تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » كيف تغير نظام الحكم في روما وكيف أثرت على العالم؟

كيف تغير نظام الحكم في روما وكيف أثرت على العالم؟

دوما ما توجد بعالمنا دول تمثل قوى عظمى تتحكم في توازن العالم وتؤثر على باقي العالم، وتعد روما القديمة إحدى أهم القوى في التاريخ والأكثر تأثيرا، حتى إن القرون الوسطى تبدأ بسقوط روما، وسنتحدث اليوم عن تغيرات نظام الحكم في روما .

نظام الحكم في روما

تأثير روما في التاريخ والذي يمتد ربما حتى الآن وتخلده الأشعار القديمة والمخطوطات والآثار والأبنية لا يمكن إنكاره أو التقليل منه، فقد كانت روما في فترة من الفترات أكبر قوة على وجه الأرض، وكان صراعها مع بلاد الفرس واليونانيين أهم ناحت لظروف العالم في ذلك الوقت من جميع النواحي، حيث كان هذا الصراع يغير ملامح العالم بشكل دائم سياسيا واقتصاديا وثقافيا ودينيا أيضا، وقد تغير نظام الحكم في روما عدة مرات، بين المملكة والجمهورية والإمبراطورية، وفي كل مرة كان وراء التغيير قصة، قصص خلدتها الأعمال الأدبية واستُلهِمَت منها أعمال أدبية عديدة مثل مسرحية يوليوس قيصر لشكسبير.

روما القديمة

نظام الحكم في روما روما القديمة

تبدأ الحضارة الرومانية من القرن الثامن قبل الميلاد وتنتهي بسقوط روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي، وبدأت بتجمعات في شبه الجزيرة الإيطالية والتي تطورت وتحولت إلى مدينة روما، وحسب الأساطير فإن روما بنيت بواسطة التوأم روميلوس وريموس أحفاد الملك الطروادي نوميتور والذي تخلص منه أخوه أموليوس، بينما حبلت ابنته بالتوأم من إله الحرب آرس، وكان أموليوس يخشى أن يأخذا منه العرش فحاول إغراقهما لكن أنثى ذئب أنقذتهما من الغرق وقامت بتربيتهما حتى بلغا أشدهما وعادا إلى العرش.

وعندما كان الأخوان يتناقشان حول مكان بناء مدينتهما الجديدة، وبعض القصص تقول إن النقاش كان حول من سيحكم المدينة، قتل روميلوس ريموس، وليزيد من تعداد سكان المدينة كان يستقبل المطرودين والمنبوذين من المدن الأخرى، لكن ذلك أدى لزيادة عدد الذكور وعدم وجود إناث، فكان روميلوس يزور المدن المجاورة لتنظيم زيجات لكن المنبوذين لم يقبل بهم أحد، لذلك قاموا بدعوة قبيلة أخرى لاحتفال وقاموا باختطاف النساء واتخذوهن زوجات.

نظام الحكم في روما القديمة

قامت المملكة الرومانية في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، حيث استطاعت إحدى الطبقات تكوين نظام طبقي أرستقراطي استطاعوا به التحكم في الطبقات الدنيا مما أدى لنشأة المملكة، وفي أواخر القرن السادس فقدت تلك الطبقة قوتها وتحكمها في الطبقات الدنيا وأقامت القبائل الموجودة نظاما ديمقراطيا جمهوريا حددت فيه سلطات الملك بعض الشيء.

الجمهورية الرومانية

نشأت الجمهورية في سنة 509 قبل الميلاد عندما تخلص لوشيوس جونيوس بروتوس من آخر الملوك تاركوين الفخور، وتأسس نظام حكم يقوم على اختيار رؤساء سنويا وتعيين عدد من المستشارين، وكان بالنظام طرق تأكد من عدم الانفراد بالسلطة وتقسيم للسلطات بين الرؤساء، وكانوا يسمون القناصل، وهم مسئولون عن قيادة الجيش، وكانوا يحكمون إلى جانب مجلس الشيوخ الذي بدأ كمجلس استشاري يضم نبلاء القوم ثم زادت سلطته وأهميته بعد ذلك.

وفي تلك الفترة توسعت الدولة وهزمت الكثير من الأعداء وأمنت الأخطار التي كانت محيطة بها في شبه الجزيرة الإيطالية، وفي القرن الثالث قبل الميلاد واجهت روما خطر قرطاجة، المملكة الفينيقية القائمة في تونس حاليا، وقامت الحروب البونية بينهما وانتصرت فيها روما رغم قوة قرطاجة، وخاصة في الحرب البونية الثانية حيث كاد القائد القرطاجي حنبعل أن يدخل روما وينهي نظام الحكم في روما لكن انتصرت روما في النهاية.

وفي فترة الجمهورية المتأخرة توسعت روما أكثر وهزمت إمبراطوريات وممالك أخرى مثل المقدونيين والهلنستيين، وأدت زيادة ثروات الجمهورية إلى زيادة ثروة مجلس الشيوخ وزادت الصراعات الداخلية، كما أدى الاعتماد على العبيد الأجانب إلى نقص فرص العمل، وزادت الانقسامات والصراعات السياسية بين القناصل وأعضاء مجلس الشيوخ والنبلاء، ودام هذا الحال حتى قام يوليوس قيصر بالتحالف مع كراسيوس وبومباي وكلاهما قائد قوي وعظيم الشأن في روما، وحكم ثلاثتهم البلاد بتناغم حتى مات كراسيوس في الحرب فقام الصراع بين بومباي وقيصر والذي انتهى بفوز قيصر، ولأن قيصر كان منحازا للشعب بالإضافة لانتصاراته التي يحققها لروما فزادت شعبيته ونال حب الجماهير حتى كان يعتبر ملك روما المطلق، حتى تآمر عليه مجموعة من النبلاء وقتلوه في منتصف مارس في عام 44 قبل الميلاد.

الإمبراطورية الرومانية

وبينما كانت المؤامرة تهدف للقضاء على سيطرة قيصر وحكمه المطلق وإعادة نظام الحكم في روما إلى الحكم الجمهوري إلا أن أوكتافيوس وأنطونيوس وليبيدوس انتقموا لقيصر منهم ونالوا الحكم المطلق واقتسموا أراضي الإمبراطورية بينهم حتى خان ليبيدوس أوكتافيوس وأجبروه على التقاعد ثم قامت الحرب بين أنطونيوس وأوكتافيوس بسبب علاقة أنطونيوس بكليوباترا ملكة مصر البطلمية وانتصر أوكتافيوس وأصبح إمبراطورا بالفعل، وبدأت فترة الإمبراطورية الرومانية رسميا، واستمرت روما قوة عظمى في العالم حتى تدهور الحال في القرن الثالث حيث انهار النظام السياسي ثم انقسمت الإمبراطورية لقسم شرقي وغربي، سقط الغربي في سنة 408 ميلادية، أما الجزء الشرقي، والمعروف بالإمبراطورية البيزنطية، استمر وظل قائمة حتى حوالي ألف سنة أخرى حتى سقطت مدينة القسطنطينية العاصمة على يد السلطان العثماني محمد الفاتح.

مظاهر الحضارة الرومانية

نظام الحكم في روما مظاهر الحضارة الرومانية

كانت مدينة روما القديمة مزينة بعدد كبير من التماثيل والأبنية الضخمة مثل الكولوسيوم. كانت المسارح متوافرة والجيمنزيومات والأسواق والحمامات والمكتبات، وتوفرت نافورات كثيرة ترش ماء عذب صالح للشرب يصلها الماء من قنوات طولها أميال، وتنوعت المنازل من المنازل الصغيرة إلى البيوت الفخمة.

كانت اللغة الرسمية للرومان هي اللغة اللاتينية، والتي تعتمد على إضافة مقاطع لجذور الكلمات لتكوين كلمات أخرى، وأصل حروف اللاتينية هي اللغة اليونانية، وكان هناك اختلاف بين اللاتينية الأصيلة والرسمية واللاتينية العامية، حتى إنه في القرن السابع زاد هذا الاختلاف لدرجة دراسة اللاتينية الأصلية كلغة ثانية. وبينما كان الجميع يتحدث اللاتينية، كانت صفوة المجتمع المتعلمة تتحدث أيضا اليونانية، حيث كانت تستخدم في الدراسة، واستبدلت الإمبراطورية البيزنطية لغتها الرسمية اللاتينية باليونانية.

وكان الدين في روما عبارة عن روايات تحكى شفهيا ولم يكن مكتوبا، وكان الرومان يؤمنون بوجود روح الإله في كل شيء، ومع الاتصال باليونانيين تأثر الرومان وتأثرت ديانتهم حتى صارت الآلهة الرومانية تتشابه مع الآلهة اليونانية في صفاتها ووظائفها، ومع كل بلد تستعمره روما كانت تتأثر بديانته، فتجد معبد لإله روماني إلى جانب معبد لإله أجنبي. وبينما كانت نظرة الرومان نحو المسيحية في البداية سلبية، وكان كونك مسيحيا يكفي لعقابك بالموت، ووصل الاضطهاد قمته في عهد دقلديانوس، إلا أن المسيحية أصبحت الدين الرسمي للدولة في عام 313 تحت حكم قسطنطين.

بجانب نظام الحكم في روما كان الرسم والأدب الروماني متأثرين بشدة بالرسم والأدب اليوناني، وكان الرومان يستخدمون الموسيقى في كل جوانب الحياة تقريبا، كانت الآلات الموسيقية تستخدم لإعطاء الأوامر في الحروب، وكانت الموسيقى شيء أساسي في مراسم الاحتفالات والطقوس الدينية أيضا.

وبينما كان الرومان في البداية تتشابه أنواع طعامهم، لكن ما لبث انقسام المجتمع إلى طبقات وتباعدها يعمل على اختلاف أنواع الطعام وطرق الطهي، وكذلك تغيرت عادات الرومان الغذائية تبعا للحالة السياسية، ففي فترة الإمبراطورية والتوسع الكبير تعرف الرومان على أطعمة وطرق طهي لم يكونوا يعلمونها من قبل، مما كان له أثر بالغ عليهم.

وكان للرومان قيم أخلاقية يقدسونها، مثل الشجاعة والعدل والغفران والإحساس بالمسئولية والاعتدال والوفاء، وكانت المرأة لابد لها من الحفاظ على التواضع والمظهر غير المثير عند الخروج من المنزل وإبداء الطاعة والوفاء لأزواجهن وكن يرتدين نوعا من الحجاب، وفي نطاق الأسرة كان الأب هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في أي شيء، ويحق له التصرف وأمر أبنائه وزوجته كما يشاء، حتى إن الرجل لا يعد حر نفسه وأبوه على قيد الحياة، والبنت عند زواجها كانت تخضع لأمر أبي زوجها.

وإذا تحدثنا عن التكنولوجيا في الحضارة الرومانية فأبرز ما يظهر أمامنا هو العمارة الرومانية العظيمة، حيث كان الرومان شديدي البراعة في بناء المباني الضخمة والمسارح والحمامات وقنوات المياه والطرق، مما خدم روما اقتصاديا حيث صارت بطرقها الممتازة مركز تجارة لا ينافس وسهلت تلك الطرق حركة الجيوش فزادت من قوة الإمبراطورية.

إن الحديث عن الإمبراطورية الرومانية و نظام الحكم في روما يطول، والمكتبات تعج بالكتب التي تتحدث عن تاريخ روما، روما كانت فصلا مهما في تاريخ الأديان بموقفها مع المسيحية، وفصلا مهما في ثقافة وتاريخ كل بلد أقامت بها مستعمرة، وربما هي من أبرز الحضارات في التاريخ والتي لابد لأي قارئ في التاريخ أن يتعلم عنها ويعرف تاريخها وإلا يفقد جزءا كبيرا من لوحة تاريخ البشرية يصعب عليه لغيابه فهمها.

الكاتب: أسامة سعد

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

خمسة عشر − 1 =