تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » التخلص من الكراهية : كيف تتخلص من الكراهية وسوء الظن بالآخر ؟

التخلص من الكراهية : كيف تتخلص من الكراهية وسوء الظن بالآخر ؟

الكراهية وسوء الظن مشاعر إنسانية طبيعية، لكنها للأسف ليست مشاعر بناءة، إليك دليل التخلص من الكراهية في خطوات بسيطة ويمكن فعلها بنفسك.

التخلص من الكراهية

التخلص من الكراهية أمرٌ ضروري من أجل الظفر بالسلام النفسي وتحسين العلاقات مع الآخر؛ حيث تعمل الكراهية على تدنيس النفس بالأحقاد والمشاعر السلبية تجاه الآخرين بما في ذلك الأصدقاء وزملاء العمل وحتى أفراد العائلة. فلا شك أن الكراهية وسوء الظن يُكْسِبَان القلبَ المزيد من القسوة وتغذيته بمشاعر الغيرة والرغبة في الإقصاء ما يؤدي إلى تدمير الروابط بين الناس وخلق الكثير من المشكلات التي تُشيع الفرقة والتشتت بين أفراد الجماعة الواحدة. ومن ثَمَّ ينبغي على أي شخص يعاني من مشاعر الكراهية أن يجاهد نفسه وأن يحاول نفي وإبعاد كل هذه الأحاسيس الخبيثة عن قلبه وطردها من عقله حتى يستطيع أن يحيا حياة اجتماعية سوية. ومن أجل المساعدة على ذلك، نسرد في النقاط بعض الإرشادات التي تساعد على التخلص من الكراهية وحثَّ النفس على إحسان الظن بالآخر وتقبله.

دليل التخلص من الكراهية

التخلص من الكراهية من خلال البٌعد عن النميمة

هناك للأسف العديد من الناس الذين يمارسون عادة النميمة الخبيثة؛ حيث تُعقَد حلقات السمر يوميًا والتي يُطلَق عليها جلسات النميمة على سبيل الدعابة، لا سيما بين النساء، حيث يتم تناول سيرة الآخرين بالسوء والشر وتُطلَق الشائعات والافتراءات حول الآخرين ما يعزز مشاعر الكراهية والنبذ نتيجة لتداول مثل هذه الأخبار المسيئة. وبالتالي يجب تجنُّب الاشتراك في مثل هذه الجلسات والإقلاع بشكل قطعي عن هذه العادة الذميمة. وبالإضافة إلى ذلك، يجب حث الأشخاص الآخرين عن التوقف عن ذلك الأمر إذا ما بادر بتناول سيرة أحد الغائبين بسوء. ومن ناحية أخرى، يجب تقوية وتعزيز الجانب العاطفي الإيجابي حيث ينبغي تدعيم مشاعر الود والرحمة والترابط والتضافر حتى تنتشر روح المودة في الجماعة ومن ثمَّ تختفي جميع مشاعر الضغينة ما يؤدي إلى التخلص من الكراهية وسوء الظن بالآخر.

عتاب الذات بشأن الأفكار السلبية حول الآخر

ينبغي على المرء المسارعة بعتاب نفسه وحسابها إذا ما جال في خاطره أي أفكار سلبية حول الآخر، إن اللوم الذاتي يُعَد وسيلة فعالة للتوقف عن ممارسة الكراهية وسوء الظن. وفي حال ما إذا ضبط الإنسان نفسه وهي تفكر بالشر حيال أحد الأشخاص الآخرين، عليه أن يبادرها بالتشجيع على التفكير في أمر آخر وأن يشغل نفسه بالأمور المفيدة وملء أوقات الفراغ بالأنشطة المجدية التي تعود عليه بالنفع.

ومن أجل ضمان انضباط هذا الأمر يمكن أن يحدد الإنسان لنفسه عقابًا ما إذا ما وجد نفسه يحيد عن مسار الفضيلة الذي يرغبه؛ حيث يساعده ذلك على التذكير بعظمة الخطأ الذي يهم بارتكابه. إن محاسبة النفس سوف تُعين بالتأكيد على التخلص من الكراهية شريطة أن يكون الإنسان صادقًا مع نفسه وحَسِن النية في ذلك.

إحسان الظن بالآخر

إن الكراهية وسوء الظن لا يمكن مقاومتهما فقط بالنبذ وحث الذات على الابتعاد عنهما، بل أيضًا يجب ممارسة السلوكيات الإيجابية المعاكسة مثل إحسان الظن بالآخر. لا شك أن هذا الأمر سوف يؤدي إلى التخلص من الكراهية لأنه سيركز على الجوانب الإيجابية في الأشخاص. وبالطبع ليس من المطلوب ابتكار الفضائل والصفات الحميدة وإكسابها عنوة على شخص ما، بل ينبغي فقط تسليط الضوء على الصفات الحميدة المتوفرة بالفعل في الأشخاص والتركيز عليها والتحدث عنها أمام الآخر، ولا يوجد مانع من الدفاع عنه أيضًا إذا ما حاول البعض ترديد الافتراءات في حقه. إن إحسان الظن بالآخر سيجعل الشخص محل ثقة ولن يخشى الآخرون من أن يتم تناول سيرتهم في يوم ما بشكل سلبي وسيرى الناس هذا الشخص الذي يمدح الآخر ولا يغتابه إنسانًا جديرًا بالثقة والحب والتقدير ما يشجعهم على الاقتداء به وبالتالي تتنشر عادة الظن الحسن بين الجماعة المحيطة بذلك الشخص.

اعتناق الأفكار الإيجابية

إن اعتناق الأفكار الإيجابية يساعد على التخلص من الكراهية وتقبل الآخر، وقد تدفع الأفكار الإيجابية صاحبها إلى الالتزام ببعض السلوكيات الحميدة التي تقربه من الآخر وتدعم علاقته به، وفي السطور التالية نذكر بعضًا من هذه السلوكيات الإيجابية:

التسامح

يُعَد التسامح من أعظم القيم والخصال التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان؛ لأن التسامح يحث الإنسان دومًا على التغاضي عمَّن يخطئون في حقه ويسيئون له ما يعزز تبادل المودة ونبذ الكراهية والحقد. إن التسامح ينقي القلب والنفس من مشاعر الشر والانتقام وبالتالي يعتبر وسيلة فعالة في نشر الحب والسلام في المجتمع.

التعبير عن الامتنان

من الطبيعي أن لكل فعل رد فعل، لذلك إذا بادر الآخر بإظهار المودة والتقدير وحسن النية، يجب على الإنسان حينئذٍ أن يعبر عن امتنانه بالقول والفعل. ومن صور التعبير عن الامتنان تداول عبارات الشكر والمودة ومنح وقبول الهدايا وتبادل الاتصالات الهاتفية بهدف الاطمئنان على الصحة والتهنئة في المناسبات. كل هذه السلوكيات الحميدة يمكن لها أن تعبر عن الامتنان وتؤدي إلى توثيق الترابط والتواصل بين الأفراد. إن التعبير عن الامتنان من شأنه أن يساعد على التخلص من الكراهية لأنها يُشعر الإنسان أن مبادرته بالإحسان لم تضيع سدى وأنها وجدت أصداء إيجابية في رد فعل الطرف الآخر والتي تبلورت بالفعل في هذا التواصل الودي الرائع.

المبادرة في تقديم الخدمات

مثلما تطفئ الماء النار، يطفئ الحب الكراهية ويقضي عليها بمفعوله السحري. ومن أجل ذلك دائمًا ما ندعو إلى المبادرة دومًا بالتودد والتقارب. ومن الصور التي يتجلى فيها هذا التقارب هو المبادرة بتقديم الخدمات. إن هذا الإجراء يُعَد تعبيرًا مجسمًا للحب والود، إن تقديم الخدمات دون انتظار مقابل له تأثير كبير على تدعيم وتقوية الترابط بين الأفراد ما يؤدي إلى التخلص من الكراهية في النفوس واستبدالها بالتقدير والعرفان. لذلك لا ينبغي التردد أبدًا في إسداء الخدمات طالما أنها بالإمكان دون انتظار مقابل.

التماس الأعذار

لا يوجد إنسان على وجه الأرض معصوم من الخطأ، ويجب أن يتم وضع ذلك في الاعتبار لأنها حقيقة لا يمكن إغفالها، لذلك يُنصَح دومًا بالتماس الأعذار للآخر وعدم المسارعة بالقطيعة وإعلان الكراهية له بمجرد ارتكاب أي تجاوز. لذلك إذا أخطأ أحد الأشخاص في حق الآخر ينبغي البحث دومًا عن الدوافع التي جعلته يرتكب ذلك وأن يُلتَمَس له الأعذار حيث يمهد ذلك طريق التسامح ويهيئه لاستعادة العلاقة مجددًا ونسيان أي إساءة. إن الشخص القادر على التماس الأعذار للآخرين هو شخص قوي ذو قلب صافٍ ونابذٌ للكراهية ولا توجد عداوة بينه مع الآخرين وهو جدير بالاقتداء به.

وهكذا نجد أن التخلص من الكراهية يتطلب مجاهدة النفس وترويضها وعدم الانسياق للوساوس وتجنُّب الانخراط في النميمة وغيرها من السلوكيات التي تشيع الكراهية والبغض بين الناس. ومن ناحية أخرى يعود التسامح على الفرد والمجتمع بكل خير، وسيشعر الإنسان بالتحسن في علاقاته وفي صحته أيضًا لأن صفاء القلب والنفس سينعكس سريعًا على صحة الجسم الذي سيُشحَن بطاقة الحب ما يدفعه إلى التفاني في خدمة الآخر والتماهي معه ليصبح المجتمع نسيجًا واحدًا مترابطًا ومتماسكًا. إن الإعلاء من قيمة التقارب والمودة ونبذ مشاعر الإقصاء والتربص سوف يساهم بلا شك في تنشئة الأفراد بشكل صحي دون تناحر أو رغبات ثأرية ما يؤدي في النهاية إلى إنتاج فرد واعٍ ومجتمع صالح.

أحمد علام

كاتب ومترجم، أحب القراءة في المجالات الأدبية بشكل خاص.