تسعة مجهول
كارل غروسمان
الرئيسية » جريمة » كارل غروسمان : شيطان بشري أم مريض نفسي ؟

كارل غروسمان : شيطان بشري أم مريض نفسي ؟

كارل غروسمان يعتبر واحد من أعنف السفاحين، فقد قتل هذا السفاح وحده ما يربو على 50 امرأة في مدة لم تتجاوز 8 سنوات، نتعرف على قصة كارل غروسمان الكاملة هنا.

يعد كارل غروسمان – أشهر سفاح في القرن العشرين – ظاهرة بكل ما تحمله الكلمة من معان، ليس فقط لأنه قد قام بقتل ما يقرب من خمسين امرأة خلال ثمان سنوات، بل بسبب ما فعله بعد قتلهن، والذي يُبرهن على القول بعدم صحة قواه العقلية، وهو ما جعل الجميع يسأل في استنكار، هل هو شيطان بشري أم مريض نفسي؟

كارل غروسمان : قصته الكاملة

كارل غروسمان الإنسان

وُلد كارل غروسمان في ديسمبر عام 1863 بألمانيا وعمل كجزار قبل الحرب العالمية الأولى، شارك في الحرب العالمية كجندي في صفوف الألمان، وزامل هتلر في رحلة صعوده للحكم، وهنا يُمكن أن نقول كيف بدأ غروسمان رحلته نحو القتل، ببساطة، كارل غروسمان جندي ألماني مُصاحب لهتلر ومهنته السابقة جزار!

كان كارل غروسمان انطوائيًا ومنعزلًا أغلب الوقت، وكان لا يقضي الليل إلا في أحضان امرأة، رغم ذلك لم يُفكر أبدًا في الزواج طوال حياته، وكان يُبرر ذلك برغبته في عدم إنجاب أطفال، فقد كان يكره الأطفال إلى الحد الذي جعله يقول بأنه لو تزوج وأنجب أطفال فسيُجبر يومًا ما على ذبحهم.

والديّ غروسمان غير معروفين، وهذا يفتح مجالا للشك في تعرضه لتربية صحيحة مُنذ الصغر، بل ويُرجح أنه قد قضى طفولته في إحدى دور الأيتام أو في كنف أحد المجرمين، وهو ما يبدو جليًا في سلوكياته وتعاملاته مع الآخرين، فرغم أنه قد عاش ما يقرب من ستين عامًا يتنقل بين البلدان لم يستطع تكوين أي صداقات، وبالطبع لم يكن له أقارب أو أشقاء، وهكذا يتضح كيف نشأ كارل غروسمان وكيف تحول من جزارٍ إلى سفاح.

كارل غروسمان السفاح

بطريقة ما، أراد كارل غروسمان تطوير عمله كجزار، خاصة مع توقف استيراد الماشية في أثناء الحرب العالمية الأولى، فقرر ممارسة مهنته في حيوان أخر، أكثر توافرًا وفي نفس الوقت غير مُكلف على الإطلاق، وأخذه عقله إلى البشر!

بدأ كارل غروسمان في ممارسة عمله القديم بالطريقة الجديدة عام 1913، حيثُ كان يستدرج النساء من الطرقات والملاهي الليلية وبيوت الدعارة، ويقوم بالشرب والسكر معهم ومُضاجعتهم، ثم يبدأ بعد ذلك في ذبحهم مُسترجعًا مهنته القديمة والتي كان يعمل بها قبل الحرب العالمية الأولى.

كارل غروسمان لم يكن يذبح لمجرد الذبح، والدليل على ذلك أنه كان يقوم بتقطيع أعضاء ضحاياه وأخذ لحومهم وتنظيفها لبيعها صبيحة اليوم التالي في سوق برلين، أما العظام والأشياء غير النافعة كان يقوم بإلقائها في النهر بعد أن يقوم بتشويه الأشياء التي يمكن أن يُستدل بها على الضحية كالوجه، والذي حاول ذات مرة أكله من أحد ضحاياه لكنه لم يستطعمه فقام بإلقائه وعدم تكرار أكله مرة أخرى.

الغريب أن غروسمان لم يكن يعشق المال قدر عشقه لمهنته كجزار، والدليل على ذلك أنه كان لا يقترب من متعلقات ضحاياه كالذهب والنقود، بل كان يجمعهم في كيس صغير ويُرسلهم إلى ذوي الضحية أو المكان الذي أخذها منه، بعد أن يترك معها ورقة صغيرة مكتوب فيها ” لست لص، أنا جزار”.

أشد الطرائف التي واجهت كارل غروسمان في أثناء تنفيذه لتلك الجرائم كانت عندما جاءه أحد الرجال يسأله عن شقيقته ويسأله بعد أن أعطاه صورتها هل رأها من قبل أم لا، وما أن رأي كارل الصورة حتى انفرط من الضحك، لأن صاحبة الصورة لم تكن إلا أخر ضحاياه والتي كان يبيع لحمها في تلك اللحظة، فما كان من غروسمان إلا أن أعطى الرجل نصف كيلو من اللحم مخبرًا الرجل بأنه الآن قد وجد شقيقته، وبالطبع ظل شقيق الضحية يضحك على ما ظنها مُزحة، لكن كارل كان صادقًا، وهنا بدأت علامات المرض النفسي أو الجنون تظهر عليه.

كارل غروسمان المريض النفسي أو المجنون

كارل غروسمان لم يكن سفاحًا فقط، السفاح أو المجرم يقتل ثُم يتوارى، يحرص كل الحرص على أن لا يتم الإمساك به، ينتابه الرعب حين يتم الحكم عليه بالإعدام، يستجدي القاضي للحصول على أقل عقوبة ممكنة، إجمالًا، يفعل السفاح المستحيل كي يُحافظ على حياته، لكن غروسمان لم يفعل شيء مما سلف.

كان كارل غروسمان يبيع لحوم ضحاياه على عربة أمام الجميع، لا يرتجف أو يتعرق، ولا يتوقع أبدًا أن يتم اكتشاف أمره أو الإيقاع به، بل كان يضع لحوم ضحاياه في ثلاجته، ولم يُغير أبدًا مسرح الجريمة لإبعاد الشُبهات عنه، ولم يتخذ أي إجراءٍ احترازي تحاشيًا للقبض عليه، بل انه قد وقف يضحك أمام القاضي في أثناء محاكمته، وتوعد القاضي أمام الجميع بالقتل إن تم فك أسره، وبالطبع لم يكن من الطبيعي أن يضحك عند سماع الحكم عليه بالإعدام.

الجنون والخلل النفسي لازما كارل غروسمان حتى عند موته، ففي الليلة التي كان من المفترض فيها تنفيذ حكم الإعدام وُجد كارل في محبسه جثة هامدة، وإن تم تبرير ذلك بدافع الكرامة ورفضه للإعدام فهذا لا يعني أن يكتب كارل غروسمان على حائط زنزانته أنه شخص طيب لكن بداخله روح شريره ستخرج بعد وفاته وتُكمل مسيرته الجنونية!

كارل غروسمان يتفوق على كارل دينك

تقريبًا تشابهت الظروف بين الألمانيين كارل غروسمان وكارل دينك، فكلاهما قد عاشا في نفس الحقبة وعاصرا نفس الأحداث ومارسا نفس الجريمة، فقد كان دينك مديرًا لأحد الفنادق، وقد جال بذهنه يومًا ما – كما حدث مع غروسمان- أن يُقدم خدمه أفضل للزبائن، تختلف كثيرًا عن الخدمات التي تُقدمها الفنادق الأخرى، فكر وفكر حتى استقر على قتلهم وأكل لحوهم، وكان يضع على باب فندقه لافته كبيرة مكتوب فيها ” يوجد لدينا خدمة مميزة”، وكان يقصد القتل!

ظل كارل دينك يأكل لحوم النزلاء لمدة ثلاث سنوات، حيثُ كان يذبحهم ويقوم بتخزين لحومهم في الطابق الأرضي لحين الحاجة إليها، وبالرغم من فجاجة الأمر إلا أن أحدًا ما لم يستطع اكتشاف الأمر تمامًا كما حدث مع غروسمان، وكأن الشعب الألماني بأكمله قد تحول في هذه الفترة إلى سفاحين، حتى أصبح هذا القتل بالنسبة لهم أمرٌ طبيعي.

كارل دينك بالطبع مجنون مثل غروسمان، إلا أن الأخير يتفوق عليه فيما فعله أثناء المحاكمة وما قاله للقاضي وما صرح به للإعلام، يتميز كارل أيضًا بجرأته، حيثُ كان يبيع لحوم ضحاياه جهارًا أمام العامة، بعكس كارل دينك الذي كان يتستر على الأمر ويحاول إبقائه سرًا، أما عند الموت فقد تندّم كارل دينك على ما فعله وطلب العفو، بعكس غروسمان الذي توعد الجميع بعودة روحه إلى الحياة في هيئة شخص أخر لاستكمال مسيرته.

كارل غروسمان في التاريخ

اتفق الجميع على أن أشهر سفّاحي العالم كانوا من الألمان، يترأسهم هتلر ويتوصّفهم كارل غروسمان، لذلك كان لغروسمان مناصفةً مع هتلر الحظ الأوفر من لعنات التاريخ، فلا يُذكر الإجرام إلا ويُذكر معه كارل غروسمان، حتى الروايات والأفلام التي كُتبت بعد ذلك استعانت بكارل غروسمان شريرًا لها، وتم إظهاره في كل هذه الأعمال بصورته الجلية الحقيقية التي لا يختلف عليها عاقلان، صورة السفاح المجنون.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

14 + خمسة عشر =