكثر طلبا ولذيذة الطعم ولن يعترفوا بطعام لا يحتوي على البروتين الحيواني، وما يحدث في الولائم التي تقام في مجتمعاتنا العربية تؤيد ذلك، فلن تجد مثلا مسابقة لأكبر طبق سلطة أو أكبر طبق شوربة خضار أو حتى سلطة فواكهه وإنما ستجد موائد ممتدة لأمتار تحمل اللحوم المشوية والمقلية والمطبوخة بكل أشكالها وأنواعها، فهم يتفننون في صناعات اللحوم ومشتقاتها ويخترعون طرق الطهي المختلفة رغم أن الإقبال عليها كبير بالفعل.

|هل النظام النباتي الأكثر صحة؟

يختلف الأطباء هنا فالكثير يدعم النظام النباتي ويقول بأنه الأكثر صحية وأن أصحابه قليلا ما يعانون من الأمراض فعلا، وهناك طرفا أخر يقول إنه يؤدي إلى نقص بعض العناصر الهامة التي يحتاجها الجسم مما يلحق به الضرر وفي الغالب يكون الكالسيوم والبروتينات وبعض الفيتامينات، لكن المشكلة في النظام النباتي الصرف الذي يمتنع أيضا عن مشتقات الألبان المختلفة فلا يأكل البيض والجبن والزبادي ولا يشرب اللبن فهذه تحتوى على عناصر ضرورية للجسم، ولكن تم حل هذه المشكلة وظهرت بالأسواق ما يسمي ببدائل البروتين المختلفة وبعض الطعمة المغذية التي تحتوي على بدائل لهذه العناصر وهكذا، ولكن في أغلب الأحوال من الأفضل أن يلجأ الشخص النباتي إلى طبيب تغذية في بداية الأمر لكي يقوم بعمل اللازم حتى لا يحدث انتكاسات صحية، كما يطمئن الطبيب على الحالة الصحية ويتعرف على متطلبات الجسم بالوضع المناسب له ويقترح علية بعض الأدوية والفيتامينات المكملة لغذائه أو حتى بعض الأنواع من الأطعمة التي تعد نباتية ولكنها تحتوى على نسبة بروتين عالية كفطر عيش الغراب مثلا، يتم تجاهله كثيرا و التقليل من قيمته مع أنه مصدر للبروتين الحيواني لا غنى عنه.

فوائد وأضرار

بالطبع نظام الغذاء النباتي هو الأكثر صحة و الشخص النباتي يتمتع بصحة جيدة عن الأفراد العاديين، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة فيجب مراعاة بعد الأمور أولا من أجل أن نحصل على غذاء متوازن لا يُحرم فيه الجسم من عناصر ضرورية، وخاصة من يتبعون النظام النباتي الصرف ويمتنعون عن تناول المنتجات الحيوانية، فيجب البحث عن بدائل صحية مناسبة والتأكد من عدم خلو نظامك الغذائي من أي عناصر ضرورية وبذلك سنجنى الفوائد ونبتعد عن الأضرار، أيضا التنوع، يجب أن يكون نظامك النباتي متنوع ومتعدد العناصر لا تكتفي بنوع أو اثنين وإنما أبحث عن الجديد والمفيد.

النباتية في الأديان

معظم الأديان مثل الإسلام والمسيحية واليهودية لم يوجد بها أي نصوص تحريميه تمنع أكل لحوم الحيوانات، ولكن في المسيحية طقس يحتم بالامتناع عن أكل كل ما له روح لمدة 40 يوم وهو مره واحدة سنويا، وهي تقابل صيام شهر رمضان من حيث الهدف الإنساني لكل منهما، ولكن في الديانة الهندوسية محرم أكل لحوم البقر لأنهم يعتبرونها مقدسة، لذلك ترتفع نسبة النباتين في الهند و الشخص النباتي في الهند يعتبر هو الطبيعي في نظر المجتمع عكس الأخر.

صحة نفسية أفضل

ونظرا للعصر الذي نحيا فيه وهو عصر الانشغال والسرعة والوجبات الجاهزة يلجأ الجميع إلى الأكثر راحة وتوفيرا للوقت فنسبة كبيرة جدا أن لم يكن معظمنا نشتري اللحوم المجمدة والمحفوظة لأنها معدة ومجهزة ولن نبذل معها مجهود، كما أنها ملقاه في الثلاجة دائما وفي أي وقت،ولكن للأسف هذه اللحوم تحتوى على مواد حافظة مضره جدا بصحة الإنسان ومن المعروف أن المرأة الحامل تمنع تماما من أكل اللحوم المحفوظة وأغلب المحفوظات لنفس السبب، المواد الحافظة يمكن للجسم تقبلها بنسب معينه وهي نسب بسيطة ولكن إذا قمت بحساب ما تتناوله يوميا فستفأجأ بالنتيجة، والجديد هو التغذية التي تقدم للحيوان في عصر الهندسة الوراثية واستخدام الهرمونات في الزراعة مما ينتج لك حيوان ملغم بالهرمونات فتأمل الوضع قليلا ستجد أنها خسارة من كل الجوانب، ولكن الشخص النباتي لا يصاب بمثل هذه الأشياء فهو يحيا متوافق مع الطبيعة يأكل ما تنتجه الأرض ويعيش على الخضر والفاكهة وهي ليست آمنه تماما لما سبق وأن وضحناه ولكنها بالتأكيد أقل ضررا، وهنا الشخص النباتي هادئ الطباع ولا يصاب بالتوتر والعصبية ولا ينتقل إليه أحساس الخوف من أكل اللحوم للحيوانات التي تتفنن المصانع والشركات في طرق القتل الجماعي لها، كما أن هناك بعض النتائج في أبحاث علوم الطاقة تؤكد لنا أننا نصاب بالخوف والاضطرابات النفسية والمزاجية بشكل غير مبرر ولا نعلم السبب ولكنه في الحقيقة يرجع إلى أنك تناولت لحوما لأننا حينما نأكل اللحوم نأكل معها خوف الحيوان أثناء ذبحه، فإحساس الحيوان بالخوف والرعب وهو يرى حيوانات أخرى تذبح أمامه بدم بارد وعلمه بأنه التالي يفرز لديه هرمونات سامه تختلط بلحمه الذي نتناوله لذلك يحدث لنا ما يحدث ونستغرب من عدم وجود أسباب.

الشخص النباتي هو الأكثر إنسانية

تقول الأبحاث أن الأشخاص النباتيون هم الأكثر أحساس ولطفا، وأنهم ودودون وعاطفيون لأن الامتناع عن تناول اللحوم يقوي لديهم الجانب الإنساني ويجعلهم أكثر حساسية، ولكن هل من السهل أن يقدم الشخص الغير نباتي على تجربة التحول إلى نباتي وينجح معه الأمر بسهولة؟ في الواقع لا، فالموضوع ليس بهذه البساطة خاصة عند الأشخاص المحبون للحوم سيعانون كثيرا ومهما تناولا من طعام لن يروي ظماءهم فما الحل أذن كيف أتحول إلى ذلك الشخص النباتي؟ الحل بسيط أيضا، ففكرتنا عن الطعام هي تصور في الذهن لدينا ولكي نغير من طعامنا يجب أن نغير تصورنا عنه، بمعني يجب أن نقرأ جيدا في الموضوع لنلم بأبعاده ونشعر بمعاناته ونوقظ لدينا الجانب الإنساني ونعلم أننا هكذا سنكون مع الطبيعة ولنشعر بهذه الحيوانات التي تقتل من أجل تغذيتك في حين أن هناك بدائل كثيرة أمامك فلماذا تصر على قتلها.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

إحدى عشر − ثلاثة =