تسعة مجهول
دنيس رايدر
الرئيسية » جريمة » دنيس رايدر : سفاح شاذ من طراز خاص تفنن في طرق قتله

دنيس رايدر : سفاح شاذ من طراز خاص تفنن في طرق قتله

ربما لا يُعد دنيس رايدر اسمًا بارزًا في عالم السفاحين والقتلة، لكن أسلوبه الشاذ والغريب في قتل ضحاياه أكسبه تميزًا كبيرًا عن أقرانه.

برز اسم دنيس رايدر في منتصف القرن العشرين، حيث عُرف في الولايات المتحدة الأمريكية بالسفاح المنحرف، لأنه كان يقتل لأسبابٍ غريبة وبطرقٍ أغرب، حتى قيل أنه قد ابتكر نوع آخر من القتل وهو القتل الشاذ، والذي يُخالف كل ما سبقه من جرائم قتلٍ مهما كانت وحشيتها، الغريب كذلك في رايدر أنه كان يعيش حياة طبيعية جدًا، فيها كل ما يتمناه أي شخص بالمجتمع الأمريكي في هذا الوقت، لكنه رغم ذلك سلك طريقًا بدا للجميع أنه طريقًا شاذًا للغاية، فمن هو دنيس رايدر ولماذا يُعد سفاحًا شاذًا من طرازٍ خاص، هذا بالضبط ما سنعرفه في السطور الآتية.

دنيس رايدر والقصة الكاملة للسفاح الأغرب في التاريخ

من هو دنيس رايدر؟

كأي شخص عادي، ولد رايدر في الولايات المتحدة الأمريكية منتصف القرن العشرين، وتحديدًا في عام 1945، وعلى ما يبدو أن هتلر حين كان يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية كان ثمة هتلر آخر يُولد في البلد التي قضت على هتلر الحقيقي.

كان دنيس رايدر أكبر إخوته الأربعة، والده جيمس كان يعمل جنديًا في البحرية الأمريكية، وكان ضمن أولئك الذين نالوا شرف تخليص العالم من هتلر، وبالطبع كان لا يعلم أن هناك هتلر جديد يكبر في بلده، أما والدة رايدر، دورثي، فقد كانت ربة منزل تعيش في كنساس الأمريكية، وقد كانت أيضًا مسيحية مُتدينة، لذلك كانت تصطحب رايدر كثيرًا إلى الكنيسة.

دنيس رايدر والتعليم

في الكنيسة اللوثرية نشأ رايدر في كنف القساوسة هناك، والغريب أنه كان يحفظ الكثير من الإنجيل ويداوم على التواجد كثيرًا في الكنيسة وتأدية الصلوات والتراتيل، أما في المدرسة فلم يكن رايدر بنفس الجدية، حتى أنه لم يستطع إنهاء تعليمه الثانوي، وكان لا يُجيد القراءة والكتابة لأسبابٍ تتعلق بعدم رغبته في ذلك.

دنيس رايدر على خُطى أبيه

بعد فشله في التعليم، لم يجد رايدر بُدًا من الالتحاق بالقوات البحرية كأبيه، كان ذلك في عام 1966، وقد أجبره هذا العمل على السفر كثيرًا حول العالم، حيث ذهب إلى اليونان وكوريا وتركيا واليابان، واستمر في ذلك لأربع سنوات، عاد بعدهم إلى وطنه تاركًا البحرية، وقد كانت الحرب فعلًا قد بدأت نيرانها بالخمود في جميع أنحاء العالم.

دنيس رايدر والاستقرار

عاد دنيس رايدر إلى وطنه في عام 1971، واستقر في مدينة بارك سيتي ليعمل فيها بمجموعة من الأعمال البسيطة، وفي نهاية العام كان قد تزوج من بولا ديتز، وهي فتاة صادفته في أحد الأعمال، ولم يلبث إلا أن أنجب منها طفلين، هما كيري وبراين، ثم عاد يبحث عن الاستقرار مرة أخرى فأكمل دراسته الثانوية بمجال الإلكترونيات، وذلك في عام 1979، حيث أخذ الشهادة بتقدير مقبول، ليعمل بعدها في أحد الشركات المتخصصة في تركيب أجهزة الإنذار.

لم يكن دنيس رايدر انطوائيا على الإطلاق، فقد حرص كل الحرص على تكوين شبكة قوية من العلاقات في كل مكان يذهب إليه، والدليل على ذلك أنه في سنٍ صغير أصبح عضوًا بالكنيسة ومشرفًا على فريق الكشافة، إجمالًا، كان كل شيء متعلق برايدر دنيس يسير بخير، إلى أن جاء اليوم الذي حدث فيه شيء غير متوقع على الإطلاق.

دنيس رايدر والتحول المفاجئ

بداية كل جريمة هوس، والمجرم حين ينفذ الجريمة لا يكون إنسانًا على الإطلاق، وهذا بالطبع ما حدث لدنيس رايدر، فهو وسط كل هذه الحياة الطبيعية التي ينغمس فيها، وفجأة، بلا أية مقدمات، رأى فتاة مع والدتها فقرر أن يقتلهما، لماذا؟ وماذا فعلا؟، لا أحد يُمكنه الإجابة على هذا السؤال، ولا حتى دنيس نفسه.

ضحايا دنيس رايدر

بدأ عُقد ضحايا دنيس رايدر في الانفراط في أحد ليالي الشتاء الباردة، حيث كان يقوم بتوصيل أفراد أسرته عندما رأي فتاة تمشي مع والدتها تُدعي جوزفين، فقر قتلها هي ووالدتها دون سابق معرفة، بل ولم يتوانى في تنفيذ فكرته أيضًا، فأوصل أسرته ثم ذهب إلى منزل عائلة اوتيروا، حيث يتواجد ضحاياه.

كانت جوزفين تُحضّر الطعام عندما اقتحم دنيس البيت مُشهرًا مسدسه في وجه كل من كانوا فيه، وهم جوي الأب، جولي الأم، روي الابن، والابنة جوزفين، ثم أمر دنيس الجميع بالانبطاح وعدم التفوه ببنت كلمة، وبالفعل امتثل الجميع له، وصدقوه عندما أخبرهم أنه يحتمى في هذا البيت من الشرطة التي تحوم حول هذا المكان، وأنه سيُغادر فور مُغادرتهم.

نوايا دنيس الحقيقة بدأت في الافتضاح عندما طلب من أفراد الأسرة الصعود إلى غرفة النوم، وفيها قام بقتل الأم عن طريق شنقه بكيس كبير، ثم كرر فعلته مع الأم وذبح الطفل الصغير بسكينٍ كانت متواجدة بجواره، أما جوزفين فقد اصطحابها إلى قبو البيت وقام بتجريدها من ملابسها وربطها بحبلٍ كبير، حيث جعل مجرد تحركها يؤدي إلى خنقها، وأخذ يمارس قذارته أسفلها حتى انتهى وانتهت هي.

بعد رحيل دنيس تذكر أنه قد نسى شيئًا ما، وأثناء عودته شاهد ثلاثة أطفال صغار يدخلون البيت، وعلى ما يبدو أنهم أبناء جوي وجولي أيضًا، لذلك أكمل جنونه وقام بقتلهم، حيث كان يهمس لهم أثناء ذلك بأنه يؤدي خدمة كبيرهم لهم بإرسالهم إلى أسرتهم.

ضحايا آخرون

توالت بعد ذلك جرائم دنيس، حيث كان أبرزهم شارلي فين وكاثرين برايت ونانسي فوكس وفيكي فيجرال ودوليرس ديفز، كل هؤلاء وأكثر قتلهم دنيس شر قتل ولم يدخر جهدًا في إذاقتهم أشد أنواع العذاب، وكان لوقاحته يأخذ صور لضحاياه قبل التخلص من جثثهم، وكان أشد وقاحة عندما يقوم بإرسال تلك الصور إلى أقسام الشرطة للتفاخر بما فعل.

سقوط دنيس رايدر

بعد توالي جرائمه حتى عام 2004 كان على الشرطة أن تفعل شيئًا لإسقاط دنيس رايدر، لكنه لم تستطع فعل ذلك، بل هناك شخص آخر فعل، وهو دنيس رايدر نفسه، حيث أخطأ ذات مرة أثناء إرساله للصور وكتب على إحداهن اسمه، فما كان من الشرطة إلا أن بحث عن كل الأسماء المشابهة حتى تم الشك في دنيس، ولكن للتأكد كان لابد من أخذ عينة حمضه ومطابقتها بعينة الحمض التي كان يتم العثور عليها في مسرح الجريمة، وقد تم أخذ هذه العينة من شخص قريب لدنيس، ابنته، والتي أظهرت تطابقًا مع عينة الحمض، ليتيقن المشككون ويتم إلقاء القبض على دنيس في يناير 2005.

نهاية دنيس

لم يكن أحد يتوقع أن ينتهى دنيس هذه النهاية الهزيلة، حيث تم الحكم عليه بعد عدة جلسات بالسجن الأبدي مدى الحياة، وهو حكم غير منصف بالمرة، لأن دنيس، الذي قتل أكثر من خمسين شخص بينهم نساء وأطفال وشيوخ، أصبح حرًا طليقًا، حتى ولو كان ذلك في السجن، فهو يستمع للتلفاز ويمارس الرياضة ويقرأ الكتب، بل وأصبح مؤلفًا كبيرًا، بيعت مُذكراته في جميع أنحاء العالم، وتم تخصيص مكاسبها لأهالي ضحايا دنيس، لكن هذا الأمر بالتأكيد لا يشفي غليلهم من دنيس، الذي كان، ولا يزال، سفاحًا من طرازٍ خاص، خدمته كثيرًا القوانين الأمريكية وجعلته يفلت من الموت المحقق، حتى بعدما ارتكب كل هذه الجرائم.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

واحد + ستة =