تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » حرب الطعام : كيف يمكن استخدام الطعام كسلاح فعلي ؟

حرب الطعام : كيف يمكن استخدام الطعام كسلاح فعلي ؟

مواقف طريفة نستعرضها هنا حيث تم استخدام الطعام كسلاح فعلي في يد الكثير من الأشخاص لأغراض متعددة، تابع مقال حرب الطعام الذي سيعجبك بالتأكيد.

حرب الطعام

عندما أقول حرب الطعام، فأنا لا أعني الحرب على الطعام أو استخدامه أو منعه في مهام سياسية بل أعني حرفياً حرب طعام أي شخصين أو أكثر استخدموا الطعام كسلاح للحرب أو للشجار، وحتى إن هذا الأمر ليس بغريب لأنه توجد بعض الأماكن بالعالم التي تقيم مهرجانات أساس فكرتها هي إلقاء نوع من الطعام مثل الطماطم والعنب على بعضهم البعض في مجموعات كبرى، وحتى بعض الأفلام تراها تحتوي مشاهد من إلقاء الطعام كنوع من الكوميدي، وقد تستحرم هذا الأمر عزيزي القارئ، ومن حقك ذلك، ولكني اليوم سأطلعك على أغرب مواقف حرب الطعام حدثت بالفعل على مدار التاريخ.

حرب الطعام : حروب طريفة بأهداف مختلفة

حرب الذرة

نيكيتا خروشوف ذلك الزعيم السوفيتي الذي كان يعشق الذرة بجنون حتى إنه فتح معهد في أوكرانيا يتخصص في زراعة الذرة فقط، تلقى دعوة من فلاح أمريكي لرؤية تقنيته الجديدة في زراعة الذرة المهجنة طبيعياً، وأثناء زيارة نيكيتا إلى أمريكا ذهب إلى مزرعة هذا الفلاح، مثيراً بذلك الصحافة ليتجمع الصحافيين بكثرة في المزرعة الأمر الذي أغضب الفلاح وأخذ يرمي بقشور الذرة على الصحافيين ليبعدهم في نوبة هستيرية حادة، مع اندهاش نيكيتا واستياءه الشديد للأمر، مع ذلك لم تنجح الفكرة بسبب أن سهول سيبيريا لا تصلح لزراعة الذرة مثل أمريكا، وبعبارة عجيبة قائلها نيكيتا بنفسه: كما انهارت زراعة الذرة هكذا أنا، هل تصدق عزيزي القارئ مدى حب الرجل للذرة؟! هذا ما يُستحق أن يطلق عليه (فاقد الشيء يتمناه ويبحث عنه ولو على بعد أميال).

حرب الطعام بين أعضاء الكونغرس الأمريكي

في الأعوام السابقة فقد الشعب الأمريكي ثقته في أعضاء الكونغرس بسبب تلك المشاجرات التي تفتعل مباشرة على التلفاز وكأنهم مجرد أطفال شوارع فيضربون بعض على القفا ويمسكون في بدل بعضهم البعض والصحافة تسجل وتسخر، والسبب يكون خلاف أثناء مناقشات مثل التجارة مع بلاد أخرى أو غيرها من أمور المجلس، أما أغرب قصة كانت في أكتوبر 2004 حيث كانت السلطة التشريعية تناقش قانون مبيعات الأسلحة وفجأة قامت حرب أهلية طاحنة كانت أسلحتها غذائهم ، ولا نعلم كيف بدأت الحرب في الحقيقة ولكن من التعليقات المضحكة لأحد الأعضاء كانت: “أنا أشعر أن رائحتي مثل علب الغذاء.”

حلوى التوفي أو ما تسمى بالرولز توستي

في عام 1950 وفي فصل الشتاء القارص، كان الجيش الأمريكي والقوات الحلفاء محاصرين من برد الشتاء وأقل عدداً من الصينيين الأعداء بمئة ألف جندي، وكانت كلمة السر لإلقاء قذائف من السماء لمساعدتهم هي “رولز توستي” وهو اسم حلوى شهير، والذي حدث هو سوء فهم من الشخص الذي استقبل النداء عن الطريق الراديو، وقال بأنهم يريدون حلوى، وهذا ما حدث تم إلقاء علب مليئة بالحلوى على قوات الحلفاء والجيش الأمريكي الذي لم يعترض وتوقع أنها أوامر من القيادات العليا ويتوقعوا منهم استخدامها كسلاح، وهكذا فعلوا ومع أنها كانت مجمدة بسبب فصل الشتاء إلا أنهم وضعوها تحت الإبط حتى تلين وأكلوها كغذاء مفيد لاحتوائها على الشوكولاتة، ومن ثم استخدموا البعض الأخر كنوع من العجينة الطريقة لسد فتحات الأنابيب المتضررة في معداتهم وبذلك تمكنوا من استعادة قوتهم وهزيمة الأعداء. يا له من أمر يدعوا للسخرية.

مهرجان حرب الطماطم

إنه نوع أخر من حرب الطعام ويحدث كل عام حتى الآن في إسبانيا في الأربعاء الأخير من شهر أغسطس، ولكن الحدث التاريخي الأصلي يصل إلى عام 1945 وتوجد قصتين لا نعرف من منها الحقيقي، الأولى تقول بأن طفلين بدئا العراك بتراشق الطماطم أو البندورة وتعدى الأمر إلى اشتراك الآباء للدفاع عن أولادهم ومن ثم الجيران المخلصة لكلاً من الطرفين حتى وصل الحال بأن المدينة كلها تتشاجر بالطماطم، القصة الثانية تقول بأن السياسيين بذلك الوقت أغضبوا الشعب مما دفع الشعب لإلقاء الطماطم كنوع من النفور منهم ليرد عليهم مؤيديهم وتبدأ حرب عجيبة لا تكون فيها الأسلحة النارية أو حتى الأيادي وإنما فقط هي حرب طعام.

ومع الوقت تحول الأمر لعادة ومهرجان كبير وفي عام 2015 وصلت كمية الطماطم المستخدمة إلى 145 ألف كيلو جرام، وجذبت 40 ألف زائر غير سكان المدينة المقيمين، وتتواجد الشرطة باستمرار حتى تحافظ على بعض الأمن، ويضربون الناس بعضهم البعض سواء من يعرفونهم أو من لا يعرفوهم، بطماطم يهرسوها بأيديهم أو أرجلهم وبمعجون طماطم، ليتلطخوا جميعاً وفي الأخير ينظفون بأنفسهم الشوارع.

اللبن والزبادي رمز للاحتجاج السياسي

حول العالم كله يعتبر الزبادي ومنتجات الألبان والبيض وجبة غنية ومفيدة جداً، أما في اليونان فيعتبروا رمز للاحتجاج على السياسيين، بدأ الأمر في الخمسينيات حيث انطلق مبدأ “yaourtama” من مجموعة تسمي نفسها “Teddy Boys” أو “أبناء تيدي” وهو يعني إلقاء اللبن على الشخص غير المحبوب وغير المرغوب، مما أثار استياء الحكومة حين تمت ممارسة هذا الأمر على السياسيين وفرض قانون بالكامل على هذا الأمر يندد بالعقوبات العسيرة، مما أضعف انتشار الأمر وتم احتوائه ولكن بعد فترة تم إلغاء القانون بسبب التوقف الطبيعي للأمر. ولكن في احتجاجات اليونانيين عام 2011 على الأزمة الاقتصادية رجع هذا الأمر بالظهور، وإذا بحثت بنفسك ستجد كمية من اللبن المهدر على مذيعين يقابلون رجال سياسة، كما يلقى على مجلس البرلمان. كما قال وقتها نائب وزير تنمية سابق بدافع الاعتراف بالذنب لشعب اليونان: “نحن أخطئنا حقاً وجاء وقت المحاسبة وأنا مستعد أن يلقى عليَ الزبادي”، لتظهر مع هذه العبارة مدى هذه الفكرة في نفسية اليونانيين كنوع أخر من حرب الطعام.

مهرجان حرب البرتقال في إيطاليا

في القرن الثاني عشر في المدينة الإيطالية إيفرية، كان يحق للوردات النبلاء أن يأخذوا العروس قبل يوم من ليلة زفافها لأنفسهم وإلا يتم تحريم الزواج، أما فتاة تدعى فيوليتا فعلت ما لم تفعله واحدة غيرها باستغلالها الموقف وقطع رأس اللورد في مدينتها مما تسبب بعدها في انتفاضة وثورة على باقي اللوردات وتوقف هذا الفعل المقرف. وهذا الأمر يتم تكريمه في فبراير من كل عام الآن في نفس المدينة ويتم على بنظام مخطط مسبقاً وليس عشوائياً، فيتم اختيار فتاة جميلة لتعلب دور فيوليتا وتأخذ إلى القلعة، وفي اليوم الثاني في تمام الساعة الثانية ظهراً تبدأ المعركة بين الغاضبين على اللورد ومؤيدي فيوليتا في صورة مجموعات وبين جنود الطاغية على مركبة تجرها خيول، والسلاح هو البرتقال ولأنه ثقيل فيلبسون واقيات على الرؤوس للحماية، وبعد ثلاثة أيام يتم تكريم المجموعة التي دافعت أفضل عن فيوليتا وقضت على الجنود الأشرار على أيدى حكام يتابعون الأحداث كل يوم. ويظهر في ذلك المهرجان خروج مشاعر قوية من الغضب منصباً بهذه الطريقة على الجنود الأشرار وكأن المحتفلين يفضون غضبهم وعصبيتهم بطرق فعلية محكومة. وهو مثال أخر لحرب الطعام التي ما زالت تقام حتى الآن، وتستخدم فيه سنوياً أكثر من 500 طن من البرتقال.

بطولة العالم بسلاح الطعام

من أغرب ما ستقرأ عزيزي القارئ، حيث حرب الطعام هنا ليست باليد ولا مجرد تكريم لذكرة بل هي مسابقة عالمية يتنافس فيها متخصصيها. نعم توجد بالفعل بطولة عالمية تسمى Punkin Chunkin وهي بطولة تقام كل عام، يتم فيها صناعة مدافع حقيقية كبيرة جيداً مثل مدافع الجيش أو مدافع الهواء، أو أنابيب معدنية ضيقة وعادة هي التي تحقق أفضل النتائج باستخدام الهواء المضغوط، من قبل كل فريق دولي مشارك، على يد خبراء من الميكانيكيين والمهندسين وحتى خبراء في الزراعة، والهدف هو إلقاء ثمرة اليقطين لأطول مسافة وارتفاع ممكن، وحتى إن لها رقم عالمي يحب المتنافسين كسره كل عام، 1.43 كيلو متر هو الرقم القياسي العالمي الحالي لمدفع الهواء.

حتى إن الجنون يصل حد استعمال آلات تعتمد على الطاقة البشرية، بوضع واحد من الفريق في دولاب أو عجلة يشتغل عليها دقيقتين بسرعة كبيرة مرة واحدة مثل الهامستر لانطلاق كبير لليقطينة.

بطولة البازلاء

حرب طعام أخر ولكن بلياقة بدون عنف وإنما منافسة، حيث تقام منافسة عالمية في مدينة كامبريدج الإنجليزية كل عام وتجذب الكثير من المنافسين. قوانين اللعبة بسيطة وهي أن تلقي بالبازلاء الخضراء ناحية لوح طيني (حتى تثبت عليه البازلاء) يشبه اللوح المستهدف في الرماية، وعليه دوائر بمسافات دقيقة تحدد مدى دقة اللاعبين، وبعد المسافة بين اللوح والمنافسين هو أربعة أمتار، والأداة المستخدمة يجب ألا يزيد طولها عن ثلاثين سنتي متر، أما بعد ذلك يمكنك الإبداع كما تشاء.

ومنذ انطلاق المسابقة سنة 1971 لم تتوقف وتقام كل عام، على مستوى جميع الأعمار ولكن الحدث الأكثر أهمية يكون بين البالغين، وتكون مقسمة لمسابقة للسيدات وأخرى للرجال، ومن أشهر الفائزين في السيدات هي “إيما واتسون” أما أشهر الرجال والحائز على المركز الأول مرتين متتاليتين وكان يطمح في الثالثة هو “إيان أشميدي” الذي ألف كتاباً كاملاً عن تلك المسابقة.

أخيراً عزيزي القارئ طالما شكل الطعام ساحة للنزاع حتى أن بعض الحروب تمت تسميتها بأسماء طعام الذي شكل سبب النزاع، وأذكر منها حرب سمك القد بين إنجلترا وأيسلندا بعدما نالت أيساندا حريتها حاولت أن توسع منطقة الصيد على سواحلها لاعتماد اقتصادها على تجارة السمك سواء في الداخل أو الخارج، وحينها رفضت إنجلترا الاستيلاء على ما كانت هي تسيطر عليه بالكامل لتنشئ حرب ليست بالحرب القوية ولكن حرباً دبلوماسية وبين صيادي السمك وسجلت فقط خسارة بشرية واحدة في كلا الجانبين، وبعد ثلاث سنين استسلمت إنجلترا للأمر دبلوماسياً وسمحت لآيسلندا بالتوسع وسميت تلك الحرب “بحرب سمك القد”.

قصة أخرى أيضاً لحرب الطعام بزمن الملك لويس السادس عشر الذي كان يفرض على شعبه ضرائب باهظة، وفي سنة من السنين كانت زراعة القمح لم تأتي بنتائجها ولم تكن المحاصيل كبيرة، ومع ذلك ظلت الضرائب قائمة بشكل قاسي على الفلاحين، فرفعت أسعار القمح والدقيق في الأسواق إلى زيادة عشرين بالمئة من الثمن الأصلي، مما تسبب في غضب وهيجان شعبي عرفت فيما بعد ببداية الثورة الفرنسية 1789، حيث قامت أكثر من ثلاث مائة عملية شغب بالبلاد على مدار ثلاثة أسابيع، حتى تراجع لويس في قرارته. وهذه الأحداث تمت تسميتها “بحرب الدقيق”.

خلاصة القول عزيزي القارئ إن حرب الطعام في التاريخ وفي أيامنا هذه لها صور كثيرة جداً، قد رأى البعض أنه مجرد احتفالات أو مظهر من مظاهر الاحتجاج، والذي بالمناسبة انتشر حتى في عالمنا العربي بمختلف الأطعمة المستخدمة، أما البعض الأخر قد يرى الأمر بأنه هدر للطعام لأن كمية هذا الطعام لو جُمع كل عام لسد احتياج مدينة فقيرة أو منطقة من مناطق اللاجئين، وهذا إهمال ما يحدث. مهما كان رأيك مؤيد كان أم معارض، أنا لا أعتقد أن مثل هذه الأفكار المتأصلة في العالم ستختفي بالكامل يوماً ما.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

أربعة عشر − ثلاثة عشر =