تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الحمل والانجاب » التحكم في جنس الجنين : كيف يتم التحكم في جنس الأجنة طبيًا ؟

التحكم في جنس الجنين : كيف يتم التحكم في جنس الأجنة طبيًا ؟

التحكم في جنس الجنين مصطلح يطلق على المجهودات الطبية لاختيار جنس الجنين بدلاً من ترك الأمر للصدفة البحتة، نستعرض أين وصل العلم في هذا المجال.

التحكم في جنس الجنين

التحكم في جنس الجنين أحد الآمال التي تراود الكثير في العالم عموما وفي العالم العربي خصوصا، ولما كان العلم هو المنوط به تحقيق آمال البشرية وإشباع حاجاتها منذ قديم الأزل حتى قيل أن الحاجة أم الاختراع، كان العلم إذن هو الحامل لمشاعل الأمل لكل آمل في طفل أو طفلة تكون له بهجة في الحياة أو عونا على تحمل آلامها. وقد قطع العلم بالفعل خطوات واسعة في هذا الاتجاه دعونا في هذا المقال نتعرف على هذه الخطوات، ونتعرف قبلا على بعض الأغاليط القديمة والتي ربما لا زالت لها رواسب في ذهن العامة إلى الآن.

أين وصل العلم في مجال التحكم في جنس الجنين ؟

أساطير قديمة حول التحكم في جنس الجنين

اختلفت الأساطير القديمة حول التحكم في جنس الجنين باختلاف الأعراف والثقافات التي تحتضنها منطقة جغرافية ما، وفيما يلي سنورد بعض الثقافات واعتقاداتها حول تحديد جنس الجنين والتحكم به، والتي بكل تأكيد لم تكن هذه المعتقدات تواتيهم بنسبة مئة بالمئة، ولا حتى بنسبة مقاربة، وإنما الناس قد تعودا على أن ينسجوا معتقدا ما، ثم يعتقدون فيه الصواب الأتم، ثم إذا ما لاح عارض لهذا المعتقد تكلفوا لتبريره الكثير من الحيل ليظل المعتقد قائما ثابتا لا يتزعزع، وليكون الباب مواربا له ولغيره من العوارض. وفيما يلي بعض هذه المعتقدات القديمة:

  • الثقافة الإغريقية القديمة: اعتقدت هذه الثقافة أن الأبناء الذكور يُختزنون في الخصية اليمنى للرجل بينما الإناث يختزنون في اليسرى؛ وكانت نتيجة هذا الاعتقاد أن ربط الرجل الإغريقي على خصيته اليسرى أثناء عملية الجماع ليمنع تسرب مني الإناث إلى رحم امرأته.
  • الثقافة الهندية القديمة: ولم يختلف المعتقد الهندي عن نظيره الإغريقي، فقد كان الرجل الهندي يحكم قبضته على خصيته اليسرى لذات السبب.
  • الثقافة الفرنسية القديمة: وكان نفس الاعتقاد الذي استولى على عقل الإغريقي والهندي قد استولى على العقل الفرنسي كما استولى على عقول ثقافات أخرى، لكن الذي ميز الرجل الفرنسي أنه وصل به الحال في بعض الأحيان أنه استأصل خصيته اليسرى ليمنع إنجاب الإناث!
  • ومن بين الاعتقادات التي شاعت حول التحكم في جنس الجنين أن اعتقدت الثقافة اليونانية أن زواج السيدة النحيفة من الرجل البدين يأتي بالإناث، والعكس صحيح. كما اعتقدوا أن أكل الأسماك المملحة والحامضة وأكل اللحوم والمتبلات وأكل خصيتي حيوان كل ذلك من شأنه العمل على إنجاب الذكور. كما اعتقدت بعض الثقافات الأخرى أن الجماع في الأيام الزوجية من الشهر يأتي بالأبناء الذكور، وعلى العكس يأتي الجماع في الأيام الفردية بالأبناء الإناث.
  • ومن المعتقدات التي شاعت أيضا أن الإسراع في القذف أثناء الجماع يأتي بالذكر، وعلى العكس من ذلك فإن الإبطاء في القذف أثناء الجماع يأتي بالأنثى.

طريقة التحكم في جنس الجنين بالجدول الصيني

ومن بين أشهر المعتقدات الشائعة حول إمكانية التحكم في جنس الجنين هو ذلك الجدول الذي تم اكتشافه في إحدى المقابر الملكية الصينية القديمة، وقد استخدمه الصينيون قديما لمعرفة جنس الجنين ذكر أم أنثى. وهذا الجدول يعتمد في عمله على عاملين رئيسين: عمر المرأة بالشهور القمرية، والشهر القمري الذي حدث فيه الحمل. ومن خلال معرفة هذه الشهور بدقة يمكن معرفة نوعية الجنين الذي تحمله المرأة بين أحشائها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما -إذا تحدثنا بلغة فلسفة العلم- انتقل الأمر من طور الوصف إلى طور التحكم، كيف؟ فإذا تم معرفة عمر المرأة بالشهور القمرية في لحظة الحمل وكذا معرفة الشهر القمري الذي حدث فيه الحمل (وهذه عملية وصفية) أمكن من خلال ذلك التنظيم الزمني المتعمد لعملية الحمل (وهذه عملية تحكمية)، أي إذا كان الحمل في هذا الشهر سيأتي بأنثى فبالإمكان تأجيله للشهر المقبل وذلك من خلال التحكم في توقيت الجماع، أي إيقافه هذا الشهر تماما أو الإمعان فيه. وهذا الجدول يمكن العثور عليه على شبكة الإنترنت بسهولة ويسر مع العلم أنه يمثل إحدى المحاولات البشرية لإحكام أمر التحكم في جنس الجنين، ولكن لا أساس علمي له ولا يمكن الاعتماد عليه ولا الوثوق به، وإنما هو محض اعتقاد قديم استأثر على الثقافة الصينية دون غيرها من الثقافات.

الحميات الغذائية كأداة طبيعية للتحكم في جنس الجنين

وإذا انتقلنا من الأساطير والمعتقدات القديمة حول التحكم في جنس الجنين إلى الآليات التي يحث عليها العلم والطب، سنجد أن من بين الأمور التي تعمل على تحديد جنس الجنين بنسبة عالية -هي بعض الحميات الغذائية في حالة الرغبة في مولود ذكر، وبعض الحميات الأخرى في حالة الرغبة في مولود أنثى. فقد أثبتت الأبحاث أن للمرأة دور في عملية اختيار جنس الجنين وليس بخلاف ما يظن بعض المتعلمين من أن الرجل فقط هو من يعول عليه تحديد جنس الجنين. صحيح أن جنس الجنين تحدده الحيوانات المنوية التي ينتجها الرجل، فيكون الحيوان المحمل بالكروموسوم Y حيوان منوي ذكري، والحيوان المحمل بالكروموسوم X حيوان منوي أنثوي. لكن ما يغيب عن البال هو أن للحيوانات المنوية الذكريةY خواص أيونية تنجذب لبيئة معينة تختلف عن الخواص الأيونية للحيوانات المنوية الأنثوية X والتي تنجذب لبيئة مختلفة، وهذه البيئة هي جدار البويضة التي تجذب الحيوان المنوي. إذ أن عند تغذية المرأة ولمدة شهرين بحمية غذائية غنية بعنصري البوتاسيوم والصوديوم وشحيحة بعنصري الكالسيوم والماغنسيوم -فإن تغيرات تحدث في تركيب جدار البويضة يكون لها أثرا كهربيا جاذبا للحيوان المنوي من النوع Y، أي يكون المولود ذكر، وعلى العكس من ذلك عند تغذية المرأة لمدة شهرين على الأقل بحمية غذائية غنية بعنصري الكالسيوم والماغنسيوم وشحيحة بعنصري البوتاسيوم والصوديوم، فإن التغيرات التي تحدث على جدار البويضة من شأنها جذب الحيوان المنوي X، أي يكون المولود أنثى.

التحكم في جنس الجنين عن طريق التلقيح الصناعي

من الأمور المعروفة أن البويضة التي تحملها المرأة محايدة جنينيا، وهي تحمل الكروموسوم X دوما، أما الحيوانات المنوية تحمل أحد احتمالين: إما الكروموسوم X وإما الكروموسوم Y، وتكون نتيجة التلقيح إما XX في حالة كان الجنين أنثى، و XY في حالة كان الجنين ذكرا. وكان من المعتقدات الشائعة -والتي أثبت العلم خطأها- أن الرجل الذي لا ينجب إلا ذكورا لا يملك حيوانات منوية من النوع X، والذي لا ينجب إلا إناثا لا يملك الحيوانات المنوية من النوع Y، لكن العلم أثبت أن كل قذفة منوية بها كلا النوعين من الحيوانات المنوية، وانطلاقا من هذه الحقيقة العلمية المؤكدة كان عمل العلم في سعيه للتحكم في جنس الجنين، وذلك عن طريق دراسة خواص كل من الحيوانات المنوية X والحيوانات المنوية Y ومحاولة فصلهما عن بعضهما واستخلاص نوع من بين السائل المنوي ككل. وفصل الحيوانات المنوية كل نوع عن الآخر يحدث معمليا بآليات مختلفة منها ما هو بالطرد المركزي ومنها ما هو كهربيا، لكن النتيجة أن لدينا النوعين كل نوع على حدا بدلا من اختلاطهما كما هما في الطبيعة، وبتجهيز جسم المرأة عن طريق إعطائها الأدوية التي تنشط المبايض وحساب موعد التبويض بدقة، بعد ذلك يتم حقن الرحم بالحيوانات المنوية المفصولة حسب الجنس المرغوب فيه للجنين.

التحكم في جنس الجنين عن طريق الحقن المجهري

وهذه التقنية أحدث من التقنية السابقة وأكثر دقة في الوصول إلى جنس الجنين المرغوب فيه، إذ تصل نسبة الدقة إلى أكثر من 99%. وتتم هذه التقنية عن طريق سحب البويضات من رحم الأنثى بطرق دقيقة وذلك بعد القيام بعدة إجراءات تحفيزية للمبايض، وفي اليوم الذي يتم فيه جمع البويضات يطلب إلى الزوج تقديم سائله المنوي ليتم إخصاب البويضات المجموعة به. ويمكن مزج الحيوانات المنوية المقدمة من الزوج مع البويضات المقدمة من الزوجة، أو يتم حقن حيوان منوي واحد داخل البويضة الواحدة مباشرة، وفي كلا الحالتين توضع الخلايا الناتجة لمدة من 3 – 5 أيام في حاضنات خاصة، ثم بعد ذلك يتم فحص الأجنة لمعرفة جنس الجنين، ويتم ذلك بتقنيات معينة، ثم بعد تعيين الجنين ذو الجنس المرغوب يتم نقله إلى رحم المرأة من خلال المهبل وعنق الرحم.

ليزا سعيد

باحثة أكاديمية بجامعة القاهرة، تخصص فلسفة، التخصص الدقيق دراسات المرأة والنوع.

أضف تعليق

19 − سبعة عشر =