تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » حياة زوجية » الحياة الزوجية : هل أنت مؤهل للزواج ومستعد له حقًا ؟

الحياة الزوجية : هل أنت مؤهل للزواج ومستعد له حقًا ؟

الزواج والارتباط وتكوين العائلة ليس بالأمر اليسير، وإذا كنت تظن أنه كذلك فأنت مخطئ، في هذه السطور ندلك إذا ما كنت مستعدًا لخوض تجربة الحياة الزوجية أم لا.

الحياة الزوجية

الحياة الزوجية كلمة تبدو في ظاهرها بسيطة بعض الشيء. لكن إذا حاولت أن تتعمق قليلا في المعنى الذي تحتويه هذه الكلمة، ستجد أن تلك الكلمة ليست بسيطة على الإطلاق! الحياة الزوجية ، كلمتان كلاهما في غاية الكبر والقوة. الأولى هي كلمة حياة، وهي تعني كل شيء يحدث لك. الحياة هي كل ما يشكلك ويكونك ويجعل منك الشخص الذي أنت عليه الآن. الكلمة الثانية هي الزواج، وهو من أحد أهم وأخطر القرارات التي يتخذها الفرد في حياته. ففي الحقيقة، كلمة الزواج هذه هي المسبب الأول في وجود كلمة الحياة. فحياتك تصنعها قراراتك. وزواجك هو من أهم هذه القرارات. ولكن، وإذا كان الأمر بهذا العمق والمصيرية، هل تجد أن اتخاذ قرار مصيري كبدء الحياة الزوجية يتأتى ببساطة؟! هل تجد أن اختيار شريك لحياتك المستقبلية أمرا ببساطة “زوجتك نفسي”؟! هل حقا تعتقد أننا جميعنا مؤهلون للزواج لمجرد أننا وصلنا إلى مرحلة البلوغ وأصبحنا على مشارف سن الزواج الذي حددته لنا مجتمعاتنا؟! سواءا كانت إجابتك بنعم أو لا، احتفظ بها بداخلك وسر معي في هذا المقال. وسأتركك تخرج أيا كانت الإجابة التي بقيت أو تغيرت في النهاية.

تعرف ما إذا كنت مؤهلاً لخوض تجربة الحياة الزوجية أم لا

في الزواج حياة

لا تستهن بعظم الحياة الزوجية إطلاقا. لا تعتقد أن الأمر بسيط لمجرد أن الناس يفعلونه ببساطة أو من دون تفكير. إننا نصنع في اليوم الواحد مئات القرارات الصغيرة التي قد تؤثر على مستقبلنا فيما بعد. فلا تدع أحدا يخبرك مطلقا بأن اختيارا كاختيار الحياة الزوجية هو بتلك البساطة التي يدعونها. أن تطرق باب إحداهن وتطلب منها الزواج، لا يحمل في مضمونه مجرد عرض لارتباط. إنما هو عرض لإنشاء حياة جديدة. حياة قائمة على شخصين لا يفقهان الكثير عن أسس بناء حياة. شخصين في مقتبل عمرهما بالقليل من الخبرات والكثير من المواجهات ليمروا خلالها.

عندما تطرق باب فتاة لتطلب منها الزواج، فأنت تطلب منها أن تترك بيت أهلها، وأن تترك حياتها، وأن تترك كل ما كان يمثل دنيتها قبل لحظة طرقك على الباب، فقط من أجل أن تأتي معك في رحلة إلى المجهول! ليس هذا فقط. بل أن تفعل كل هذا معك. أنت المتجه إلى المجهول أيضا! أنت الصغير عديم الخبرة بأمور الحياة الزوجية . أنت التائه في بحر الحياة، الباحث عن حياة أخرى قد وقد لا تكون أكثر استقرارا. أنت المقامر في لعبة الحياة التي تلعبنا جميعا وترمي بنا حيث شاءت. هل أنت قادر على تخيل ملحمية الموقف؟!

ماذا تعني الحياة الزوجية ؟

الحياة الزوجية ليست فقط ليلة العمر حيث الأفراح والليالي الملاح. وليست اجتماع الأهل حولكم أو فرحة أصدقائكم بكم فقط. وليست فستان العروس أو بدلة العريس أو جلسة التصوير بارعة الجمال. ليست الرقص والاستمتاع والترقب. كل ما يحدث منذ لحظة طرقك باب فتاتك وحتى لحظة دخولكم عش الزوجية، لا يمت بقريب أو ببعيد لما ستبدو عليه الحياة الزوجية بينكم فيما بعد. كل هذه الأشياء الجميلة التي ذكرناها، هي فقط منظر شروق الشمس قبل أن يبدأ اليوم بكل ما يحمله من أحداث. أو لحظة غروب الشمس قبل أن يحل الليل بكل ما يحمله من أفكار. الأفراح والليالي الملاح هي فقط المنظر الجميل الذي ستبدأ بعده في حياكة يومك وليلك. وأنت الوحيد الذي سيحول هذه الحياكة إلى مناظر أخرى متكررة لذلك المنظر الأول الجميل. أو إلى مناظر أخرى لن تجني سوى الحزن والغم عليك وعلى شريك حياتك.

الحياة الزوجية هي أن يكون لكما بيتا خاصا بكما، حياة خاصة، أسرارا خاصة، أحداثا خاصة. الحياة الزوجية هي أن تبدآ بالتخطيط لحياتكما سويا، لأن الحياة الزوجية لم ولن تكون حياة فردية حكرا على أحد منكما أو على كلاكما منفصلين. كل ما يحدث بينكما يجب أن يكون مشاركة، وكل ما ينتج عنكما يجب أن يكون برضاكما. سيجب عليكما تعلم طريقة العيش مع شخص لا تعرفونه كفاية. مع شخص لم تعايشوه كما عايشتهم أهاليكم مثلا، فأنتم لا تعرفون كافة طباعة وصفاته بعد، وبالتالي لا تعرفون أفضل التصرفات والانفعالات بعد. الحياة الزوجية ليست حكرا عليكما فقط، بل هي تقاطع لعائلاتكم أيضا، وسيظهر هذا التقاطع جليا عندما ترزقون بأطفال ستكون دائرة حياتهم هي أنتم وعائلاتكم. الحياة الزوجية هي عادات وتصرفات وطباع وقرارات واختيارات وفرح وحزن وانفعال. الحياة الزوجية هي كل ما تحمله كلمتي الحياة والزواج من معاني.

الزواج ليس قصة خيالية

على كلاكما أنت تدركا أن الزواج ليس قصة خيالية، وليس الحل لجميع مشاكلكما. هو لن يأتيكِ بالفطور في السرير كل صباح، وهي لن تفاجئك بالشموع والأجواء الرومانسية كل مساء. الحياة الزوجية هي بداية مرحلة حياتية. حياة تحمل في طياتها كل الاحتماليات. تحمل لكم الأحداث الجيدة التي ستبكون فرطا من جمالها. وستحمل لكم الأحداث السيئة التي ستختبئون داخل أسرتكم هربا من بشاعتها. الحياة لن تكون قصة خيالية جميلة حيث البطل والبطلة يعيشون في تبات ونبات مع الكثير من الأولاد والبنات. الحياة الزوجية هي بحر آخر عليكم أن تخوضوه سويا. عليكم أن تتوصلوا إلى طريقة العوم فيه –سويا-. عليكم أن تعرفوا طريقة النجاة فيه سويا. وربما لن يتعلق الأمر بكما فقط، سيأتي لاحقا أطفال يملؤون عليكم الحياة. وستزداد المسئوليات أكثر فأكثر. وستزداد صعوبة أمواج البحر أكثر. وسيكون النجاة منه أصعب مما هو وأنتم بمفردكم.

هذه التشبيهات والتنظيرات، ليست معناها أن الحياة الزوجية مستحيلة إطلاقا. وليست معناها أن من المستحيل بلوغ تلك القصة الخيالة التي نتحدث عنها. بل بإمكانكم هذه حقا. لكن الأمر قد لا يكون بالبساطة التي تظنونها، وقد لا يكون منذ بداية حياتكم سويا كما تعتقدون. القصة الخيالية الجميلة حيث السعادة والسرور هي قصة ممكنة الحدوث، ولكن سيجب عليكم المحاربة قليلا من أجلها أولا. سيجب عليكم الخروج من بعض تحديات الحياة بخير. سيجب عليكم أن تثبتا لبعضكما البعض أنكما ستكونان السند الأول لأحدكما الآخر. سيجب عليكما أن تكونان الملاذ الآمن لبعضيكما أولا، وحينها فقط ستكون القصة الخيالية أمامكم. لأنكم قدمتم ما يؤهلكم لاستحقاقها.

الحياة الزوجية ليست قبرا أو لعبة مستحيلة، الحياة الزوجية هي حياة لديها شروطها والطرق المتبعة للعيش فيها في سعادة وهناء، كل ما عليك فعله هو الالتزام بالقواعد ووهب الحب قدر ما تشاء.

ما الذي تتطلبه الحياة الزوجية ؟

الحياة الزوجية تطلب منك أول شيء، أن تكون مدركا وواعيا لحجم المسئولية التي أنت على وشك الدخول فيها. عليك أن تكون مدركا أن هذه حياة جديدة أنت على وشك بدأها مع شخص آخر، لذلك، هذه هي مسئوليتكما وأنتما فقط، لا أحد آخر. وعليك أن تكون واعيا بأن أحد هذه المسئوليات، هي الحفاظ على منزل يملأه الحب والمودة والرحمة والاحترام. وأيضا أن هناك مسئولية أخرى تقع على عاتقكما، وهي الإنجاب. إنجاب الأطفال هي مسئولية أخرى أكبر بكثير من مسئولية الزواج. فالزواج مهما يكن، سيظل حياة لشخصين ناضجين بإمكان أي منهما أن يتصرف في شئونه ويصل إلى أفضل الاختيارات بعقله. مسئولية الإنجاب تكمن في وجود فرد ثالث لا يفقه من أمره شيئا، ويحتاج إلي مجهودات جبارة حتى إيصاله إلى مرحلة النضج. وهذه المجهودات هي فرض واجب على الآباء. لذلك، ما سيحدد تأهيلك لكي تكون زوجا من عدمه سينقسم إلى مرحلتين. الأولى هي مرحلة ما قبل الإنجاب، والثانية هي مرحلة ما بعد الإنجاب.

ما قبل الإنجاب

الحياة الزوجية قبل الإنجاب هي أسهل بكثير منها بعد الإنجاب كما أوضحنا. وفي هذه المرحلة، لا تكون مُلزما سوى من فرد واحد فقط، وهو شريط حياتك ومن اخترته ليقيم معك أسس وبناء تلك الحياة. ما الذي يجب أن يوجد فيك لتكون مؤهلا للزواج إذا في تلك المرحلة؟

أول شيء أنت بحاجة إلى التحلي به هو الاحترام. الاحترام التام والمصحوب بالحب والمودة إلى شريك حياتك. يجب على كلاكما أن تعرفا أن الحياة ليست حكرا أو يجب عليها تلبية رغبات أحدكما فقط. الحياة هي شراكة بينكما أنتما الاثنين، رغبات كلاكما مقدسة، وطموحات كلاكما مقدسة، واختيارات الحياة يجب أن تكون مشاركة بينكما.

التكلم والاستماع

هي ليست خادمة من أجل منزلك، وأنت لست حاملا لحيوانات منوية من أجل أولادها. منزلكما يجب أن يضم شخصين يحملان بداخلهما ما يكفي من الحب والاحترام تجاه بعضهما البعض. تعلم أن تشركها في أمورك الحياتية، أن تستشيرها، أن تطلب مساعدتها. أن تحكي لها عن أحداث حياتك التي لا تكون معك فيها، وأن تُشعرها بأنها أهم شخص في حياتك. تعلم أن تستمع لها عندما تضجرك بالتفاصيل البسيطة التي تعيشها، فهي تفعل ذلك حبا فيك. اجعل الكلام من أولويات حياتكما. لا تترك يوما يمر دون أن تتحدثا فيه كثيرا عن أي وكل شيء. الحوار يفتح طريقا وجسرا بين النفوس، ونفوسكما ستشتاق إلى الكلام إذا ما انقطعتم عنه. وربما عندما يحدث هذا الاشتياق، لا تكونون أنتم الاختيار الأول. فتحدثوا واستمعوا وتفهموا، وكونوا ملجأ وملاذا لأحدكما الآخر.

التشجيع

هي ليست شخصا من غير طموح. بل يجب عليك عندما تقرر الارتباط بشخص، أن تحرص على الارتباط بفتاة ذات طموح. تلك الفتاة ستكون أول شخص يقف ورائك عندما تقرر تغيير العالم. وتلك الفتاة هي من ستنشئ معك أطفالا قادرين على تغيير العالم. وكطريقة لرد جميلها هذا، لا تكن أنت عقبة في سبيل طموحها هي الأخرى. أجل هي امرأة مهيأة للحمل والإنجاب والإرضاع، ولكن دورها ينتهي عند ذلك الحد، دورها ينتهي عند الحمل والإنجاب والإرضاع. كل ما يحدث بعد ذلك هو أمر واجب على كلاكما لا عليها هي فقط. فالتربية والتوعية هي فرض مناصفة بينكما، وكذلك الطموح والرغبة في تحقيق الذات هي فرض مناصفة بينكما. لا تأخذ أنت الطموح كله وتترك لها التربية كلها. هذه أول وصفة في طريق الفشل. لا تكسر طموحها ولا تُهلكها بمهام الأطفال الشاقة. أدّ دورك الواجب عليك تجاه أولادك، وأدّ دورك الواجب عليك تجاه تشجيعها. الحياة الزوجية لم تخلق لتكون سجنا لأحد وسماء آخر. بل خلقت لتكون مأوى لراحتكما أنتما الاثنين.

التفاهم والتعايش

الحياة الزوجية ستكون مجرد محطة بداية لكما، ومنذ أول أسبوع ستكتشفان الكثير والكثير من الأشياء التي لا يتأتى معرفتها إلا بالمعاشرة وأن تكونا في وجه أحدكما الآخر طيلة الأربع وعشرون ساعة. من بين هذه الأشياء التي ستعرفونها، طباعا وصفات شديدة الجمال والرقة. صفات ستجعلكم تسجدون لله كل صباح سجدة شكر لحصولكم على شريك حياة كشريككم هذا. وفي المقابل، ستجد صفات أخرى ستقودك إلى الجنون والانفعال والغضب. وهذا الأمر هو حتمي عزيزي القارئ، لن تجد ملاكا تاما ولا شيطانا تاما. ستجد إنسانا يتصف بالخير والشر، بالجيد والسيئ، بما يمكنك تحمله وما لا يمكنك. التفاهم والتعايش في تلك المرحلة المبدئية من حياتكما، هي أهم شيء تتعاملون به حينها. عندما تجدون خلقا جميلا من شريك حياتكم، اذكروه وأخبروه به، واجعلوه يعرف كم يجلب هذا الفعل السعادة والفخر لكم. وإذا وجدتم خلقا ليس جميلا بما يكفي، حاولوا أن تتغاضوا عنه وتتذكروا الجميل منه عوضا عن الغضب من السيئ منه. فكما أوضحنا، أنتم متزوجون من بشر يصيبون ويخطئون.

الطباع السيئة التي “يجب” عليكم تغييرها، بإمكانكم أن تتحدثوا فيها أولا وبكل اللطف والحب الممكنين، ويجب أن تتوصلا إلى قرار مشترك بتغيير صفة ما وأن تساعدا بعضكما البعض في سبيل هذا. لكن النقد والانفعال لن يحلا أو يغيرا أي شيء، بل سيخلقان فجوة بينكما قد يبدأ كل شيء في الانهيار بعدها. فاسمعوا وافهموا وتغاضوا واستمتعوا بما هو جميل على حساب ما هو سيء.

المفاجآت والهدايا

الحياة الهادئة الخالية من المشاجرات والمهاترات، ليست دليلا كافيا على سعادة الحياة الزوجية . تعودوا دائما أن تفاجئوا بعضكم البعض بهدايا في مناسبات أو غيرها. احرصوا على إظهار حبكم وامتنانكم لشريك حياتكم هذا. اجعلوا يوما في الأسبوع أو الشهر من أجلكم، من أجل أن تستمتعوا بوقتكم وأن لا تخمد شرارة الحب بينكم. الحب مثله مثل أي شيء في الوجود، يخمد بالتجاهل وينتعش بالاهتمام. فاهتموا ببعضكم البعض جيدا، واحرصوا على إضافة لمسات الجمال بينكم. اجعلوا بينكم عادات تفعلونها فقط من أجل إسعاد الآخر، كأن تضع العطر الذي تحبه هي، أو أن ترتدي الملابس التي يحبها هو. لا تتركوا جذوة الحب بينكم تخمد، فالوقت الذي ستأخذونه في إعادة إشعالها سيتطلب وقتا وجهدا كبيرين جدا من كلاكما – هذا إذا كان لديكما الوقت والجهد الكافي حينها -. الإبقاء على الحياة الزوجية سعيدة وممتعة يتطلب وقتا وجهدا، فلا تدخروا جهدا الآن، لتنعموا بحياة جميلة الآن ولاحقا.

اشركوا الآخرين

ليس المقصود بهذا هو أن تجعلوا الآخرين يتدخلون في حياتكم، ولكن المقصود به هو أن يكون لديكم أشخاص آخرين في حياتكم من أجل الاستمتاع بأوقاتكم أو الحصول على الدعم النفسي حينما تحتاجون. لا تغلقوا دائرة حياتكم على أنفسكم وتنغلقون عليها هكذا. حتى إذا كنتم تحبون بعضكم البعض حبا جما، سيأتي وقت ستحتاجون فيه إلى وجود أشخاص آخرين في حياتكم. عائلة أو أصدقاء أو سواهما. الإنسان بطبعه كائن اجتماعي يحرص على وجود الكثيرين ممن يمكن الاعتماد عليهم في حياته، فلا تجعلوا حصولكم على شريك حياتكم مبررا لقطع علاقاتكم العامة. بل احرصوا على وجودها دون أن تؤثر سلبا عليكم. فارتباطك بشخص لا يبرر لكي قطع علاقاتك مع أصدقائك. وارتباطك بفتاة لا يبرر لك إلغاء وجودك النفسي والمعنوي من حياة أصدقائك. وارتباطكما ببعضكما البعض لا يعطيكما الحق في السيطرة على من يرافقه الطرف الآخر أو لا. يجب أن يكون لكل فرد منكم حياته التي يفعل فيها ما يريد دون الاضطرار إلى فعل شيء عكس رغبته فقط من أجل تحكم الطرف الآخر. وغير هذا، وجود أشخاص مختلفين سواكم في دائرة حياتكم هو أمر صحي جدا. فعائلة صديقك ربما تكون هي الوحيدة الموجودة لمساعدة زوجتك في أمر ما عندما لا تكون أنت موجودا، وعائلة زوجتك ربما ستكون الداعم لك في بعض القرارات عندما لا تجد شخصا آخر تعتمد عليه. غير أن هذا سيظهر أهميته لاحقا عندما تنجبون الأطفال، وتجدون أن أولادكم سيحظون بتجربة أفضل بمراحل عندما يوجد أطفال وأشخاص آخرون في حياتهم سوى آبائهم.

ما بعد الإنجاب

مرحلة ما بعد الإنجاب تتطلب مقالا آخر لنتحدث فيه. فربما تكون مؤهلا لتكون زوجا جيدا، ولكن الصفات اللازمة لتكون والدا جيدا هي أمر آخر للتحدث حياله. وسنحاول إجمال بعض الأمور فيما هو قادم من المقال، وسيتم تفصيل الباقي في مقال آخر.

متي تنجب؟

يجب عليك أن تعرف جيدا الوقت المناسب للإنجاب. فيستحسن أن لا يكون هدفك الأول من الزواج هو الإنجاب. بل عليك أن تتريث كثيرا قبل اتخاذ هذا القرار، وأن تدرسه بجدية مع شريكة حياتك، وحاولا أن تتحكما في الهرمونات التي ستخبركم بأن الإنجاب هو أفضل شيء في تلك المرحلة. فكما تحدثنا، الحياة الزوجية هي بداية لحياة جديدة، وفي بدايتها إنما أنتم تحاولون التعرف على بعضكم البعض وعلى التأقلم والتعايش مع طباعكم المختلفة. سيجب عليكم الانتظار حتى تصلوا إلى مرحلة التعايش السلمي بين طباعكم المختلفة تلك قبل أن تبدؤوا في خطوة الإنجاب. فمثلا، إذا أنجبتم طفلا وأحدكما يستشيط غضبا من بعض تصرفات الآخر ولم يتعلم بعد كيف يتعايش معها، تخيل تأثير ذلك على طفلكما عندما تندلع المشاجرات بينكما على أشياء تافهة، وتخيلوا التأثير السيئ الذي سيتركه هذا في نفسية أطفالكما! بل وربما تطور الأمر إلي ما هو أكثر خطورة، بأن وصل عدم قدرتكما على التعايش مع بعضكما، إلى الرغبة في الانفصال! حينها سيكون أمامكم اختيارين، إما أن تستمروا مرغمين في هذه العلاقة من أجل الأطفال – وهذا لن يكون جيدا بأي حال على أطفالكم لأنكم ستكونون في شجارات دائمة- وإما أن تنفصلوا وتعرضوا أطفالكم لمأساة العيش في أسرة مفككة. فتحديد موعد الإنجاب ومعرفة الوقت المناسب له هو أمر هام جدا من أجلكم ومن أجل أطفالكم. وسرعة الإنجاب لن تجلب لكم سوى فرض واقع التعايش عليكم وعدم وجود فرصة لتقييم علاقتكم أو محاولة الوصول إلى أفضل.

حجم المسئولية

يجب عليكم معرفة حجم المسئولية التي أنتم مقبلون عليها، وأن إنجاب طفل ليس مجرد تحقيق رغبة بداخلكم. فهذا الطفل ستكونون أنتم المسئول الأول عن صحته النفسية والجسدية وطموحاته وأفعاله حتى اللحظة التي يُصبح فيها قادرا على فعل هذا بنفسه. فيجب عليكم إذا قبل إنجاب طفل، أن تكونوا قد تحدثتم فيما ستفعلونه، وكيف سترغبون في تربية الطفل وما الذي ستعتمدونه في تحقيق هذا. وما الأمور الأساسية والبناء الذي ستبنون عليه حياة طفلكم. والطريقة التي سيشارك كل فرد منكم في حياة الطفل وفي الحياة الزوجية فيما بعد الإنجاب. وربما يجب عليكم التفكير في الأمور المادية، والمستوى الذي ترغبون أن يعيش فيه طفلكم، ثم كيفية تحقيق هذا. ما الذي ستتضحون به من أجل طفلكم وما الذي ستبقون عليه. ربما يعيش الكثيرون منا في العالم العربي بشعار “اتركها على الله”، لكنهم ينسون دائما شعار “خذ بالأسباب”. أجل بالطبع اتركها على الله، لكن أولا احسبها جيدا واعرف ماذا ستفعل وكيف ستفعله، ثم اترك النجاح والتوفيق لله هو القادر عليه.

الحياة الزوجية عامة وإنجاب الأطفال خاصة، من الأشياء التي تحتاج إلى الكثير من التفكير والبحث ومراعاة الكثير من الأشياء. ليس من أجل فعلها أو الامتناع عنها، فالزواج والإنجاب في البداية والنهاية هي من الأمور التي تسير عليها الحياة القويمة. وإنما التفكير يكون لمعرفة الطريقة المثلى التي ستسير عليها تلك الحياة. وكيف ستكون قادرين على مواجهة ما هو قادم منها. وكيف سنكون على قدر عظم المسئولية. عندما أسألك هل أنت ملائم للزواج، ليس من أجل أن تجيب بنعم أو لا، وإنما من أجل أن تفكر في مدى جاهزيتك لتلك المسئولية العظيمة. وكيف سيكون شكل حياتك عندما تخوض هذا البحر. وكيف بإمكانك أن تبدأ في تحسينها منذ الآن.

الآن وبعد أن أنهينا هذا المقال سأتركك تجيب على السؤال الموجود في المقدمة. وأخبرني إذا كانت إجابتك قد تغيرت بعد قراءة المقال أم لا عزيزي القارئ.

أفنان سلطان

طالبة جامعية، أهوى القراءة واعتدت الكتابة كثيرا منذ صغري. على أعتاب التخرج ولا أدري بعد ماذا سأفعل.

أضف تعليق

واحد × خمسة =