تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » موت وفجيعة » كيف تتعامل مع رحيل الأحبة إلى الرفيق الأعلى بأقل ضرر نفسي؟

كيف تتعامل مع رحيل الأحبة إلى الرفيق الأعلى بأقل ضرر نفسي؟

هذا المقال ليس مقالاً إرشاديًا ولكن بمثابة تعزية لكل من أصيبوا بفاجعة رحيل الأحبة ولا زال الحزن يعتصرهم لعله يخفف عنهم ولو قليلا مما يجثم على صدورهم.

رحيل الأحبة

الموت هو المصيبة الكبرى و رحيل الأحبة إلى السماء فاجعة ليس بعدها فاجعة ولا يمكن تصور أن يكون هناك مصيبة تصيب الإنسان أكبر من هذه ولذلك ليس هناك أكثر من التعازي يمكن أن نقدمها لمن فقد حبيب ولكن هل يتصور أحد أن هناك أي شيء يمكن أن يخفف على شخص فقد حبيبًا له ولن يراه أبدًا مرة أخرى في هذه الحياة الدنيا؟ بالطبع لا.. كل ما في الأمر أن هذا المقال ربما يعتبر بمثابة ربت على الكتف وتهوين على من فقد شخص يعز عليه بسبب الموت.

الذهاب إلى قبره من أجل استيعاب الموقف

عادة لا نستطيع التصديق أن الشخص الذي كان يجيء ويذهب ويجلس معنا ويضحك أصبح الآن في عداد الأموات وأصبحت حركته ساكنة تمامًا وسيوارى التراب ولن نراه مرة أخرى، بل نشعر أننا لو ذهبنا إلى منزله أو اتصلنا به عبر الهاتف سيرد ببساطة ولو ذهبنا للمكان الذي نلتقي به فيه باستمرار لوجدناه جالسًا في انتظارنا، بالضبط حيث يصعب دائمًا استيعاب مسألة مثل هذه والحل من أجل هذا الاستيعاب أن تذهب وتقف على قبر هذا الشخص الميت حتى يدفنوه وتصدق أنه لن يعود إلى هذه الحياة ثانية للأسف الشديد، الآن يجب أن تبكي عليه، كل الوجوم الذي أصابك منذ أن سمعت الخبر، البلادة الناتجة عن عدم الاستيعاب، بل والهستيريا في مواجهة كل من يحاول تأكيد الخبر أمامك وأنت لا تصدقه ذهبت وحل بدلا منها الحزن المقيم الجاثم الذي لا يعرف الرحمة، الآن ستبكي وتبكي هذا الراحل دون قدرة على استعادته، ولكن ليس لديك سوى البكاء للأسف.

اجلس مع شخص كان يحبه مثلما تحبه وتذكرا مواقفكما معه

في غمرة الحزن التي تشعر بها تجاه رحيل الأحبة لا تظل وحيدًا تبكيه اذهب إلى شخص كان يحبه وقم بتذكر المواقف التي جمعتكما سواء كانت مواقف مضحكة أم مواقف محزنة، وهذا مفيد لأنك ستجد شخصًا تتقاسم الحزن معه وأيضًا لأنك ستجد شخصًا آخر يحاول أن يستوعب موت الشخص الذي كان يعز عليكما، لكن عمومًا كلما زاد عدد عدم المستوعبين والذين يتذكرون مواقف للشخص الراحل معهم كلما صارت الأمور أفضل لذلك اخترع البشر جلسات التأبين وهي أن يجتمعون جميعهم أحباء الشخص الراحل ويتحدثون عن سيرته ومواقفهم التي جمعته بهم وكيف التقيا وكيف تطورت علاقتهم وكلما ازداد العدد كلما كان الحزن أخف وطأة بالطبع.

لا تجلس في الغرفة وتراجع رسائلك معه أو تقلب في صوره

من أشد الممارسات حزنًا على رحيل الأحبة أن تراجع رسائلكما ومحادثتكما سويًا لأنك هكذا ستجعله حاضرًا في كل التفاصيل بالفعل ولن تنساه بسهولة كما أن وجودك وحدك تتذكر هذه الأشياء خطرًا على صحتك النفسية كما قلت لك اخرج الآن واذهب إلى شخص كان يحبه وتذكر معه كل ما تريد تذكره، أفرغ ما في جعبتك بالكامل تجاه الراحل لدى هذا الشخص وبالمناسبة ستجده مهتمًا بسماع كل ما تقوله عنه، ستجده مهتمًا بسماع ما يقوله أي شخص عن الحبيب الراحل، مثلك أنت تمامًا حيث تصبح مهتمًا بالطبع بأي كلمة يقولها أي شخص عن الراحل أليس كذلك؟ تحدثا عنه باستفاضة، هذه فرصة لكما.

تذكر أن هذا الحزن سوف ينتهي إن آجلا أو عاجلاً

تذكر أكبر حزن مر عليك في حياتك وكم كان شعورك أن هذا الحزن سوف يلاحقك حتى آخر عمرك ويلازمك حتى تواري الثرى أنت أيضًا فكيف بعد أيام قليلة انتهى هذا الحزن كأن لم يكن، أيضًا حزنك على رحيل الأحبة مهما كان كبيرًا وأسطوريا في وقته فإنه سيصغر مع الوقت، لن يتلاشى الشخص الراحل من مخيلتك بالطبع سيظل حاضرًا وبكل قوة وستتذكره بين الحين والآخر ولكن سيصبح الحزن عليه أخف وأهدأ بكثير، سيصل إلى درجة الحزن الذي يمكنك أن تتعايش معه وتتأقلم مع وجوده في حياتك، ومع تقدم العمر ستزداد الهموم وستنشغل بالالتزامات وسيصبح في قلبك جراح متعددة من عدة مواقف وسيصبح كل شيء يحزنك في هذه الدنيا ليس رحيل الأحبة فحسب حتى تمر أنت على قبر الرجل الراحل فتتمنى لو كنت مكانه.

الحياة لا تقف عند رحيل الأحبة

وهذا من فضل الله علينا ورحمته بنا أن الحياة لا تقف على أحد وكل من يقف في وجه طاحونة الدنيا تطحنه بسهولة وتذهب به إلى طي النسيان، وهذا حقيقي وليس مجازًا، كل من يتخيل أنه قد يكون فارقًا في الحياة اليومية للناس سيذهب بأسرع ما يمكن إلى دوامات النسيان، قد يكون الراحل مؤثرًا في شخص أو اثنين سيوقفون حياتهم يوم أو اثنين حزنا وتأثرا على فراق الغاليين ورحيل الأحبة ولكن بعد ذلك؟ ستحاصرهم الالتزامات وستطحنهم الحياة أيضًا وسينسون، ستلقنهم الحياة درسًا ألا يقفوا في وجهها حتى لا تذهب بهم هم شخصيًا إلى طي النسيان، أحيانًا يصبح النسيان نعمة من عند الله.. في مواقف مثل هذه بالفعل.

قم بصنع صدقة جارية له أو تصدق باسمه

إن كنت تريد خدمة هذا الشخص بالفعل وفعل شيء مفيد له فقم بإخراج صدقة باسمه أو اجعل له صدقة جارية كلما أفادت الناس كلما رفع الله له بها درجة في الجنة أو حط عنه بها خطيئة من النار وبالتالي يكون هذا مفيدًا له بالفعل لذلك من الأفضل أن تفكر تفكيرًا إيجابيًا، يمكنك أن تحبس نفسك في الغرفة حزنًا على رحيل الأحبة وتأثرًا على فراقهم بالفعل، يمكنك أن تظل تحكي عنهم لكل الناس وتحكي مواقفهم وظروفهم وحسن خلقهم وغير ذلك ولكن هل هذا مجدي فعلا؟ اجعل تفكيرك إيجابي ستظل تفعل هذا يوم أو اثنين وسيمل الناس ولكن الأفضل لك ولهم أن تفكر في صنع صدقة جارية لهم بهذا الناس سيتذكرونهم ولن ينسونهم أبدًا طالما هذه الصدقة موجودة ويستفيدون منها كل يوم وستعود عليه في آخرته بالفائدة والنفع.

لو كان موجودا لخفف عنك بنفسه ولمنعك من الحزن

رحيل الأحبة من الأمور الصعبة بالطبع على أي شخص ولكن تخيل لو كان موجودًا الآن ماذا كان سيفعل؟ ربما كان سينهاك عن كل هذا الحزن وسيأخذ بيدك ويخبرك أنه الآن في مكان أفضل وأن حزنك عليه يضايقه ويشعره بالذنب، بالطبع الفراغ الذي تركه في حياتك ستظل فترة على الاعتياد عليه، ولكن فكر في أن هذا الشخص نفسه لو كان موجودا لما تركك تحزن عليه كل هذا الحزن، الآن قم وحيي هذا الشخص العظيم الراحل وانطلق إلى الحياة مارس عملك ووفِّ التزاماتك، لأن الحزن لن يعيد المفقود ولن يرجع الأحبة الراحلين ولو كان الحزن والبكاء يعيدهم لأغرقت دموع المكلومين العالم أملاً في عودة أحبائهم الراحلين.

خاتمة

لا توجد كلمة عزاء واحدة يمكن أن تخفف عن شخص رحل حبيب له أو فقد شخص عزيز، ولكن عزاءنا الوحيد أننا كلنا ذاهبون يومًا ما، وأننا سنرحل بنفس الشكل وربما بأسرع مما نتخيل، فذلك هو مصيرنا جميعًا بلا استثناء.

محمد رشوان

أضف تعليق

6 − ثلاثة =