تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » زراعة الرأس : عملية مرتقبة مجنونة لزراعة رأس كاملة في جسد آخر!

زراعة الرأس : عملية مرتقبة مجنونة لزراعة رأس كاملة في جسد آخر!

يجلس العالم كله مترقبًا ينتظر أن يرى في ديسمبر القادم إن كانت ستصدق النبوءة وتتحقق المعجزة، هل من الممكن أن يتفوق الطب على نفسه في زراعة الرأس لإنسانٍ كامل؟

زراعة الرأس

إن كنت مهتمًا اهتمامًا بسيطًا بجانب الصحة والطب وتطورهما فمن المؤكد أنك سمعت خبر زراعة الرأس الذي استطاع زلزلة أساسات الطب وإثارة عجب ودهشة من لم يستطع أي شيءٍ أن يطرف لهم جفنًا من قبل، سمعنا عن زراعة الأعضاء المختلفة من الجسم بدايةً من أبسط الأعضاء وأصغرها وصولًا إلى القلب العضلة الحيوية القوية الفريدة في جسم الإنسان والتي تبقيه على قيد الحياة، لكن هذه المرة نحن على أعتاب هزةٍ علميةٍ وطبيةٍ لو تحققت لربما تغير مسار الطب على الإطلاق، هذه المرة يتحدى الطب نفسه وقوانين الطبيعة محاولًا زراعة رأس إنسانٍ كاملٍ على كتفي إنسانٍ آخر!

تعرف على عملية زراعة الرأس المرتقبة آخر عام 2017

هل يمكن تنفيذ عملية زراعة الرأس ؟

السؤال الذي يطرحه الناس أمعجزةٌ هذه أم تمردٌ وثورة وأسطورةٌ من غير الممكن أن تتحقق وتهورٌ من الإنسان ليلعب بمقاليد خارج يده في هذه الحياة، أتصبح زراعة الرأس فجرًا جديدًا في الطب أم تظل حلمًا يداعب الأذهان وحسب بينما مكانه على رفوف الأساطير بجانب إكسير الحياة وجرعات الخلود وحتى أسطورة فرانكشتاين؟ وهل ينتظر الجميع تلك اللحظة بشغفٍ أم أن هنالك غاضبين وشامتين موقنين بالفشل الذريع الذي سيواجه ذلك الحلم ليثبتوا به نظرياتهم الوجودية التي هاجموا بها الفكرة من البداية.

الطبيب وراء هذه الأسطورة

كانت زراعة الأعضاء بشكلٍ عامٍ واحدةً من أفضل إنجازات الطب والتي سعى بدأبٍ لتطويرها وتحديثها والقضاء على مشاكلها وعيوبها والوصول إلى أعلى درجة نجاحٍ ممكنة بأقل ضررٍ فيها، لكن زراعة الرأس لست أظنها وصلت لدرجة الحلم الذي سعوا إليه حتى وإنما كانت فكرةً أسطوريةً خيالية ظن الناس أن عدة عقودٍ وربما قرونٍ تفصلنا عن تنفيذها ووضعها موضعًا عمليًا وكل هذا كان قبل أن يخرج طبيبٌ من بين صفوف الأطباء بهذا الخبر الصاعق ويطلب من العالم كله أن يرقب تحقيقه ثورةً طبيةً في نهاية هذا العام.

طبيبنا اليوم هو جراح المخ والأعصاب الإيطالي سيرجيو كانافيرو ذو الاثنين وخمسين عامًا، والذي يعتبر نفسه خفاشًا مترهبًا للعلم بالنسبة لهذا العصر فهو لم يشاهد التلفاز منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن ولا يملك سيارة لكنه وبحسب وصفه لجهوده ينوي أن يغير حياة الإنسان تمامًا وأنه لم يستيقظ ذات صباحٍ ليقرر أن يزرع رأس إنسانٍ في جسد إنسانٍ آخر وإنما هي فكرةٌ تطارده منذ زمن ينوي عن طريقها أن يفتح بابًا جديدًا يلج منه نحو سر خلود الإنسان كما يصف حلمه.

والجدير بالذكر أن د.كانافيرو واحدٌ من أكفأ وأشهر جراحي الأعصاب له عدة كتبٍ ومؤلفاتٍ كما ساهم في تقديم الكثير لهذا المجال الطبي الشائك، أما بالنسبة لمعجزته التي يريد تحقيقها فقد أمضى ما يقارب الخمسة وثلاثين عامًا في دراسة إمكانية زراعة الرأس في جسدٍ آخر والآن حانت لحظة الحقيقة التي يقف عليها مجهود ثلاثة عقودٍ ونصفٍ من حياته.

العملية كما يتوقع أن تحدث

تقوم فكرة نجاح عملية زراعة الرأس تلك بشكلٍ رئيسي على قدرة الطبيب سيريجو في إعادة وصل الدماغ الموجود في الرأس بالحبل الشوكي الموجود في الجسد بشكلٍ يصبحان فيه كأنهما قطعةٌ واحدةٌ مرةً أخرى ويبدأ الدماغ الجديد في تحريك الجسم الغريب كأنه جسمه، ويجدر بنا ذكر أن عملية زراعة المخ بشكلٍ مستقلٍ لم تكلل بالنجاح حتى هذا اليوم في عالم الطب فهل من الممكن أن تكلل عملية زراعة الرأس الكامل بالنجاح؟

العملية باختصار تتضمن شخصين أحدهما مات دماغيًا لكن جسده بحالةٍ ممتازة وهذا هو المتبرع الذي من المفترض أنه سيموت لكن الطبيب سيحاول وضع حياةٍ أخرى غير حياته في جسده عن طريق زراعة الرأس من المستقبل والذي يعاني من شللٍ أو ضمورٍ في العضلات أو أي علةٍ أخرى كانت نتيجتها أن جسده عديم الفائدة ولا يستطيع استخدامه على الإطلاق.

بحسب الطبيب فقد تم إجراء هذه العملية على حيواناتٍ أثناء فترة الدراسة والتجربة وتمكن بنجاحٍ من زراعة رأسٍ لحيوانٍ بجسد حيوانٍ آخر، وبحسب قوله فالسر الأكبر يتمركز في القدرة على فصل المخ عن العمود الفقري في كلا الشخصين بشكلٍ احترافيٍ دقيق يتسبب في أقل ضررٍ ممكنٍ للأعصاب ويجعل إعادة وصلها والحفاظ على كامل وظائفها أمرًا ممكنًا.

المتطوع لهذه العملية هو عالم كمبيوتر روسي شاب أفقده المرض القدرة على استخدام أي عضلةٍ من عضلات جسده وصار مشلولًا بشكلٍ كاملٍ تقريبًا فهل تعيد هذه العملية له حياته التي يراها سُلبت منه إن نجحت؟ ولو نجحت هل سيعني ذلك تحقيق الحلم الذي أراده سيرجيو في أن يكون الإنسان قادرًا على نقل مخه إلى جسدٍ أصح وأصغر كخطوةٍ في الطريق لإطالة عمر الإنسان وربما تحقيق ما يشبه فكرة الخلود؟

أصوات معارضةٍ باسم الطب ترتفع

شيءٌ بهذه الضخامة وتلك الضجة التي مست أناسًا من خارج المجال الطبي لا داخله وحده بالطبع ستجعل العديد من الأصوات ترتفع غاضبةً ومعارضةً بل ومسفهةً من كل ما ينتظر العالم حدوثه بمنتهى الترقب، ما زال هناك فريقٌ كبيرٌ لا يُستهان به على الجانب الطبي كافرٌ تمام الكفر بأسطورةٍ تسمى زراعة الرأس في الإنسان إن لم يكن كفرًا أبديًا فهو شاملٌ لهذه الفترة الزمنية والحقبة العلمية معتبرًا إياها تسرعًا سيقابله الفشل لا محالة وأن سيريجو أهدر حياته على شيءٍ خرافيٍ لن يتحقق وسيجعل من نفسه وأسطورته أضحوكة العالم.

يرى مجتمع الطب المعارض أننا لم نتمكن بعد من التغلب على كل مشاكل زراعة الأعضاء الصغيرة والبسيطة بعد وأن العديد من تلك العمليات يكون مصيرها الفشل أحيانًا لسبب وأحيانًا بدون سبب، فما بالك بزراعة جزءٍ ضخمٍ في الإنسان هو المحرك المركزي للجسد كله فكيف ستكون النتيجة؟

الاعتراض الأول كان بسيطًا بشكلٍ مرعب وهو توقع فشل العملية بعد الانتهاء منها حتى لو كانت الميكانيكية صحيحة بسبب كمية مثبطات المناعة التي سيضطر المريض لتناولها، من المعروف أن مرضى زراعة الأعضاء يتناولون تلك المثبطات لتقليل احتمالية رفض الجسم للعضو المزروع وفشله ففي حالة زراعة الرأس قد تكون كمية المثبطات التي يحتاجها الإنسان وحدها قاتلة.

جاء الاعتراض الثاني أكثر غضبًا وهجومًا على آلية العملية ذات نفسها حين طلب الأطباء المعارضون من سيرجيو أن يطلق بصره للعدد المهول حوله من المرضى الذين يعانون من شللٍ جزئيٍ أو كليٍ أو أي خللٍ آخر كان سببه إصاباتٍ مختلفة في العمود الفقري أدت إلى فقدانه وظيفته، فلو كان الرجل قادرًا على وصل عمودٍ فقريٍ كامل بالمخ وإعادته كأنه لم يكن مقطوعًا يومًا إذًا لماذا لم يستطع حتى الآن علاج أي واحدٍ من هؤلاء وإعادة وصل عموده الفقري المتضرر وإعادة وظائفه له! من هذا يتضح أن هناك عددًا كبيرًا يترقب فشل تلك العملية لا نجاحها ليثبت نظريته فأي الطرفين سيفوز؟

الأخلاق والدين يعبران عن رفضٍ قاطع

على الجانب الآخر وبعيدًا عن غرفة العمليات وصومعة الطب التي تحاول مدّ أذرعها كالأخطبوط لتسيطر على كل شيءٍ آخر باسم العلم وحده وقفت الإنسانية والأخلاق والديانات ضد ما رأته جريمةً أخلاقيةً وعقائديةً بكل المقاييس وزادت حدة الغضب كلما أعرب سيرجيو عن نواياه وأمنيته بالوصول لسر الخلود وقدرةٍ على إطالة عمر الإنسان قدر الإمكان وربما للأبد.

وقفت أيضًا تساؤلاتٌ بلا إجابةٍ عائقًا وسدًا اعتراضيًا جديدًا حين قال أحدهم أن اثنين سيدخلان غرفة العمليات فأي شخصٍ منهما هو الذي سيخرج منها؟ صاحب الرأس؟ أم صاحب الجسد؟ بل وأكثر من ذلك هل من الممكن أن يخرج لنا شخصٌ ثالثٌ تمامًا هو مزيجٌ من الاثنين؟ من أين لنا أن نعرف أن الشخص الخارج يحمل نفس عقلية وتفكير وشخصية وصفاتٍ ذهنية لصاحب الرأس؟ ناهيك عن أنه سيعيش بجسم شخصٍ مختلفٍ تمامًا ويكمل به بقية حياته، وما الجوانب النفسية لكل ذلك؟ لكن الطب ظل صامتًا ولم يعطِ أي إجابةٍ لأنه ببساطةٍ لا يعرفها.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

إحدى عشر + 2 =