تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » هل تعلم » باطن الأرض : كيف نصل إلى قلب الأرض وماذا سنجد إذا وصلنا إليه؟

باطن الأرض : كيف نصل إلى قلب الأرض وماذا سنجد إذا وصلنا إليه؟

مثلما يريد الإنسان الذهاب بعيدًا عن الأرض، ينتابه أيضًا الكثير من الفضول نحو باطن الأرض ، كيف يمكننا الوصول إلى باطن الأرض ؟ وماذا إذا فعلنا ذلك يومًا ما؟

باطن الأرض

باطن الأرض ، يا له من مكان عجيب ومريب وتذهل الاكتشافات هناك حتى أدهى العلماء. نحن نمتلك معرفة قليلة جداً ونكاد نكون جاهلين بباطن الأرض وما هو تكوينه وهل له طبقات محددة كما تصوره لنا الأفلام الأجنبية بالفعل أم هو كتلة واحدة؟ كلنا نتوقع أن باطن الأرض عبارة عن حمم منصهرة ونيران لا تطفأ، وأنه هو القوة المتحكمة والوقود الفعلي لكوكب الأرض بأكمله. تعرف أكثر عن باطن الأرض وما يوجد بداخله وكيف يستطيع العلماء الوصول له، وهل قد يتمكن يوماً الإنسان من النزول إلى باطن الأرض كما وصل إلى القمر؟

أسرار باطن الأرض التي ربما لم تسمع بها من قبل

المادة المنصهرة بباطن الأرض

منذ زمن بعيد ويعرف العلماء أن باطن الأرض يتكون من مواد شديدة الانصهار حد أنه تصبح سائلة وذائبة بدافع الحرارة الشديدة هناك. وهي الوقود الحيوي الذي أعطى للأرض فرصة بأن تحيا وتعيش عليها الكائنات الحية، بسبب البراكين، الاهتزازات، والانشقاقات التي تحدث بأعماق البحار والمسئولة عن الحياة فوق كل قارة. ومن هنا قرر العلماء البحث بشكل أعمق حول الأسباب الرئيسية خلف تلك القدرة العالية. وجاءت الإجابة مع العالمين الكنديين أليساندرو فورت وجيري متروفيزا وباستخدام الأجهزة المتطورة استنتجوا بعض المعلومات وتعجبوا من بساطة هذا التركيب.

تتكون البنية الداخلية للأرض في باطنها من أربعة فقاعات من المصهورات، فأطلقوا عليها اسم “لافا بلوب”. تلك الفقاعات في حالة نشطة ودائمة الحركة وبنظام حراري متكرر، وتكون الحركة مثل الصعود والهبوط ويتحركون ببطء. هذه الفقاعات موجودة في كل جهات الأرض الأربعة ومتداخلة ولكن كل واحدة تظهر بشكل أكبر في منطقة معينة. بحيث تكون هناك واحدة تحت قارة أفريقيا، والاثنين منهما أسفل المحيط الهادي أكثر برودة من الاثنين الآخرتين لأن مياه المحيطات تعمل على تبريدهما. الجزء الأقرب إلى مركز الكرة الأرضية ستتعرض إلى الحرارة الأعلى مما يجعلها الأقل وزناً، فتصير مثل البالون خفيفة فتتمدد وترتفع إلى فوق نحو سطح القشرة الأرضية. وبالعكس ستجد من بقيت بعيدة عن الحرارة الشديدة مدة طويلة، وأقصد بالمدة الطويلة مليوني سنة وأكثر، أصبحت أكثر برودة وأثقل في الوزن، فتهبط نحو الأسفل إلى المركز حتى تسمح لغيرها بالصعود وستسترجع هي خفتها.

تأثير حركة الفقاعات

رغم بعد الفقاعات عن سطح الأرض بثلاثة ألاف كيلومتر، إلا إن وجود الفقاعة تحت قارة أفريقيا، يجعل القارة مرتفعة عن سطح البحر مقارنة بباقي القارات لأن الفقاعة تدفعها نحو الأعلى. ويظن العلماء أن حركة ارتفاع الفقاعة نحو الأعلى بعد أن يخف وزنها بدافع الحرارة، هي السبب الأساسي وراء نشوء البراكين والهزات الأرضية، فتطلق حمامها والمعادن المنصهرة من خلال فوهة البركان فتتشكل بذلك الحياة الجيولوجية. وهي أيضاً المسئولة عن الانشقاقات التي تحدث بأعماق البحار، فيترتب على ذلك تمدد قاع البحر ودفع الأرصفة القارة لتتحرك، وتتشكل بذلك جغرافية الأرض وأماكن تواجد القارات.

الفقاعة الرابعة الحارة الأخرى (مثل فقاعة أفريقيا الحارة) موجودة تحت جنوب غرب المحيط الهادئ. أما الفقاعتان الباردتان تحت المحيط الهادئ، تتوزع واحدة في الغرب من إندونيسيا إلى شمال اليابان، والأخرى في الشرق ما بين أمريكا الوسطى وحتى جنوب أمريكا. وتسجل تلك المناطق أبرد نقط على مستوى الفقاعات في باطن الأرض. فتتغلغل الجزيئات الباردة إلى الأسفل وترتفع الجزئيات الحارة نحو الأعلى، هذه الحركة داخل الفقاعة تزيح قمم الجبال بأعماق البحار ومعها تتحرك الأرصفة القارية.

ألغاز يتم حلها عند دراسة باطن الأرض

من ضمن الألغاز التي حيرت علماء الجيولوجيا لقرون طويلة، هي لماذا ترتفع قارة أفريقيا وما يحيط بها من قيعان البحار 500 متر أكثر مما هو مفترض؟ وضع العلماء نظريات كثيرة لتفسير هذه الظاهرة، فقال البعض أنه لربما بسبب سماكة هذه المنطقة عن غيرها. ولكن الإجابة الحقيقية تأتي من باطن الأرض، حيث تكون فقاعة المصهورات تحت قارة أفريقيا هي السبب الرئيسي في دفع القارة بأكملها إلى الأعلى. وبحسب الموجات الاهتزازية، فهذه الفقاعة وحدها قادرة على رفع القارة بأكملها 500 متراً بالضبط. فقبل 45 مليون سنة بحسب كلام العلماء، وصلت تلك الفقاعة إلى مكانها الحالي تحت أثيوبيا مباشرة، ثم تمددت إلى مساحة خمسمئة كيلو متر. وهذا تفسير أخر لوجود كل كمية فوهات البراكين المنتشرة ومتركزة هناك في تلك المنطقة منذ زمن بعيد.

كيفية تشكل القارات؟

لنأخذ قارة أوروبا وغرينلاند مثالاً حياً لنفهم الأمر من وجهة النظر الجيولوجية البسيطة جداً. الفقاعة المنصهرة داخل باطن الأرض التي تقطن أسفل المحيط الهادي، تتحرك كل عام وتتمدد. محدثة بذلك اتساعاً في المحيط بمقدار ثلاثة سنتيمترات كل عام، أي إن القشرة الأرضية في أعماق المحيط تتمدد وتضغط على ما فوقها في كل من قارة أوروبا وغرينلاند. فتبتعد بذلك غرينلاند عن القارة كل عام بشكل مستمر، ونتيجة أخرى تطلق الكثير من البراكين مصهورتها في كلاً من الجانبين. بسبب هذا التمدد المستمر في كل عام ستصبح القشرة الأرضية التي تفصل بين باطن الأرض والمحيط الهادي أكثر رقة وهشاشة. وبعد مرور السنوات ستختفي تلك القشرة نهائياً بالتدريج. هذا الفاصل لن يظل صامتاً بل سيطلق كميات كبيرة جداً من الحمم المنصهرة ليكون بذلك سلسلة كبيرة من البراكين تمتد تحت المحيط ما بين أوروبا وغرينلاند.

عندما تواجه الحمم مياه المحيط الباردة، ستتجمد بفعل البرودة. وبذلك ستسد المنصهرات المتجمدة تلك الفراغات التي تمزقت. ثم بعد ملايين السنوات من الآن سترتفع تلك القشرة الأرضية الجديدة التي تكونت بفعل المنصهرات القادمة من باطن الأرض، وتغطي كل المساحة ما بين أوروبا وغرينلاند. ويرتفعوا معاً إلى السطح وتجف المياه فيما بينهم أو تعود إلى المحيط. وبذلك ستتكون قارة شمالية بالقرب من القطب الشمالي بفعل هذه الظاهرة، والتحركات داخل باطن الأرض. وسيكون قعر هذه القارة مؤلف من أغنى المعادن والمنصهرات القادمة من باطن الأرض. هذه هي الطريقة التي تظهر بها بعض الجزر الصغيرة وترتفع وتكبر في المساحة كل بضعة سنوات. وهي ذاتها نفس الطريقة التي تشكلت بها القارات.

ظهور الجبال

أيضاً من ضمن الألغاز التي حيرت العلماء، هي لماذا تظهر الجبال بارتفاعات مختلفة في مناطق متفرقة حول العالم؟ هذا السؤال تمت الإجابة عليه عند دراسة باطن الأرض وتوقع حركته والنتائج المترتبة على ذلك. فظهرت نظرية الأرصفة الأرضية والتي يقدر عددها من 12 إلى 15 رصيف حول العالم. متفرقين وموزعين في كل الكرة الأرضية وهم في حركة دائمة بفعل حرارة باطن الأرض. ولا يتعدى سمك الرصيف الأرضي من 10 إلى 30 كيلو متر، وحركتهم إما نحو بعضهم أو عكس اتجاه بعضهم، أو في توازي مع بعض، حسب اختلاف حركة باطن الأرض وعوامل أخرى. وهم يتحركون في بطيء شديد (ثلاثة سنتمترات سنوياً فقط) ولكن تأثيرهم مذهل على الطبيعة الجيولوجية للأرض.

عند انزلاق واحد من الأرصفة تحت أخر وقت الاصطدام، تتكون بذلك الجبال. لترتفع الجبال عالياً فوق سطح الأرض، ويمكنها أيضاً أن تندثر بالعوامل الطبيعية، مثل عوامل التعرية وارتفاع سطح البحر وعوامل أخرى كثيرة. الخلاصة هي أن الجبال في حركة دائمة هي الأخرى، سواء نحو الأعلى والارتفاع والذي تشهد عليه 900 هزة أرضية سنوياً، أو نحو الاندثار. ولكن تلك الحركة بطيئة جداً وتحتاج إلى مئات الآلاف من السنوات حتى يتكون جبل أو يندثر، لكن حركة الأرصفة الأرضية بطيئة جداً كما ذكرنا. يضع العلماء مخطط باستمرار للمناطق المعرضة للهزات الأرضية العنيفة في الخمسين سنة المقبلة، ولذلك لوقعها فوق الأرصفة الأرضية مباشرة أو بالقرب منها. كاليفورنيا وتركيا وبعضاً من جنوب أسيا وغرب أمريكا الجنوبية ستكون معرضة للهزات الأرضية والزلازل بشكل مكثف وقوي. أما شمال أفريقيا وبلادنا العربية فهي تقع إما في الأمنة أو متوسطة الأمن لبعدها عن الأرصفة الأرضية.

مثال حي عن طريقة ظهور الجبال

في بابوا غينيا الجديدة والتي تقع شمال شرق أستراليا، وتعد من أكبر جزر العالم، يمتد خط اصطدام رصفين أرضيين. يتحرك رصيف المحيط الهادي باتجاه شمال غرب بسرعة تقدر بسبعة سنتمترات كل عام. دافعاً بذلك الجبال لتتكون وتتشكل وتصعد نحو الأعلى، وسامحاً للعلماء بدراسة النظريات الجيولوجية المتعلقة بتلك الظاهرة بكل وضوح وبدون تدخل العوامل الأخرى، سبب سرعة تكون هذه الجبال في وقت قصير.

علماء كثر يهتمون بتلك التغيرات المهمة لبيئتنا على كوكب الأرض. فالجبال التي تنشأ بفعل اصطدام الأرصفة مختلفة تماماً عن الجبال البركانية التي تنشأ بسبب تمدد القشرة الأرضية في قاع البحر وخروج المنصهرات. ولكن الرابط الوحيد هو أن في كلا الحالتين المسئول الأول هو باطن الأرض والفقاعات المنصهرة. فقبل ملايين السنين كانت قمم الجبال التي نشهدها اليوم مغطاة بمياه المحيطات في قعر البحر. هذا المبدأ هو من سمح للعالم Lon Abbott من جامعة كاليفورنيا بدراسة تواريخ وسرعة ارتفاع تلك الجبال في الأزمنة السحيقة. إذ تكونت مستحاثات على قمم هذه الجبال في وقت العهد الذي كانت فيه تحت المياه. هذه المستحاثات البحرية وأماكن تواجدها تعطي فكرة كبيرة عن تاريخ وسرعة ارتفاع هذه الجبال نحو الأعلى، وكم استغرقت من الوقت لتصل إلى ما هو عليه الآن. لأن المستحاثات تعطي بصمة خاصة عن العصر الجيولوجي التي كانت فيه باختلاف الفصائل البحرية التي توجد بداخلها.

نموذج توقع حركة القارات

بناء على المعلومات السابقة عن باطن الأرض، وضع العلماء نموذج لحركة القارات في الخمسين مليون سنة القادمة. سيتوسع المحيط الأطلسي، وبذلك ستزيد المساحة بين القارتين الأمريكيتين وأوروبا، وذلك بسبب النشاط البركاني في الوسط عند قعر المحيط. أما أفريقيا فستقترب نحو أوروبا، ليتلاشى بذلك البحر المتوسط من خريطة العالم، ويتكون عوضاً عنه سلاسل جبلية كبيرة وتلتحم القارتين. كذلك أستراليا ستقترب من جنوب أسيا. أما بعد الخمسين مليون سنة، فيصبح النموذج أكثر ضباباً وغير مبني على توقعات أكيدة. ولكن في العموم وأغلب الظن، ستعود كل القارات إلى الالتحام مع بعضها مثلما كانت قبل ملايين السنين الماضية، لتكون قارة كبيرة جداً في المنتصف.

هل نستطيع الوصول إلى باطن الأرض يوماً؟

تشتهر بعض أفلام الخيال العلمي بمحاولة تخيلها عن ما إذا وصل الإنسان إلى باطن الأرض حقاً، فماذا سيشاهد هناك وكيف سيخرج مع صراع طويل ومرير مع الطبيعة الجبارة، ولكنه يبقى خيال فالواقع أصعب من ذلك بكثير. لأن أعمق ثقب حاول الإنسان أن يخترقه لمحاولة الوصول إلى فهم أعمق عن باطن الأرض ودراسته، كان 12 كيلومتر. هذا الثقب يعتبر تافه بالنسبة إلى سماكة القشرة الأرضية وبعد باطن الأرض، كما لو كان خدش بسيط على جلد إنسان، وليس له أهمية فائقة لعلماء الجيولوجيا. فاقترح العالم ديفيد ستيفينسون وهو عالم الفيزياء الكونية، بإرسال مكوك نحو باطن الأرض، تماماً مثلما ترسل وكالة ناسا مكوك فضائي نحو القمر. فعيباً على العلماء أن يكونوا مدركين معلومات عن باطن القمر، أكثر مما يعرفون عن باطن الأرض. الخطة تقترح تفجير شق ما بين 300 إلى ألف كيلو متر، بعرض يصل إلى المتر والعشرة سنتيمتر. ثم نملأ هذه الفجوة بالحديد المنصهر، مع ضغط عالي جداً، حتى يجبروا الحديد بحشر نفسه والتغلغل إلى الأسفل. وكلما نزل الحديد إلى أسفل، ستقفل الأرض عليه وتسد الفجوة فوقها بفعل ضغطها هي.

إذا نجحت الخطة المقترحة سيصل الحديد المنصهر إلى نواة الأرض بعد أسبوع كامل. لأنه سيسير بسرعة عشرة مترات في الثانية الواحدة، في رحلة تقدر بستة ألاف متر. هذا الطريق الذي سيعبر الحديد سيوفر طريق ومعبر لمركبة بحجم البرتقالة، مغطاة بالحديد ومقاومة للحرارة الشديدة التي ستتعرض لها حتى لا تذوب. هذه المركبة المصغرة سيتوجب علها قياس المواد الكيميائية والحقل المغناطيسي وكذلك الحرارة في كل منطقة تمر بها. وحسب ذلك الاقتراح فالعلماء يحتاجون إلى عشرة ملايين طن من الحديد، أي ما يعادل إنتاج العالم كله من الحديد في خلال أسبوع. هذه الكمية ستمنع برودة الحديد في طريقه، ووزنها سيعمل على اختراقها بفعل الجاذبية وحدها نحو الأسفل.

ما ستواجه المركبة لو أن العلماء نفذوا الاقتراح

عند عمق 100 كيلو متر، سيتوجب على المركبة أن تواجه ضغط يقدر ب30 كيلو بار، أي ما يعادل ضغط أكبر بألف مرة من ضغط سطح الأرض. أما عند الحدود العليا فقط لنواة الأرض سيصل الضغط إلى 1350 كيلو بار، والحرارة ستصل إلى 3500 أو 4000 درجة مئوية، وهي المنطقة التي تتكون من الحديد المنصهر بالكامل حسب التقديرات. ولو أنها وصلت إلى مركز نواة الأرض أي مركز الأرض كلها، سيزيد الضغط جداً إلى أكثر من 3.5 مليون مرة عن الضغط الجوي، والحرارة قد تصل إلى 6000 أو 7000 درجة مئوية. على الرغم من هذه التحديات يؤكد العلماء أن من الممكن التغلب عليها، فالتغلب على الضغط ممكن لو كان الضغط بداخل المركبة معادل لما حولها، ولا تمتلك أي فراغات. كما توجد معادن قادرة على تحمل مثل تلك الحرارة العالية.

أما المشكلة الكبرى فتمكن في التواصل مع تلك المركبة. إذ إن موجات الراديو وغيرها التي تستخدم في التواصل مع مركبات الفضاء، تُمتص من قبل باطن الأرض. والموجات الوحيدة القادرة على استخدامها في التواصل هي الموجات الصوتية (100 هرتز). هذه الموجات يمكنها أن تصعد إلينا من المركبة وتُلتقط بأجهزة استشعار حساسة جداً على سطح الأرض. وهي نفسها الموجات التي تصعد لنا من باطن الأرض بدافع الهزات الأرضية في الأعماق. لأن الصوت موجات اهتزازية ميكانيكية، تنتقل عبر الذرات وقادرة على اختراق أي شيء في العالم بفعل الاهتزاز والانتقال من ذرة إلى أخرى. وهي في الحقيقة ذات أصوات مخيفة ومع صرير وأصوات مثل الصراخ وكأنها قادمة من باطن الأرض الملتهب، وهي في الحقيقة بسبب حركة الماجما الأرضية ليس إلا.

أخر المعوقات

يتبقى الجزء المتعلق بكيفية إحداث شق كمثل المطلوب في الاقتراح. وهو يحتاج إلى قوة قنبلة نووية أو زلزال بقوة سبعة رختر حتى يتم صنعه. ولكن العالم ديفيد يظل متمسك بفكرة أن الاقتراح لا يتطلب كل ذلك القلق، وقد يتمكنوا من استخدام شق طبيعي ولا يحتاجون إلى قنبلة نووية لصنعه. كما إن المشروع لن يتطلب مثل تلك الأموال الطائلة التي تنفق في مشروع واحد من المشاريع المتعلقة بالفضاء. ويظل الاقتراح تحت الدراسة عند تلك النقطة، ويظل التساؤل قائماً، عن ما إذا سيصل الإنسان بعلمه يوماً إلى باطن الأرض ويتحدى الطبيعة ليعرف أسرارها.

أهمية وصول الإنسان إلى باطن الأرض؟

لن ينفق العلماء كل هذه المبالغ والمجهود والتفكير، لدراسة شيء بدون فائدة تذكر على الإنسان وحياته على الأرض، على عكس بعض الدراسات الفضائية التي تنفق عليها المليارات بدون فائدة مباشرة على حياة الإنسان اليوم. بل دراسة باطن الأرض بتلك التجربة، قد تعطي نتيجة إيجابية لتفسير ظاهرة تغير أقطاب الأرض المغناطيسية، كما يأمل العلماء يوماً. تلك الظاهرة تعد من أهم ما يواجه علماء الجيولوجيا ويريدون تفسيره بشدة. حيث لاحظ العلماء تحرك وتغير لمركز القطب الشمالي، بسرعة تتزايد كل عام عن العام السابق. تتغير أقطاب الأرض المغناطيسية فجأة وبدون توقع مسبق أو تفسير كل 250 ألف سنة. وخلال السنوات القادمة سيحين موعد هذا التغير الجديد بالنسبة إلى الأرض، ولا يعرف العلماء لماذا أو ما الذي سيترتب عليه بشكل أكيد.

لا يمتلك العلماء معلومات أكيدة وتوقعات موثوقة لما يجول في خاطرهم، ولكن بدون أدنى شك فهذا التغير سيغير مسار أشياء كثيرة مهمة جداً. فمثلاً عند وقت التغير يصير الحقل المغناطيسي للأرض أضعف من المعتاد، بل ويختفي تقريباً. بدون هذا الحقل تصبح الأشعة الكونية للشمس وغيرها من النجوم أكثر تأثيراً على الكائنات داخل الأرض. وهذه الأشعة ضارة لمختلف أنواع الكائنات الحية. يتمنى العلماء بنجاح هذا المشروع ومعه قد يجدون حلاً لفهم ظواهر عديدة مثل ذلك النوع، لمحاولة توقع تأثيرها ومحاولة البعد عن أضرارها بقدر الإمكان إن لم تمكن من وقفها. ونتفادى غضب الطبيعة عندما نتعلم أسرارها.

هل سيبرد باطن الأرض يوماً ما؟

هذا هو السؤال الأهم في كل تلك القضية، لأن مع برود باطن الأرض ستتوقف الحركة الجيولوجية تماماً على كوكب الأرض، وهذا له نتائج وخيمة على الحياة بأكملها. فمنذ أربعة مليار سنة ونصف، وحرارة الأرض تبرد بالتدريج، لأنها يوماً ما كانت مجرد كرة ملتهبة من النار. حرارة باطن الأرض في مركزه تصل إلى ما بين 3500-6000 درجة مئوية. مما يعني أن المنصهرات في حالة سائلة أو طرية على الأقل حتى تسمح لها بالحركة والانزلاق والتمدد، مما يحدث ظواهر البراكين والحركة القارات وغيرها.

ولكن بعد خمسة مليارات من السنوات القادمة حسب تقدير العلماء، سيتوقف كل ذلك بفعل برودة باطن الأرض وتوقفه عن الحركة. ولكن لا تقلق يا عزيزي القارئ فلست أنت وحدك من لن يشاهد هذا اليوم، لأن الحياة بأكملها لن تشهده. ففي الحقيقي قبل هذا التوقيت ستكون الشمس قد تحولت إلى شمس حمراء كبيرة وقوية بما يكفي لتبتلع الأرض بأكملها، ولن يفرق كثيراً وضع الأرض حينها.

سبب بطيء هذا التحول وبرود باطن الأرض، هو أن الأرض تفقد الحرارة ببطيء جداً، بسبب القشرة الأرضية التي تعمل كعازل منيع للحرارة. هذه القشرة هي نفسها التي لا تسمح بمرور حرارة باطن الأرض نحو السطح، فنحن تصلنا حرارة من الشمس أكثر ب20 ألف مرة من الحرارة التي تصعد لنا من باطن الأرض. وكلما قلت درجة الحرارة، زادت تلك القشرة في سمكها، وبالتالي في كفاءة عزلها للحرارة.

بالنهاية عزيزي القارئ، قد تسأل لما عليك أن تفهم كل هذه المعلومات المعقدة! الإجابة تكمن في الثقافة والمعرفة، حين تكون على دراية بمعرفة أمور كوكب الأرض من حولك وكيف تتكون الحياة على هذا الكوكب الذي تعيش فيه. فأنت بهذا تصبح رجل مثقف ذو علم وخبرة ولو بسيطة في كل مجالات الحياة العلمية.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

1 × ثلاثة =