تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » الأهرامات المصرية : كيف استطاع المصريون بناء الأهرامات العملاقة ؟

الأهرامات المصرية : كيف استطاع المصريون بناء الأهرامات العملاقة ؟

تعد الأهرامات المصرية إحدى عجائب العالم القديم، وقد بذل علماء الآثار الكثير من الهجد لفهم كيفية قيام المصريين القدماء ببناء هذه الصروح الكبيرة.

الأهرامات المصرية

لقد برع قدماء المصريين في عديد من المجالات وليس في بناء الأهرامات المصرية فقط، حيث تدل الأبحاث والمخطوطات القديمة والآثار التي عثر عليها العلماء على براعتهم في العديد من الفنون والعلوم، ومن أشهر تلك العلوم علوم الفلك؛ حيث ثبت أن الفراعنة أقاموا أول مرصد فلكي في العالم، وقد تم بناء هذا المرصد قبل عصر بناة الأهرام، ولا عجب فإنهم قد خلفوا لنا كثيرا من الأعمال الإبداعية في مجال الفنون والعمارة والنحت وعلم التحنيط والموسيقى، بل كانت لهم كثير من الآثار الأدبية والقصصية، وقد كانت الأهرامات المصرية دليلاً على قمة الإبداع لدى الفراعنة؛ حيث ظهرت فيها براعتهم في الهندسة المعمارية والبناء والتصميم، بالإضافة إلى المهارة في علم التحنيط ودفن الموتى التي ما زالت مضرب المثل حتى عصرنا هذا، وكذلك معرفتهم بعلم الفلك والنجوم، وفي هذا المقال نتناول نبذة عن العصور المصرية القديمة وبراعة الفراعنة في بناء الأهرامات المصرية، ونختتم ببعض العجائب التي تميز الهرم الأكبر.

الأهرامات المصرية وملف كامل عنها

العصور المصرية القديمة

لقد بنيت الأهرامات المصرية في عصر الدولة الفرعونية القديمة، حيث يقسم المؤرخون تاريخ الدولة المصرية إلى: العصر العتيق، وعصر الدولة القديمة، والدولة الوسطى، والدولة الحديثة، وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل عصر من هذه العصور:

  • العصر العتيق: وبالنسبة للعصر العتيق فهو الذي سبق عصر بناة الأهرام، حيث بدأ في عام 3200 قبل الميلاد، وقد ظهر فيه الملك مينا موحد القطرين في مصر، وكما يطلق على هذا العصر اسم عصر بداية الأسرات؛ حيث ضمّ الأسرتين الأولى والثانية، ويعتبره العلماء أقدم عصور الدولة المصرية.
  • الدولة القديمة: ويبدأ هذا العصر في عام 2780 قبل الميلاد، وهو الذي يطلق عليه عصر بناة الأهرامات المصرية القديمة؛ وذلك لوجود ملوك الأهرامات في هذا العصر ومنهم الملك زوسر صاحب أول هرم مصري، وكذلك الملك خوفو والملك خفرع والملك منقاروع أصحاب أشهر ثلاثة أهرامات مصرية، ويضم هذا العصر الأسر المصرية من الثالثة إلى الأسرة العاشرة، وقد تميز هذا العصر بقوة ملوكه وسيطرتهم وازدهار الحياة بجميع نواحيها سواء في المعمار أو العقيدة أو الطب والهندسة، وقد بدأ الضعف يدب في جسد الدولة المصرية ابتداء من عصر الأسرة السابعة؛ حيث انفلت الزمام من الملك، وتفككت الدولة إلى ولايات صغيرة، وظهرت الحروب الأهلية وتلاشت سلطة الملك على الولايات الأخرى.
  • الدولة الوسطى: ويبدأ هذا العصر بعد انتهاء عصر بناة الأهرامات المصرية في عام 2134 قبل الميلاد، ويضم الأسر ابتداء من الأسرة الحادية عشرة إلى الأسرة السادسة عشرة، وقد تميز في عهد الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة بالقوة والازدهار بعد أن نجح الملك منتوحوتب الثاني في توحيد البلاد، وقد ظهر بعض التقدم في مجالات عديدة كالعمارة والفنون والأدب وغيرها، ثم ما لبث أن تلاشى هذا الازدهار ابتداء من الأسرة الثالثة عشرة إلى الأسرة السادسة عشرة، وعادت البلاد إلى الضعف والتفرق مرة أخرى؛ حيث تم احتلال أجزاء كبيرة من شمال البلاد من قبل الهكسوس، كما سيطر النوبيون على جزء كبير من الجنوب.
  • الدولة الحديثة: ويبدأ هذا العصر في عام 1750 قبل الميلاد بعد انتهاء العصور الوسطى وعصر بناة الأهرامات المصرية ، ويضم الأسر المصرية القديمة ابتداء من الأسرة الثامنة عشرة وحتى الحادية والثلاثين، وقد تميز هذا العصر في عهد الأسر الثلاث الأولى وهي الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين بالقوة حيث توحدت البلاد على يد القائد أحمس الأول بعد أن طرد الهكسوس والنوبيين من أرجاء الأرض المصرية؛ لذلك يعده المؤرخون مؤسس الإمبراطورية المصرية الحديثة، وقد شهدت الدولة في هذا العصر تطوراً لم تشهد له مثيلا في عصر آخر في مجالات شتى، ومنها المعمار والهندسة والفنون والعلوم العسكرية والزراعة والأدب، وقد سجلت تلك الآثار التاريخية على جدران المعابد في الأقصر وأبي سمبل والتي ما زالت تشهد بعظمة هذا العصر حتى عصرنا هذا، أما في عهد الأسرة الحادية والعشرين وحتى الحادية والثلاثين فقد دب الضعف والانقسام في أوصال الدولة المصرية، وانقسمت إلى دويلات مختلفة واستمر الضعف إلى أن جاء الإسكندر الأكبر وضم مصر إلى مملكته في عام 332 قبل الميلاد وانتهاء العصر الفرعوني وبداية العصر البطلمي.

براعة الفراعنة في بناء الأهرامات المصرية

ما زالت الأهرامات المصرية تعبر عن براعة وعظمة العمارة عند قدماء المصريين؛ حيث تتكون تلك الأهرامات من جدران مثلثة تلتقي في نقطة واحد عند قمتها، وقد بنى الفراعنة أكثر من مائة هرم يستخدمها الملوك كبيوت للراحة بعد الموت لإيمانهم بعقيدة البعث بعد الموت، وبالرغم من مرور آلاف السنين وقدم الزمان على تلك الأهرامات إلا أنها ما زالت شامخة تعلن وتشهد بالبراعة والتفوق لقدماء المصريين الذين أبدعوا في تصميمها وبنائها، وفيما يلي بعض جوانب الإبداع في بناء الأهرامات المصرية:

عبقرية البناء

بني الهرم الأكبر في عهد الملك خوفو –كنموذج من الأهرامات المصرية القديمة- بارتفاع يصل إلى 147م، وبسبب عوامل التعرية الجوية والرطوبة الأرضية وصل ارتفاعه الآن إلى 137م، وقد بني على مساحة 13 فدانا بما يوازي 52000 متر مربع، ويقدر العلماء عدد الأحجار التي استخدمت في بناء الأهرامات المصرية بحوالي مليونين وثلاثمائة ألف حجرٍ، كما يقدر متوسط وزن الحجر الواحد بحوالي سبعة أطنان، بل قد يصل وزن بعضها إلى أكثر من خمسين طناً، وقد أشار الخبراء الفرنسيون المرافقون للحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت إلى أن الحجارة التي استخدمها قدماء المصريون في بناء الأهرامات المصرية تكفي لبناء سور حول فرنسا بارتفاع متر وسمكه نصف المتر، وقد ذكر العلماء أن هذه الأهرامات كانت مطلية باللون الأبيض ويعلو قمة كل هرم حجر من الذهب الخالص مربع الشكل بطول أكثر من متر، ولم يستطع العلماء حتى العصر الحاضر تفسير أو توضيح الطريقة التي تمَّ رفع الحجارة بها إلى هذا الارتفاع الضخم، بل يشير بعضهم إلى أن هذه الحجارة المستخدمة في بناء الأهرامات المصرية منقولة من أقصى جنوب مصر؛ حيث لا توجد تلك الحجارة إلا في النوبة، فالمدهش في الأمر أيضا أننا لا نعرف الطريقة التي نقلت بها الحجارة من جنوب مصر إلى شمالها لبناء الأهرامات.

عبقرية الهندسة

لقد أدهشت عملية تصميم الأهرامات المصرية العلماء والمهندسين على مر التاريخ الحديث؛ حيث أن بناء أهرامات بهذه الضخامة والحجم المرتفع تحتاج على إعداد للتربة وإجراء بعض الاختبارات والحسابات المهمة لقياس القوى والضغط وتجهيز العمالة والأدوات والآلات المطلوبة، ويشير المؤرخون إلى أن عملية البناء استغرقت عشرين سنة كاملة، وإذا علمنا أن المصريين لا يعملون في غير الزراعة إلا في الأشهر الفيضانية الثلاثة كل عام فقط؛ وبالتالي فإن عملية البناء استغرقت 60 شهرا أي خمس سنوات فقط، في حين أن بعض العلماء يرى أن عملية بناء الهرم الأكبر بالأيدي العاملة تستغرق 640 سنة، وذلك يدل على البراعة في التصميم والهندسة والبناء، كما أن الحجارة المستخدمة في بناء الأهرامات المصرية تم نحتها لتكون ملساء تلتصق مع بعضها بدون مواد لاصقة، ومن المستحيل تسويتها يدويا؛ فكيف كانت تقطع تلك الأحجار؟ وما الأداة المستخدمة في التقطيع والتسوية؟ لا أحد يعرف حتى الآن.

العبقرية في علم الفلك والحساب

نشر بعض الخبراء في جريدة الأهرام خبرا يوضح مدى عبقرية الفراعنة في علوم الفلك والحساب وقدرتهم على إلغاء الجاذبية الأرضية في بعض الأماكن، وقد قدم تفسيرا لبناء الأهرامات المصرية ورفع الحجارة بأوزانها التي تصل إلى أكثر من خمسين طنا بارتفاع يصل على أكثر من مائة متر بقدرة الفراعنة على إلغاء الجاذبية الأرضية ببعض القوانين الحسابية، وإن كانت هذه الطريقة أو التفسير الجديد الذي ذكره هذا الخبير يحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث ليتم إثباته إلا أنه يدل في فحواه على عبقرية منقطعة النظير وفهم لقوانين وحسابات الفلك والنجوم.

الهندسة الفلكية

من العجائب التي ارتبطت ببناء الأهرامات المصرية والتي اكتشفها العلماء مؤخراً أن الزاوية التي بنيت بها الأهرامات ومناسبتها لنهر النيل تتطابق تماما مع الزاوية التي تتناسب بها نجوم النطاق بالنسبة إلى نهر المجرة؛ وذلك يدل على أن نهر النيل يعد انعكاسا لنهر المجرة على الأرض، ويشير العلماء إلى أن هذا التطابق قد حدث منذ أكثر من عشرة آلاف سنة مما جعل الفراعنة يطابقون بناء الأهرامات بهذا الشكل مع النيل، ومن المدهش أيضاً أن العلماء قد لاحظوا وجود بعض الفوهات أو الفتحات المتصلة بغرفة مدفن الملك أو الملكة وتظهر على سطح الهرم وتتجه بزوايا ودرجات محددة، وقد كان يُعتقد قديما أنها للتهوية فقط، ولكن بعد جهود بعض العلماء المصريين بالتعاون مع بعض الفلكيين الأمريكيين وجد أن هذه الفوهات ترتبط بنطاق لبعض النجوم مثل نجم زيت الجبار ونجم ألفا التنين وبعضها للشعرى اليمانية؛ وهذا كله يثبت بما لا يدع مجالا للشك براعة الفراعنة في فهم علوم الفلك والنجوم وتصميم البناء الهرمي ليتناسق مع بعض النجوم.

من عجائب الهرم الأكبر

لم نذكر إلا النذر اليسير مما يدل على براعة الفراعنة في بناء الأهرامات المصرية وتصميمها؛ مما أبقاها طوال تلك المدة وعلى مدى آلاف السنين دون أن تتأثر بتقلبات الجو والأحداث التاريخية، ويذكر العلماء بعض الأمور المدهشة والعجيبة التي تميز الهرم الأكبر ومنها ما يلي: أن الأطعمة التي توضع بداخل الهرم لا تتعفن ولا تتأثر بمرور الزمن، كما أن المياه الملوثة تعود إلى صفائها ونقائها بعد مدة من الزمن من وضعها داخل الهرم، وأيضاً تبقى النباتات والزهور على أشكالها ورائحتها لمدة أطول داخل الهرم، ومن العجيب أيضاً أن داخل الهرم يحتوي على طاقة معينة مجهولة المصدر والطبيعة يمكنها التعجيل بشفاء الجروح وإزالة الآلام بسرعة كالروماتيزم وآلام الأسنان والصداع والتوتر والقلق وغير ذلك، وقد استطاع العالم التشيكوسلوفاكي اكتشاف علاقة قوية بين تصميم الهرم والطاقة الموجودة بداخله وبين المعادن حيث يمكنها أن تشحذ من شفرات موس الحلاقة وتزيد حدتها لتبقى مدة تتراوح ما بين 50 و 200 يوم من الاستعمال وذلك بفعل الطاقة المنبعثة من الهرم، كما أن غسل الوجه بالماء الذي يبقى داخل الهرم لفترة معينة يعيد للوجه نضارته وجماله، كما ثبت أن الجهات الأربع لهرم خوفو تتماثل مع الجهات الأربع للكرة الأرضية بصورة تامة ودقيقة وغير ذلك من الأمور المدهشة التي ميزت الهرم الأكبر عن باقي الأهرامات المصرية الأخرى.

ما زالت الدراسات والأبحاث مستمرة لسبر غور الأهرامات المصرية وكشف أسرار بنائها وتصميمها والمميزات التي تميزت بها، وقد طرح بعضهم نظريات مختلفة لتفسير تلك الظواهر، فمنهم مَن يُعزي ذلك إلى مساعدة من بعض الكائنات الفضائية العملاقة، وبعضهم يرى أن عبقرية تصميم الأهرامات المصرية ترجع إلى سكان القارة الأطلنطيكية المفقودة، والبعض الآخر يرى ويضع تفسيرات عديدة مختلفة عن عبقرية الفراعنة وعلمهم الواسع، وأيًّا كانت التفسيرات فستبقى الأهرامات المصرية خالدة على مر الزمن؛ تشهد للعالم أجمع بعبقرية ومهارة الفرعون المصري الذي بنى وأسس وشيد تلك الأهرامات بما تتميز به من براعة وإتقان، وقد تناول هذا المقال نبذة عن العصور المصرية القديمة، وبعضاً من الدلالات على براعة المصريين في بناء تلك الأهرامات، بالإضافة إلى أهم العجائب التي يتميز بها الهرم الأكبر دون غيره من الأهرامات المصرية الأخرى.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

اثنان × 4 =