تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » التدخين والمخدرات » إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين : كيف تحمي المراهق من التدخين ؟

إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين : كيف تحمي المراهق من التدخين ؟

إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين قد يكون واحدًا من أصعب الأمور، فعقل المراهق يتميز بالتمرد وعدم الانصياع، لكن هذه النصائح سوف تساعدك.

إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين

إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين يُعَدُّ واحدًا من التحديات التي تواجه التربويين والوالدين على وجه الخصوص؛ وذلك نظرًا لطبيعة فترة المراهقة التي تتميز بالتمرد والعناد، لا سيما لدى الذكور، حيث تزداد الرغبة في إثبات الذات والشعور بالاستقلال وتكوين شخصية متفردة ذات ميول واتجاهات قائمة على المنظور الشخصي البحت، وتضخم الإحساس بالرجولة وما يستتبعه من تغيرات سلوكية حتمية، وقد يزيد من تلك الرغبة تقلبات مرحلة البلوغ وما يصاحبها من تطورات فسيولوجية. ويُعَدُّ التدخين، للأسف، أحد الرموز الزائفة للرجولة والنضج؛ حيث عادةً ما ينظر المراهق إلى تلك العادة على أنها من شيم الرجال، بل الأبطال، وغالبًا ما يزداد اقتناعه بتلك النظرة نتيجةً لتأثره ببعض الأعمال الفنية التي يقترن فيها التدخين بالعمل البطولي ما يؤدي إلى هذا الارتباط الشرطي المضلل. وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي أصدقاء المراهق دورًا كبيرًا في اجتذابه إلى عادة التدخين لأنه يلجأ إلى محاكاة معارفه تعزيزًا لانتمائه إليهم. ونظرًا لخطورة هذه العادة السيئة وحساسية مرحلة المراهقة نسرد في النقاط التالية بعض الإرشادات التي تساعد الوالدين على إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم بشأنه.

دليلك إلى إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين

إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين يبدأ بالثقة والصداقة

يمكن إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين من خلال تعزيز الثقة القائمة بينهم وبين والديهم؛ حيث ينبغي على الوالدين أن يتقربا إلى ابنهما المراهق وأن يعقدا علاقة صداقة معه حتى تُزَال جميع العوائق بينهم وتصبح المصارحة هي وسيلة التفاهم المشتركة. وبالتالي يوصَى الوالدان بالابتعاد عن القمع التربوي وتجنب اللهجة الحادة عند الحديث مع الابن المدخن بشأن التدخين؛ لأن ذلك من المحتمل أن يأتي بنتائج عكسية بسبب العناد الذي سيتولد لدى المراهق كرد فعل طبيعي للدفاع عن ذاته المهانة. ومن أجل تجنب ذلك يجب الاعتماد على المناقشة الهادئة في إطار الصداقة المعقودة بين الوالدين وابنهما حيث تناقش أضرار التدخين بشكل علمي ويسرد الوالدان للابن بعض الوقائع والحالات المستمدة من محيطهم العائلي والتي يُضرَب فيها المثل بالمدخنين من الأقارب الذين عانوا من عواقب هذه العادة على المستوى الصحي والاجتماعي؛ حيث يساعد ذلك على تصحيح بعض المفاهيم والصور المترسخة في ذهن المراهق وتشويش التصور الإيجابي المزيف لديه حول التدخين وإسقاط صفة البطولة والرجولة المقترنة بالتدخين وحذفها من أفكاره ما يزيد من احتمال اقتناعه بالإقلاع عن التدخين.

تعزيز العادات الإيجابية البديلة

عادةً ما يلجأ أيضًا المراهق إلى التدخين بسبب الفراغ الذي يحيط بحياته وعدم وجود أي اهتمامات أو هوايات لديه، لذلك يُنصَح الوالدان بتقديم البديل الصحي الذي يمكن أن يملأ أوقات الفراغ لدى المراهق ويعود عليه بالنفع أيضًا. ومن أجل تحقيق ذلك ينبغي معرفة هوايات وميول الابن وتعزيزها حيث يمكن حثه على ممارسة الرياضة بانتظام من خلال الاشتراك في أحد الأندية الرياضية لممارسة رياضته المفضلة. ويمكن أيضًا التشجيع على القيام بالرحلات وزيارة الأماكن التي يحبها. بالإضافة إلى دعم الهوايات الهادفة مثل الكتابة أو القراءة أو الرسم أو أي هواية مفيدة أخرى. إن ابتكار السلوك البديل الصحي يساعد على إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين وإلهائهم عنه حيث يساعد ذلك السلوك البديل على إعادة توظيف أفكارهم واهتماماتهم بطريقة إيجابية.

معرفة الأصدقاء المقربين للابن المراهق

لا شك أن أصدقاء المراهق عاملٌ مهم في اعتياده للتدخين أو الإقلاع عنه؛ حيث يتأثر المراهقون ببعضهم بسهولة، لذلك يكفي أن يكون هناك فرد واحد مدخن في مجموعة الأصدقاء حتى تنتشر العادة بينهم سريعًا بسبب الرغبة في المحاكاة والتجربة التي تصير لاحقًا إدمانًا وعادة يصعب التوقف عن ممارستها. وبالتالي يجب على الوالدين معرفة الأصدقاء المقربين من ابنهم والإطلاع على سلوكهم وبيئتهم الاجتماعية والاطمئنان إليهم بأنهم من ذوي الأخلاق الحميدة؛ حيث يساعد ذلك على الإلمام بطبيعة الأفكار المتبادلة بين الابن وأصدقائه. وبالتالي يمكن إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين من خلال توجيه علاقاتهم بأصدقائهم؛ لذلك على الوالدين أن ينصحا الابن بالابتعاد عن زميل محدد للاشتباه في أخلاقه أو التشجيع على التقرب من زميل آخر ليصير صديقًا من أجل التأثر بأخلاقه وسلوكياته الإيجابية التي تخلو بلا شك من عادة التدخين.

تعزيز ثقة المراهق في نفسه

من الممكن إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين من خلال تعزيز ثقتهم في أنفسهم. ويمكن أن يتم ذلك من خلال دعم استقلاليتهم وعدم التدخل في شؤونهم الشخصية البحتة وترك مساحة مناسبة من الحرية يمارس فيها المراهق حقه في الاختيار طالما أن ذلك الاختيار لا يضره. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يدرك المراهق أنه ذو رأي حر وليس إمعة؛ أي شخص يسهل توجيهه، وبالتالي عليه أن يفرض نظرته بشأن عادة التدخين ويجاهر بأنها عادة سيئة وضارة بالصحة وليست دليلاً على الرجولة كما يزعم أقرانه.

ومن ناحية أخرى، ينبغي أن يُعطَى للمراهق الفرصة لتحمل المسؤولية وممارسة المهام التي تتطلب حسن التصرف والالتزام، وعليه أيضًا أن يتحمل جميع عواقب هذه المهام؛ حيث يعزز ذلك الشعور بالنضج وأنه قد صار بالفعل من الرجال دون أن يضع بين شفتيه سيجارة ليصير رجلاً كما كان متوهم. إن هذا الأمر سيزيد من شعور الثقة لدى المراهق وسيدرك أن له دور محوري في حياته أو حياة المحيطين به، إلا أن ذلك يجب أن يتم تحت مظلة من الإشراف من جانب الوالدين للاطمئنان إلى الحفاظ على المسار المطلوب.

التوجيه غير المباشر عن طريق الآخرين

من الممكن أن يستعين الوالدان بأحد الأشخاص المقربين مثل الأصدقاء أو الأقارب من أجل إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين حيث يمكن أن يناقش هذا الشخص مسألة التدخين مع الابن المراهق، لا سيما إن كان هذا الشخص مدخنًا سابقًا؛ حيث يسرد له تجربته مع التدخين ويشرح له أضراره ويصف الأمراض والمتاعب الصحية التي لحقت به جرَّاء التدخين، وكيف ساعده الإقلاع عن التدخين على استرداد صحته وعافيته. وبالتالي يمكن أن يدرك خطورة تلك العادة ويعرف كيف يمكن التخلص منها والإقلاع عنها تمامًا.

تجنُّب الأوامر المباشرة

عند تناول قضية التدخين مع المراهقين ينبغي الابتعاد التام عن صيغة الأمر والعبارات الملزمة ذات الصياغة التربوية التقليدية التي يشتهر بها الخطاب الأبوي السلطوي؛ وذلك لأن هذه السياسة لن تكون مجدية في إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين، بل ينبغي أن تكون المناقشة مفتوحة وذات مساحة من الحرية، وعلى الوالدين الإنصات الجيد للابن المراهق وإدارة الحوار بهدوء في صورة سؤال وجواب بحيث يتسنى إقناع الابن بطريقة عقلانية تساعده على النبذ الفعلي لعادة التدخين والإيمان الداخلي لديه بوجوب الإقلاع عنها.

في النهاية يتضح لنا أن إقناع المراهقين بالإقلاع عن التدخين أمرٌ يتطلب الكثير من الصبر والمعرفة بتفاصيل الأمور حتى يمكن مخاطبة الابن المدخن بأسلوب يناسب مرحلة المراهقة التي يمر بها. وينبغي أيضًا أن يكون الوالدان قدوة حسنة بالنسبة لأبنائهم، فلا ينبغي أن يكون الأب مدخنًا وفي الوقت ذاته ينصح ابنه بالإقلاع عن التدخين، لا سيما أن الأب يُعَد بمثابة الأسوة والدليل بالنسبة لأبنائه. وبالتالي يجب توجيه الأبناء بحكمة لضمان مرور فترة المراهقة بشكل آمن دون التعرُّض لأي أخطار سلوكية.

أحمد علام

كاتب ومترجم، أحب القراءة في المجالات الأدبية بشكل خاص.

أضف تعليق

3 × واحد =