تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » كيف تتفادى اكتئاب الشتاء والليالي الطويلة والأمسيات الموحشة؟

كيف تتفادى اكتئاب الشتاء والليالي الطويلة والأمسيات الموحشة؟

مع هطول الأمطار والرياح الباردة وتلبد الأجواء بالغيوم وعدم ظهور الشمس ينتابنا اكتئاب الشتاء على الدوام دون أن نعرف ما هو السر وراء هذه الحالة المزاجية السلبية التي تلاحقنا دائما في مثل هذا الوقت من العام، ربما يكون لهذا تفسير علمي وربما يكون هناك حل أيضًا.

اكتئاب الشتاء

هناك حالة مزاجية تصاحب فئة من الأشخاص تسمى اكتئاب الشتاء وهي تبدأ مع انتهاء فصل الصيف وحلول فصل الخريف، ويحدث هذا بسبب قصر ساعات النهار وتقلص الفترة المشمسة في اليوم فضلا عن تلبد السماء بالغيوم والأجواء الماطرة المصاحبة للرعد والبرق على مدى هذه الفترة، ويحدث هذا الاكتئاب بسبب تقلب الجو والاضطرار للبقاء في المنزل أكثر فترة ممكنة ومثلما ينقلب الجو من الحار للبارد، ومن الجاف للممطر، ومن المشمس للغائم، ينقلب أيضًا المزاج إلى مجموعة من الأعراض تسمى اكتئاب الشتاء وهذا هو موضوع مقالنا الذي نستعرضه تفصيلا في السطور القادمة.

الاكتئاب والبرد

اكتئاب الشتاء الاكتئاب والبرد

تصاحب فترة اكتئاب الشتاء هذه حالات الإنفلونزا ونزلات البرد مما يضطرنا إلى البقاء كثيرا في الفراش وصعوبة مزاولة الأعمال اليومية سواء العمل أو الدراسة أو إنجاز المهام أو مشاهدة الأفلام أو المسلسلات أو ممارسة الهوايات أو غيرها فضلا عن الرياضة لذلك كل هذا يعمل على اشتداد حالة اكتئاب الشتاء هذه والعمل على حدتها، ولكن هل يحدث اكتئاب الشتاء عرضا؟ علماء النفس يقولون أن هذه الحالة تحدث لفئة كثيرة من الناس بسبب إفراز المخ للهرمونات المسببة لهذه الحالة بسبب تقلب الجو، غير أن البرد وحالات البرد واحدة من أهم دوافعها الملموسة.

اكتئاب الشتاء الموسمي

علميا يفسر الباحثون والمتخصصون في الطب النفسي أنه لا توجد أسباب دقيقة لحلول اكتئاب الشتاء الموسمي في نفس الوقت من كل عام ولكن على الأقل يعزون ذلك إلى نقص فيتامين د بسبب قلة التعرض إلى الشمس وانخفاض في إفراز المخ لهرمون السيروتونين وهو أحد الهرمونات المسئولة عن الحالة المزاجية للجسم فضلا عن الاضطراب الذي يصاحب الإنسان بسبب الخلل في الساعة البيولوجية المسئولة على النوم بسبب حلول الليل مبكرا والإيواء إلى الفراش مبكرا فينتج عنه اضطراب النوم أيضًا وهي حالات من الأرق والتقلب طوال الليل وعدم الانتظام في ساعات النوم، عكس الصيف الذي كان منظما أكثر في نومه، حيث يمكنك الإيواء في الثانية عشر بعد منتصف الليل والاستيقاظ في الثامنة صباحا وتكون أخذت قسط النوم الكافي لك، بالإضافة إلى الشعور بالخمول إلى حد ما بسبب الأسباب السالف ذكرها وإفراز هرمون الميلاتونين.

أعراض الاكتئاب الموسمي

من أعراض اكتئاب الشتاء الموسمي ما يلي:

  • الشعور الدائم بالحزن طوال اليوم وتزداد الأمور حدة في الليل حيث الوحدة والأرق والشعور بالبرد والهدوء الذي يشعر الإنسان بالوحشة والخواء.
  • الشعور العام بانعدام الجدوى والإحباط وقلة التركيز والخمول وفقدان الشغف تجاه الأشياء التي كنت تريد عملها من قبل وقلة في إنجاز المهمات.
  • خمول الجسم وتراجع حالة النشاط التي كنت تحياها في الصيف، حيث كان الجو الحار يجبرك على الخروج من المنزل لتنسم الهواء الطلق غير أن الاضطرار إلى الجلوس في المنزل بسبب الجو البارد يكون من أكثر دوافع اكتئاب الشتاء خصوصًا للأشخاص المعتادين على الحركة.
  • اضطراب العاطفة وعدم تحديد عاطفتك تجاه الأشخاص وفيضان المشاعر أو تحجيمها تجاههم وربما تحادثك زميلتك في العمل ليلا لأمر يخص العمل فتجد نفسك تشكو لها الوحدة والأرق أو تحدثها عن مكانتها في قلبك وأشياء من هذا القبل، عليك الحذر من هذه التصرفات لأنها تورطك فيما لا تحب.
  • الشعور بانعدام أي معنى للحياة ومهاجمة الأفكار السوداء لرأسك ورغبتك العارمة في الموت والفناء وخصوصًا في الساعات المتأخرة من الليل.
  • الحساسية تجاه أي كلام يوجه إليك مهما كان عاديا وبسيطا وتزداد الحساسية إن كان هذا الكلام نقد أو لوم أو عتاب.
  • الشعور العميق بالرغبة الدائمة في البكاء بدون سبب، حتى لو كنت تشاهد فيلما كوميديا فإنك تتأثر بأبسط المشاهد وتجد نفسك مقبلا على البكاء بشكل غير معتدل.
  • الشعور بالنبذ الاجتماعي والرفض من محيطك وعدم القدرة على التواصل مع الناس بمرونة مثل السابق والثورة لأتفه الأسباب والغضب من أبسط التصرفات من الآخرين.
  • التسرع في اتخاذ القرارات وعدم التروي والاندفاع وكثرة الانفعال العاطفي المتهور وعدم القدرة على معالجة الأمور بالعقلانية والمنطق.
  • الشراهة والإفراط في تناول الطعام خصوصًا الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر والكربوهيدرات، وما يصاحب هذا من زيادة للوزن وهذا بالطبع يعمل على زيادة حدة اكتئاب الشتاء وصعوبة القدرة على مواجهته.
  • في الحالات المتقدمة من اكتئاب الشتاء يهاجمك الصداع النصفي وفي هذه الحالة عليك استشارة الطبيب ولا تكتفي بالحلول التقليدية.

كيف أتخلص من اكتئاب الشتاء ؟

كيف يمكنك التخلص من اكتئاب الشتاء؟ هناك عدة حلول قبل اللجوء بشكل نهائي للطبيب النفسي كي يتولى هو المهمة وفي الغالب يمكن إنهاء اكتئاب الشتاء بهذه الحلول البسيطة.

ممارسة الرياضة

من أجل إنهاء حالة الخمول التي تشعر بها عليك بممارسة الرياضة حيث تدفعك حالة اكتئاب الشتاء إلى حالة من الخمول وقلة النشاط ينتج عنه كسل ويأس لذلك ممارسة الرياضة ستنهي كل هذا، يمكن أن تمشي لمسافات طويلة أو تمارس الجري أو قيادة الدراجات، الذهاب للعمل على الدراجة على سبيل المثال ستكون فكرة رائعة.

التعرض للشمس

عليك أن تتعرض للشمس لأطول فترة ممكنة للاستفادة من فيتامين د الذي يمدك بالنشاط والطاقة والحيوية لذلك اخرج في الصباح الباكر حيث يمكنك الاستمتاع بالشمس الهادئة في الشتاء وفي نفس الوقت تكون مارست رياضة المشي وهذه من أهم حلول اكتئاب الشتاء ، اذهب للعمل مترجلا إن كان العمل قريبا أو انزل قبل محطتك بمحطة وتمشى هذه المحطة، وهكذا.

العلاج بالضوء

في معظم هذه الحالات يقومون بعلاج المرضى من خلال تسليط ضوء قوي عليه لذلك قم بفتح الستائر كي يدخل ضوء الشمس إلى الغرفة أو قم بممارسة عملك أو مذاكرتك بالقرب من النافذة أو الشرفة، لا تغلق النوافذ أو الشبابيك خصوصًا أثناء النهار، قيل قديما أن المنزل الذي يدخله الشمس، لا يدخله الطبيب أيضًا لذلك عليك ألا تحرم منزلك من ضوء الشمس الطبيعي، وبالليل لا تجعل الإضاءة خافتة.

قتل الليل بمشاهدة الأفلام والقراءة

من محفزات اكتئاب الشتاء الإيواء إلى الفراش مبكرا بسبب طول فترة الليل، لذلك عليك بقتل الليل عن طريق القراءة ومشاهدة الأفلام، هذه العادات اللطيفة ستعمل على إجلاء حالة الوحشة والخواء التي تشعر بها أثناء الليل وستعمل على قتل ساعات الليل بحيث ستأتي في منتصف الليل وتشعر أن الليل قد مر سريعا وأن هذا هو الموعد الأنسب للنوم، اختر الأفلام التي تناسب الشتاء، والأفلام التي تناسب الشتاء قائمة طويلة ربما سنتحدث عنها في مقال لاحق.

الاستماع للموسيقى

الموسيقى هي الشيء الأكثر مؤانسة في العالم، لا يوجد وقت شعرت فيه بالوحشة والوحدة والفراغ إلا كانت الموسيقى إلى جواري تربت على كتفي وتخفف وحدتي وتحد من اغترابي، لذلك اجعل يومك كله موسيقى، سيتغير شكل العالم من حولك، وفي يوم من الأيام كنت عائدا من موعد مع فتاة معجب بها ولكنها قامت بإلغاء الموعد في اللحظات الأخيرة، أتذكر هذه اللحظة جيدا حين كنت شاعرا بالإحباط والوحدة وأسير في الشارع في البرد وحيدا فقمت بإخراج الهاتف والسماعات وشغلت أغنية “يا مسافرة” للينا شماميان، وشعرت أن الأمر اختلف كثيرا وأنني في حالة أفضل، لذلك لا تهمل الموسيقى في جدول يومك وليلك الشتوي الطويل.

تناول الأطعمة المفيدة والخضروات

عادة ما يجعلنا اكتئاب الشتاء نقبل على الأطعمة المليئة بالسكريات والكربوهيدرات والسعرات الحرارية العالية ونهمل الأطعمة المليئة بالفيتامينات وخصوصًا فيتامين د، لذلك لا تفرط في تناول الأطعمة التي تعمل على زيادة الوزن والتي تزيد من حدة الاكتئاب بل تناول الأطعمة المفيدة والخضروات الغنية بالعناصر الغذائية التي يحتاجها جسمك.

علاج اكتئاب الشتاء

اكتئاب الشتاء علاج اكتئاب الشتاء

اكتئاب الشتاء له علاج بالطبع والعلاج معروف ومفهوم وله حلول وافية ولكن هناك أزمات متقدمة تستدعي تدخل الطبيب، حين تشعر مثلا بالرغبة العارمة في إيذاء النفس وتصبح هذه الرغبة ملحة بشكل لا يمكن مقاومته، أو حين تشعر بأعراض الانسحاب من المجتمع وفقدان القدرة على التواصل مع محيطك، أو ترى فكرة تناول المخدرات أو الإفراط في شرب الكحوليات وغيرها هي الحل، فإن ذلك سيستدعي تدخل الطبيب، وبناء عليه عليك أن تستشير الطبيب على الفور مع تجهيز قائمة بالأعراض الحالية والمشاعر التي تشعر بها، والأمر قد يستدعي أخذ مضادات الاكتئاب التي يمكن أن تكون فعالة في بعض الحالات.

اكتئاب الشتاء الموسمي أمر نمر به جميعا ولكن بدرجات متفاوتة، هناك ما يمكن حله ببعض الرياضة أو المشي أو التعرض لأشعة الشمس وهناك ما يستدعي التدخل الطبي المباشر، أكثر ما يقلقني بشكل شخصي في فصل الشتاء ويسبب لي الاكتئاب فعلا هو ارتفاع أسعار الملابس الشتوية بشكل متزايد كل عام، لعل الأطباء يجب أن يبحثوا في هذه النقطة جيدا ويجدوا لها حلا، وسيدركون أن طائفة كبيرة من الناس يعانون من نفس القلق تقريبا.

محمد رشوان

أضف تعليق

12 − تسعة =