تسعة
الرئيسية » العلاقات » حب ورومانسية » الحب المشروط : كيف تكون التضحيات بشروط يضعها طرف واحد ؟

الحب المشروط : كيف تكون التضحيات بشروط يضعها طرف واحد ؟

الحب واحد من أسمى العلاقات بين الأشخاص، ينبغي في الحالة المثالية أن يكون الحب مطلقًا وبدون أي شروط، فماذا إذًا عن الحب المشروط ، وهل يعتبر حبًا؟

الحب المشروط

هل يوجد شيء اسمه الحب المشروط ؟ في الحقيقة الإجابة هي أنه لا يوجد حب غير مشروط بين البشر من الأساس وكل أنواع الحب مهما قلت لي فهي لها جانبين ولها جانب أخذ أكبر من العطاء. ومن الممكن أن يأتي في عقلك أن الأمومة هي نوع من أنواع الحب الغير مشروط ولكن إن جئت للحقيقة فيجب أن يُسئل هذا السؤال لماذا تنجب الأمهات؟ ببساطة لأنهم يريدون أن يشعروا أنهم أمهات وأن ذلك يمتعهم ويشعرهم بأنوثتهم وقيمتهم في هذه الحياة، لأن هذا الطفل التي ستقدم له الحب والحنان هو في المقابل يقدم لها شعوراً بالشبع أنها أم مثلها مثل باقي السيدات والإناث في العالم. هكذا العلاقات جميعاً تعتمد أساساً على فكرة الأخذ والعطاء، ولكن الحقيقة أن المجتمعات والتعاليم والبشر عموماً يزايدون على هذه الحقيقة ويبالغون جداً ويظهر ذلك في التعبيرات مثل “أحبك إلى الأبد” أو “أنت ابني وسأظل أحبك” أو أي جمل أخرى. ولكن الحقيقة هو أن المشاعر تتغير والحب والكراهية واردين في أي علاقة مهما كانت باختلال طرف من الأطراف أو شتاته بعيداً في العلاقة عن الطبيعي أو المعتاد بأن يقدم للطرف الأخر المفروض عليه أن يقدمه من محبة أو شروط استمرار العلاقة على الأقل. لذلك عزيزي القارئ في هذا المقال سنكشف لك أهم أساسيات الحب والشروط البسيطة جداً التي ستجعلك قادر على إدراك المعنى الحقيقي للحب.

هل في دنيا الحب شئ يدعى الحب المشروط ؟

خرافات عن الحب المشروط

الخرفات كثيرة وهناك كثير من الكلام عن الحب وأنه يجب عليك أن تضحي بكل شيء لأجل من تحب وهذا جزء من الحقيقة ولكنه ليس كلها، لسبب بسيط لأن هذه الخرافة التي تدعى التضحية الكاملة ليست سوى أوهام فالحب فعلاً يحتاج إلى تضحيات ونجد أن هناك شباب يفعلون المستحيل ويتخلون عن أشياء كثيرة حتى يكسبون رفقة فتاة معينة طوال العمر، ولكن في المقابل مثلاً ليس لن تجد شخص يضحي بكل شيء بالمعنى الحرفي دون أن ينتظر من الطرف الأخر في المقابل أن يضحي هو الأخر بكل شيء. بمعنى أن هناك شاب ضحى بكل شيء من أجل فتاة معينة في حين أن هذه الفتاة لم تستطع أن تستغني مثلاً عن شيء معين أو لها طلب معين مادي دونه لن تتزوج هذا الشاب فوراً، ستتغير نظرة هذا الشاب لهذه الفتاة وسيقول إنها ليست المناسبة لأنها لم تقدر تضحيته ولم تضحي هي لأجله. وهذا خير مثل على فكرة الحب المشروط وأنه حقيقة نحتك بها يومياً. أيضاً خرافة “الدم لا يتحول لماء” أحياناً كثيرة يقال هذا المثل بين الناس في التعبير عن قوة العلاقة بين الأقرباء، ولكن الحقيقة أنه أحياناً يخرج من الأسرة أو العائلة شخص جاحد أو سيء أو لا أحد يعلم الظروف ولكنه يكون كاره لأسرته ومجتمعه بطريقة واضحة تظهر في تعاملاته بين الناس لدرجة أنه يصير مرذول وسط عائلته ويحدث صدام متكرر بينه وبين الآخرين، حتى يكون مصيره في الأخير أنه سيتركهم حتى يعيش بعيداً عنهم وهذا أيضاً يحدث وأحياناً نسمع عنه يومياً. لذلك يا عزيزي يجب أن تفهم أن الحب علاقة متبادلة والحب المشروط معناه هو الشروط التي يضعها الطرفين في عمليات التبادل الشعوري بين الطرفين.

الاحتياج ليس ضعف

الحب المشروط يجب فيه أن يدرك الطرفان أن الاحتياج ليس ضعف أبداً على العكس الاحتياج بين الأحباب هو العلاقة الجميلة حيث يجد أحد الطرفين ضالته دائماً عند الشخص الذي يحبه وهنا هي حلاوة الحب والمشاركة. أنت تطلب دون أن تخجل وتأخذ دون أن تطلب والطرف الأخر نفس الفكرة يأخذ منك وهكذا علاقة متبادلة جداً. ولكن ماذا يحدث عندما لا يقدر أحد الطرفين احتياج الأخر أو يحتقره، ولنكون واضحين نتكلم عن زوج وزوجة كمثال ليكون الكلام واضحاً والأطراف معروفة، وليكن زوج لا يحترم أن زوجته تحتاج إلى الشعور بالحنان ويعاملها بجفاء دائم وعندما تطلب منه أن يكون حنون عليها ينهيها ويقول لها أن هذه مياسة ودلع لا يليق بزوجته، في مثل هذا الموقف يا عزيزي هنا الزوج لم يحترم احتياج الزوجة ومن هنا الحب سيجف ويصبح يابسة مع الوقت في قلب هذه المرأة لأن الحنان الذي تحتاجه لا أحد يشبعها منه. وبعد ذلك يلوم المرأة على أنها لا تحب الرجل مع أن الرجل هو من أهملها، وهذا المثال واضح جداً ويبرز أهمية الاحتياج في الحب المشروط حيث أنه شرط من شروط الحب بأن تحترم احتياج الطرف الأخر. وعلى الطرفين أن لا يخجلوا من إبراز احتياجهم لأن الطرف الذي لن يلبي الاحتياج هو الخاسر لأنه سيخسر قطعة من الأخر وسيكون غير كافي مع الوقت نفسياً وعاطفياً للطرف الأخر المحروم من تلبية احتياجه العاطفي.

الحب المشروط يحتاج الاحترام

الاحترام هو شرط مهم من شروط الحب المشروط المهمة، وركز في هذه المقولة جيداً “حب دون احترام كذبة، احترام دون حب وارد”. حيث أن الحب الذي لا يطوقه من الخارج احترام فهذا ليس حب بل ستكون علاقة رديئة وستكون المشاكل مع الوقت وستصير مع الوقت حياة لا تطاق. تخيل معي زوجة لا تحترم زوجها وتوجه له كلام جارح وخصوصاً في مجتمعنا الشرقي، ماذا سيحدث؟ ببساطة الزوج سيجاوب عدم الاحترام هذا بعدم احترام أكبر وربما سيضربها لأن هذا المعتقد السائد في المجتمعات البسيطة، بأن المرأة التي لا تحترم زوجها يجب أن يضربها زوجها حتى لا تكرر هذا الفعل مرة أخرى. ولكن الحقيقة أن عدم الاحترام هذا يعتبر خيانة من الناحية العاطفية وخصوصاً إذا حدث أمام الناس حين لا يحترم الزوج زوجته أمام الناس ويتكلم عنها بطريقة مهينة، فهذا لن يكون بالنسبة للمرأة مجرد إهانة ومضت بل هذا سيكون خيانة وتقليل من شأنها أمام الناس، والعكس صحيح كذلك إذا حدث عدم احترام للرجل فحينها سيجرح جداً من المرأة وربما سيفقد حبه لها بمقدار كبير في هذه اللحظة فقط بسبب أن رجولته قد جُرحت أمام الناس. ولهذا السبب وهذه الأمثلة نوضح لك مدى أهمية الاحترام للحب المشروط كشرط أساسي أخر دونه لن تنجح العلاقة.

الدعم

من ضمن شروط الحب المشروط أيضاً المهمة هو الدعم. وينتشر هذا في معظم البلاد العربية أن المرأة لا يجب أن تعمل وإن عملت تعمل في البيت أو لا تعمل أعمال معينة مثل سائق أو عامل بناء أو قاضي أو أنواع كثيرة من العمل المرأة كانت إلى وقت قريب في العالم كله لم تطأ قدماها إلا حديثاً في زمنا الحاضر، ولذلك كنت دائماً تسمع عن مشاكل عائلية تنتج بسبب أن المرأة تريد أن تعمل وتشعر بذاتها والرجل لا يريدها أن تعمل بل تجلس في المنزل تطبخ وتربي الأطفال وهذا يكون للمرأة بمثابة تقليل من شأنها، وتستمر المشاكل في دائرة مغلقة من عدم الدعم للمرأة في حين أن المرأة حالياً تمسك رئاسة الدول وقاضية وسفيرة وقائدة طائرة. وعدم الدعم هذا يتكرر كثيراً في تفاصيل صغيرة أخرى تجعل كلا الطرفين في جدال دائم وأحدهم يتهم الأخر بالتقليل من شأنه والأخر ينفي ذلك وهكذا. ولذلك يعتبر الدعم من ضمن أساسيات الحب المشروط لتظهر لشريكك ثقتك به قبل أي شيء أخر.

النقاش

الحب المشروط كلمة رائعة تحتوي على كل الشروط التي تكلمنا عليها سابقاً وأكثر، ولكن يبقى هذه الشرط هو الأهم لعلاقة زواج أو علاقة عاطفية ناجحة. حيث إن النقاش عزيزي القارئ هو أول خطوات النجاح والوصول إلى حلول لأي فكرة ومشكلة، والنقاش يطرح العقول خارج الرأس للاستكشاف والحب والعاطفة. فالنقاش سيظهرك أنت وهي على حقيقتكما وسيقرب المسافات البعيدة جداً، وبدلاً من أن يتهم كل منكما الأخر في عدم الفهم، سيصبح الموضوع واضح وصريح ولا يحتاج أن يخمن أحدكم ما هو الذي يضايق الأخر وهكذا. النقاش البناء سيعطيكم الثقة في أنفسكم فترون بأنفسكم أن المسافات بينكم قريبة وليست بعيدة ومن كثرة النقاش سيعلم كل منكم ما يغضب الأخر وما يحبه الأخر وستعلمون بعضكم بشكل داخلي بصورة أوضح مع الكلمات التي تحكونها بعضكم لبعض، وخصوصاً لو كان النقاش من القلب وليس فيه كراهية أو تصيد للأخطاء بل مجرد تفريغ للأفكار سواء السلبية أو الإيجابية، وعلى كل منكم القبول في كل الأوقات مهما كانت الفكرة. بالمناسبة أيضاً النقاشات ستجعل أبناءكم فلاسفة وأقوياء الشخصية حيث سيجد الولد من صغره أبيه وأمه يحلون مشكلاتهم بالعقل فلن يحتاج الولد عندما يقابل مشكلة سوى أن يفعل مثل أبيه وأمه ويفكر بالعقل. ومن هنا تجد نفسك بأسلوب النقاش قد زرعت النجاح في كل شيء من حولك.

الحب المشروط يحتاج إلى الصراحة

الحب المشروط لن تخلو شروطه أبداً من الصراحة ولذلك فضلت أن أنهي بها المقال حيث أن الصراحة بالأخص هي الأهم على الإطلاق في شروط الحب ودونها سيكون حتماً للعلاقة مدة صلاحية وغالباً ستكون قصيرة. الكذب هو بداية انهيار أي علاقة وأي علاقة مبنية على المظاهر والكذب حتماً ولزاماً تفشل لأنه سيأتي يوم وأحد الطرفين سيظهر على حقيقته التي كان يخبئها عن الطرف الأخر، ومن ثم ستحدث الصدمة عند الشخص المكذوب عليه وسيشعر أنه مغفل وأن الأخر كاذب في كل شيء وأنه ليس أهل للثقة. ولكن إذا حدث كل هذا بعد الزواج فهذه هي الكارثة الأكبر وهنا سيكون الموضوع ليس إلا قنبلة موقوتة وغالباً سيكون الطلاق هو المنقذ والحل للجميع، لأن جسر الثقة سيكون مهدوم فالشخص الذي كان يظهر بمظهر جميل ولامع أصبح في عين الأخر شخص كاذب ويتخذ شخصية غير حقيقية، ومن هنا سيتوقع الشخص أي شيء وسيخاف ولن يعطي الأمان أبداً لهذا الكاذب. لذلك عزيزي القارئ أرح نفسك من البداية وكن على سجيتك وطبيعتك ولا تتجمل حتى تعجب هذا أو ذلك، في الأخير سيأتي على رأسك لأنه سهل أن تبتدئ علاقة ولكن صعب جداً أن تكملها للأخر.

أخيراً الحب المشروط هو الأبقى وهو الأصل ولا تستمع لأحد يقول لك أن الحب يجب أن يكون مضحي دائماً ولا تنتظر شيء من الطرف الأخر، لأن هذا كذب فالحقيقة الأكيدة أن الإنسان كائن اجتماعي والحب هو أرقى رابطة اجتماعية. لذلك الحب غرضه إشباع الإنسان في المقام الأول، وهذا الغرض أناني جداً ولكنه متاح والله سبحانه وتعالى خلق داخلنا ذلك الاحتياج لنتكامل بالطرف الأخر، لأن الموضوع ممتع ونقي إذا حدث بالحب المشروط الناضج المؤسس على ما ذكرناه لك من شروط أولية دونها ستشعر أن العلاقة التي أنت فيها مهما كانت حلوة في البداية، لن تكمل، لأن كل شرط في الحب المشروط ضروري جداً لإكمال العلاقة.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

سبعة عشر − خمسة =