تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » تقنيات التعلم » التفكير المنطقي : كيف نعود أطفالنا على التفكير بمنطقية ؟

التفكير المنطقي : كيف نعود أطفالنا على التفكير بمنطقية ؟

التفكير المنطقي هو أسلوب التفكير الذي يجب على كل شخص أن يفكر به ليصل إلى الاستنتاجات الصحيحة، في هذه السطور ندلك على كيفية تعليم أطفالك التفكير المنطقي .

التفكير المنطقي

التفكير المنطقي يوصف بأنه الأسلوب الأمثل للتفكير، فالإنسان على ما نشأ عليه ومن شبّ على شيءٍ شاب عليه، عندما تجد صفةً معينةً في الإنسان الذي أمامك تأكد أن لوجود تلك الصفة في شخصيته ماضيًا في صغره، الإنسان الذي يحمل شخصيةً مستوية والذي يحمل شخصيةً منطوية والذي يحمل شخصيةً ملتوية والذي يحمل شخصيةً قوية والذي يحمل شخصيةً ضعيفةً كلهم كانوا يومًا أطفالًا صغارًا أبرياء، الطفل حين يولد يكون صفحةً بيضاء لا ملامح ولا شخصية له بعد، وما يواجهه في حياته ويراه ويُربى وينشأ عليه هي تلك الخطوط التي تبدأ تلوين الورقة البيضاء وتحدد ملامحها، وأول من يخط خطوطًا في تلك الورقة هم الأبوان، التفكير المنطقي واحدٌ من الأشياء التي لا نولد بها فليس كلون العينين أو شكل الأنف وإنما يُورث بطريقةٍ أخرى غير طريقة الجينات، التربية جزءٌ مهمٌ من الميراث الذي يعطيه الأب لابنه ولا يقتصر معنى التربية على الدروس الصغيرة في الحياة والثواب والعقاب وحسب، وإنما تشمل التربية كل تصرفٍ بسيطٍ يصدر من الأبوين أمام ابنهما أو اتجاهه، كل حركةٍ أو كلمة تؤثر بالطفل دون أن نشعر وتعطيه درسًا في الحياة أحيانًا لم نقصد أن نعطيه إياه، إن أردت أن تعود ابنك على التفكير المنطقي فابدأ بالتعود عليه أنت أولًا واتخاذه منهجًا لك في حياتك.

دليلك إلى تعليم أطفالك التفكير المنطقي

كيف يكون التفكير المنطقي؟

كيف يكون التفكير المنطقي حسب ظنك؟ وما الهدف من إعطائه وتعليمه لطفلك ولماذا يحتاج إليه الإنسان كخصلةٍ هامةٍ في شخصيته؟ كلنا حالمون وكلنا أصحاب خيال لكن الواقع يحتاج أن نواجهه ونعيشه بواقعٍ مثله، لربما يكون الخيال وسيلةً لكننا نبحث عن حلقة وصلٍ وجسرٍ يسخران الخيال لخدمة الواقع، الإنسان الذي يعتمد على التفكير المنطقي هو صاحب منهجٍ واستراتيجيةٍ في التفكير، يبحث في المعطيات ثم يقدم حلولًا واختيارات ويحابي ويفارق بينها حتى يجد الحل أو الطريق الأمثل فيتبعه، الإنسان المنطقي هو إنسانٌ يستخدم العقل فوق القلب ويتبع فكره قبل مشاعره ويتأنى في اتخاذ القرار ودراسته ولا يتخذ كل قراراته بناءً على الحدس أو المشاعر أو التسرع لمجرد الانتهاء من مسئولية اتخاذ القرار لأنه سيتحمل تبعاته فيما بعد، يحتاج التفكير المنطقي منك إلى إجراء دراسةً شاملةً وحساب النتائج وقدرتك على التعامل مع كل نتيجةٍ وعقبة، والإنسان المنطقي هو إنسانٌ منظمٌ مسئولٌ ومحسوب الخطوات كما أنه واقعي ويدرك وزن كل أمرٍ من أمور الحياة قبل الإقبال عليه، صديقك المنطقي سيكون أول شخصٍ تلجأ له عندما تقع في مشكلة ويتوقف عقلك عن التفكير لأنك تعلم أنه سيساعدك على إيجاد الحل الذي يخرجك منها.

أن يرى الطفل أبويه يفكران بمنطقية

بالطبع كلٌ منا له شخصيته المختلفة ولو كان سكان العالم جميعًا يفكرون بمنطقية لاختل ميزان العالم وانهار، صحيحٌ أن المنطقيين لهم أهمية لكن من لا يفكرون بمنطقية لا يقلون عنهم أهميةً لحفظ التوازن تمامًا مثل النور والظلمة، الأطفال ينشئون بشخصياتٍ مختلفة حسب ما تربوا ونشؤوا عليه وليس بالضرورة أن نربي كل الأطفال على أن يصبحوا عقلانيين أصحاب التفكير المنطقي البحت وإنما لا ضرر من أن نزرع خصلةً رقيقةً من التفكير المنطقي تساعدهم على الحياة بشكلٍ صحيح، الأبوان يحتاجان إلى التفكير بمنطقية بصوتٍ مرتفعٍ أمام الطفل، بالطبع حتى الأبوان سيحملان شخصياتٍ مختلفة وليس بالضرورة أن يكونا منطقيين في كل تصرفاتهما وقراراتهما وإنما الفكرة في استقطاع وقتٍ وجزءٍ من الأفكار وجعله يتخذ الجانب المنطقي، عبر كأبٍ أو عبري كأمٍ عن سبب اتخاذك قرارًا معينًا أو اختيارك اختيارًا معينًا أمام طفلك بصوتٍ مرتفعٍ وبشرحٍ منطقيٍ مبسط لاستراتيجية التفكير المنطقية التي أدت لهذا الاختبار، خاصةً في القرارات المتعلقة بالطفل،

شارك الطفل

الجزء الأهم هو الجزء العملي الذي سيشاركك فيه الطفل في التفكير المنطقي، عندما تتخذ قرارًا بشأن الطفل لا تجعله قرارًا صارمًا قاطعًا لمجرد أنك والده وقلت ذلك فسيكون الأمر كما قلت، أخبره عن سبب اختيارك ونتيجة عدم اتخاذ هذا القرار، عندما يطلب الطفل شيئًا أو يقبل على شيءٍ ترفضه لا تقل لا وحسب وإنما ابدأ بعرض تفكيرٍ منطقيٍ لهذا الفعل وعقباته واجعل الطفل يفهم معك بأن نتيجة هذا الأمر سيئة أو غير مجدية أو يجب تأجيل اتخاذ هذا القرار لوقتٍ آخر، مع الوقت اجعل طفلك بنفسه يتخذ بعض القرارات وإن اتخذ قرارًا اسأله عن السبب، اسأله عن الطريقة التي فكر بها في هذا القرار واجعله يتخيل النتيجة المترتبة عليه وإن كانت تلك النتيجة في صالحه أم أنها تضره، أحيانًا يتعلل الأبوان بضيق الوقت أو بأنهما لا بال لهما لفلسفة الطفل وحواره وتلك أخطاءٌ خطيرة، إن أردت أن يفكر ابنك ويستخدم عقله إياك أن تنبذه أو تتجاهل عقله وتصغر وتقلل من شأن تفكيره، الأطفال يسألون كثيرًا ويحبون من يناقشهم فلا تفوت فرصة مناقشة طفلك لأن ذلك سينمي عنده الحوار والتفكير، حاول دائمًا أن تسحب الحوار بينك وبينه لبرّ المنطق، أحيانًا يكون منطق الأطفال بسيطًا وربما مضحكًا بعض الشيء بحجم عقولهم الصغيرة وخيالهم فلا تجعل الطفل يشعر بأنك تستصغر خياله ومنطقه لأنه سيشعر بالتردد بعد ذلك في أن يحادثك فيما يجول بخاطره خوفًا من السخرية أو التجاهل، وبعد ذلك سيفقد طفلك الثقة في نفسه وفي أفكاره الخاصة وسيعتقد بأنه لا يمكن أن يفكر ويتخذ قراراته بنفسه وبطريقةٍ صحيحة وأن منطق الآخرين أفضل من منطقه دائمًا، عزز ثقة طفلك بنفسه وأثنِ على منطقه وفكره ومع الوقت سيدهشك بأفكاره وقدرته على التفكير.

لا تجبر طفلك ولا تهنه

بعض الآباء قد يفهم الدعوة بمساعدة ابنه على الوصول بعقله للتفكير المنطقي دعوةً لهدم الخيال والحلم والإبداع في عقل الطفل وطمسهما تمامًا من شخصيته، أولئك لا يفهمون حقيقة التفكير المنطقي لأنه بدون خيالٍ ما هو إلا مجرد حساباتٍ وردود أفعالٍ محسوبة بدقة تصدر عن آلةٍ لا تستطيع إضافة لمسةٍ من الإبداع والخيال والابتكار على ما تصدره وتقدمه للآخرين، المنطق مطلوبٌ لكنه لم يعنِ أبدًا أن نتخلى عن خيالنا الواسع وقدرتنا على الحلم والابتكار وإيجاد أفكارٍ غير معهودةٍ ولا مسبوقةٍ من العدم ثم إخضاعها للمنطق وتنفيذها على الواقع، عندما يعطيك ابنك فكرةً خياليةً أو حلًا خياليًا لا تسخر منه وتدر ظهرك بل توقف للتفكير قليلًا وأثنِ على خياله وأنه أبدع لإيجاد فكرةٍ جديدةٍ كهذه ثم تناقش معه في الفكرة بمنطق، مثل أن يتخيل ابنك الطيران فاسأله هل يملك الإنسان أجنحةً كالطيور؟ لا؟ إذًا كيف يمكن أن يطير؟ يركب الطائرة أو المنطاد مثلًا وهكذا، وبالمناسبة الكثير من الاختراعات والابتكارات كالطائرة كانت مجرد فكرةٍ خيالية استطاع أصحابها ترويضها وتسخيرها للواقع حتى أصبحت ممكنة التطبيق والتنفيذ، اجعل طفلك يفهم أن المنطق والخيال نصفان متكاملان يساعد كلٌ مهما الآخر ولا حاجة به للتخلي عن أحدهما ليملك الآخر، اجعل طفلك يخرج عن الصندوق ويخضع الواقع لعقله الخاص، على الطفل أن يفهم أننا من نصنع الحياة وليست الحياة هي التي تصنعنا وتصقلنا، وأعطه دومًا مساحته.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة