تسعة مجهول
باربوسا
الرئيسية » جريمة » باربوسا : قصة سفاح الأطفال الكولومبي شديد الغرابة

باربوسا : قصة سفاح الأطفال الكولومبي شديد الغرابة

ربما يتعاطف بعض الأشخاص في حالات معينة مع بعض السفاحين، لكن عندما يتعلق الأمر بسفاح أطفال يزول هذا التعاطف تمامًا، إليك قصة باربوسا سفاح الأطفال.

إن ما يجعل الكولومبي باربوسا سفاحًا لن يتكرر في التاريخ ليس عدد ضحاياه ولا الطريقة التي كان يقتلهم بها، وإنما الفئة التي اختار أن تكون كافة ضحاياه منها، وهي فئة الأطفال، لأنه لم يكن مُستساغًا أبدًا أن يُقدم رجل خمسيني على اغتصاب طفلة وقتلها لمجرد هوس أو انحراف، لكن باربوسا كان يفعل ذلك وأكثر، حيث ثبت أنه قد قام بقتل واغتصاب ما يزيد عن مئة وثلاثين طفلة، كلهن لم يتوقعن أن يمتن هذه الميتة البشعة على يد هذا المجنون، والذي كانت نهايته خير دليل على ما يُسمى بالعدل الإلهي، فمن هو باربوسا ولماذا يُعد سفاحًا لن يتكرر.

باربوسا وبداية قصة قتل الأطفال

من هو باربوسا؟

باربوسا هو اسم الشهرة لدانييل كمارجو باربوسا، ولد في جبال الأنديز بكولومبيا عام 1930، وقد كانت كولومبيا في هذا الوقت عبارة عن مستعمرات وأسواق للعبيد، لذلك لم يستطع باربوسا تقضية حياته كأي طفلٍ عادي، وما زاد الأمر بلاءً كان موت والدته في العام التالي لولادته، لينشأ بعدا باربوسا في ظروفٍ صعبة.

نشأة باربوسا

نشأة باربوسا كانت درسًا في كيفية تدمير الأسرة، فوالده كان يقضي أغلب حياته مصاحبًا لزجاجة الخمر، والوقت الذي كان يستعيد وعيه فيه يقضيه في تعنيف باربوسا، حيث أجبره منذ صغره على العمل لإحضار ثمن زجاجة الخمر، وبالطبع منعه من إكمال تعليمه، أو بمعنى أدق، لم يجد باربوسا وقتًا لأمور تافهة- من وجهة نظر والده- كالتعليم.

طفولة باربوسا لم تقتصر على ذلك فقط، بل جاءت زوجة أبيه الثانية لتُزيد الأمر سودًا أكثر، حيث كانت امرأة شديدة وفظة للغاية، وكانت لسوء الحظ تتمنى أن تُنجب طفلة، فلما تعذر ذلك أخرجت غضبها بأكمله في باربوسا، فكانت تُلبسه ملابس الفتيات وتجعله يخرج به في الشارع، ولهذا بالطبع لم يكن له أي أصدقاء.

إجمالًا، لقد نشأ باربوسا نشأة لا يتمناها أي طفل، فيها ما فيها من تعذيبٍ وتعنيفٍ وحرمان، إضافة إلى الوحدة والانعزال اللذان كان يشعر بهما باربوسا على الدوام.

مرحلة جني الثمار

بالطبع لم يكن متوقعًا بعد كل ما تعرض له باربوسا في طفولته أن يُصبح شخصًا نافعًا في المجتمع، ولم يكن متوقعًا كذلك ما وصل إليه الأمر فيما بعد، فقد بدأ باربوسا طريقه الإجرامي منذ بلوغه الثامنة والعشرين ربيعًا، حيث تورط في الكثير من جرائم السرقة والتحرش والخطف، ولكنه كان ينجو منها جميعًا، واستمر كذلك إلى أن تزوج بأرملة تكبره في العمر، وما لبث أن تركها وتزوج بفتاةٍ شابة اسمها اسبيرانزا، وقد كانت هذه الفتاة يافعة وجميله لدرجة أن باربوسا أحبها بجنون، إلى أن اكتشف فيما بعد أنها ليست على عذريتها، فغضب منها وتركها راحلًا، إلا أنها استوقفته بفكرة شيطانية.

باربوسا يستمع للشيطان

وكأن اسبيرانزا قد تجسدت في صورة شيطان حين حدثت باربوسا في هذا الوقت، حيث اقترحت عليه أن تُحضر له في كل مرة فتاة صغيرة عذراء يقوم بمعاشرتها مقابل أن يظل عاشقًا لها، وقد لاقت هذه الفكرة ترحيبًا كبير من باربوسا الذي لم يمضي شهر حتى كان قد اغتصب اربع فتيات قاصرات، حيث كانت اسبيرانزا تستدرجهن وتتركهن لباربوسا يفعل بهن ما يشاء ثُم يلقى بهم في الشارع ليلًا، إلى أن صريخ طفلة ذات مرة قاد الشرطة إلى هذه الشقة وتم إلقاء القبض على باربوسا واسبيرانزا وزُج بهما في السجن، كان ذلك في عام 1969، حيث كان باربوسا يبلغ من العمر التاسعة والثلاثين عامًا.

باربوسا والسجن

عندما القت الشرطة الكولومبية القبض على باربوسا وعشيقته اقتادته إلى قسم الشرطة ومنه مباشرة إلى المحكمة، حيث تم الحكم عليه بثلاث سنوات ومثلهم لعشيقته بتهمة المشاركة، وقد قابل باربوسا هذا الحكم بموجة كبيرة من التهكم والسخرية، مما استفز القاضي وجعله يضاعف الحكم إلى ثمان سنوات، قضاهم باربوسا وسط أربعة جدران فقط.

فور خروج باربوسا من السجن الكولومبي ذهب إلى البرازيل، وهناك ألقي القبض عليه مرة أخرى لعدم وجود أي شيء يثبت هويته ودخوله البلاد بطرقٍ غير رسمية، لكن تم الإفراج عنه بعد مدة قليلة، خرج منها باربوسا أسوأ مما كان.

العودة إلى الوطن

عاد باربوسا إلى كولومبيا من جديد، كما عاد أيضًا لممارسة عادته المفضلة باغتصاب الأطفال، فذات ليلة استدرج طفلة صغيرة إلى مكانٍ بعيد وقام باغتصابها وقتلها كي لا يترك أثرًا خلفه يصلح للاقتفاء، لكنه، ولحظه غياب للعقل، ترك أحد أجهزة التلفزيون التي كان يقوم ببيعها في مسرح الجريمة، وعند عودته شاهده شرطي وشعر تجاهه بالارتياب وبالفعل عند تتبعه وجده يأخذ التلفاز من جانب جثة الفتاة، ليتم إلقاء القبض عليه ويحصل على حكم بالسجن لثلاثين عامًا، لم يمر منهم الكثير.

الهروب من السجن

في سجن جورجونا المنيع بدأ باربوسا رحلة التفكير والهروب، حيث ظل طوال عشر سنوات يبحث عن طريقة للهرب عن طريق دراسة المناطق الممكن النفاذ منها في السجن، بالفعل تحقق له ذلك واستطاع الهرب رغم مطاردة الشرطة الكولومبية له، والتي لم تكن جادة في ملاحقته على الإطلاق، بل أنها قد خرجت في اليوم التالي وصرحت أن باربوسا أثناء الهرب والمطاردة سقط في البحر والتقطته أسماك القرش على الفور، لتغلق الشرطة بذلك ملف باربوسا، إلا أن باربوسا نفسه أبى إلا أن يكتب لنفسه فصلًا جديدًا في التاريخ الإجرامي.

عودة باربوسا

عن طريق البحر، وصل باربوسا بعد رحلة غطسٍ كبيرة إلى البرازيل ومنها انتقل إلى الإكوادور، ليبدأ طريقه إلى الجريمة من جديد، فلم تمض سوى ليالٍ قليلة حتى قام باغتصاب طفلة لا تتجاوز العاشرة وقتلها، في اليوم التالي اغتصب وقتل فتاة في التاسعة، وهكذا في اليوم التالي والذي يليه، حتى أصبحت المدينة وكأنها تفنى من الأطفال.

كان باربوسا أنيقًا وسيمًا باسمًا دائمًا، وكان بكل ذلك يخدع الأطفال والكبار، فلا يمكن أبدًا أن يشك أحد في صاحب هذا الوجه ويعرف أنه قاتل محترف، وهذا بالضبط ما كان يستند إليه باربوسا، لكن، رغم كل ذلك، سقط.

سقوط باربوسا

أصبحت الإكوادور بسبب باربوسا في حالة استنفارٍ تام، لكن لم يستطع أحد التعرف عليه، حتى جاءت الشرطة الدولية وتولت الأمر بنفسها، وبالفعل سقط باربوسا على يديها.

ذات مساء، بينما كان باربوسا يقتل ويغتصب طفلة كالعادة، شُوهِد من قِبل أحد أفراد الشرطة الذي لم يسترح له، فألقى القبض عليه وقام بتفتيشه ليعثر على ملابس الطفلة التي قتلها باربوسا قبل قليل، ويسقط شر سقوط.

نهاية باربوسا

في المُحاكمة كانت المفاجأة، حيث تم الحكم على باربوسا بأقصى عقوبة في الإكوادور، وهي السجن ستة عشر عامًا، وبالطبع ثار ذوي ضحايا باربوسا الذين تجاوزوا السبعين طفلة، لكن المحكمة لم تتراجع في حكمها ليخرج باربوسا وعلى وجه بسمة انتصارٍ وسخرية، إلا أن القدر لم يُمهله أكثر من شهرٍ واحد على قيد الحياة، حيث تسلل إلى السجن أحد أقارب ضحايا باربوسا وقام بقطع رأسه، ليجد الحراس في اليوم التالي جسد باربوسا دون رأس، لتكون هذه نهاية باربوسا، السفاح الذي لن يتكرر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة × 2 =