تسعة
الرئيسية » العلاقات » كيف يمكن أن تكون الندية في العلاقة العاطفية محفزة أو مدمرة؟

كيف يمكن أن تكون الندية في العلاقة العاطفية محفزة أو مدمرة؟

ما هو انطباعك تجاه الندية في العلاقة العاطفية؟ هل هي محفزة أم مدمرة؟ ما هي أهميتها وما مقدار خطورتها؟ وكيف يمكنك ضبطها والاستفادة من مزاياها؟ المقال التالي أجوبة صافية لكل هذه الأسئلة المحيرة.

الندية في العلاقة

الندية في العلاقة مطلوبة حتى نستطيع التخلص من تسلط أحد الطرفين على الآخر وخضوع هذا الطرف للطرف المتسلط واستسلامه لاستنزاف مشاعره له بدافع الحب وبقوة العاطفة، ولكن تبدو العلاقات العاطفية شيئا حساسا إلى أقصى درجة حيث يحتاج التعامل معها بكثير من الحيطة والحذر إن أردت أن تنتج علاقة مثالية وأعتقد أن هذا لن يحدث على الإطلاق لأننا بشر وليس ماكينات ولكن في طريق السعي سنحظى بالكثير من المكاسب لا شك، لذلك تبدو الندية في العلاقة شيء جميل ومطلوب ولكن احذر أن تتحول لسرطان ينخر في صلب العلاقة ويجعلها تنهار بأسرع مما تتخيل ودون حتى أن تشعر.. كيف هذا؟ سنتحدث عن هذا وذاك في السطور التالية حيث كيف يمكن للندية في العلاقة أن تكون هي الميزان الحساس الذي يضبط إيقاعها ويمنعها من الاختلال وكيف على الجانب الآخر نفس الندية في العلاقة ولكن بمقدار مختلف قليلا تصبح وبالا على العلاقة وتعجل بنهايتها تماما؟

كيف تكون الندية في العلاقة محفزة؟

الآن سنتحدث كيف يمكن أن تكون الندية في العلاقة محفزة وكيف يمكننا تمييز الندية الإيجابية في العلاقة من الندية السلبية؟ إليك ملامح الندية الإيجابية ثم بعدها نسوق ملامح الندية السلبية.

التكامل

الندية الإيجابية في العلاقة تنتج تكاملا، كلا الطرفين يكملان بعضهما البعض، ليس هناك شخص أفضل من شخص وليس هناك طرف يتفوق على الآخر، يحتفظ كل شخص بتفوقه بالطبع ولكن أثر هذا التفوق يظلل كلا الطرفان، لأنهما شركاء حياة ومشوار واحد وبالتالي ما يقع على أحدهما بالضرورة يقع على الآخر وما يطرأ على أحدهما لابد وأن الآخر يتأثر به.

الاستقلالية

من إيجابيات الندية في العلاقة أيضًا الاستقلالية، ليس من الطبيعي أن تحمل هم الطرف الآخر بأكمله لأنك مرتبط به، لا مانع من المساعدة والتعاون للوصول سويًا لأفضل طريقة ممكنة للحياة ولكن الندية في العلاقة تنتج استقلالية كلا الطرفين والحفاظ على المصلحة المشتركة رغم الاستقلالية لذلك كل شخص يضطلع بأموره مع الإبقاء على قيم المحبة والتعاون عند الحاجة بالتالي نحظى بحرية العزوبية مع ربح مزايا الارتباط.

تحقيق نجاحات شخصية

أجمل ما في الندية في العلاقة هو أنك تستطيع تحقيق نجاحاتك الشخصية ولا تعطلك لذلك بل تدفعك دفعا نحو تحقيق نجاحاتك، عند ارتباط اثنين يؤمن كل منهما بأنه كيان مستقل هذا لا يعني أن ينسحقا كلاهما في كيان مشترك أو يذوب كيان أحدهما في الآخر بل أن يحتفظ كلاهما بشخصيته وبكيانه ويحقق كل طرف منهما نجاحاته وإنجازاته دون أي معوقات بل على العكس بمزيد من الدفع والدعم.

تحفيزك للوصول إلى أهدافك

كما قلنا أنه من إيجابيات الندية في العلاقة هي تحفيزك لتحقيق أهدافك لأن الندية تدفع كل شخص للإيمان بكيان الطرف الآخر وبأهمية أهداف شريك علاقته ونبل غاياتها وأهمية تحقيقه وأثر ذلك عليه وبالتالي أثر ذلك على العلاقة نفسها لذلك تحقيق الأهداف ستجد كل الحافز والدعم في علاقة قائمة على الندية، والتحفيز النابع من القلب لا لمجرد تسيير حال العلاقة واستجداء الرضا من طرف للآخر.

مساعدتك لتحقيق طموحاتك

لا يتوقف الدعم في تحقيق طموحاتك كدعم معنوي ووقوف إلى جوارك فحسب ولكن أيضًا دعم مادي وحسي فكلا الشخصين الذين يؤمنان ببعضهما لن يترددا لحظة في مساعدة بعضهما بأي شكل لتحقيق طموحهما سويا لذلك يجب علينا ألا نبخس الأشياء قيمتها ونعترف أن الندية في العلاقة هامة جدا ولها فائدتها وجدواها العظيمة.

التعامل مع عقلية طموحة تناسبك

الندية في العلاقة لا يمكن أن تأتي إلا بين اثنين متوافقين تماما وبينهما الكثير من التوافق والتقارب العقلي لأنه طالما هناك ندية إذن يوجد إدراك مسبق من كل شخص لكيانه، بالتالي تخيل أنك تتعامل مع عقلية طموحة ومفكرة ومتفهمة مثلك، تخيل أن كل الأمور التي لديك يتم تناولها من خلال منظور متسع وبمستوى فكري وعقلي مرتفع، بل كل الأفكار التي تراودك يمكنك مناقشتها مع شخص يتفهمها وحتى إن لم يقتنع بها فلابد أن لديه فكرة وجيهة يقنعك بها.

متعة في العلاقة

لعل العلاقة القائمة على الندية تحظى بمشكلات أقل وتحظى أيضًا بعاطفة قد تكون قليلة كمّا قياسا بباقي العلاقات ولكنها مركزة وصافية وصادقة، بالإضافة للمستوى الفكري العالي الذي تتمتع به في علاقتك، وتغاضي عن الأمور الصغيرة المرهقة والتي تنفر الناس عن العلاقات لذلك الندية في العلاقة لها مزايا كثيرة نحاول حصرها في هذا المقال ولكن لا نستطيع.

قدرة على حل المشكلات بشكل عملي

صحيح أن المسمى لكما هو علاقة عاطفية ولكن أي مشكلة تعرض لكما لا تحلانها بعاطفية، بل تجعلان العاطفة إحدى عناصر فهمها، بينما أدوات الحل تكون عقلانية وعملية بحتة، لذلك من أهم مزايا الندية في العلاقات هي القدرة على حل المشكلات بشكل عملي متجاوز للانفعالات الشعورية البحتة.

تجاوز الأمور الصغيرة

من أهم إيجابيات الندية في العلاقة والتي تجعلها محفزة هي عدم وجود وقت أو حتى تفكير في الأمور الصغيرة أو الهفوات التي تقع من كلا الطرفين باعتبارها أشياء على هامش العلاقة لا يجب أن نعطيها الاهتمام الأكبر من حياتنا ولن تجد من يفتعل معك معركة من أجل كلمة في غير محلها أو نظرة وقعت بالمصادفة على شخص آخر أو حتى شعور دفين بأنك تخفي شيئًا، كل هذه الأمور لا وجود لها في علاقة تتسم بالندية بين أطرافها.

كيف تكون الندية في العلاقة مدمرة؟

والآن بعد أن استعرضنا الجوانب الإيجابية التي تميز الندية في العلاقة وقدرة الندية على تصفية العلاقة من كل الشوائب التي قد تعلق بها من تسلط وتملك وحب سيطرة واستنزاف مشاعر.

المنافسة

يمكن للندية في العلاقة أن تكون مدمرة إن زادت عن حدها وأصبحت رغبة في صنع نجاحات شخصية إلى منافسة الشريك في النجاحات بالتالي تجد نفسك لا ترنو لتحقيق طموحاتك بقدر ما تحاول قدر الإمكان التغلب على شريك علاقتك والنيل منه والانتصار عليه بالتالي تصبح العلاقة عبارة عن مباراة تتمنى فيها هزيمة شريك حياتك الذي تحول إلى خصم بعد أن كان شريك وأصبح في الفريق المنافس بعد أن كنتما فريقًا واحدًا.

تحميل كل طرف المسئولية للآخر

بدافع الندية في العلاقة الزائدة عن الحد أيضًا يأمل كل شخص في تحميل الآخر مسئولية العلاقة ومسئولية أخطاءها ويرمي على كاهله كل سلبيات العلاقة بأكملها وسيجد مبررات كافية لذلك وبالتالي تتحول العلاقة من تفاني كل شخص في ضبط العلاقة والتحلي بالأخلاقيات التي تجعله يمسك المجداف الآخر ويجدف معه في قارب العلاقة حتى يصلا سويًا إلى بر الأمان إلى شخص يرى الطرف الآخر يجدف وحده ولا يهمه إن غرق القارب أو وصل بالسلامة.

السعي للتفوق على شريك علاقتك

كما قلنا أن المنافسة تنتج عن الندية غير الواعية والندية في العلاقة حينما تصبح هي المتحكمة تجد نفسك تسعى فقط للتفوق على شريك علاقتك ويصبح هذا الشخص هو هدفك أن تعلو عليه وتسمو وتجد نفسك تفرح مع كل انتصار عليه وخاصة إن كان هذا الشخص يعمل في نفس مجالك أو يدرس معك في نفس الجامعة أو غير ذلك وبالتالي تتحول العلاقة إلى مضمار لإثبات التفوق والجدارة بدلا من أن يكون التفوق للعلاقة لا للفرد.

الغيرة من شريك علاقتك

بعد المنافسة والسعي نحو التفوق وتحول شريك العلاقة إلى خصم وعضو في الفريق المناسب تجد أن هذه الأمور والنابعة أصلا من الندية في العلاقة تدفعك دفعا نحو الغيرة من شريك علاقتك وتجد نفسك كارها لكل نجاح يقوم به وتجد نفسك في حالة يرثى لها لأنك تشعر بالاغتراب مع ذاتك والذي يجعلك تحب شخصًا تغار منه ومن نجاحه.

التشكيك في مشاعره

تكون الندية في العلاقة مدمرة إذا دفعتك نحو التشكيك في مشاعره وعلاقة المنافسة هذه تجعلك تشكك في مشاعره وهل هو يحبك حب حقيقي أم لا، هل بالفعل يفرح بنجاحك وبعلو قيمتك أم أنه يكرهه ويغار منك؟ هل يرتبط بك لكي يثبت تفوقه أم لا؟ بل تجد نفسك تشكك في مشاعر نفسك أيضًا وكل هذه المشاعر المضطربة والتي حتى لا تستطيع أن تصارح بها الطرف الآخر تطحنك وتجلب التعاسة إلى علاقتك وتقضي عليها تماما.

عدم الثقة بنفسك

ما قد ينتج أيضًا عن الندية في العلاقة من آثار سلبية هو عدم الثقة بنفسك ومع توالي الجولات بينك وبين شريك علاقتك لإثبات التفوق وإثبات الجدارة في المنافسة تشعر أن شريك علاقتك رضي بالارتباط بك لكي يشعر بالتفوق على شخص أقل منه مستوى ليس إلا مما يجعلك تشعر بعدم الثقة بنفسك وعدم الرضا الدائم عن نفسك وتشعر بمشاعر بالغة السلبية عن نفسك مما يجعل العلاقة عبئا على أي شخص فيها.

حدة في التعامل وتلاشي الحنان

لا بد أن كل هذه المشاعر السيئة ستنتج شيئا، ما ذا ستنتج؟ التعامل الحاد.. لم يعد هناك حنانا واحتواء، لم يعد هناك مكانا فسيحا للعاطفة، أصبحت العملية هي الحل وأصبح التعامل جافا باردا كزملاء في شركة لا يطيقان بعضهما وبالتالي تميز التعامل بينهما بالآلية المفرطة وتم تفريغ العلاقة العاطفية من معناها وأصبحت فقط علاقة منافسة وتثبيط همم وغيرة ومشاعر حاقدة وأشياء ليس لها أي قيمة.

شماتة في خسارة شريكك

إثبات التفوق بالطبع يعني أنك تفرح لخسارة شريكك تماما كما لو كنت تشجع فريقا رياضيًا فأنت تفرح لمكسبه وتفرح أيضًا لخسارة الفريق المنافس لذلك أصبحت الآن تفرح في خسارة شريكك حتى كلمات المواساة لخسارته هذه تخرج منك باردة لا معنى لها ولا قيمة وربما ترفض أن تخرج أيضًا لذلك من أسوأ ما يحدث لك في علاقة أن تشعر أن حبيبك هو خصمك وشريكك في العلاقة ليس شريكك بل عدوك اللدود.

ما الذي يمكن أن يجعل الندية مدمرة؟

عدم الوعي: عدم الوعي بمقدار الندية في العلاقة اللازمة والقدرة على إعادة الاتزان كلما لاحظت انحرافا في المسار وإعادة العلاقة إلى مضمارها الصحيح هو ما قد يجعل هذه الندية وبالا على أصحابها.

أن تصبح الندية هدفا لا وسيلة: كلنا نعرف أن الندية في العلاقة أداة لمنع التسلط وحب الاستحواذ واستنزاف المشاعر في العلاقة، وأن لا تكون عبئًا أو عقبة في طريق طرفي العلاقة نحو حياتهما الشخصية، لكن عندما تصبح الندية في ذاتها هدفًا، فلا ريب أن العلاقة في طريقها إلى الدمار.

خاتمة

الندية في العلاقة مطلوبة ولازمة ولكن يجب الوعي بأهميتها لاتزان العلاقة كما يجب الوعي أيضًا بخطورتها التي يمكن أن تنهي العلاقة بكارثة.

محمد رشوان

أضف تعليق

4 × 2 =