تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » كيف تحصل على قدر من الثقافة الطبية حتى لو لم تكن طبيبًا؟

كيف تحصل على قدر من الثقافة الطبية حتى لو لم تكن طبيبًا؟

الثقافة الطبية مفتاح حل الطوارئ التي قد نقع فيها، وهي الضامن لعدم تفاقم حالتنا الصحية، وهي الموجة لدفة الإسعافات الأولية والتشخيص بمجرد النظر.

الثقافة الطبية

ألم تقع ذات مرة في مأزق مرض قريب لك في وقت متأخر من الليل ولم تجد طبيبا؟ ألم تتعرض لآلام في يوم ما وذهبت للطبيب فأخبرك أن الأمر بسيط ولا يحتاج إلا لقليل من الراحة وبعض الحساء الدافيء؟ وتمنيت أن تكون على قدر من الثقافة الطبية ؟

ألم تجد نفسك ذات مرة في حاجة لإعطاء قريب لك “حقنة” وفات ميعادها لعدم وجود من يعطيها؟ ألم ترتكب خطأً ما مع مصاب أدى إلى تفاقم إصابته، ما استتبع اتخاذ إجراءات مكثفة بدلا من إسعافات أولية مبسطة؟

هذه المواضع وغيرها تفتح الباب أمامنا للتفكير الجدي: لماذا لا نُحصِّل ثقافة طبية تكون صالحة للتطبيق وقت الحاجة؟ كيف نُحصِّل الحد الأدنى من الثقافة الطبية، التي تساعد في حل المشكلات الطارئة، حتى ولو لم نكن أطباء؟ ما هي أبرز المصادر وأوثقها لتحصيل هذه الثقافة، التي تجعلنا نفيد من حولنا بمجهودات بسيطة؟ كل هذه الأسئلة نبسط لها إجابات في سياق المقال التالي.

ما هي الثقافة الطبية؟

الثقافة الطبية واحدة من أكثر المفاهيم أهمية في العصر الحديث؛ إذ تهتم بكل ما يحيط بصحة الإنسان الفرد والمجتمع، وبجميع الأمراض سواء أكانت معدية أم مزمنة أم خطيرة، أم عجز الطب عن إيجاد علاج لها.

والاهتمام بنشر الثقافة الصحية في أوساط غير العاملين في المجال الطبي أمر مهم للغاية؛ إذ به نستطيع إغاثة حالات طارئة في أوقات صعبة وبعيدة عن أماكن الإغاثة، وبه نحمي أنفسنا من خطر انتقال العدوى سواء البكتيرية أو الفيروسية من الشخص المصاب إلى المسعف غير المتخصص.

تستهدف عملية التثقيف الطبي أن نعيش حياة صحية، تضمن الوقاية من الأمراض بمختلف أنواعها، كما تستهدف تقليل انتشار الأمراض عن طريق نشر الوعي بها وطرق مقاومتها.

يمكننا تشبيه الثقافة الطبية برجل شاهد في التلفاز حلقات برنامج “سر الأرض” عن خطوات زراعة النباتات المنزلية، ومتابعتها بالأسمدة اللازمة والري المنتظم، فما لبث أن استفاد من فناء وسطح منزله، واتبع التعليمات فحقق الاكتفاء الذاتي من الخضروات المنزلية ولم يشتري إلا ما ينقصه منها.

والثقافة الصحية عملية متصلة وتراكمية، مادتها الأولى في المعلومة، وثقتها تكمن في مدى موثوقيه مصادرها، وفعاليتها في تطبيقها على أرض الواقع حال الحاجة إليها.

مصطلحات مهمة

  • الصحة: هي حالة التكامل الصحي والنفسي والعصبي والعقلي، وخلوها من الأمراض العضوية والنفسية.
  • الوعي الطبي: هو الإلمام بكافة المعلومات الأساسية، اللازمة في حالات الطوارئ.
  • العادات الصحية: هي تلك الأفعال التي يقوم بها الشخص بشكل لا إرادي؛ نتيجة تعوده عليها.
  • السلوك الصحي: وقد يُسمى بالممارسة الصحية، وهو ما يقوم به الفرد عن قصد بصورة نابعة عن قناعاته الشخصية، وإيمانه بأن الوقاية خير من العلاج، كأن يواظب المرء على غسل أسنانه بعد الأكل وقبل النوم يوميا، أو أن يغسل يديه بالماء والصابون بصورة متكررة. وقد يتحول السلوك الصحي إلى عادة صحية ملازمة للشخص، يقوم بها دون التفكير فيها.

كتب الثقافة الطبية

لعل من أشهر كتب التوعية الصحية انتشارا في الأسواق والمنتشرة على مواقع الإنترنت بصيغ مقروءة أو مصورة هو كتاب الثقافة الصحية، وهو لمجموعة من المؤلفين، استهدفوا من خلاله إيصال مفاهيم معنية بتحقيقها عن طريق التوعية بالمناعة ومقاومة الجسم للأمراض المختلفة، إضافة للأمراض الشائعة، وأمراض العصر، والصحة الأسرية والإسعافات الأولية، وغيرها من الأمور المتعلقة بالصحة العامة وكيفية التعامل مع الأمراض في مراحلها الأولى.

وإذا أردت تعلم التشخيص المبدأي للحالات التي تمر أمامك ومعرفة الأدوية المناسبة لكل حالة، وتحديد الجرعات المناسبة لكل منها، فلن تحتاج إلى دراسة متخصصة، فقط عليك مدارسة “أطلس 9” والاحتفاظ بنسخة منه على هاتفك الجوال أو مكتبتك الورقية.

إن كان لديك أطفال، وشخَّصت حالتهم طبقا للكتاب السابق، وأحضرت الأدوية المناسبة، لكنك لم تستطع تحديد الجرعات المناسبة لأعمار أولادك، فعليك أن تتخذ مسارين لا ثالث لهما، إما مراجعة طبيبك الخاص واستشارته في الجرعات المناسبة، أو مطالعة هذا الكتاب واستخدام جرعاته المحددة كجرعات استرشادية حتى تعاود مراجعة الطبيب.

لكن عليك الحذر، فقد تتعرض لمجموعة من المشكلات أثناء إبحارك في هذه المؤلفات، فقد تصادف مصطلحات لا تعرفها، ولا تعرف كيف تتعامل معها.

وفي هذه الحالة لا تفسد متعة وصولك لذروة التثقيف الطبي، فقط راجع القاموس الطبي المصور، الذي يوضح لك معاني المصطلحات الطبية الغريبة على سمعك، والتي تجد صعوبة في فهمها.

الإعلام و الثقافة الطبية

يعتبر البعض الثقافة الصحية أحد الجوانب الإعلامية القائمة على التوعية وتغيير المفاهيم وإرساء أنماط حياة سليمة وممارسات حياتية صحيحة.

ويقوم الإعلام بدور فعال في تمكين المتابعين من القواعد الأساسية للتعامل مع الصحة العامة، بإرساء مبدأ الوقاية خير من العلاج، مع تقديم استشارات طبية بسيطة للتعامل مع الحالات حال حدوثها.

وتتفنن القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية المهتمة بالصحة والأسرة في تقديم المعلومات الصحية المناسبة في صورة جميلة معبرة، وأسلوب عرض مشوق، باستخدام لغة صحفية مفهومة لا تفتقد لروح المصطلحات والمعاني الطبية.

وتعتمد البرامج الإعلامية على طريقين لتقديم المعلومات الطبية، أحدهما البرامج المتخصصة في التوعية الطبية، ويكون القصد منها تقديم دفعات متتالية من المعلومات والتجارب الصحية، وتقديم الاستشارات العامة لمن يطلبها.

وثانيهما: يكون عن طريق تضمين معلومات طبية وصحية في ثنايا البرامج غير المتخصصة، كبرامج الصباح والأسرة، إضافة لتضمينات كبسولات طبية ونصائح لتغيير السلوكيات الصحية لدى الأفراد عن طريق الفواصل الإعلانية.

الثقافة الطبية والمعلومات المغلوطة

لا تخلو عملية تسهيل الثقافة الصحية من مشاكل وعيوب؛ نتيجة ضعف الإشراف المتخصص عليها؛ إذ يشوبها بعض الغبار متمثلا في التالي:

  • عدم كفايتها كما وكيفا؛ إذ تركز على توصيل المعلومات، وليس على تغيير السلوك في الواقع، ما يعني انفصام البرامج التثقيفية، وعدم أهليتها لتوجيه السلوك البشري تجاه العادات الصحية السليمة.
  • عدم أهلية بعض من يقدمون البرامج، واستغناؤهم عن الأطباء وأعضاء الجمعيات العلمية، والاكتفاء بالخبرات المكتسبة في الإعداد للبرامج، سواء أكانت ناتجة عن الممارسة أم من التعلم المبسط لأساسيات العملية الطبية؛ ما يجعل البرامج التلفازية والأعمدة الصحفية محل تشكك من المتابعين.
  • تمركز هدف البرامج التلفازية والأعمدة والمقالات الصحفية على تحقيق النجاح الوقتي، والتعامل النفسي مع المتابعين، والتركيز على التواصل الفعال القائم على خبرات التنمية البشرية ومهارة التقديم والعرض حتى ولو طغى ذلك على المحتوى العلمي، ما يضع المعلومات المقدمة في مهب الريح، ما يُلزم المتابع بمراجعة الطبيب أولا بأول.
  • ويجب على الموجهين للثقافة الطبية أن يتعاملوا مع المعلومات المغلوطة، والمستقاة من مفاهيم اجتماعية، ويفندوها، ويعرضوا الصواب منها، ولعل أشهر المعلومات المغلوطة تأثير الليمون على بعض الأدوية، وإبطال مفعولها، والصواب أن الليمون لا يؤثر إلا مادة الأسبرين “حمض الأستيل ساليساليك”، وكذلك يكثر استخدام المواد المسكنة بكثرة دون إدراك حجم تفاعلاتها أو تأثيرها على الصحة العامة، ومما يكثر الخطأ فيه استخدام مادتين أو أكثر من المسكنات من غير مادة الباراسيتامول دون إدراك تأثيرها على الكُلى، أو استخدام المسكنات لفترات طويلة ما يحول الميكروبات إلى ميكروبات متعاظمة القوى.

محمد الجداوي

أضف تعليق

1 + ثمانية =