تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » الحرب الفكرية : كيف تُحارب الآخرين بأفكارك وتنتصر عليهم ؟

الحرب الفكرية : كيف تُحارب الآخرين بأفكارك وتنتصر عليهم ؟

لا تحتاج إلى التصادم مع الآخرين جسديًا لتتفوق عليهم، الحرب الفكرية تأثيرها أقوى بكثير من الحروب العادية، في السطور المقبلة نعلمك ما هي الحرب الفكرية .

الحرب الفكرية

الحرب الفكرية ليست مجرد دفعة حتى يصير الإنسان أقوى على المستوى الإنساني من حيث التعامل مع الآخرين، ولكن الحقيقة أن الحرب الفكرية كائنة فعلاً وأن العالم هذا ليس مسير سوى بهذه الحروب الفكرية والتي يعتقد البعض أن هذا مبالغات ولكن الحقيقة أن هذا ليس مبالغة بل واقع نعيشه في كل شيء في حياتنا. وسأقول لك كيف يحدث هذا معك وأنت لا تعلم، وجزء من كونك لا تعلمه هو بالحقيقة ذكاء من الآخرين أن تظل لا تعلم شيء عن الحرب الفكرية والتأثير النفسي وتظل مغيب وغير واعي لأي شيء سوى حياتك التي لا تتجاوز بضعة سنوات وحفنة أماكن والقليل من الأشخاص. وسامحني يا عزيزي ولكن هذه هي الحقيقة ويجب لك أن تعلم ذلك لأنه كلما كانت الحرب الفكرية قوية كلما ساد مستوى الجهل عند أحد الطرفين في هذه الحرب.

تعلم الحرب الفكرية وأساليبها

الحرب الفكرية في السياسة

هل تعلم جيداً أن السياسة هي كلها على بعضها ليست إلا لعبة ومعروفة عالمية “باللعبة القذرة” وهذا أكبر دليل على أن الموضوع قد تراه سطحي لكن حيوات المليارات من الكائنات الحية فعلياً مبنية على هذه اللعبة القذرة. وهل تعلم أن الشطرنج هو لعبة الملوك وهذا لقدرة الشطرنج عن التعبير عن الحرب الفكرية لكل طرف من أطراف عن طريق اختيار واحد فقط في كل فرصة اتخاذ قرار وهذه هي السياسة بالفعل، حرب اتخاذ قرارات في أوقات صارمة، وغير هذا بالطبع تأثيرات وتدابير أنت أبداً لا تتخيل أنها مقصودة وقد تقول إنه قضاء وقدر ولكنك تجد في الأخير أن حدث ما رهيب حدث في السنوات الأخيرة في العالم ما هو إلا تدبير من جهاز مخابرات لبلد معينة. إذاً ما دورك أنت كإنسان وسط هذه الحرب التي أنت تعتقد الآن أنها فوق استطاعتك؟، الحقيقة أن دورك مهم جداً لأن مثلما قلت لك أن الموضوع كله ليس سوى لعبة وهناك أحياناً أشخاص يغيرون مسار اللعبة لأن اللاعبين ما زالوا بشراً ليس إلا، مثلاً نيلسون مانديلا هذا الرجل غير سياسة دولة وصنع السلام بين السود والبيض في جنوب أفريقيا بل وصار رئيس لدولة جنوب أفريقيا أيضاً، غاندي أو صانع السلام الذي حتى الآن العالم كله عندما يتحدث عن السلام يتحدث عنه. وهناك الكثير من الأمثلة التي أستطيع أن أسردها ولكن المغزى هو أنك كإنسان يجب أن تعلم أن تفكيرك قد يغير السياسات وقد يغير الشعوب والحرب الفكرية التي تخاف أن تغزوها لمجرد أن تحافظ على استقرار حياتك، ما هي إلا واجب عليك أن تفعله حتى تستحق لقب إنسان.

الحرب الفكرية والإعلام

الإعلام حالياً هو السلاح النووي للحروب الفكرية حيث أنه إن أردت تغييب شعب عن الحقيقة صدر لهم إعلام مزيف، وإن أردت أن تحمس شعب لعمل ثورة على شيء ما فالإعلام هو المدرعة المناسبة حتى تبدأ بها ثورتك. فالإعلام هو الكل في الكل والعقل لا يستطيع أن يقاوم ما يراه باستمرار مهما كان عقلاً واعياً. فتخيل معي لو حكومة شعب تريد أن تصدر للشعب فكرة الفرح والضحك والقنوات الإخبارية جميعها تحولت إلى برامج كوميدية، ستجد أن الشعب لا يتحدث سوى على النكات التي قالها هذا المذيع أو هذه الحركة التي فعلتها المذيعة أو ذاك المذيع الذي رقص عريان على الهواء عندما فاز فريقة بالدوري، وهكذا الشعب كله سيتحدث عن شيء واحد وما جعل هذه فكرة فعالة أكثر هذه الأيام هو وجود الفيس بوك وإمكانية تداول الأخبار بشكل أسرع ملايين المرات عن الماضي، حيث كان المصدر الوحيد لتناقل الأخبار هو النشرات الإخبارية التي تتكرر على فترات متباعدة. ومن هنا أحب أن أقول لك يا عزيزي لا تسلم أبداً فكرك للإعلام أو للأخبار أو للجو البائس لأنها حرب فكرية على عقلك يدخلون في عقلك ما يريدون بالتكرار المستمر الذي يوحي لك بحقيقة ما يقولون، ذلك الأمر يشبه عملية التنويم المغناطيسي التي تعتمد على تكرار التركيز على شيء بصورة مركزة حتى تفقد التركيز تماماً.

الحرب الفكرية والشخصية

يجب أن تتحلى كشخص بإعمال عقلك بطريقة حربية أو مخططة وليست عشوائية، لأن الإنسان العشوائي غالباً يكون معرض أكثر من غيره للمشاكل لأنه ببساطة لا يخطط لشيء في حياته بل يدع الظروف هي التي تتحكم فيه ولا يتحكم هو في شيء، فيجد نفسه أنه وسط أشياء وأشخاص ومشاكل لا يعرف كيف يخرج منها، وخصوصاً إذا تعرض لحرب كلامية التي هي في الأساس أولى مبادئ الحرب الفكرية، ويجد نفسه لا يعرف كيف يتكلم وكيف يرد وبعدما يخرج من المحادثة يجد رد مناسب فيضرب رأسه ويقول كيف فاتني هذا الرد أثناء الحديث وهكذا. في المقابل الإنسان الذي يخطط لكل شيء ولديه أهداف حياتية ويتحدث في دماغه باستمرار عن أشياء يريدها أن تحدث يكون له شخصية مميزة وغالباً يعرف كيفية الحرب الكلامية جيداً ويكون هادئ جداً ولا يعلو صوته لأنه يعرف أن الحرب الفكرية تعتمد تماماً على الثبات والثقة في النفس ومن خلال الكلمات يستطيع المرء أن يسكن الخوف داخل نفس الذي أمامه ولكن كيف هذا؟

كيفية استخدام الكلام في الحرب الفكرية

أولاً يجب عليك تماماً أن تكون هادئ وليس شخص ثائر لأن الهدوء يستفز أي شخص وخصوصاً الثائر، ولكن أحياناً يكون الشخص الذي أمامك كارثي وعدواني وعصبي وصوته العالي قد يهيئ له هو أنه سيطر عليك، هنا بالضبط ابتسم، نعم ابتسم فوراً واختر نوع الابتسامة مثلما تحب، الصفراء أو الابتسامة المفتعلة أو الساخرة، الابتسامة هذه ستقتل أي شعور داخل هذا الثائر بالقوة لأنك إذا كلمته بالمثل ربما سيتطور الأمر وإن صمت سيظن أنه سيطر، ولكن إن ابتسمت سيُجَن لأنه لن يعرف ما معناها وهذا في حد ذاته سيجعله يفكر في رد الفعل الغريب ولن يفكر أنه سيطر، وكلما تكلم ابتسم أنت حتى وإن استمر الموضوع ساعة فابتسامتك هذه ستقضي عليه بالفعل. وعندما يصمت تكلم بهدوء تام بكل ما تريد أن تقوله وامضي ولا تقف حتى تسمع رد فعل أو كلمات، فهذا أيضاً في حد ذاته مقصلة ستقضي بها على أي شخص يحاول التحاور معك بطريقة غير ملائمة لأنك هادئ وواثق من نفسك وغير مخطئ في أي شيء على الإطلاق، في حين إنه ثائر وهائج وهذا كفيل أن يشككه في نفسه أنه يُبالغ، وستكون قلت ما أردت ولم تضطر إلى سماع المزيد، وهذا سيكون بمثابة الصاعقة لأن كلامه لا يفرق أساساً وأنك كنت تقف وتبتسم لأجل أن تقول هذا فقط. قد ترى هذا شرير عزيزي القارئ ولكنها الحرب الفكرية الأفضل من الحرب الدموية أو اليدوية أو الشتيمة وقلة القيمة مع الآخرين.

في الأخير يجب عليك أن تفهم جيداً أن الحياة تحتاج إلى أن تكون واعياً جداً وقادر على خوض الحرب الفكرية في أي وقت وبطريقة تناسب كل حرب على حدي وكل شخص حسب شخصيته، فلا تعامل الغريب مثل القريب ولا تعامل القريب على أنه عدو من الأساس وحاول قدر الإمكان أن تتجنب الحرب الفكرية مع أقرباءك لأن هذا سيجعلهم يكرهونك، بل عاملهم بتلقائية واجعل استعدادك للحرب هذا في إطار العمل والحياة الخارجية ليس إلا.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

18 − 15 =