تسعة مجهول
غريس براون
الرئيسية » ظواهر » غريس براون : تعرف على قصة شبح البحيرة المخيف والحزين

غريس براون : تعرف على قصة شبح البحيرة المخيف والحزين

غريس براون فتاة أمريكية عاشت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وخلال هذه الفترة تعرضت لواحدة من أبشع الجرائم.

تُعتبر قصة غريس براون أحد أبشع القصص التي تُعرف في الولايات المتحدة الأمريكية ويعتبرها البعض مجرد أسطورة لا أساس لها من الصحة، وذلك على الرغم من أن الأحداث كلها مثبتة، وما حدث مع غريس يعرفه الجميع بلا استثناء، لكن الأسطورة حسب ادعائهم هو ما حدث بعد موتها من قصص غامضة وغريبة، ولو كنا منصفين فلا يجب علينا أبدًا أن نولي كل الاهتمام لما حدث بعد موت غريس براون وإنما كذلك نهتم بما حدث قبله، حيث السيل من الأحداث التي تستحق أن تُحكي كي يأخذ الجميع منها العبرة، وخاصةً الفتيات الحالمات، والتي كانت غريس واحدة منهن في يوم من الأيام قبل أن ينتهي بها الأمر إلى مجرد شبح في بحيرة، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على القصة الكاملة للفتاة غريس براون وما الذي حدث قبل موتها وبعده، وهل حقًا ذلك الشبح الذي يظهر في البحيرة يتعلق بها؟

من هي غريس براون ؟

أولى مفردات قصتنا بالتأكيد هي بداية غريس براون والتعرف عليها، فهي فتاة من العائلات الفقيرة التي تعيش في الدول الغربية، وربما يقول بعضكم أن الدولة الغنية أو الدول الأوربية عمومًا دول غنية، إلا أن الجمال لا يكتمل دائمًا، ففي تلك الدول الأوربية دائمًا ما تكون هناك منطقة الأرياف التي تعج بالفقراء الفلاحين، وقد كانت غريس واحدة من هؤلاء الفقراء الذين يُكملون وجبة العشاء بالنوم كما يُقال عنهم في كل مكان.

في عام 1886 وبأحد القرى الصغيرة الموجودة في نيويورك رأت غريس الحياة لأول مرة، كانت طفلة صغيرة وجميلة، وكان هذا الجمال دافعًا لتفكيرها في أشياء كثيرة، فكانت تعرف جيدًا بالرغم من صغرها أن جمالها شيء مفيد جدًا لها، وليس هذا فقط، بل إنها كانت تشعر أن ذلك الجمال يجب أن يجعلها في مكان آخر مختلف تمامًا عن الذي تتواجد به، ومن هنا بدأت الطموحات والأحلام تراود تلك الفتاة في حياة أجمل وأفضل.

الذهاب إلى نيويورك

كما ذكرنا، كان والد غريس براون مجرد مزارع، كان لديه مزرعة وكانت غريس الجميلة تقضي الكثير من الوقت، كانت متأففة طوال الوقت ومدركة لحقيقة عدم انتمائها لذلك المكان، ولهذا السبب تحديدًا لم تنتظر تجاوزها الثامنة عشر بأكثر من شهور قليلة وذهبت إلى نيويورك من أجل العيش هناك والعثور على القدر الذي تُريده من التقدير، لكنها لم تذهب إلى قصر كما كانت تحلم، بل مجرد شقة بسيطة بالكاد تسعها هي وشقيقتها، أما العمل فقد وجدت نفسها مجرد عاملة في مصنع مخصص لصناعة التنورات الخاصة بالنساء، وهو العمل الذي لم تضعه يومًا في حسبانها، ولا كانت تلك الحياة هي التي تحلم بها مع وصولها إلى مدينة نيويورك، بل كانت تأمل في العيش بقصة رومانسية مثالية، يكون لها فيها فارس أحلام يأتي ويأخذها على الحصان الأبيض، لكن هذا لم يحدث بالطريقة التي تريدها، بل جاءها الفارس الذي حل خصيصًا ليكتب الفصل الأخير في قصتها، إنه تشيستر جيليت، مدير المصنع.

السقوط في الهاوية

كانت غريس براون، بسبب أحلامها وأوهامها، أسهل فريسة يُمكن أن يعثر عليها شاب في حياته، فما هي إلا كلمات قليلة معسولة وبعض الوعود الزائفة حتى تمكن تشيستر من السيطرة شبه الكاملة على الفتاة وإخضاعها له، أحبته، فقد كان شابًا رياضيًا وسيمًا، وفي نفس الوقت كان مدير المصنع الذي تعمل غريس به، مصنع عمه على وجه التحديد، ولابد أن فرصة كهذه، من وجهة نظر غريس، لم تكن لتعوض من جديد، لذلك صدقت المسكينة كل شيء ووقعت في المصيدة.

كل أصدقاء غريس الذين يعملون معها في المصنع حذروها من ذلك الشاب وأخبروها صراحةً أنهن قد تعرضن لمثل هذه التجارب مع تشيستر تحديدًا، وأنه مشهور بكونه زير فتيات، لكن الحب والقصص الرومانسية الخيالية كانت مسيطرة على غريس بصورة غير طبيعية، لذلك لم تستمع لتحذير الفتيات وقامت بالاستمرار في العلاقة التي تطورت إلى استباحة الجسد بعض أن تم استباحة القلب، وكانت الكارثة الحقيقية عندما بدأت علامات الحمل تظهر على غريس!

الخوف من الفضيحة

كان حمل غريس براون كارثة كبرى، فأوروبا، تلك القارة المتسامحة الآن فيما يتعلق بالحمل دون الزواج، لم تكن هكذا أبدًا من قبل، بل كان الأمر يسير بصورة طبيعية، إذ أن الحمل بدون زواج يعني أن ثمة فضيحة مدوية بانتظار المرأة التي تخوض تجربة الحمل هذه، عمومًا، كانت غريس تشعر أن الأمور كانت تسير بخير، وأن عشيقها سوف يصدق في كلامه المعسول ويأتي ليتزوج منها، كانت تتخفى من الناس وتنتظر بفارغ الصبر ذلك اليوم الذي ستُعلن فيه خطبتها، لكنها كما ذكرنا من قبل لم تكن تعرف حقيقة تشيستر بعد.

كان تشيستر يتخذ من غريس مادة جيدة للتسلية، فهو في الأصل كان عازمًا على الزواج من ابنة عمه صاحب المصنع، كان يبحث عن المال والنفوذ، وكان الحب والتضحية من الأشياء التي تأتي في ذيل قائمة اهتماماته، لذلك بدأ يتهرب من غريس وبدأ يعيش في جحيم بسبب مطالبتها الدائمة له بالزواج، وفي تلك الأثناء لمعت في رأسه فكرة توهم من خلالها أن كل شيء سينتهي، وأن فصل غريس براون سوف يُغلق للأبد.

القضاء على الفتاة الحالمة

كان تشيستر يعلم جيدًا أن غريس سوف تُمثل صداعًا كبيرًا له، ولذلك قرر أن يتخلص من ذلك الصداع الذي لن يتوقف سوى بأمر واحد، وهو القتل، وبالفعل، في يوم من أيام عام 1906 طلب تشيستر من غريس أن تحضر إلى أحد إلى الشواطئ كي يقوم باصطحابها في جولة طويلة من أجل مصالحتها قبل كل شيء والتحدث بعد ذلك في أمور الزواج وكيف يُمكن لهما تنفيذ هذا الأمر الذي زعم أنه يسعى إليه أيضًا، وطبعًا ذهبت غريس كالمجنونة إلى حيث ينتظرها الشاب الكاذب، وكانت الجريمة التي لا يزال البحر يصرخ منها حتى الآن.

ذهبت غريس إلى الشاطئ والتقت بتشيستر الذي كان ينتظرها مع قارب على الشاطئ، ثم أخذها ووضعها في قلب القارب وظل يتحرك بها حتى وصل إلى نقطة يصعب فيها رؤية ما ينوي فعله بكل قسوة قلب، وفي اللحظة المناسبة، ضرب تشيستر الفتاة على رأسها ثم ألقى بها في عرض البحر وهو يعرف يقينًا أنها لا تقدر على السباحة، ثم جلس ينظر لها بدم بارد وهي تُصارع أسوأ شيء في هذه الحياة، الموت، وبأسوأ طريقة يُمكن أن يحدث بها، الغرق.

سقوط القاتل

ظن تشيستر أنه بعد قتله للفتاة المسكينة غريس براون فسوف يتمكن بذكائه من الإفلات من العدالة، لكنه على ما يبدو كان مجرد عاشق مُخادع وليس قاتل محترف، فبعد ساعات قليلة من عودته قامت البحيرة بلفظ الجثة خارجها لتظهر على الشاطئ، وكذلك الرجل الذي استأجر القارب قد تمكن من التعرف على تشيستر، وما هي إلا ساعات أخرى قليلة حتى تم الربط بين كل شيء يتعلق في هذه القضية، القارب والبحيرة وتشيستر وغريس، وكان كل ذلك يقود إلى حقيقة واحدة لا غبار عليها، وهي أن تشيستر هو القاتل.

بالفعل تحركت الشرطة باتجاه تشيستر وقامت بإلقاء القبض عليه وواجهته بعض التهم، لكنه قد أنكر تمامًا في البداية وادعى أنه لم يرى غريس هذه من قبل، ثم بعد تأكيد معرفته بها أنكر أنه قد ذهب بها إلى البحيرة، وبعد أن أكد صاحب القارب أنه من قام بتأجير القارب منه لم يكن أمام تشيستر سوى اختلاق قصة وهمية يقول فيها أن غريس هي من انتحرت لأنه لم يتزوجها، وطبعًا هذه قصة لا يُمكن تصديقها لأنه حتى لو انتحر شخص ما أمامك فبالتأكيد سوف تتحرك لإنقاذه، أو على الأقل تُبلغ الشرطة بما حدث، لكن تشيستر لم يفعل، ولذلك كان المتهم الأول والأخير.

نهاية القاتل تشيستر

حاصرت المحكمة تشيستر بتهمة قتله غريس براون، كانت الأدلة كثيرة، ومع الوقت بدأت تكثر أكثر وأكثر، فمثلًا الفتيات اللاتي زاملن غريس في المصنع قالت إنهن قد شاهدن تشيستر مع غريس في علاقة عاطفية، وأنهن قد علمن بأمر الزواج، أو الوعد بالزواج على وجه التحديد، وأيضًا تم العثور على بعد الجوابات الغرامية من غريس إلى تشيستر ومن تشيستر إلى غريس، كانت كل الأدلة تُشير إلى وجود علاقة بينهما، وكانت كذلك تُشير إلى رغبة تشيستر في التخلص من غريس بأي طريقة من الطرق، وهذا ما حدث بالفعل.

بعد ثبوت الجريمة على تشيستر قضت المحكمة بإعدامه في أسرع وقت، لكن ذلك الحكم لم يُنفذ إلا مع حلول عام 1908، لكنه في النهاية نُفذ، وتم أخذ العدالة من الشخص المذنب في قصتنا، وهو تشيستر، ذلك الشاب الذي تلاعب بالفتيات، والحقيقة أنه كذلك قد وجد تسهيلًا كبيرًا منهن بسبب أحلامهن الواهية التي كانت تسير في طريق غير شرعي، لكن السؤال الآن، هل كانت النهاية بموت غريس وإعدام تشيستر؟ بالتأكيد لا، وإلا ما كانت واحدة من أغرب القصص.

شبح غريس براون

لم تتوقف القصة كما ذكرنا عند موت غريس براون وإعدام تشيستر، فبعد شهور قليلة بدأت الكثير من الأمور الغريبة تحدث في تلك البحيرة، حيث كان الناس في كل ليلة يرون قارب يقف في منتصف البحيرة ثم تسقط منه فتاة في المنتصف منتحرة، وبالطبع لا يحتاج الأمر إلى توضيح لنُدرك أنه مشهد لا وجود له، وأنه مجرد شبح، لكن ألا يذكركم هذا المشهد بشيء؟ أجل إنه نفس المشهد الحقيقي، وببساطة شديدة يُمكننا القول إن غريس تأتي في كل يوم لتخبر العالم بالطريقة التي ماتت بها، ناهيكم عن زعم البعض بأن الأشباح الموجودة في مكان الحادثة تُطفئ الأنوار وتُطير الأشياء.

شبح غريس براون لا يتوقف كما يزعم الذين شاهدوا بعض الغرائب بالقرب من البحيرة، وهناك من أعطى الأمر دلالات أخرى مثل أن حادثة موت غريس تتكرر كل يوم لأن غريس تُريد إيصال رسالة قوية إلى كل الفتيات بألا ينخدعن مثلها لأن مصيرهن سوف يكون مثل مصيرها، وهناك من يقول إن الحادثة تحدث كل يوم لأن غريس تعتقد أن تشيستر لم يلقى الجزاء الذي يستحق عن فعلته، عمومًا، كانت حادثة شبح غريس براون، وجريمة قتلها من قبل، مادة خصبة للأفلام والروايات والقصص الخيالية، والتي أضافت بعض الأمور الأخرى لإعطاء القصة جذب أكبر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

5 + 5 =