تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » كيف نشأت فكرة الحصانة الدبلوماسية وكيف يتم الحصول عليها؟

كيف نشأت فكرة الحصانة الدبلوماسية وكيف يتم الحصول عليها؟

تعتبر الحصانة الدبلوماسية بمثابة صلاحيات تُمنح لبعض الدبلوماسيين من السفراء والقناصل في مختلف أنحاء العالم، وهي أمر لابد منه لضمان عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، على اعتبار أن هؤلاء الدبلوماسيين يمثلون دولًا أخرى صديقة أو شريكة.

الحصانة الدبلوماسية

لطالما كانت الحصانة الدبلوماسية مثار جدل لدى كثيرين حول مزاياها وكم الصلاحيات التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص، وهل أنها متشابهة في كل دول العالم وبنفس القدر لكل الدول، أم أنها تختلف باختلاف حجم ومكانة الدولة، وغير ذلك من نظم تحددها الأمم المتحدة بشكل تفصيلي؛ ولذلك سنوضح فيما يلي ونسلط الضوء بشكل أوضح على بعض تفاصيل تتعلق بالحصانة الدبلوماسية في القانون الدولي العام، وكذا الحصانة الدبلوماسية في الإسلام، وما نطاق هذه الحصانة الذي يتمتع بها الدبلوماسيين ووفود الدول وممثلي وزارات الخارجية، كما نوضح كيفية الحصول على الحصانة الدبلوماسية وهل أنها متاحة للجميع أم لأشخاص بعينهم، كما نسرد بيانات ومعلومات هامة حول رفع الحصانة الدبلوماسية والأسباب التي قد تدعو لذلك سواء من الدولة ذاتها أو من الدولة المضيفة لهؤلاء الدبلوماسيين، وأخيرًا نتحدث حول أنواع الحصانة الدبلوماسية لأن هنالك خلط شائع بين هذه الأنواع والبعض لا يكاد يفرق بينها مما يتيح مناخًا لسوء فهم مستجدات الأوضاع من حولنا.

ما هي الحصانة الدبلوماسية ؟

الحصانة الدبلوماسية ما هي الحصانة الدبلوماسية ؟

إن الحصانة الدبلوماسية هي تلك الحماية السياسية والأمنية والقانونية التي اتفقت عليها بلدان العالم جميعها فيما يتعلق بعدم ملاحقة الأشخاص ممثلي الدول ومندوبيها ولا محاكمتهم في أية تهم؛ إذ أن هذا الأمر قد يجبرهم أو يشكل عليهم نوعًا من التهديد الذي يجعلهم يفرطون في أسرار ونوايا بلدانهم، ورغم أنها حماية داخل البلاد وخارجها، إلا أنه من المتعارف عليها استعمالها خارج البلاد بشكل موسع لأولئك الوزراء والسفراء وغيرهم، وفي الوقت ذاته يبقيهم خاضعين لقوانين دولتهم الأم الموفدة لهم، ويجب قبل كل شيء الاتفاق على الأماكن التي يقيمون فيها من سفارة أو قنصلية أو حتى منازل شخصية لهم ولعائلتهم، وعلى الدول المضيفة أن توفر لهم كافة سبل الرعاية والحماية إذا أن كرامتهم من كرامة أوطانهم، ولطالما كانت هذه الحصانة الدبلوماسية ورقة ضغط استغلتها العديد من الدول على دول أخرى لتحقيق أهداف وغايات وامتيازات ما في دول معادية مع ضمان عدم محاكمة الدبلوماسي الذي يمثلها في ذلك، وكل هذا لم يمنع على مدار القرن الماضي والحالي حدوث اعتداءات وشغب كبير على أعضاء الفريق الدبلوماسي لأكثر من دولة ولعل أزمة السفارة الأمريكية في إيران واعتداء المواطنين على أعضاء السفارة لهو أكبر دليل على ذلك.

الحصانة الدبلوماسية في القانون الدولي العام

الحصانة الدبلوماسية الحصانة الدبلوماسية في القانون الدولي العام

يضع القانون الدولي الذي وقعت عليه كل دول العالم فيما يتعلق بالحصانة الدبلوماسية، عددًا من القواعد والبنود الرئيسية التي تحمي أية شخصية دبلوماسية خارج أو داخل أراضي الدولة، وبالتالي يعتبر الدبلوماسي شخصًا مصونًا من إلحاق الإجراءات الجزائية به عند ارتكابه مخالفات ما، ولعل أبرز هذه الصلاحيات هو عدم محاكمتهم في الدول المضيفة لهم لا أمام الجهات القضائية ولا النيابية ولا حتى الشرطية، وفي هذا الصدد لا تجد الدولة المضيفة أية ردود فعل تقوم بها صوب ذاك الدبلوماسي الخارج عن القانون، إلا أنها تطلب إلغاء حصانته من الدولة المرسلة، أو أن تطلب مغادرته للبلاد فورًا واستبداله بآخر، ولعل هذه الأحداث تكررت كثيرًا في التاريخ السياسي بين عدد من الدول، وكانت الحصانة الدبلوماسية قديمًا وحتى نهايات القرن العشرين تتعرض لتعديات كبيرة على حامليها، إلا أن الأمم المتحدة وضعت اتفاقية في عام 1973 وحاولت تمريرها والتأكيد عليها خلال الأعوام والعقود اللاحقة، وتضمنت هذه الاتفاقية بنودًا تمنع الاعتداء على أي موظف دبلوماسي يحمل حصانة وحماية دولية، بينما وضعت استثناءات ما ولعل أبرزها هو القبض على هذا الدبلوماسي بهدف حمايته هو شخصيًا من أي غدر أو بطش قد يتعرض له من مواطنين غاضبين للدولة المرسلة التي يمثلها.

وفي السياق ذاته نجد الحصانة الدبلوماسية غير مقتصرة على الدبلوماسيين أنفسهم كأشخاص وفقط، لكنها تلحق كذا بمنازلهم ومكاتبهم وكافة متعلقاتهم الشخصية وكل ممتلكاتهم في الدولة المضيفة، وقد حدد القانون الدولي ذلك لضمان عدم إخضاعهم للتفتيش خاصةً وأنهم قد يحملون بين أيديهم أوراقًا سرية وبيانات وكشوفات خاصة ليس من المسموح الاطلاع عليها إلا أفرادًا في مناصب بعينها في كلتي الدولتين، وبشكل عام نجد أن الشخصيات الدبلوماسية تملك حصانة كاملة ضد كافة الإجراءات المدنية والإدارية في الدولة المضيفة لهم، وقد تتواجد بعض الاستثناءات بالفعل لكنها قليلًا ما تطبق على أرض الواقع، بينما الصحف الدولية تطلعنا كثيرًا على مطالب دول لدول أخرى بسحب الثقة والحصانة من دبلوماسي معين ارتكب جرمًا أو مخالفة كبرى تستوجب تعريضه للعقاب، بينما اتخذت دول أخرى هذه الصلاحيات كستار لإخفاء وتمرير جرائمهم والحفاظ على مجرميهم.

الحصانة الدبلوماسية في اتفاقية فيينا

الحصانة الدبلوماسية الحصانة الدبلوماسية في اتفاقية فيينا

بشكل رسمي، نجد أن الاتفاقية التي تمت في فيينا سنة 1961 والتي تحدد العلاقات الدبلوماسية بين الدول هي إحدى اتفاقيات القانون الدولي، والتي وضعت الإطار العام الذي نتعامل من خلاله حاليًا، وقد احتوت هذه الاتفاقية عشرات المواد التي حددت أطر وضوابط التعامل بين الدول من خلال مندوبيها، وفي الوقت ذاته حدد العديد من التعريفات لمصطلحات بعينها، كما أكدت على المبادئ العامة للأمم المتحدة التي قامت في الأساس على حق الدول في السيادة والحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي لها ولأفرادها وممثليها، وكذا توطيد العلاقات بين الدول في مجتمع دولي مليء بالصداقة والسلام على اختلاف الأديان واللغات والعادات والقوانين المنظمة لكل دولة، وقد كان لتلك الاتفاقية بالفعل العديد من المزايا الملموسة والتي حالت دون وقوع خلافات ومشكلات وصراعات دولية بسبب الاعتداء المتكرر على المندوبين قبل إقرار هذه الاتفاقية، كما أن الوفود الدبلوماسية قاموا بمجهودات كبيرة للغاية في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

الحصانة الدبلوماسية في الإسلام

لطالما كان الإسلام دينًا ساميًا راقيًا يحفظ الحقوق والحريات ويرسي مبادئ التعامل بين البشر بعضهم البعض وكذا والمجتمعات فيما بينها، وتعتبر الحصانة الدبلوماسية من الأمور المتعارف عليها منذ القدم حيث حماية الرسل والحفاظ عليهم وعدم الإضرار بهم لمجرد خلاف بين دولتين، حتى أن كثيرًا ما كان يتم التعدي على هذه الحصانة العرفية وكانت تنشب على إثرها الحقوق، حتى جاء الإسلام وأقرها وطالب بها وحرم الاعتداء على حاملي الرسالات أيًا كان مضمونها، ووضع نهجًا للتفاوض والتعامل مع الآخر في السلم والحرب، وبذلك رسخ لقانون دولي تحت غطاء ديني يحترمه الجميع ويقرونه دون ضجر، وبعد الإسلام بات الرسل يتمتعون بالسلام في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية عدا بعض الحالات النادرة التي حفظها التاريخ لحكام وملوك طغاة اعتدوا على الرسل ومندوبي وممثلي الدول الأخرى وتسببوا في حروب طويلة وقطيعة بين الشعوب والبلدان، ولكن تصرفاتهم تلك تعود عليهم هم وليس على الإسلام.

وفي السياق ذاته، كما حدد الرسول -عليه الصلاة والسلام- شروطًا ومبادئ عامة للتعامل مع الرسل وممثلي الأمم الأخرى، فقد وضع رسولنا الكريم أيضًا العديد من الضوابط والبنود الواجب توافرها في هذا الشخص الذي يتمتع بحصانة وحماية دبلوماسية في نظر الدولة الإسلامية، حيث طالب بأن يكون ذكيًا وفطنًا وحسن الخلق، وقادر على التصرف والتفاوض مع الآخر، وأن يكون ملمًا بشؤون المجتمعات الأخرى وعاداتها وتقاليدها، كما يجب عليه التمتع باللباقة والحوار والكفاءة العالية في النقاش وإقناع الآخر، كما أكد على مسؤولياته في تمثيل دولته وحاكمه وتبني سياسة الدولة ومواقفها تجاه الدولة المضيفة، كما أنه ملزم بتنفيذ تعليمات وتكليفات حكومته على أكمل وجه دون زيادة أو نقصان، ومقابل كل ذلك يجب احترامه وتقديره وحسن ضيافته وتوفير كل عوامل الراحة والأمان، لا سيَّما وأنه يحمل على عاتقه مستقبل دولة كامل، ولكن إذا خرج عن الإطار المرسوم له واستغل تلك الحصانة والأعراف في الإضرار بدولته أو الدولة المضيفة وارتكب الجرائم وخالف المعايير والقيم، فإنه يجب معاقبته وفقًا لقوانين دولته أو الدولة المضيفة وفق ما ترى الدولة المرسلة، وقد كان للدبلوماسيين أو الرسل في عهد الدولة الإسلامية الكثير من الإنجازات فيما يتعلق بالمعاهدات وأمور السلم والحرب.

نطاق الحصانة الدبلوماسية

الحصانة الدبلوماسية نطاق الحصانة الدبلوماسية

لقد وضع القانون الدولي فيما يخص الحصانة الدبلوماسية نطاقًا عامًا لا يمكن تجاوزه، ويشمل هذا النطاق العديد من المزايا والصلاحيات وسبل الحماية الممنوحة للسفير أو القنصل أو غيرهم من الموظفين الدبلوماسيين؛ مما يضمن عدم التعدي عليهم أو التدخل في اختصاصاتهم أو رشوتهم أو ما إلى ذلك من أمور، ولعل تحصين الدبلوماسيين من الامتثال أمام جهات التحقيق والشرطة والجهات القضائية في الدولة المضيفة هو أبرز هذه الصلاحيات التي يتم منحها للدبلوماسيين، وبناء عليه وضع القانون الدولي عددًا من المبادئ التي تؤكد ذلك، كما أن الاتفاقيات الدولية التي تم توقيعها في هذا المجال عديدة وتؤكد على هذه المبادئ ضمانًا لعدم نشوب حروب بين الدول بعضها البعض؛ خاصةً وأن الدبلوماسي هذا هو ممثل لدولة بأكملها بشعبها وجيشها وحكومتها وليس مجرد فرد عادي تم التعدي عليه وملاحقته ومحاكمته، ولكن هذه الصلاحيات ليست مطلقة ولكن لها نطاق عام يحددها، وهذا النطاق يحول دون حماية الدبلوماسي في حال ارتكب أي جرم أو فعل مخالف لقوانين الدولة المضيفة، وكان هذا التصرف خارج عن صلاحياته الرسمية، أي أنه إذا تعدى على حقوق وحريات الآخرين وأضر بهم بأي شكل كان خارج التزاماته وتكليفاته ومهنته الموفد لتنفيذها، فإنه لا يعاقَب أبدًا في سبيل ذلك.

ولطالما تعددت الأقاويل حال جنوح الموظف الدبلوماسي أيًا كان منصبه إلا ارتكاب جريمة مخلة بقوانين الدولة المضيفة، فمن الآراء من قال بضرورة محاكمته في الدولة المضيفة التي أساء لها، ومنهم من قال بأنه يتم طرده وطلب مغادرته للبلاد واستبداله بآخر على أن تضمن الدولتين محاكمته بالفعل في الدولة المرسلة، بينما القانون الدولي الحالي يؤكد محاكمته وفق قضاء دولته، كما توجد بعض الاستثناءات التي تتيح للدولة المضيفة التعامل معه مباشرةً بعد استئذان الدولة المرسلة، أو حال إقرار الدولة المرسلة بتنازلها عن الصلاحيات الدبلوماسية لهذا الشخص، أو غير ذلك من اتفاقات دولية تتم بمعرفة وزارات الخارجية وتضمن في النهاية سيادة كل دولة على حدة، كما تضمن عدم التعسف والإساءة لمندوب وممثل دولة أو جهة أو منظمة دولية ما.

كيفية الحصول على الحصانة الدبلوماسية ؟

للحصول على الحصانة الدبلوماسية، فإن القانون الدولي حدد عددًا من الوظائف التي يجب امتهانها لضمن التحصين داخل وخارج البلاد من الإجراءات الإدارية والمدنية والقضائية المختلفة، إلا بعد رفع الحصانة، وبالطبع تكون صلاحية إزالة هذا التحصين وإلغاءه عائد على الدولة وحدها، ولعل أبرز هذه المناصب التي يتم من خلالها الحصول على الحصانة الدبلوماسية هي تولي مناصب وتكليفات كبار المسؤولين بالسفارات والقنصليات ووزارات الخارجية على اختلافها، وكذا الموظفين في السفارات والقنصليات يحصلون على حصانة غير أنهم يتمتعون بمميزات وصلاحيات أقل كثيرًا من أولئك السفراء والقناصلة، ونجد كذلك ممثلي ومندوبي الجهات والكيانات والمنظمات الدولية المختلفة والموفدين لدولة ما لأغراض سياسية ودبلوماسية بهدف نقل رسالة أو إجراء صلح أو إدارة اجتماع أو حضوره كعضو ممثل لتلك المنظمة الدولية المعترف بها عالميًا، كل هذه المهن وممتهنيها هم فقط بإمكانهم الحصول على الحصانة الدبلوماسية بعد موافقة حكوماتهم وإقرارها بذلك لدى الدول والهيئات المضيفة.

جدير بالذكر أن العديد من الهيئات والمؤسسات الغير رسمية أو التي لا تتمتع بصلاحيات واعترافات دولية خارج البلد المؤسس لها، تدعي زورًا إمكانية منحها لكارنيهات صلاحية تمرير هؤلاء الدبلوماسيين دون تفتيش أو تحقيق أو مثول أمام جهات تحقيق محلية أو دولية، وهذا الأمر يكون باطل وعارِ تمامًا من الصحة في حال لم يتم التصريح بذلك من الدولة المرسلة وأن يكون تابعًا لفريق الخارجية بها ومدرجًا اسمه بالمنظمات والحكومات والهيئات الدولية كعضو دبلوماسي سفير أو قنصل أو موظف في هذا السلك؛ وعليه تسعى الأجهزة الشرطية وبشكل دوري بالتعاون مع جهاز وزارة الخارجية لأمن المعلومات بتقصي أوضاع كل هذه المؤسسات والكيانات التي تدعي زورًا هذه الأحقية وتخدع بذلك الكثير من الشخصيات العامة والكيانات الاعتبارية، وقد حدد القانون عقوبات رادعة لهؤلاء تقع تحت بنود التزوير في محررات رسمية وادعاء صفة بغير مسوغ لذلك، كما أن أية أعمال وصفقات وسفريات ولقاءات تمت من خلال هذه الكيانات تتم مراجعتها لضمان عدم توريط الدولة وتشويه صورتها بالداخل والخارج، ولعل أجهزة المخابرات تراقب كل ذاك الجدل عن كثب.

رفع الحصانة الدبلوماسية

نظرًا لكون الحصانة الدبلوماسية قد تم لإقرارها في الأساس بهدف ضمان تأمين وحماية قوية وشاملة لمندوبي وممثلي الدول حول العالم، فإن رفع الحصانة يتطلب موافقة الدولة المرسلة والموفدة لهذا الشخص حامل الحصانة، وأنه ليس من شأن الدول المضيفة أن تتخذ قرارًا بهذا الشأن، ولذا فإن إجراءات رفع الحصانة يجب إما أن تبدأ من الدولة المرسلة التي تخاطب كافة الجهات والهيئات والمنظمات الدولية لتخبرهم برفع حصانتها عن الشخص حامل الحصانة، أو أن الشخص نفسه يمكنه أن يطلب رفع الحصانة عنه والاستقالة من منصبه، ولكن هذا الأمر أيضًا يستدعي الرجوع للدولة الموفدة له لكي تؤكد هذه الخطوة وأنه لم يعد مندوبًا ولا ممثلًا لها، أما في حال استعمل هذا الشخص صلاحياته الدبلوماسية بشكل خاطئ مغلوط ومخالف وارتكب جرائم يعاقب عليها قانون الدولة المضيفة؛ فإن من حقها المطالبة بمغادرته البلاد، وتطلب من الدولة المرسلة له أن تبدله بآخر، ولكن ليس من حقها حجزه للتحقيق والمثول أمام الجهات القضائية والمحاكم التابعة لها، ولكن في السياق ذاته يمكن للدولة المرسلة أن تتيح لها محاكمته وفق قانونها، أو أن تتعاونا كلتاهما لضمان متابعة سير التحقيقات والمحاكمة العادلة.

أنواع الحصانة

الحصانة الدبلوماسية أنواع الحصانة

تتنوع الحصانة في مختلف دول العالم لثلاثة أنواع ثابتة وتعترف بها الأغلبية العظمى من الدول إن لم تكن جميعها، وهذه الحصانات هي:

الحصانة الدبلوماسية

وهى الحصانة التي يتم تخصيصها من الدول والحكومات لأولئك الأشخاص الممثلين والمندوبين عنها إلى دول أحرى أو إلى جهات وهيئات دولية ما، وبموجب هذه الصلاحية يتم حماية الدبلوماسي من عمليات الاعتداء أو التفتيش أو المثول أمام الجهات القضائية والشرطية وغيرها، وهي حصانة قديمة جدًا عرفتها الأمم والشعوب ووفرتها للرسل الممثلين عنها، حتى جاء الإسلام وأقرها بالفعل ورسخ فكرتها.

الحصانة البرلمانية

وهي التي تضمنها الدول لنواب الشعب في البرلمانات المختلفة بهدف مواجهة السلطة التنفيذية دون خوف، والتمتع بتمثيل الشعب أمام مختلف الجهات الحكومية والمناداة بمطالب وخدمات وتشريع قوانين وكل ما يناسب الشعوب ويفيدها حتى ولو كان على غير هوى الحكام والجهات التنفيذية، ورغم أن جميع الدساتير تضمن ذلك، إلا أن العديد من الدول الديكتاتورية تقمع حتى نواب البرلمان وتسيطر على توجهاتهم، كما أنها في الغالب تضمن منذ البداية ترشيح وانتخاب أولئك الذين تضمن توجهاتهم المؤيدة لسياساتها.

الحصانة القضائية

وهي الحصانة التي تحددها الدولة للسادة المستشارين والقضاة القائمين على أمور الحكم والفصل بين الناس في نزاعاتهم المختلفة، وغير ذلك من المشكلات والأمور الشائكة بين أجهزة الدولة والمسؤولين.. إلخ، وتعتبر حماية سياسية تحفظها الدساتير الوضعية في مختلف أنحاء العالم لضمان النزاهة والشفافية وعدم الإساءة أو التعدي على القاضي أو إجباره بأي شكل كان على إصدار أحكام لصالح طرف دون الآخر بما يخالف العدالة التي يقرها الدستور والقانون.

ملحوظات هامة: توفر بعض الدول نوع آخر من الحصانة لبعض المهن داخل المجتمع، وعلى رأس تلك المهن نجد المحامي على سبيل المثال الذي ليس من حق جهات التحقيق ولا الجهات الشرطية أن تتعدى على أوراقه أو أن تقبض عليه وتحوله للتحقيق دون مثول وفد أو ممثل عن نقابة المحامين لمتابعة سير التحقيقات، ولا يعد ذلك الأمر انتقاصًا من صلاحيات المهن الأخرى، ولكنها لحماية القانون في المقام الأول على اعتبار المحامي رجل القانون، كما أن الصحفي أيضًا وغيره من المهن تستدعي حضور المستشار القانوني للنقابة مع المحرر الصحفي إذا ما اضطر للمثول أمام جهات التحقيق في أيٍ من قضايا النشر.

تعتبر الحصانة الدبلوماسية هي الأهم والأوسع والأشمل من مختلف أنواع الحصانات الأخرى المعروفة سواء القضائية أو البرلمانية؛ إذ أن صاحبها يتمتع بها داخل الدولة أو خارجها على السواء، ويتمتع بكافة الصلاحيات التي أقرها له القانون في أي مكان بالعالم، ما دامت الدولة المضيفة أو المرسلة موقعة على اتفاقات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تنظم هذا الشأن، كما أن أصحاب الحصانة الدبلوماسية يتمتعون بها أيضًا داخل المنظمات والكيانات الدولية المختلفة وليس فقط لدى الجهات الحكومية كوزارات الخارجية والسفارات والقنصليات، وأخيرًا نجد أن أصحاب الحصانات الأخرى سواء القضائية والبرلمانية أو المهنية يتمتعون بصلاحيات أقل فيما يتعلق بالمثول أمام جهات التحقيق والتفتيش في بعض المقرات وما إلى ذلك.

تبقى الحصانة الدبلوماسية حلًا عبقريًا لضمان سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها واختصاصاتها، كما أنها تضمن عدم نشوف خلافات وخصومات بين الدول قد تتطور لحروب كما حدث كثيرًا على مر التاريخ بعد التعدي على رسل ومندوبي دول بعينها، وتتمتع الحصانة الدبلوماسية بقدر كبير من الحماية من الاعتداء أو التحقيق أو المثول أمام الجهات القضائية والنيابية والشرطية إلا في حال الاعتقال بهدف الحفاظ على حياة الشخص من أية أعمال شغب وتهديد محقق له ولحياته في الخارج باعتباره ممثلًا لدولة كاملة بشعبها وجيشها وحكومتها، وتبقى تلكم الصلاحيات دائمة ما دامت الدولة المرسلة مقرة بها، لكن الدولة المضيفة قد تطلب من الشخص حامل هذه الحصانة مغادرة البلاد لأي سبب تراه يخالف قوانينها، ولا شك هناك العديد من أنواع الحصانات الأخرى مثل الحصانة البرلمانية وتلك القضائية وبعد أنواع الحصانات المهنية ولكنها جميعًا لا ترقى لمستوى الحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بمميزات كبيرة داخل البلاد وخارجها على السواء، على عكس الحصانات الأخرى التي تبقى داخل الدولة وفي ظروف محددة سلفًا.

إبراهيم فايد

الكتابة بالنسبة لي هي رحلة. رحلة فيها القراءة والاستيعاب ومن ثم التفكير . من هوياتي الرياضة وتصفح الانترنيت. اكتب في مواضيع مختلفة تهمني وتجذبني قبل كل شيء

أضف تعليق

12 + 2 =