تسعة شخصيات

كريستوفر نولان .. فارس هوليود بلا قناع

كريستوفر نولان .. فارس هوليود بلا قناع

من هذا ؟.. هو سؤال ارتبط بـ كريستوفر نولان ،والمراد به من هذا المبدع؟ أو من هذا الغير التقليدي؟، فلنطرحه بمدلول مختلف.. من هذا الرجل وكيف حقق تلك المكانة؟

كريستوفر نولان هو اسم سطع في سماء الفن خلال السنوات الأخيرة، فأغلب الأفلام السينمائية المُنتظرة يشار إليها باسماء أبطالها، لكن كريستوفر نولان كان واحد من القلة التي تمكنت من كسر تلك القاعدة، وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، فأصبحت الأفلام تنسب مجدداً إلى مخرجها ومؤلفها، لا عجب في ذلك وهو الذي قدم فيلم Inception وكتب السيناريو الخاص به، والذي اعتبره النقاد الفيلم الأكثر تعقيداً في التاريخ، وهو صاحب ثلاثية فارس الظلام التي أعاد بها باتمان إلى شاشة السينما، وآخر روائعه الفنية كان فيلم Interstellar الذي أبهر العالم بقصته والتقنية التي تم تنفيذه بها.

كريستوفر نولان .. من هذا ؟

“من كنت قبل ارتداء القناع؟.. لم يهتم أحد بمعرفة إجابة هذا السؤال”.. وردت جملة حاملة لهذا المعنى على لسان باين، وذلك ضمن الجزء الثالث لسلة فارس الظلام لـ كريستوفر نولان ،وذات الجملة يمكن أن تنطبق على نولان نفسه، فلم يهتم أحد بمن يكون قبل أن يصبح المخرج العالمي صاحب الروائع، فترى كيف كانت بداياته؟، وكيف شق طريقه إلى مصاف النجوم؟ وكيف هي حياته بدون الكاميرا وبعيداً عن الأضواء.

الميلاد والأسرة :

يحمل كريستوفر نولان الجنسيتين الإنجليزية والأمريكية، وذلك لأنه وُلد في 30 يوليو لعام 1970م بالعاصمة الإنجليزية لندن، لأب إنجليزي الجنسية هو جوناثان جايمس نولان، الذي لم يكن عمله بمنأى عن المجال الفني، إذ كان موظفاً لدى شركات الدعاية ككاتب سيناريو للمواد الإعلانية، أما أمه وتدعى كريستينا فقد كانت مضيفة طيران ومعلمة أمريكية، وبسبب اختلاف جنسية الوالدين قضى كريستوفر نولان طفولته متنقلاً بين لندن وشيكاغو، ولم تكن جنسيته وحدها هي المزدوجة بل نزعة الانتماء لديه أيضاً، فهو مواطن بريطاني أمريكي مخلص لوطنيه، يعتز بالانتماء لكليهما.

كريستوفر نولان هو الابن الأوسط لوالديه، إذ له أخ يكبره هو ماثيو أما الأصغر هو جوناثان، وقد كانت علاقة كريستوفر نولان على الدوام أقوى بشقيقه الأصغر، إذ جمعهما حب السينما وخاصة سلسلة حرب النجوم، وفي وقت مبكر جداً من عمريهما تمنوا أن يأتي اليوم الذي يتخلون فيه عن المشاهدة، ويصبحان جزءاً من هذا العالم المُبهج أو عالم السينما.

الدراسة وحب السينما :

كريستوفر نولان يرى إن دراسته كانت خير مُحفز لطاقة الخيال لديه، ففي البداية ذهب إلى المدرستين الداخليتين هيليبيري وأمبريال سيرفيس بإنجلترا، وأتم بهما تعليمه الأساسي، وخلال سنوات الدراسة جميعها كان عضواً أساسياً بالفرق والجمعات الفنية المدرسية، واستعان بكاميرا والده المنزلية ليصنع أفلاماً بسيطة، تجاوز عددها الثلاثون فيلماً، وكان أبطالها من الأصدقاء وأحياناً من العرائس والدمي.. في وقت لاحق اتيحت أمام كريستوفر نولان فرصة الالتحاق بأكثر من جامعة، لكنه اختار كلية لندن وذلك لتميز النشاط السينمائي بها، وتخصص خلال هذه الفترة في دراسة الأدب الإنجليزي، كما تقلد منصب رئيس جمعية اتحاد الفيلم الجامعي بكلية لندن، وقام كريستوفر نولان خلال فترة الدراسة الجامعية بتقديم أول فيلمين قصيرين له، وحملا اسمي “Larceny” و”Tarantella”، وحين شارك كريستوفر نولان بمهرجان كامبردج للأفلام القصيرة، وأشاد به المُحكمين والنقاد واعتبروا فيلمه أحد أفضل الأفلام التي قدمت في تاريخ الأفلام الجامعية.

إيما توماس .. تميمة الحظ :

إن كنت تبحث عن تطبيق عملي لمقولة “وراء كل شخص عظيم امرأة أعظم منه”، فإن كريستوفر نولان هو تطبيق مثالي، فلا يمكن بأي شكل ذكر اسم كريستوفر نولان كأحد أبرع مخرجي هوليود، دون ذكر اسم السيدة إيما توماس والتي دورها في حياته يتجاوز الدور التقليدي للزوجة.. كان كريستوفر نولان قد التقى بإيما توماس للمرة الأولى خلال دراسته الجامعية، وفي البداية جمعهما حب الفنون على اختلافها، ثم ربطتهما قصة حب كللت بالزواج، وقد دعمت إيما حبيبها وزوجها كريستوفر نولان منذ أن كان يعمل على الأفلام القصيرة، وحتى صار المخرج الذي يتحدث عنه العالم بأجمعه، إذ كانت المنتج المنفذ لكافة أعماله السينمائية، كما أسست معه شركة سينكوبي للإنتاج السينمائي وتشاركه إدارتها، وللزوجين أربعة ابناء، هم فلورا وروي وأوليفير وماجنوس نولان.

كريستوفر نولان والسينما :

منذ أن بزغ اسم كريستوفر نولان في عالم المحترفين والنجاح حليفه، وجذب الأنظار إليه منذ فيلمه الأول، إذ كان له شخصيته المستقلة وأسلوبه المتميز في تقديم الأفلام، واهتم دوماً بمناقشة القضايا الفلسفية والوجودية من خلال شخصياته، واستطاع ببراعة أن يُحدث توازناً بين توفير عوامل الجذب وعنصر التشويق، وبين الإتيان بأفكار فريدة ومناقشة قضايا عميقة، وكان نتاج ذلك التوازن هو حصوله على تقدير الجمهور وإشادة النقاد، ودليل ذلك هو ما حققته أفلام كريستوفر نولان من إيرادات ضخمة بشباك التذاكر، إذ أن إيرادات أفلامه مجتمعة تجاوز الأربعة مليارات دولار أمريكي، أما بالنسبة للمردود الأدبي فإن أفلامه قد رُشحت لحوالي 26 جائزة أوسكار.

إنجازه الشخصي :

حين يتحدث كريستوفر نولان عن حياته الشخصية، فإن دائماً ما تتقد نظراته بصدق يتجلى في نبرة صوته، وهو يعترف بإن الإنجاز الأكبر الذي حققه في حياته، هو إنه تزوج من شريكة حياته وشريكة مشواره إيما توماس، ولا يتوانى عن التعبير عن ذلك بكل مناسبة أو لقاء تلفزيوني، كما إنه يشعر بكثير من الرضا كونه حقق حلم طفولته، وصار أحد أبرز أعضاء منظومة صناعة السينما العالمية.

إنجازه المهني :

كريستوفر نولان شق طريقه إلى النجومية بسرعة الصاروخ، فبقائمة أعمال إخراجية لا تتضمن سوى تسعة أفلام طويلة، تمكن من وضع اسمه ضمن القائمة القصيرة للمخرجين الأفضل في التاريخ، وهو صاحب أفضل سلسلة أفلام عن الأبطال الخارقين، وهي ثلاثية فارس الظلام أو The dark knight trilogy، ورغم هذا كله لا يزال كريستوفر نولان يتحدث عن أحلامه المستقبلية بحماس هاو شاب، لا يزال بجعبته الكثير ليقدمه.

الجوائز :

كريستوفر نولان خلال مشواره السينمائي الذي يعد قصير نسبياً، إذا ما تم مقارنته بالتاريخ الفني لمن هم في مثل مكانته من مخرجي هوليود، تم ترشيحه كمخرج وكاتب سيناريو للعديد من الجوائز العالمية وقد حصد بعضها بالعفل، وأبرز الترشيحات والجوائز في تاريخ كريستوفر نولان هي كالآتي:

  • رُشح لجائزة الأوسكار كأفضل كاتب سيناريو عن فيلم Memento.
  • الجائزة البريطانية للتميز الفني الصادرة من أكاديمية بريطانيا لفنون الفيلم والتلفزيون عن مجمل أعماله.
  • جائزة مودرن ماستر من مهرجان سانتا باربرا، وهي جائزة رفيعة المستوى توازي أوسمة الشرف.
  • منحت كلية لندن الجامعية الزمالة الفخرية لـ كريستوفر نولان في عام 2006م.

وإجمالاً فقد تم ترشيح كريستوفر نولان لعدد 126 جائزة سينمائية عالمية، وقد حصد منها 119 بالفعل، ومن بين هذه الترشيحات 3 ترشيحات لجائزة الأوسكار، و4 ترشيجات أخرى لجائزة جولدن جلوب، ولكنه لم يفز بأي من الجائزتين حتى يومنا هذا.

كريستوفر نولان .. الآن :

يحيا كريستوفر نولان حالياً بصحبته أسرته الصغيرة بولاية نيو جيرسي بالولايات المتحدة، ويدير شركة سينكوبي للإنتاج الفني التي يملكها هو وزوجته، وحين يتحدث نولان عن حياته فإنه يصفها بالهادئة والمستقرة، كما يُفضل أن يبقى دوماً بعيداً عن الأضواء وكاميرات المصورين، طالما إنه ليس بصدد إنتاج عمل فني في وقت قريب.

كريستوفر نولان لديه العديد من المشروعات الفنية بالفترة المقبلة، فبعض الأخبار تشير إلى إنه قد بدأ عقد جلسات العمل الخاصة بفيلمه القادم، والذي من المُرجح أن يطرح بدور العرض السينمائية خلال عام 2017م، ولكنه يتكتم تفاصيله ولم يعلن عن قصته أو الاسماء المُرشحة لبطولته، أما بصفته منتجاً منفذاً هو وشريكة إيما توماس، فلديهما مشروعهما الضخم وهو فيلم Batman v Superman، والذي من المُقرر عرضه مطلع العام القادم 2016م، وأكد كريستوفر نولان إنه يلتزم بعمله كمنتج منفذ فقط للفيلم، ولا يتدخل في عمل مخرج الفيلم زاك سينايدر بأي شكل، والخلاصة إن الأعمال القليلة القادمة سيزداد خلالها النشاط الفني للمبدع كريستوفر نولان ،سواء كمخرج أو ككاتب سيناريو وكذلك كمنتج من خلال شركة سينكوبي.

سيرة حياة

أضف تعليق