تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » التدخين والمخدرات » المخدرات الرقمية : كيف ظهرت وهل هي مثل الحقيقة ؟

المخدرات الرقمية : كيف ظهرت وهل هي مثل الحقيقة ؟

تعتبر المخدرات الرقمية آخر صيحة في عالم المخدرات والمنبهات، تعتبر المخدرات الرقمية ذات تأثير مشابه للمخدرات الحقيقية، نستعرض كل ما يخص المخدرات الرقمية هنا.

المخدرات الرقمية

المخدرات الرقمية مُصطلح انتشر بكثرة بين فئة الشباب، وتعذر على البعض فهم ما يعنيه هذا المصطلح، خاصة مع القول بأن تلك الأنواع من المخدرات يحصل عليها المدمن مجانًا،في أي مكان كان وأي وقت أراد، حتى بدأ هذا اللفظ يُتبع بعلامة تعجب كبيرة كُلما ذُكر!. ببساطة، إذا كُنت جالسًا الآن فقم، توجه ناحية الباب واغلقه بإحكام، اسدل ستار غرفتك ثم اضغط على زر الكهرباء لتُطفئ الأنوار، أغلفت الأضواء؟،حسنًا، ضع عصبة على عينيك،وضع سماعة الأذن في الأذن ثم تمدد على سريرٍ أو مقعد، والآن مرحبا بك، لقد أصبحت مُدمنًا للمخدرات الرقمية.

ما هي المخدرات الرقمية ؟

المخدرات الرقمية

المقصود بالمخدرات الرقمية مقاطع النغمات التي يتم سماعها بكلا الأذنين عن طريق سماعة الأذن، فمثلا يتم بث ترددات معينة في الأذن اليُمنى وترددات أقل في الأذن اليُسرى، فيشعر المستمع بنشوة غريبة تُشبه نشوة التعاطي التي تحدث أثناء تناول المخدرات الحقيقية، ويشعر كذلك بسعادة عارمة دون سبب، هنا يحدث الإدمان.

والغريب أن الموجات الكهرومغناطيسية التي تصدرها تلك المخدرات لا يشعر بها الإنسان، بل تعبر إلى المخ مباشرة دون المرور بباقي الجسم كما يحدث في المخدرات الحقيقية، ثم تقوم بعدد ذلك بفرز أحد هرمونات السعادة كالدوبامين والذي يشعر المدمن في حالة مزاجية عالية، ويصل الأمر في أغلب الحالات إلى الشعور بالثمل دون تناول أيًا من الكحوليات!

وتقوم المخدرات الرقمية بخداع المتلقي ببث موجات صوتية يختلف ترددها من أذن إلى أخرى، وبسبب غرابة هذه الموجات يحاول المخ توحيد الترددين والوصول إلى مستوى واحد، فينتج عن تلك العملية خلل كهربي يُعطي شعورًا مُماثلًا لشعور الإدمان والثمل، ويجد المتلقي نفسه يشعر بالسعادة المفرطة دون سبب، ومع تغيير الموجات يتعرض المتلقي لجرعات أكبر فأكبر، ويجد نفسه مُدمنًا لهذا الأمر بعد أن يخلق في كل مرة جوًا مثاليًا لهذا النوع من الإدمان وهو يتلخص في غرفة مغلقة وكهرباء مقطوعة وسماعتي أذن ومعصب للعينين مع الاسترخاء التام، والذي يُسهل عملية الإدمان.

متى وكيف ظهرت ؟

ظهرت المخدرات الرقمية على يد العالم الفيزيائي الألماني “هينريش دوف” عام 1939، حيث اكتشفها عن طريق تقنية قديمة تُسمى “النقر بالأذنين”، وفي عام 1970 تم استخدامها لأول مرة وذلك بقصد علاج بعض الحالات النفسية، والمصابين بدرجة خفيفة من الاكتئاب ويرفضون الأدوية، وتقوم هذه الأنواع من المخدرات بفرز مواد مُنشطة للمزاج.

هذا ومن المعروف طبيًا أن تلك الأنواع من المخدرات لا تُستخدم إلا لثوانٍ معدودة ولا يتم تجريبها أكثر من مرتين في اليوم الواحد، ويتم ذلك تحت إشراف الطبيب.

من أين تأتي ؟

يُمكن الحصول على هذا النوع من المخدرات عن طريق عدة مواقع تقوم بتقديم تلك المخدرات على أنها شيء صحي وآمن، بل وشرعي، وفي الحقيقة لا يوجد قانون في العالم يُجرّم الاستماع إلى الموسيقى مهما كانت، وتبدأ أسعارها من 3 دولار وقد تصل إلى 30 دولار حسب الجرعة المطلوبة وقدر الاستمتاع الذي ينشده المستخدم.

وبالرغم من كون هذا المخدرات غير قابلة للتلف أو البوار، وتصلح للاستخدام عدد لا نهائي من المرات، إلا أن المدمن لا يقوم بسماع هذه الموسيقى سوى مرة واحدة، بعدها يبحث عن نغمات وموجات جديدة، ولذلك ترتفع أرباح تلك المواقع التي تُشرف على هذا الأمر القانوني ظاهريًا المُفسد في الخفاء، ولا يستطيع رجال القانون ملاحقة تلك المواقع بأي شكل أو حتى التعدي عليها بالسب أو اتهامها بأي من التهم، وفي حالة حدوث ذلك تُصبح هي موقف قوة، لأنه لا يوجد حق في ملاحقتها قضائيًا لعدم وجود تهمة، فأي تهمة في بيع الموسيقى؟

الفرق بينها وبين المخدرات الحقيقية

في المخدرات الرقمية يتم تزويد المستخدم بملف مكون من أربعين ورقة ويحتوي على شرح لكيفية استخدام تلك المخدرات، بل أن المواقع التي تعمل في ذلك تمنح المستخدم المخدرات في المرة الأولى مجانًا، وتُشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ثمانين بالمئة أعجبهم الأمر وقرروا الاستمرار، أما المخدرات الحقيقية فتحتاج إلى شخص خبير يشرح لك الأمر لأن الخطأ في تناول المخدرات الحقيقية قد يؤدي إلى الموت مباشرة.

تظهر أعراض الإدمان في المخدرات الرقمية بعد مرور فترة قصيرة، حيث يبدأ المدمن في الانعزال والارتجاف، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المخدرات الرقمية لا تُعطي المدمن السعادة فحسب بل تمنحه أيضًا الشرود الذهني لفترات كبير من الوقت، فينفصل عن الواقع ويقل تركيزه، وقد يصل الأمر إلى تعرضه للتشنج!

ومن الواضح تمامًا أن المخدرات الرقمية تُلحق بمستخدمها نفس الأضرار التي يتعرض لها مُستخدم المخدرات الحقيقية، من تفتيت الدماغ وتمزق الخلايا العصبية وإصابته بما يُشبه الإعاقة، بل ومع الوقت يمكن إصابته بالتخلف العقلي والجنون، إجمالًا، كلا النوعين يؤديا إلى تغيرات كيميائية جسيمة في الدفاع، وكلاهما قد ينتهي الأمر بمدمنهما إلى الموت، وقد حدث ذلك بالفعل وسجلت السعودية أول حالة وفاة بالمخدرات الرقمية في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وهنا كان يجب أن تنتهي نوبة الاستهتار بهذا النوع من المخدرات وبدء السعي نحو المقاومة والعلاج.

الشفاء من المخدرات الرقمية

يؤكد الكثير من العلماء وعلى رأسهم الدكتور “جوزيف الخوري” أنه رغم كل ما قيل عن المخدرات الرقمية فإنه لا يوجد حتى الآن ما يثبت يقينا أن هذا النوع من المخدرات يُسبب الإدمان، أو أنه يُمثل أي نوع من أنواع الضرر، وأن ما يحدث للمستخدم هو مُجرد إيحاء منه، أي أن أساسها نفسي وليس كيماوي، واستقر الأمر إلى الإجماع بأنها ليست جيدة أو ضارة، وإن كانت ضربًا من العبث فهو عبث غير مرغوب به على الإطلاق، خاصة وأن هذا العبث قد سجل العديد من حالات الوفاة في العشر سنوات الأخيرة.

لذلك،وقبل كل شيء، على الحكومات استحداث القوانين التي تُجرم تلك الأنواع من المخدرات تمامًا كما يحدث مع المخدرات العادية، بل وتقوم بإنشاء جهاز مكافحة لها أيضًا، تكون مهمته رصد هذه المخدرات والتعامل معها، إضافة إلى ذلك يجب السعي نحو تعاون دولي قوي للقضاء على هذه الظاهرة والإمساك بمروجيها.

دور الدولة لا يقف عند هذه الأشياء فحسب، بل ينبغي تطبيق نوعية مبتكرة من الحلول تُناسب الشباب، والتواصل مع الأسر وحثها على فرض الرقابة على أبناءها، وبذلك لا يتبقى سوي المدارس والجامعات، وبالطبع التنسيق أيضًا مع إداراتها وتحملهم نفس مهمات الأُسر.

ولا ينتهى الأمر إلى هنا فقط، بل يجب أن يقوم الشباب أنفسهم بالحث والإطلاع عن كل ما يثار حولهم، ومعرفة الأشياء، ضررها ونفعها، خيرها وشرها، كيف لا والعالم قد أصبح بيئة للمفسدين والمجرمين، الذين لا يشغلهم شيء سوى جمع المال، بل ويتفننون في جمعه ويبتكرون الكثير من الطرق التي كانت المخدرات الرقمية واحدة منها، والتي ستُسبب الكثير من الضرر على الأجيال القادمة إن لم يتم بتر جذورها من الآن، وهو أمر ممكن فقط في حالة التكاتف والاعتراف بأن مثل هذه الأشياء خطر حقيقي يذبذب استقرار العالم الذي ما كاد ينقطع عن الحروب حتى بدأت به معارك من نوعٍ أخر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة × 3 =