تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الإصابات والحوادث » تحدي الإعاقة : كيف تتعايش بأفضل الطرق مع كونك معاقًا ؟

تحدي الإعاقة : كيف تتعايش بأفضل الطرق مع كونك معاقًا ؟

الإعاقة ليست نقصًا يعيب الشخص، وإنما هي اختبار لقوة الإرادة ومدى مقدرة الشخص على التعامل مع ظروفه، هنا نقدم مجموعة من نصائح تحدي الإعاقة والتعامل معها.

تحدي الإعاقة

إن تحدي الإعاقة أو التغلب عليها أو التعايش معها من الإستراتيجيات التي يجب أن تدرس لذوي الإعاقة؛ حتى يمكنهم التعايش في هذه الحياة والتغلب على المعوقات أو الصعاب التي يمكن أن تواجههم خلال رحلة حياتهم، وحتى لا يمثل كل فرد منهم عبئا على أسرته أو مجتمعه، بل من خلال هذا المنهج وتلك الإستراتيجيات يتمكن المعاق من قضاء حوائجه بنفسه والاعتماد على ذاته في أغلب أموره الشخصية والحياتية، أو على الأقل يتمكن المعاق من التعايش والتأقلم مع إعاقته والرضا عن ذاته وتقبلها، وقد ضرب بعض المعاقين -الذين حفل بهم تاريخ العالم قديما وحديثا- أروع الأمثلة في تحدي إعاقتهم والتغلب عليها بل التفوق على أقرانهم من الأصحاء أو غير المعاقين، لذلك يتحدث هذا المقال عن تعريف الإعاقة وأنواعها وأسبابها، وكيفية تحدي الإعاقة والتغلب عليها.

نصائح قيمة في مجال تحدي الإعاقة

تعريف الإعاقة

تعرف الإعاقة بأنها ظاهرة معقدة تجعل الفرد (الشخص المعاق) عاجزا عن أداء وظيفة أو أكثر من وظائفه اليومية والحياتية، وتجعله في حاجة دائمة لمساعدة الآخرين لعجزه عن الاكتفاء الذاتي، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى تعريف الإعاقة بتعريف قريب من ذلك المعنى حيث رأت أن الإعاقة هي العجز والتقيد عن النشاط والحركة أو المشاركة في أنشطة الحياة المختلفة.

تعريف المعاق

ويعرف الشخص المعاق بأنه مَن يعاني من قصور بدني أو ذهني (كلي أو جزئي) مما يجعله مختلفا في صفاته وقدراته عن المستوى الشائع لباقي أفراد المجتمع، وقد يكون هذا القصور متمثلا في شلل أو بتر لأحد الأطراف أو فقدان البصر أو حالة من التأخر العقلي أو الصمم وغير ذلك من الإعاقات الأخرى التي تحتاج إلى توفير احتياجات ومتطلبات خاصة تتوافق مع قدراته المحدودة ليتمكن من تحدي الإعاقة والتغلب عليها والتعايش معها.

أنواع الإعاقة

يصنف العلماء الإعاقة حسب نوع الخلل الذي تسببه للشخص إلى عدة أنواع أهمها ما يلي:

  • الإعاقة الحركية: وهي تكون بسبب عجز الأعصاب أو العضلات أو العظام والمفاصل عن القيام بدورها مما يفقد الجسم القدرة على الحركة، ومن أمثلتها بتر أحد الأطراف أو إصابات العمود الفقري أو ضمور وارتخاء العضلات وغير ذلك.
  • الإعاقة الحسية: وهي تكون بسبب إصابة الأعصاب الخاصة بإحدى الحواس مما يفقد الشخص القدرة على الإدراك أو الإحساس بها، ومن أمثلة ذلك فقدان البصر أو السمع أو النطق، ومن هنا فإن تحدي الإعاقة لدى هذا النوع من المعاقين منتشر جدا وأمثلته متعددة.
  • الإعاقة العقلية: وهي تنتج عن إصابة الشخص ببعض الأمراض العقلية أو النفسية سواء كانت وراثية أو بسبب شلل في أعصاب الدماغ ونقص الأكسجين أو بسبب خلل بعض الجينات المسئولة عن صحة العقل والإدراك؛ وينتج عنها عجز العقل عن القيام بوظائفه كاملة.
  • الإعاقة الذهنية: وتكون بسبب وجود خلل في الوظائف الدماغية كالتذكر أو الاتصال مع الآخرين أو الحساب وغير ذلك؛ وبالتالي يعاني هذا المصاب من صعوبة في التعلم بالإضافة إلى التصرفات الشاذة والسلوك العام غير السوي.
  • الإعاقة المركبة: ويقصد بها اجتماع أكثر من إعاقة لدى الفرد الواحد، كأن يعاني الشخص من إعاقة ذهنية وحركية مثلا أو إعاقة حسية وعقلية وغير ذلك؛ مما يجعل تحدي الإعاقة صعبا جدا لدى هذا النوع من المعاقين.

أسباب الإعاقة

إن إصابة الفرد بأحد أنواع الإعاقة السابقة يحد من قدرته على القيام بوظائفه اليومية المعتادة بالمقارنة بأقرانه من باقي أفراد المجتمع، وتتعد أسباب حدوث الإعاقة وانتشارها كما يحدد العلماء والباحثون، ومن أهم أسبابها ثلاثة أسباب نلخصها فيما يلي:

  • أسباب متعلقة ببيئة الولادة: قبل مساعدة المعاقين على تحدي الإعاقة والتغلب عليها يجب التعرف على أسباب تلك الإعاقة ودراستها جيدا، وقد تكون تلك الأسباب مرتبطة بالمكونات الجينية أو نقص الهرمونات أو إصابة الأم الحامل ببعض الأمراض مما يؤثر على صحة الجنين وإصابته ببعض العيوب الخَلقية وغير ذلك، وأحيانا تحدث الإعاقة أثناء الولادة بسبب تعرض الجنين لنقص الأكسجين أو إصابته ببعض الكدمات أو الاختناق إثر الولادة بأسلوب غير سليم أو تعرضه للتلوث وغير ذلك مما يصيب الأطفال ببعض الأمراض العقلية والجسمية, وأيضا فترة حضانة الطفل بعد الولادة لها أهمية كبيرة فإذا تعرض الطفل للوقوع على رأسه أو ارتفعت درجة حرارته أو تناولت الأم بعض أنواع الأدوية والخمور فكل ذلك يصيب الطفل بالتخلف العقلي وبعض التشوهات.
  • أسباب اجتماعية: إن التدرب على تحدي الإعاقة منذ الصغر والتعايش معها أفضل بكثير من الانتظار إلى مرحلة الكبر أو الشباب، فالأسرة ومن بعدها المدرسة هما البيئتان المسئولتان عن تنمية قدرات الأفراد وزيادة فرص تفاعلهم مع المجتمع، وأحيانا تكون الأسرة من عوامل الضعف وتفاقم حالة الإعاقة عند الشخص، فمثلا الزواج المبكر أو الإنجاب في سن متأخرة يؤدي بصورة كبيرة إلى إصابة الأطفال بأحد أشكال الإعاقة، وكذلك انتشار الأمية -لدى النساء خاصة- يؤدي إلى إهمال الأطفال وزيادة فرص تخلفهم العقلي خاصة عند إهمال حالتهم الصحية وجهل الوالدين بطرق التعامل معها.
  • أسباب وراثية: تعتبر الأسباب الوراثية من أخطر أسباب الإعاقة وإن كانت أقلها انتشارا، وتظهر الإعاقة لدى الأطفال في هذا النوع بسبب انتقال الجينات الوراثية -كقصور الغدة الدرقية- من الآباء للأبناء مما يصيب الطفل بإعاقة عقلية أو جسدية، وتنتشر الأسباب الوراثية بصورة واضحة في البيئات التي ينتشر فيها زواج الأقارب بصورة كبيرة.

كيف يمكنك تحدي الإعاقة والتغلب عليها؟

تشير التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي إلى أن عدد المعاقين في العالم وصل إلى أكثر من 900 مليون شخص بما يمثل حوالي 15% من عدد سكان العالم، وهذه نسبة كبيرة جدا، وإذا تعطلت هذه النسبة عن العمل وأصبحت عبئا على مجتمعها فمن المؤكد أن العالم سيخسر كثيرا من الطاقات المعطلة، أما إذا تم تأهيل المعاقين وإعدادهم ذهنيا وجسديا وتدريبهم على سبل تحدي الإعاقة والتغلب عليها وعدم الاستسلام لها فسيصبحون ثروة قومية هائلة وأداة مؤثرة في رقي المجتمع وازدهاره، وفيما يلي أهم الطرق التي تساعد المعاق على تحدي إعاقته والتغلب عليها:

  • الرضا والاقتناع بالذات: بداية وقبل كل شيء لابد أن يدرك المعاق طبيعة إعاقته مع فهم ظروفه الشخصية ليرضى بواقعه ويقتنع بحالته وظروفه قبل أي شيء؛ لأن قناعته الشخصية بظروفه ستيسر له سبل التعايش معها، بل ستجعله ينخرط في المجتمع دون الانعزال عن الناس؛ فالعزلة أشد على نفسه من إعاقته، كما أنه يجب أن يتقبل نظرات الناس دون الشعور بالخزي أو الخجل من نفسه؛ فالإعاقة التي يعيشها ليست من صنع نفسه بل هي حالة مفروضة عليه يجب أن يرضى بها ويتعايش معها.
  • توفير التدريب اللازم: يجب على الوالدين إلحاق المعاقين من الأطفال بمراكز تأهيل مناسبة لنوع الإعاقة لدى كلٍّ منهم؛ حيث يتم رفع المستوى السلوكي لديهم ليمكنهم تحدي الإعاقة واكتساب المهارات اللازمة لمشاركتهم في سوق العمل.
  • دور وسائل الإعلام: يجب على وسائل الإعلام توفير الدعاية المناسبة للاعتراف بحقوق المعاقين، كما يجب إلقاء الضوء على النواحي الإيجابية لديهم والقدرات المميزة لدى الكثير من المعاقين.
  • المساواة في الحقوق: يجب أن يحصل المعاقون على حقوقهم كاملة مع إزالة المعوقات والعقبات التي قد تواجه بعضهم أثناء قضاء حاجاته أو الاختلاط بالآخرين، ومن أهم حقوقه توفير المرافق الخدمية الخاصة بهم كالمدارس والمتنزهات وخدمات الطوارئ ووسائل إيضاح معينة ومترجمين للإشارات الخاصة بهم وغير ذلك من الحقوق التي تمكنهم من تحدي الإعاقة والعيش جنبا إلى جنب مع باقي أفراد الشعب.
  • توفير الحماية اللازمة: يجب توفير جميع سبل الحماية اللازمة للمعاقين؛ حتى لا يتعرض أحدهم للقسوة أو الاستغلال أو أحد وسائل الاعتداء البدني أو النفسي سواء في المنزل أو خارج المنزل، كما يجب أن يتعلم المعاق بعض السبل والإجراءات التي تجنبه التعرض للاستغلال أو العنف أو الوقوع فريسة لإجراء بعض التجارب الطبية والجراحية وغير ذلك من أشكال الاستغلال.
  • احترام الحياة الخاصة للمعاقين: يجب أن يكون للمعاق حقه في حياة خاصة وتكوين أسرة وعائلة ينعم بالاستقرار في ظلها، وعلى جميع أفراد المجتمع احترام حياته وخصوصياته وشرفه وحقوقه العائلية دون أي تدخل من قريب أو بعيد؛ وبالتالي يشعر بوجوده الحقيقي الذي يمكنه من تحدي الإعاقة والتغلب عليها.
  • الحق في التعليم: تشير الدراسات إلى أن حوالي 40% فقط من المعاقين يحصلون على حقوقهم في التعليم، وبالمقارنة بالأصحاء فإن أكثر من 95% يحصلون على حقوقهم في التعليم؛ لذلك تنادي المنظمات الحقوقية بوجوب حصول المعاقين على حقهم في التعليم المجاني بجميع مراحله، بالإضافة إلى توفير سبل ووسائل التعليم المناسبة للمعاقين كطريقة برايل أو طرق القراءة للصم وغير ذلك؛ مما يساعدهم في تنمية الشخصية وتطوير المواهب واستغلالها مع إخراج الطاقات الكامنة لدى كلٍّ منهم؛ ليكون عضوا فاعلا في مجتمعه قادرا على تحدي الإعاقة والمساهمة في تطوير ذاته وأمته.
  • الخدمة الصحية المميزة: يجب أن يحظى المعاقون بخدمة صحية متميزة من خلال إجراء الكشف الدوري عليهم مجانا، مع وجوب تقديم الدعم التوعوي اللازم والأدوية المناسبة؛ لتتم متابعة حالته الصحية أولا بأول وحتى لا تتفاقم حالته الصحية، كما يجب أيضا توفير الأجهزة الطبية المساعدة مع تدريبهم على طريقة استخدامها.
  • توفير فرص العمل المناسبة: ذكرت إحدى الإحصائيات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن حوالي 44% فقط من المعاقين يحصلون على فرص عمل، أما بالنسبة للأصحاء فإن حوالي 75% يمكنهم الحصول على فرص عمل مناسبة، وبالتالي فإن المسئولية تقع على عاتق الحكومات في توفير فرص عمل مناسبة للمعاقين وإلحاقهم بالأعمال التي تناسب قدراتهم؛ حيث يساعدهم العمل على الاندماج في المجتمع وكسب الرزق الذي يمكنه من تحدي الإعاقة والعيش بكرامة دون أن يكون عبئاً أو عالة على أسرته ومجتمعه، بل يجب أن يختار المعاق العمل المناسب له دون إجباره على عمل معين، ويجب أيضا أن يحصل على كافة حقوقه النقابية سواء بالترشح في الانتخابات أو المشاركة فيها والإدلاء بالصوت، بالإضافة إلى حصوله على التدريبات المهنية المطلوبة وبرامج التأهيل اللازمة لإكسابه الخبرات المؤهلة لسوق العمل.

يتأثر المعاقون في المناطق العشوائية والفقيرة والنساء وكبار السن بصورة أكبر من غيرهم، ويتعرضون للظلم والحرمان من كثير من الحقوق بالإضافة إلى مواجهة عدد من المعوقات كالإهمال في التعليم والصحة والمواصلات، وعدم الحصول على الحق في التوظيف مع النظرة السلبية من البيئة المحيطة، وفقدان الثقة في النفس وغير ذلك؛ لذلك يقع على الدولة العبء الأكبر في رعاية هؤلاء المعاقين والعمل على بعث الطاقات الكامنة بداخلهم ومساعدتهم على تحدي الإعاقة والتغلب عليها بشتى السبل، ولوسائل الإعلام دور كبير في إظهار الجوانب المشرقة ونماذج من المعاقين المبدعين الذين نجحوا في تحدي الإعاقة والوصول بذواتهم إلى مراتب عالية في المجتمع ومن أشهرهم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، والرحالة البرتغالي ماجلان، وأبو العلاء المعري الشاعر المعروف، وهيلين كلير أعجوبة المعاقين، ويمكنك البحث عن كل واحد منهم والقراءة عن تاريخه بالإضافة إلى كثير آخرين لم يتسع المجال لذكرهم، وقد تناول المقال تعريف الإعاقة وأنواعها وأسبابها وكيفية تحديها والتغلب عليها.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

تسعة − 5 =