تسعة
الرئيسية » فن وموضة وجمال » كيف تحولت بعض المهرجانات العالمية الكبرى إلى كوارث حقيقية؟

كيف تحولت بعض المهرجانات العالمية الكبرى إلى كوارث حقيقية؟

المهرجانات العالمية هي الوقت الذي من المفترض أن يكون ممتعًا ومرحًا، حيث تمتلئ الأجواء بالموسيقى والفرق العالمية، ويمكن للشباب أن يتقابلوا مع مشاهيرهم، ولكن في أحيان كثيرة قد تحدث كوارث تغير الأجواء من المرح إلى السخط والغضب.

المهرجانات العالمية

المهرجانات العالمية هي أحداث وفاعليات تستمر لعدة أيام ويتجمع لمشاهدتها آلاف من السياح المهتمين بما يقدمه المهرجان، عادة ما تكون مظاهر الاحتفال تشمل الموسيقى الحية والرقص وتناول الطعام، ومشاهدة العروض الاستعراضية المختلفة، إنه وقت من المرح والمتعة، وفرصة لمقابلة المشاهير، ولكن لا تسري جميع المهرجانات كما يشتهي أصحابها، ففي أوقات كثيرة قد تحدث كوارث وفوضى تجعل الحضور يتحول من الغضب والسخط، وتتحول الأوقات المرحة إلى جحيم، وقد تتسبب الفوضى في خسارة الأرواح، وهذا ما حدث في المهرجانات العالمية التالية، وما حدث بها من كوارث.

مهرجان فيري Fyre الموسيقي

المهرجانات العالمية مهرجان فيري Fyre الموسيقي

في 2017، تم الترويج لمهرجان Fyre في الباهامس بشكل ضخم جدًا، على أن المهرجان سيكون أفخم المهرجانات العالمية خلال العام، سعر التذكرة بدأ من 1200 دولار وحتى 100 ألف دولار، ووعد منظمين المهرجان الحضور برحلة فاخرة من ميامي، والإقامة في اليخوت الفاخرة على الجزيرة، والتجديف في المياه الصافية، وحضور أروع الحفلات الموسيقية بحضور العديد من النجوم، وبتقديم وجبات لا مثيل لها، وكثير من الوعود الخرافية، وعندما وصل الحضور بالفعل على الجزيرة لم يجدوا أيًا من هذه الوعود.

الإقامة كانت في خيم مثل خيم اللاجئين، الطعام كان عبارة عن شطائر مُعلبة، ولا يوجد مصدر للمياه الجارية، لم تكن هناك خدمة إنترنت أو حتى هواتف نقالة، لم يكن هناك أيًا من المسئولين أو طاقم طبي للطوارئ، وبالتأكيد لا وجود للمغنين والفرق الموسيقية، فكان المهرجان محط سخرية الإعلام، وعرضت قناة نت فليكس تقريرًا وثائقيًا بعنوان: أعظم مهرجان لم يحدث أبدًا، وبسبب تلك الفوضى العارمة تم اتهام منظم المهرجان بيلي مكفارلاند بالاحتيال، وحُكم عليه بالسجن 6 سنوات.

مهرجان وودستوك وكارثة من أكبر كوارث المهرجانات العالمية

في عام 1969، أصبح مهرجان وودستوك أحد أهم المهرجانات العالمية بحضور العديد من موسيقيين البلوز والروك العظماء في ستينات وسبعينات هذا القرن، وحضر المهرجان ما يُقارب النصف مليون شخص، ولكن المشهد اختلف بطريقة كبيرة بعد 30 عام، ففي عام 1999، أقيم نفس المهرجان في بلدة رومي بمدينة نيويورك، فلم يشدد المنظمون على الحضور، البالغ عددهم 220 ألف شخص، بجلب مياه كافية معهم، وكانت زجاجة المياه الواحدة تُباع بأربعة دولارات، فأصيب أكثر من 700 شخص بالجفاف والإعياء من سخونة الشمس، بالإضافة إلى الازدحام الشديد وعدم وجود سيطرة أمنية.

لأن المهرجان قام بتجنيد متطوعين كأفراد أمن، وعندما بدأت حالات العنف والهيجان، تركوا أماكنهم، تاركين الشرطة في أزمة وتفوق عددي رهيب، وهذا الازدحام تسبب فيه أعداد الناس الذين يحاولون المرور من البوابات بتذاكر مزيفة، ففي تقارير الأخبار التي جاءت بعد ذلك عن المهرجان، كان القائمون على البوابات يجدون 50 تذكرة زائفة في الساعة الواحدة على كل بوابة، وهذا الانفلات الأمني سرعان ما تحول إلى حالات عنف وشجار بين الحضور، وبين الحضور وأفراد الأمن، وتحول المهرجان الذي من المفترض أنه يدعو للسلام والمحبة والسعادة، إلى مهرجان للشغب والكراهية والأجواء الكئيبة.

مهرجان عالم الغد TomorrowWorld

تم تأسيس هذا المهرجان في بلجيكا، ولكن في عام 2015 قرر المنظمون إقامته في مدينة تشاتاهوتشي هيلز في جورجيا بالولايات المتحدة، وهو من أهم المهرجانات العالمية الموسيقية، أو هذا ما كان يفترض أن يكونه، فلسوء حظ الحضور، أمطرت السماء بأمطار غزيرة جدًا، حولت الحقول المُقامة عليها المهرجان إلى حفرة من الطين والوحل العميق، ومن شدة غضب الحضور بدأت أعمال من الشغب تجاه المنظمين، فقرر المنظمون أن يتركوا المهرجان ويقللوا أعداد رحلات الحافلات التي من المفترض أن تنقل الحضور من مكان المهرجان إلى البلدات القريبة ليجدوا بها مأوى.

تاركين خلفهم آلاف من الحضور، فكان أمام الحضور اختيارين، الأول هو ركوب سيارة أجرة أو حافلة خاصة، ما سيكلفه مبلغ كبير جدًا، أو المشي في وسط الأمطار الغزيرة مسافة 8 كيلومتر تقريبًا، الأغنياء بالطبع اختاروا الاختيار الأول، ولكن آلاف من الحضور لم يتمكنوا من دفع ثمن الأجرة الباهظة، فقرر الكثير منهم النوم على جانبي الطريق، بدون مأوى أو مأكل ولا مشرب، ومن حاول المشي على الأقدام كان يضطر إلى التوقف من التعب والإنهاك، ليتحول المهرجان الموسيقي المرح إلى كارثة حقيقية.

مهرجان الكتلة

المهرجانات العالمية مهرجان الكتلة

مهرجان بلوك أو الكتلة في إنجلترا، هو من أهم المهرجانات العالمية الموسيقية في المملكة المتحدة، وهو مخصص للموسيقى الإلكترونية والعروض الصاخبة، في عام 2012، أقيم المهرجان في قاعة مناسبات اكسيل لندن، وخرجت الأمور عن الحد وتحول المهرجان إلى أعمال عنف وشغب، وتم استدعاء شرطة لندن لمواجهة الحشود والسيطرة الأمنية، وذلك الازدحام الذي لم يحسب له المنظمون حسابًا، بدأت المشكلة عندما اكتظ المكان بالحضور، ومن ثم بدأت الطوابير في التزايد خارج الحفل ينتظرون دورهم في الدخول، كل فرد في قائمة الانتظار كان يحمل تذكرة بقيمة 100 دولار على الأقل، والكل يرغب في الدخول لحضور العروض التي يقدمها سنوب دوغ وفريق أوربيتال، في المقابل بدأت الشرطة في منع الحضور من الدخول والطلب إليه بأن يتراجعوا إلى الخلف، فزاد سخط الحضور بالخارج والداخل، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالاحتجاج على الموقف، هذه الكارثة تكررت في الأعوام التالية، حتى تم إلغاء المهرجان السنوي بالكامل بعد عام 2016.

مهرجان جلاستونبوري

إنه واحد المهرجانات العالمية الموسيقية الشهيرة التي تحولت إلى كارثة حقيقية، ليس مرة واحدة، بل مرتين، هذا المهرجان يُقام بالقرب من مزرعة الألبان في إنجلترا على المنصة الهرمية الشهيرة هناك Pyramid Stage، الكارثة الأولى حدثت في عام 1990، حيث زادت أعداد الحشود عن 75 ألف شخص خلال الأيام الخمسة للمهرجان، وبدأ الحضور في الاندفاع نحو المنصة، فأدى التدافع إلى سحق بعض الأشخاص تحت أقدام الحشود، وعانت حالات كثيرة من الاختناق، واضطرت الفرق الموسيقية إلى التوقف عن الغناء حتى تتمكن المروحيات الطبية من الهبوط وأخذ المصابين.

أما الكارثة الثانية فحدثت عام 2005، هذه المرة بسبب 1.2 متر من المياه التي غمرت أرض المهرجان، بسبب الأمطار الغزيرة، مما أدى لوجود فيضان في منطقة المنصة وموقع التخييم، حتى الأجهزة الصوتية لم تسلم من الأجواء السيئة، حيث ضرب البرق المنصة الهرمية، وخرب العديد من الأجهزة الإلكترونية والصوتية، وبعد هذه الكارثة توقف المهرجان لمدة عامين لحين إنشاء نظام صرف صحي وتجنب هذه المشكلة مرة أخرى.

المهرجانات العالمية في جزيرة وايت

جزيرة وايت هي إحدى أهم الجزر الإنجليزية السياحية، وتُقام هناك عدة مهرجانات، العديد منها لا ينتهي على خير، مثل مهرجان جزيرة وايت الموسيقي لعام 2011، حيث قدم منظمو المهرجان وعودًا لحضور باقة من مشاهير الموسيقى العالمية، ولكن الأمطار الغزيرة كانت لها رأى آخر، فاضطر المهرجان إلى التوقف، وبسبب سوء الأحوال الجوية لم تتمكن السفن من نقل الحضور من الجزيرة إلى البر الرئيسي، وأجبر حوالي 600 شخص للنوم داخل سياراتهم، وفتحت الشرطة ملعب لكرة القدم أمام الجماهير للاحتماء والمأوى، ومرت 15 ساعة على الحضور بهذا الشكل، وأغلب الحضور لم يمتلكوا طعامًا، كما كانت هناك أعداد كبيرة من الأطفال، وتحول الأمر إلى كارثة حقيقية.

مهرجان بيستيفال أروع المهرجانات العالمية

لا أحد كان ليتوقع ما سيحدث في واحد من أشهر المهرجانات العالمية في الهواء الطلق في إنجلترا، هو مهرجان بيستيفال Bestival لعام 2008، حيث هبت رياح عاتية أزاحت خيام الحضور بكل متعلقاتهم، وأغرقت الأمطار أرض المهرجان بالوحل، وأثر البرق على الأجهزة الإلكترونية والصوتية، حتى إن منصة العرض نفسها بدأت تغرق، وعلى الرغم من ذلك كله، أصر العديد من الحاضرين على الاستمرار ومشاهدة عرض مغنية السول الشهيرة في ذلك الوقت، إيمي واينهاوس، وحتى ذلك لم يجري بشكل جيد، لأن إيمي تأخرت على العرض 40 دقيقة، وعندما خرجت أخيرًا كانت تعاني من آثار الكحول لأنها كانت مدمنة في ذلك الوقت، وبدأت في الترنح على المنصة ولم تُغني سوى 30 دقيقة، وتعالت عليها أصوات الاستهجان من الحضور الغاضب بشدة.

مهرجان Powder Ridge Rock

المهرجانات العالمية مهرجان Powder Ridge Rock

سُمى هذا المهرجان “أعظم مهرجان روك لم يحدث أبدًا”، فمن المفترض أن يحدث المهرجان في منطقة تدعى ميدلفيلد بولاية كونيتيكت الأمريكية، وكان العدد المتوقع للحضور هو 50 ألف متفرج متحمس لمشاهدة مشاهير الروك العالميين، وقبل أقل من شهر من المهرجان عام 1970، رفضت الولاية إقامة المهرجان لاعتراض المواطنين، وألغى المهرجان، وهذا الخبر لم يصل إلى 30 ألف شخص من الحضور، لعدم وجود الإنترنت ولا وسائل الاتصال السريعة في ذلك الوقت، وبالتالي حضر 30 ألف شخص إلى منطقة لا يوجد بها موسيقى ولا طعام ولا مياه جارية، فلا وجود إلا لمروجي المخدرات الذين جاؤوا لاستغلال صيت المهرجان لبيع المخدرات، وفي الأيام التالية عانت الحشود من مشاكل إدمان المخدرات، والعديد منهم بدأ في الهلوسة وأعمال الشغب، وأخيرًا تفرق موقع المهرجان.

هذه كانت مجموعة من الكوارث التي حدثت في أشهر المهرجانات العالمية ، وكانت سببًا في الخسائر المادية وأحيانًا في خسارة الأرواح، ووضعت جمهور من المتحمسين للاحتفال بالموسيقى في مأزق كبير وأحوال جوية سيئة جدًا.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

3 × 4 =