تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » حياة زوجية » كيف يفكر هؤلاء في الامتناع عن الإنجاب وما هي وجهة نظرهم؟

كيف يفكر هؤلاء في الامتناع عن الإنجاب وما هي وجهة نظرهم؟

يقرر البعض الامتناع عن الإنجاب بمحض إرادتهم دون أي بادرة ندم أو تردد تماما كما ينفق معظم الناس كل أموالهم من أجل إنجاب طفل واحد وقد يؤدي هذا إلى الانفصال في يوم من الأيام، هذا القرار الشاذ ربما له وجهة النظر التي ستؤيده والتي ربما قد تلقى احترامك.

الامتناع عن الإنجاب

قرار الامتناع عن الإنجاب من القرارات المؤثرة في حياة الأشخاص بأكملها فيمكنك استشفاف شخصية من أمامك إن اتخذ هذا القرار دون شك في ذلك ولعل قرار الامتناع عن الإنجاب هو قرار بالغ الصعوبة لأنه يحتاج لمقاومة هذا الشعور القوي والغريزي بالأبوة أو الأمومة فمنذ الصغر يحلم الأطفال بأن يكبروا ويتزوجوا وينجبوا الأطفال الصغار سواء كانوا فتيانا أم فتيات في كل الأحوال هناك غريزة بحب الإنجاب وتمرير شفرتك الجينية على مر العصور حتى بعد موتك ولكن في وسط كل هذا يخرج أشخاص يمتنعون عن الإنجاب ويكون لهم وجهات نظرهم في هذا الصدد فما هي وجهات نظرهم وما مدى منطقية هذه الرؤى؟ عن الامتناع عن الإنجاب ووجهة النظر فيه نتحدث في السطور التالية.

لماذا يفكر البعض في الامتناع عن الإنجاب ؟

الامتناع عن الإنجاب لماذا يفكر البعض في الامتناع عن الإنجاب ؟

من يمتنعون عن الإنجاب بالطبع لديهم وجهات نظرهم والتي ربما تلقى بعض الاحترام ممكن يؤيدون الإنجاب والتناسل فما هي أبرز العناصر التي تكوّن وجهات نظرهم؟

انعدام الأمان في العالم

العالم مكان صعب وغير آمن وعلى صفيح ساخن على الدوام، كل يوم أمراض جديدة وكوارث طبيعية فضلا عن انعدام الأمان المادي كل هذا يحدث ونحن نخاف على أنفسنا فما بالك لو كنا أتينا بأطفال لنشركهم معنا في هذه المفرمة بمعنى أن نعرضهم للعوز والفقر والحاجة ونضعهم في وجه الكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة كما يمكن أن يحدث أي شيء ليجعلهم يولدون متعبين أو لديهم عيوب خلقية أو أمراض مزمنة فضلا عن انقلاب حافلة المدرسة بهم أو القلق الزائد عليهم إن ذهبوا في رحلة إلى المدرسة، وهم عرضة للخطف أو الإصابة لذلك يكون قرار الامتناع عن الإنجاب من أجل كل هذه الهلاوس والوساوس.

ازدياد العنف في العالم

لا ريب أن ازدياد العنف في العالم من أهم دوافع قرار الامتناع عن الإنجاب حيث نتابع بقلوب مفطورة ما نراه كل يوم من قتل وتعذيب وقصف وهجوم، كل يوم نرى أطفال يموتون من الجوع أو يلقون مصرعهم وهم يفرون مع ذويهم من ساحات الاشتباك أو يتفحمون على أثر إلقاء قنابل ولم يعد هناك أماكن تعتبر مأمن من هذه الأمور كل هذه التحالفات تضع العالم بأكمله خصوصًا الشرق الأوسط عرضة للحصار لا سيما مع انتشار الهجمات الإرهابية وعدم تفريقها بين طفل أو ناضج وبين كبير أو صغير، كل يوم نشاهد هذه المناظر فإننا نفكر ألف مرة قبل أن نضع أنفسنا في دائرة الذعر والخوف على الأبناء وعدم تكرار هذا الخطأ فيما بعد.

التخوف من ضربة القدر

لا ريب أن الذين يأخذون قرار الامتناع عن الإنجاب يتخوفون من ضربات القدر، فكم مرة نسمع عن أب توفي ولديه ابن لم يكمل عامه الأول بعد أو ابنة صغيرة كتب عليها أن تعيش اليتم لأن والدتها ماتت وهي تنجبها أو بحمى النفاس بعد ولادتها، إن ضربات القدر موجعة وليس من الطبيعي أن نأتي بأطفال وسط كل هذه العشوائية التي نحيا بها حيث من الممكن أن يأتي مرض لطفل يقضي عليه في غضون أيام فكيف يمكننا دفع هؤلاء الصغار لمعركة لم يختاروها وبهذا يتوجب عليهم أن يظلوا دائما متفهمين لصعوبة الوضع وعدم تفكيرهم في الإنجاب.

التشكك في تأهيلهم لتربية طفل

بعيدا عن كل هذه الأمور السلبية فإن هناك دوافع عقلانية إلى حد كبير تبرر قرار الامتناع عن الإنجاب أبرزها هو تشكك الأشخاص أنفسهم الذين يأخذون هذا القرار بقدرتهم على تربية طفل وعدم تأهلهم لهذه المهمة الصعبة وهي إنشاء إنسان وتنشئته بشكل سوي ونفسية سليمة وتربيته بطريقة صائبة، لعل هذا حقيقة هو أبرز ما يجعل الأمور منطقية إلى حد بعيد ورأيت الكثير من الأشخاص الذين يمنعهم مستقبلهم الوظيفي من التفرغ لتربية طفل أو نمط حياتهم العشوائي الذي من الصعب أن يحيا بداخله طفل يتخذون هذا القرار وفي هذا أؤيدهم تماما لصعوبة التربية وصعوبة التنشئة وصعوبة إيجاد ثوابت أو نظم تربوية يمكن تنشئة الأطفال عليها دون التفرغ الكامل فضلا عن الرعاية الأساسية.

الرؤية السوداوية العدمية للحياة

إن كنت ترى أي معنى للحياة فهناك من يرى أن الحياة غلطة وينظر لها بأكثر النظرات قتامة وسوداوية بحيث لا يراها من خلف نظارة سوداء فحسب بل يرى الحياة غارقة في الضباب والتيه وهؤلاء الأشخاص أنفسهم لو سألتهم لقالوا لك أنهم كانوا يتمنوا لو لم يأتوا للحياة أصلا وأن قرار الامتناع عن الإنجاب اتخذه آباؤهم مبكرا ولم ينجبوهم وبالتالي يصبح النقاش في مسألة إنجابهم لأطفال من عدمه تضييع وقت، فهؤلاء يرون أنه من العبث أن نأتي بطفل إلى هذه الحياة ليعاني وفي النهاية يموت، ويرون أن أي إنجاز هو زائل وأي لحظات سعادة سيعقبها سنوات من الحزن والألم وأي شعور بالاستقرار سيمحوه الاضطراب والعشوائية التي يسير بها الكون لذلك كان الامتناع عن الإنجاب بالنسبة لهؤلاء بديهية.

هل وجهات نظرهم صحيحة؟

بالتفكير في هذه المبررات التي يدفعها من اتخذوا قرار الامتناع عن الإنجاب هل يمكن الحكم على هذه الأفكار بأنها أفكار شاذة أو منحرفة؟ أعتقد أنها تحمل الكثير والكثير من المنطق لكنها متطرفة كثيرا في رؤيتها للحياة، ربما الحياة صعبة فعلا وربما فيها الكثير من المعاناة، ربما الألم الذي نشعر به على الدوام والحزن الذي يعتصر قلوبنا يوما بعد يوم قد يجعلنا لا نعترض بملء الفم على مبررات هؤلاء، ولكن على أي حال تجربة الحياة تجربة رائعة ومسألة الوجود وإدراك الذات نفسها من أهم ما يجعلها تجربة رائعة، لمجرد أنك تشعر وتتحدث وتعبر وتئن بل وتعاني وتحزن، بالتالي من اتخذوا هذا القرار ربما استندوا إلى لا معقولية الوجود ككل لكن على أي حال تظل الرغبة في الإنجاب غريزة لدى كل إنسان ولا يمكن مقاومتها.

من فكر من قبل في الامتناع عن الإنجاب ؟

تتعدد الأمثلة لأشخاص أخذوا هذا المنحى بالفعل وقرروا بشكل فعلي الامتناع عن الإنجاب عبر التاريخ منهم على سبيل المثال جوستاف فلوبير الكاتب الفرنسي الشهير وصاحب رواية “مدام بوفاري” إلى جانب فيلسوف الوجودية “سارتر” الذي كان يرى أن المعاناة هي جوهر وجود الإنسان، أيضًا إميل سيوران فيلسوف العدمية الأول وعلى الجانب المحلي فإن الفنان عبد السلام النابلسي صرح أكثر من مرة في لقاءات تلفزيونية بأنه لن ينجب وأن العالم الحالي لا يجعله يأمن على أطفاله والكاتب أنيس منصور الذي اتفق مع زوجته على عدم الإنجاب أيضًا والفنانة المصرية سلوى خطاب التي رأت أنها غير متفرغة لرعاية وتربية طفل يحتاج إلى الكثير من العناية والاهتمام وبالتالي آثرت عدم الإنجاب.

حكم الامتناع عن الإنجاب

ما هو حكم الامتناع عن الإنجاب في الشرع؟ لا ريب أنه لا يوجد نص قاطع يحرم الامتناع عن الإنجاب فالقرآن يقول “المال والبنون زينة الحياة الدنيا” والرسول (ص) يقول: “تناكحوا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة” غير أن هذه الآيات والأحاديث لا تجعل من الامتناع عن الإنجاب فعلا محرما ولا تلقي بالإثم عن الممتنع عن الإنجاب لكن الأفضل أن يتم مصارحة الطرف الآخر من البداية بعدم الرغبة في الإنجاب حتى لا يفاجأ الزوج بعد الزواج أو الزوجة مثلا بعدم رغبة زوجها في الإنجاب وهي التي تحلم بالأمومة على الدوام، لذلك رغم محبة الأديان والشرائع لاستمرار السلالة البشرية والتناسل إلا أنه ما من إثم أو ذنب شرعي يقع على من اختار الامتناع عن الإنجاب برغبته.

إجبار الزوجة على الحمل

الامتناع عن الإنجاب إجبار الزوجة على الحمل

ما تحدثنا عنه في السطور السابقة عن أهمية المصارحة قبل الزواج ينبغي أن يوضع في الحسبان بعد الزواج فسواء كان قرار الامتناع عن الإنجاب دائما أو مؤقتا لا يحق للزوج إجبار زوجته على الحمل طالما اتفقا قبل الزواج على هذا ولا يمكن قبوله تحت أي بند، ولو كان يريد امرأة تنجب له ابنا في العام الأول لترك هذه لمن لا يريد الإنجاب ولذلك لا يمكن أن يكون إجبار الزوجة على الحمل مع وجود اتفاق مسبق شيئا جيدا وعموما في هذه اللحظات حتى إن لم يكن هناك اتفاق لا يمكن إجبار أي شخص أن يكون له ابن بالتالي إن أردت الإنجاب ولم ترغب زوجتك فعليكما بمنتهى الهدوء والتفاهم أن تنفصلا ويرى كل شخص طريقه مع من يناسبه.

الامتناع عن الإنجاب حق لكل إنسان وعلى كل شخص أن يعي تبعات قراراته وعلى هذا يجب على كل شخص اختار بمحض إرادته الإنجاب أن يسأل نفسه أولا هل هو مؤهل لتربية طفل ولديه الوقت والطاقة والإمكانيات المادية والنفسية لرعايته؟ إن لم يكن قادرا فلا يمكن إحضار الأطفال إلى العالم بدون خطة ثم تكفل الزمن برعايته، وبالتالي فإن قرار الامتناع عن الإنجاب سيكون الأسلم له والأفضل.

محمد رشوان

أضف تعليق

14 + 16 =