تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » التغير السريع للظروف : كيف تتماسك في الظروف المختلفة ؟

التغير السريع للظروف : كيف تتماسك في الظروف المختلفة ؟

نعيش عالمًا متغيرًا بشدة، والتعامل مع هذا التغير السريع للظروف هو الذي يفرق بين الإنسان الناجح والفاشل، إليك نصائح للتأقلم بسهولة مع مختلف الظروف.

التغير السريع للظروف

التغير السريع للظروف هو حقيقة مطلقة مثل الموت وخصوصاً في هذا الزمن السريع أو كما يطلقون عليه “عصر السرعة”، والتغير والتبديل في الأحوال يشمل كل شيء صناعة وزراعة وعلوم وحتى العادات والتقاليد أصبحت تتغير وتنشأ نظم اجتماعية جديدة في كل يوم تتكيف مع الواقع الجديد. ولكن هناك مشكلة وهي أن بعض الناس لا تعرف كيف تتكيف بسرعة مع التغير الذي يحدث من حولها وهذه هي طبيعتها وليس غباء منهم، وهذا يحدث أحياناً كثيرة للناس الطبيعيين حتى في ظل ظروف مفاجأة لم يكن أحد يتوقعها، مثلاً يكون أحدهم رجل أعمال غني جداً ولدية في سوق الأعمال الحرة الكثير من الاستثمارات وفجأة وبين يوم وليلة تسمع عن إفلاس هذا الرجل، فكيف يتعامل مثل هذا الرجل مع الحياة الجديدة؟ فهو كان غني يركب سيارة ويأكل من المطاعم الفاخرة وعنده بيت كبير وفجأة أصبح هذا كله حلم مضى وهو الآن أمام واقع جديد فكيف سيتصرف في ظل التغير السريع للظروف هنا؟ ويحدث أيضاً العكس أن أحدهم يكون رجلاً عادياً جداً ويحدث شيء يجعله مليونير في يوم وليلة، فتجد الرجل لا يعرف ماذا يفعل بالنقود، هل يشتري بيت أم سيارة أم يستثمرها ولا ينفقها أم يذخرها لأولاده؟ وتجده في حيرة كبيرة لمجرد أن تغير سريع في الظروف حدث وهو لم يتوقع هذا التغير. وقيس على ذلك مواقف كثيرة جداً تحدث على غير العادة وليس شرط أنها تتعلق بالمال فربما يحدث حالة وفاة أو ضياع شيء ما أو أي ظرف طارئ فماذا ستفعل حينها؟!

دليل التأقلم مع التغير السريع للظروف

عدم التسرع

في ظل أي تغير سريع للظروف حاول جاهداً ألا تتسرع في أخذ أي قرارات ولا تتجه نحو الحماسة ونحو المشاعر والعاطفة الناتجة عن تغير الظروف، بل تأنى جداً في أخذك لأي قرار حتى لا تقل شيء يحسب عليك أو تفعل شيء يخسرك في المقابل شيء أهم بل احسب الحسبة وزن الأمور كما يجب. اتخذ المشورة من أهل المشورة وليس من أصحاب النصائح التي ليس لها قيمة، فمثلاً إن كنت ستستشير أحد في أمر يخص استثمار جزء من المال اذهب لرجل أعمال ولا تذهب لأبيك أو أمك أو صاحبك لأن هؤلاء الناس لا يفهمون السوق والاقتصاد والمال والاستثمار هم فقط يفهمون أنهم يحبونك لذلك نصيحتهم ليست هي المفيدة لك. إن حدث لا قدر الله حالة وفاة وأنت لا تعرف ماذا تفعل اذهب لأحد قد مر بالتجربة فهو سيفهم بماذا تشعر لأنه اختبر هذا الشعور أما الذي لم يمر بهذا الشعور فمهما قال هو لن يفهم ما تمر به في هذا الوقت. وهكذا كن ذكياً في التوجه وأخذ القرارات عن طريق عدم التسرع لأن أفضل مواجهة للتغير السريع للظروف هو أنك تمتص صدمة هذا التغير بالصبر والتأني.

التكيف

في ظل التغير السريع للظروف الحل المثالي لك هو التكيف، حيث أن التاريخ أثبت أن الإنسان هو أكثر الكائنات الحية القادرة على التكيف مع البيئة بشكل سريع وهذا هو الدليل القاطع على تقدم الإنسان على باقي المخلوقات في الوقت الحالي. ولكننا هنا لا نتكلم عن الظروف البيئية بل على الظروف الاجتماعية وهنا يجب عليك أيضاً التأقلم بشكل سريع ولا يجب أن تعاند الواقع لأن هذا سيأتي عليك بعدم الارتياح النفسي وستكون أنت تعاند القدر والطبيعة من حولك. لذلك الحل الأفضل هو أن تتكيف بصورة سريعة ونجد أن الناس سريعين التكيف هم الأذكى اجتماعياً وغالباً هم الذين ينالون منصب أو مكانة بصورة سريعة في أي مكان تضعهم فيه الظروف لأنهم يتكيفون. ومن ضمن الأمثلة البسيطة جداً لاعبين كرة القدم الذين ينتقلون من نادي إلى أخر، نسبة النجاح هنا لدى اللاعب وقيمته في قدرته على التكيف مع الفرق الجديدة ويعد هذا هو أول شروط انتقال لاعب من مكان لأخر، حيث يكون للاعب ثقافة التأقلم مع المدرب الجديد والطريقة الجديدة واللاعبين الجدد وتقديم نفس المردود بل أعلى في ظل الظروف الجديدة هذه. نعم فهذا هو التكيف في ظل التغير السريع للظروف حيث تكون شخص ناجح في أي مكان توجد به وتحت أي ظروف تجد نفسك فيها.

الانفتاح

أحياناً كثيرة نجد بعض الأشخاص غير المنفتحين الذين يعتقدون أنه إذا تغير العالم جمعاً سيظل هو كما هو ولن يتغير ولن يغير من نفسه ليلائم الظروف لأن هذا بالنسبة له تنازل عن المبادئ. ولكن في الحقيقة عزيزي القارئ أن هذا الشخص يخلط بين المبادئ وبين الانفتاح على العالم، فالتطور مثلما قلت هو سنة الحياة مثله مثل الموت فإن كنت إنسان صلد ولا يعرف قيمة المتغيرات والتطور إذاً أنت من سيصاب بالسوء وستجد نفسك في مؤخرة أي ترتيب ستكون داخله، فإن لم تواكب الآخرين من الطبيعي أنك ستجد نفسك معزول في بيئة أنت فقط من تجد نفسك فيها في حين الآخرين منفتحين بعضهم على بعض ويستفيدون من بعضهم ويتبادلون تجارب التغير السريع للظروف التي حدثت لهم. وفي الأخير هذا الانفتاح سيؤدي إلى خبرة كبيرة تجنبهم الوقوع في مشاكل آخرين قد سبقوهم فيها. ومثال بسيط لتوضيح ما هو الفرق بين ابن المدينة وابن القرية؟ ببساطة الانفتاح حيث ابن المدينة دائماً يعرف كيفية التصرف وسريع البديهة ولديه حلول وخبرات كثيرة حدثت من كثرة الاحتكاك، أما ابن القرية فحتى لو كان رجل لديه من العمر مثلاً 50 عام تجده غالباً تائه في المدينة ولا يعرف كيفية الصعود من الهبوط من الدخول من الخروج فالأشياء غريبة تماماً عنه وهذا ناتج من أن ابن القرية غالباً غير منفتح على العالم الخارجي. بل كل قرية ولها عاداتها وتقاليدها وظروفها الخاصة مما يؤدي إلى وجود فاصل بين هذا وذاك.

المعرفة

في ظل التغير السريع للظروف يجب أن يمتلك الإنسان بعض المعرفة ومن ضمنها هذا المقال مثلاً، أو بمعنى أوضح يجب أن يكون لدى الشخص خلفية عن الحياة بصورة عامة ولا يكون شخص ساذج غير قادر على إدارة حياته بل يجب أن يتحلى الشخص بقوة الشخصية والمعرفة التي تؤهله لمواجهة أي شيء جديد يدخل عليه حياته دون استئذان. مثلاً بالنسبة للمتزوجين الأمر يمشي كالآتي: يتزوجون هذه السنة في السنة التالية يجدون أنفسهم صاروا ثلاث أفراد وليس فردين فقط بالطفل الذي أنجبوه، ومن هنا يجب أن تتعامل مع هذا الطفل بالمعرفة وليس السخط والصراخ فليس ذنب الطفل أنك لا تعلم كيف تتعامل معه، فأنت الأكبر وأنت من قررت إنجابه. لذلك عليك أن تتحمل مسئولية معرفة كيف تتعامل مع التغير السريع للظروف التي حدثت لحياتك بميلاد هذا الطفل من شتى النواحي سواء ظروف مادية أو ظروف اجتماعية أو أي شيء مرتبط به. فيجب عليك تماماً أن تمتلك المعرفة والاستعداد الدائم لمواجهة التغير السريع للظروف.

أخيراً يجب عليك أن تعلم أن الظروف والحياة والمجتمع وكل شيء الآن في تغير مستمر فلا تحاول أبداً أن تتجاهل هذا ولا تحسب حساب المتغيرات بل عليك أن تكون عاقل وفاهم للحياة ودورتها وتضع حذرك دائماً لمواجهة التغير السريع للظروف وخصوصاً إن كنت رب أسرة.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

1 × 3 =