تسعة شخصيات

جاكي شان .. التنين الصيني المرح ملك الإثارة والفكاهة

جاكي شان

جاكي شان هو أحد أبرز نجوم السينما العالمية بصفة عامة ونجوم أفلام الحركة والإثارة على وجه الخصوص، كما يعد أحد أكثر نجوم هذا النوع من الأفلام شعبية حول العالم، اشتهر شان بقدراته البدنية الفائقة والتي تمكنه من أداء أصعب المشاهد وجميع الحركات القتالية بنفسه. جاكي شان يعد أحد أبرز الأيقونات الثقافية والفنية لدولة الصين، كونه من الممثلين الآسيويين القلة اللذين تمكنوا من غزو هوليوود وصنفوا من نجوم الصف الأول بها.

جاكي شان .. من هذا ؟

جاكي شان هو نجم أفلام الحركة الذي يحظى بشعبية طاغية في أرجاء العالم، ولكن هذا النجاح تحقق بعد رحلة طويلة من الكفاح والعناء.. ترى كيف كانت؟ وما الإنجاز الذي حققه خلالها؟

باو باو الصغير :

في أوائل الخمسينات وبعد اندلاع الحرب الأهلية الصينية اضطر الزوجان تشارلز شان ولي لي شان إلى ترك مدينتهما، والانتقال إلى مدينة هونغ كونغ والتي كانت آنذاك واقعة تحت سيطرة الأمبراطورية البريطانية، واستقروا في الجزء الغربي من مدينة المعروف باسم جبل أوستن أو جبل فيكتوريا، وهناك استقبلا ابنهما الأول والوحيد واسموه جاكي شان وكان ذلك في السابع من أبريل عام 1954م.

نشأ شان داخل منزل القنصل الفرنسي في حي فيكتوريا بيك حيث كان والده يعمل طاهياً لديه، وقد كان شان في طفولته مندفع وكثير الحركة حتى أن أسرته لقبته بـ(باو باو) وهي تعني القذيفة المدفعية في اللغة الصينية.

بين الدراسة والرياضة :

ذهب جاكي شان في طفولته إلى مدرسة نا-هوا الابتدائية، ثم تمكن والده من الحصول على وظيفة أفضل حيث تم تعيينه رئيساً للطهاة في السفارة الأمريكية في أستراليا، فقام بنقل طفله جاكي إلى مدرسة أرقى، وهي مدرسة بكين للأوبرا وهي مؤسسة تعليمية تولي اهتماماً كبيراً بتعليم الفنون المختلفة مثل الرسم والتمثيل والموسيقى والرقص، وبرزت موهبة جاكي شان من خلال التدريبات التي تلقاها بتلك المدرسة على يد المعلم يو جم ين الذي كان يعد من أبرز ممثلي السينما الصينية بتلك الفترة، وبعدما أنهى شان دراسته بتلك المدرسة انضم إلى أكاديمية الدراما الصينية لاستكمال دراسته التمثيلية.

شىء واحد كان يعادل شغف جاكي شان بفن التمثيل ألا وهو شغفه بالرياضة وخاصة الرياضة القتالية وألعاب الدفاع عن النفس، وكانت ميوله الفنية والرياضية سبباً في تعثره دراسياً حيث كان يحصل دائماً على تقييمات متدنية نظراً لانشغاله بالتدريب، وبرع في رياضة الهاب كيدو وتمكن من الحصول على الحزام الأسود.

السبعة المحظوظين :

بداية رحلة جاكي شان في عالم الفن كانت من خلال فرقة السبعة المحظوظين، تلك الفرقة التي أسسها الممثل الصيني يو جم ين وكانت تضم سبعة من تلاميذه وكان من بينهم ساموهانج ويون بايو وهما اليوم من قامات السينما الصينية. كانت هذه الفرقة تقدم عروضاً فنية تتضمن تأدية بعض الحركات البهلوانية الخطيرة.

إحياء أفلام بروسلي :

شاهد عروض فرقة السبعة المحظوظين المنتج السينمائي ويلي شان الذي أعجبه أداء جاكي شان التمثيلي والحركي، فعرض عليه تقديم مجموعة من الأفلام هي بمثابة إعادة إحياء للأفلام التي قدمها النجم الصيني بروس لي.

تم تنفيذ المشروع بالفعل إلا أن هذه الأفلام لاقت فشلاً ذريعاً وتمت مهاجمتها من الجماهير، ويرى النقاد أن فشل هذه النوعية من الأفلام ترجع لعدة أسباب، منها شعبية بروس لي وبراعته والتي لم يستطع شان الذي كان المبتدئ آنذاك الارتقاء إليها، بجانب أن الأسلوب القتالي لجاكي شان يختلف عن أسلوب بروس لي مما كان له تأثير سلبي على جودة المشاهد القتالية.

الطريق إلى هوليود :

على الرغم من أن فشل أفلام جاكي شان الأولى كان كفيل بهدم آماله وطموحاته، إلا إن الروح القتالية التي يُعرف به دفعته لعدم الاستسلام وتكرار المحاولة، بل أنه قرر الخروج إلى العالمية ومحاولة طرق أبواب هوليود. انتقل بالفعل إلى الولايات المتحدة الأمريكية باحثاً عن فرصة في مجال التمثيل، وبالفعل تمكن من تقديم مجموعة أدوار صغيرة أمام مشاهير هوليود في ذلك الوقت، لكن تلك الأدوار لم تكن مؤثرة وتم تجاهلها من قبل النقاد كما أنها لم تنجح في جذب أنظار الجمهور، لكن على الرغم من ذلك قرر شان الانتظار وتكرار المحاولة مرة بعد مرة وكان لديه يقين بأنه سينجح في النهاية.

الانطلاقة السينمائية :

صدق حدس جاكي شان وجاءت فرصته الحقيقية في عالم السينما في عام 1978م حين تم اختياره للمشاركة في فيلم أكشن كوميدي بعنوان نصف رغيف كونغ فو وأفاعي في ظل النسر أو Half A Loaf of Kung Fu & Snakes in the Eagle’s shadow.

حقق الفيلم نجاحاً كبيراً عن طرحه في دور العرض السينمائية، وأشاد النقاد بالفيلم ككل وبأداء جاكي شان التمثيلي على وجه الخصوص، مما مهد أمامه الطريق للحصول على دور رئيسي آخر في فيلم بعنوان The Drunken Master وقد حقق هذا الفيلم أيضاً نجاحاً مماثلاً على المستويين الجماهيري والنقدي.

جاكي شان بطلاً مطلقاً :

توالت أعمال جاكي شان ومع كل عمل يقدمه كان يزداد شهرة وتألقاً ويُثبت أقدامه في عالم السينما، وخلال تلك الفترة قدم العديد من الأفلام الصينية الناجحة مثل قلب التنين Heart of the dragon وتنانين للأبد Dragons forever ونجم حظي My lucky star وغيرهم.

رغم ما حققه شان من نجاح على مستوى السينما الصينية لم ينس حلمه في الوصول إلى العالمية، وبداية فترة التسعينيات بدأ يسعى مجدداً إلى العمل في هوليود، وبالفعل تمكن في عام 1998م من الحصول على بطولة فيلم ساعة الذروة Rush Hour بالمشاركة مع النجم الأمريكي كريس تاكر، وحقق الفيلم ناجحاً باهراً على مستوى العالم وحقق أرباحاً كبيرة في شباك التذاكر، مما شجع شان على تكرار التجربة فقدم فيلمه الهوليودي الثاني في عام 2000م بعنوان ظهيرة شنجهاي Shanghai Noon الذي شارك في بطولته إلى جانب أوين ويلسون، وحقق الفيلم نجاحاً مدوياً معلناً ميلاد نجم جديد في سينما الإثارة العالمية.

توالت أعمال جاكي شان الناجحة منذ ذلك الحين وكان من أبرزها الجزئين الثاني والثالث من فيلم Rush Hour، وفيلم حول العالم في 80 يوماً Around the world in 80 days وفتى الكاراتيه The Karate Kid وغيرهم، ويعد شان اليوم من أبرز نجوم السينما العالمية المعاصرين وأكثرهم تحقيقاً للإيرادات في شباك التذاكر.

الأسلوب الفني المتميز :

امتاز واشتهر جاكي شان بتقديمه أفلام الحركة التي تتضمن قدر كبير من الكوميديا، حتى أن النقاد اختلفوا حول تصنيف أفلامه هل هي أفلام إثارة أم أنها أفلام كوميدية في المقام الأول.. برع شان في تقديم هذا النوع من الأفلام، معتمداً في ذلك على لياقته البدنية وقدرته المذهلة على أداء أصعب الحركات القتالية والبهلوانية، وكذلك على خفة الظل والروح المرحة التي يتمتع بها.

برع جاكي شان في هذا النمط الفني حتى أنه أحكم قبضته عليه بالكامل وانفرد به، فهي المساحة الخاصة به التي لم يستطع أي نجم سينمائي آخر الاقتراب منه، وحتى من حاولوا لم يحققوا نفس النجاح حيث كان دائماً تتم مقارنة أفلامهم مع أفلام جاكي شان وكان دائماً ما تأتي أفلامه في المركز الأعلى.

الأنشطة الفنية الأخرى :

اكتسب جاكي شان شهرته العالمية بصفته ممثلاً لأفلام الحركة أو أفلام الكونغ فو على وجه التحديد، إلا أن الأنشطة الفنية التي يمارسها شان لا تقتصر على التمثيل وحده، فهو يمتلك شركة إنتاج فني تشارك في تمويل أغلب الأفلام التي يشارك بها، بالإضافة إلى أنه من هواة موسيقى البوب وقد تلقى تدريباً على الغناء في الأوبرا، وقام بإصدار عدد من الألبومات الغنائية بجانب قيامه بأداء أغاني شارات المقدمة في بعض أفلامه، علاوة على توليه مهمة إخرج بعض الأعمال.

حياته الخاصة :

جمعت جاكي شان علاقة عاطفية بالممثلة الصينية جوان لين، والتي التقى بها خلال مشاركتهما في أحد أفلام الكونغ فو الصينية، وفي عام 1981م انتقلت جوان بصحبة جاكي إلى مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، وهناك أقاما حفل الزفاف وأعلنا زواجهما، وبعد عام واحد رُزقها بابنهما الأول والوحيد جيسي تشان.

تقاعدت جوان بعد الزواج وأعلنت اعتزالها العمل في مجال الفن بصفة نهائية، أما ابنهما جيسي تشان فقد نشأ محباً للفن وسار على درب الأبوين واحترف التمثيل والغناء.

ألعاب الفيديو :

استغل صناع ألعاب الفيديو الشعبية الطاغية التي يتمتع بها جاكي شان بين الأطفال والمراهقين، فقاموا بتقديم شخصيته الحقيقية في عدد من ألعاب الفيديو، وقد رحب شان بهذه الفكرة حتى أنه شارك بالأداء الصوتي لتلك الألعاب، والتي من أشهرها:

  • لعبة جاكي شان لأجهزة NES
  • لعبة Jackie Chan Stuntmaster لأجهزة بلاي ستيشن
  • لعبة مغامرات جاكي شان Jackie Chan Adventures لأجهزة بلاي ستيشن 2

التأثير والإنجاز :

جاكي شان هو مثل أعلى في المثابرة والكفاح والتمسك بالحلم، هو شخص تعثر عدة مرات ورغم ذلك لم يتوقف عن تكرار المحاولة إلى أن تربع على عرش سينما الكونغ فو، أما على الجانب الفني فقد تمكن شان من تقديم أفلاماً مميزة تجمع ما بين التشويق والكوميديا

الجوائز والتكريمات :

تم ترشيح جاكي شان لحوالي 35 جائزة سينمائية على مدار سنوات نشاطه الفني، وقد تمكن من حصد 28 جائزة منهم بالفعل، ومن أبرز الجوائز التي نالها ما يلي:

  • جائزة أفضل ممثل من مهرجان الحصان الذهبي للأفلام عام 1992م عن فيلم Police story 3
  • جائزة أفضل ممثل من مهرجان الحصان الذهبي للأفلام عام 1993م عن فيلم Crime Story
  • حصل على لقب ممثل العام من مهرجان هوليوود السينمائي 1999م
  • جائزة MTV لأفضل ثنائي عام 2002م بالمشاركة مع كريس تاكر عن فيلم Rush Hour 2
  • جائزة MTV لأفضل مشهد قتالي عام 2002م بالمشاركة مع كريس تاكر عن فيلم Rush Hour 2
  • جائزة فينيكس للتميز الفني عام 2005م
  • تم تكريمه في عام 2002م بوضع نجمة باسمه في ممشى المشاهير في هوليود

جائزة الأوسكار الشرفية :

 تعد جائزة الأوسكار هي الجائزة الأبرز في عالم السينما العالمية، ويحلم صُناع السينما حول العالم بالحصول عليها، إلا أن جاكي شان كان يعلم إنه بعيد جداً عن الفوز بتلك الجائزة، حيث جرى العرف على ألا تُمنح هذه الجائزة لنوعية الأفلام التي اشتهر بتقديمها وهي أفلام الحركة الكوميدية.

إلا في عام 2016م أعلنت أكاديمية الفنون المانحة لجوائز الأوسكار عن منحها جائزة أوسكار شرفية لـ جاكي شان عن مُجمل أعماله، تكريماً له على الإسهامات التي قدمها في مجال الفن سواء بصفته ممثلاً أو منتجاً، وقد أعرب شان صاحب الـ 62 عاماً عن سعادته بتلك الجائزة وقال أنها أشعرته بأن عمله لم يذهب هباءً، وقد سادت وسائل التواصل الاجتماعي حالة من البهجة بعد إعلان الخبر، حيث أن الملايين حول العالم يروا أن شان يستحق هذا التكريم عن جدارة بعد ما قدمه من أعمال سينمائية ناجحة وممتعة.

محمود حسين

محمود حسين، مدون وقاص مصري، خريج كلية الآداب جامعة الإسكندرية، الكتابة بالنسبة لي ليست مهنة، وأري أن وصفها المهنة امتهان لحقها وقدرها، فالكتابة هي المتعة، وهي السبيل لجعل هذا العالم مكان أفضل

أضف تعليق