تسعة بيئة
التلوث الحمضي
بيئة » التلوث » ما هو التلوث الحمضي وما هي أضراره على البيئة؟

ما هو التلوث الحمضي وما هي أضراره على البيئة؟

التلوث الحمضي نوع خطير من أنواع التلوث يأتي في صورة أمطار أو برد أو هواء ضار، ويكون سببها غالبًا تلويث الإنسان للبيئة وإفراز غازات ضارة.

يُعتبر التلوث الحمضي أحد أبرز التهديدات التي تواجه البشرية خلال القرون الثلاث الأخيرة، وربما يُثير دهشة بعضكم أن يكون التلوث قد بدأ في هذا الوقت بالذات، لكن تلك الدهشة سوف تزول بالتأكيد عندما تعرفون أن ذلك النوع من التلوث مرتبط بشكل كبير بالنهضة الصناعية أو ظهور الآلات عمومًا، فما تُفرزه تلك الآلات من غازات يُعتبر سببًا رئيسيًا في تلويث الهواء وبالتالي تلويث السحب، تلك الكتل التي تكون مهمتها الرئيسية هطول الأمطار، لكنها بهذه الطريقة تكون أمطار حمضية، وهذا شكل من أشكال التلوث الذي نتحدث عنه، والذي لا يزال حاملًا في جعبته الكثير للبشرية، عمومًا، في السطور القليلة المقبلة سوف نحاول سويًا التعرف أكثر على التلوث الحمضي وأضراره على البيئة، وهل ثمة حقًا حل للقضاء عليه أم أن الأمور قد تعدت نطاق التصرف وأخذ خطوات للحل؟

ما المقصود بالتلوث الحمضي؟

المقصود بالتلوث الحمضي المطر أو الهواء اللذان يتعرضان للحمض وينتشران للتأثير سلبًا على النباتات والمياه، وغالبًا ما يكون ذلك التلوث حاضرًا في الأماكن الصناعية أو التي يكثر بها استخدام الآلات والأجهزة الطالبة للوقود الطبيعي، ذلك الذي يُنتج في النهاية غاز ينتشر في الهواء ويُسبب التلوث الحمضي، وقد يأخذ ذلك التلوث أشكال أكثر لكن ذلك الشكل هو الأكثر انتشارًا، والحقيقة أن العلماء والمتُخصصين قد وضعوا التلوث بالحمض على قائمة الأشياء المُتوقع أنها سوف تكون حاضرة لنهاية العالم، هذا على الرغم من أن حل ذلك التلوث بسيطًا، أو هكذا يدعون، عمومًا سوف نتعرض لكل هذه الأمور بالتفصيل، لكن أولًا دعونا نركز كامل اهتمامنا على وجه مألوف من أوجه التلوث الذي نحن بصدد التحدث عنه، وهو التلوث بالأمطار الحمضية، فما هو يا تُرى؟

التلوث بالأمطار الحمضية

التلوث بالأمطار الحمضية نوع منتشر بكثرة من أنواع التلوث الحمضي بشكل عام، وكما هو مُتضح من الاسم فهو يستهدف الأمطار على وجه التحديد، لكن ما ليس واضحًا بالطبع هو كون ذلك النوع يستهدف الأمطار في صورتها الأولى وحتى قبل بدء مرحلة التكوين، فهو يدخل في الهواء الذي يُكون السُحب الحاملة في الأصل للأمطار، لذلك من الطبيعي أن تلك الأمطار عندما تهطل تكون مُحملة بالحمض، ذلك الحمض يدخل في الماء الموجود في البحار ويلوثه ثم يتسلل للهواء ويُلوثه أيضًا، ومن هنا نجد أن الأمر يُنذر بكارثة حقيقية لا يجب التهاون معها، علينا بالطبع التعرف عليها والتعرف قبل ذلك عن الكيفية التي تحدث بها تلك الكارثة.

طريقة حدوث التلوث الحمضي

الأهم من معرفة طريقة علاج الداء هو معرفة الطريقة التي يأتي بها إلينا، والمسألة ببساطة تبدأ مع تلويث الإنسان لكل شيء حوله، وقد يعتقد البعض أن هذا الأمر قد بات طبيعي، إلا أنه مع ذلك التلوث، ومع خروج بعض الغازات من عوادم السيارات ومخلفات المصانع، فإن الهواء بدوره يبدأ في التفاعل مع التلوث وإعطائه درجة أكبر من الخطورة، ويستمر ذلك حتى يصل الهواء إلى أعلى السماء ويصطدم بالسحاب، وهي المرحلة الأخيرة في رحلة التلوث، والأخطر كذلك، حيث تتشابك السحب معها وتمتزج بالتلوث والأحماض الموجودة بها، لكنها في نفس الوقت لا تفقد قدرتها على إحداث المطر، ولا يلبس الأمر حتي ينتهي بهطول الأمطار المُحملة بالأحماض الضارة.

أضرار التلوث الحمضي للبيئة

بعد أن تعرف الداء تجد أنه ليس هناك مفر من البحث عن علاج جيد، لكنك أولًا تكون مُجبرًا على حصر الخسائر الموجودة لديك، وهذا ما يدفعنا ببساطة إلى التعرف على أضرار التلوث الحمضي، والذي ذكرنا قبل قليل أن أبرز أشكاله تكون في هيئة الأمطار الحمضية، والحقيقة أن أضراره تطال كل شيء موجود في البيئة من تربة وماء وهواء، ولتكن البداية مع التربة ونرى كيف تتأثر بالتلوث الحمضي يا تُرى.

تلوث التربة بالأمطار الحمضية

من أكثر أنواع التلوث خطورة وأذية للتربة التلوث الحمضي، والحقيقة أن هذا ليس مُجرد ادعاء على ذلك النوع من التلوث وإنما ما أثبتته عينات التربة التي سقطت عليها أمطار ملوثة حمضيًا، فقد أدى ذلك في كل العينات تقريبًا إلى إفقاد التربة لخصوبتها، أو على الأقل درجة الخصوبة الطبيعية، وبالتالي تُصبح التربة أقل في الإنتاج، هذا بالإضافة إلى كون الأمطار الحمضية قاتلة للحشرات المفيدة التربة، ومع أن موضوعنا الرئيسي لا يتعلق من قريب أو بعيد بالحشرات المفيدة أو الضارة للتربة إلا أن ما يُمكننا قوله بهذا الصدد أن ثمة حشرات مفيدة لتربة لكونها قادرة على التغذي والتعايش بأكل الحشرات الضارة لنفس التربة، إنها عملية معقدة، لكن في النهاية تبقى النتيجة واحدة، وهي أن التربة تتأثر تأثرًا سلبيًا كبيرًا بالتلوث الحمضي المُتمثل في الأمطار الحمضية.

تلوث الماء بالأمطار الحمضية

الكارثة الكبرى للتلوث الحمضي تكون من نصيب الماء، فالماء هو كل شيء، والواقع أن خلال تلويث الماء بالحمض فإننا مجبرون على وضع اعتبارات للكثير والكثير من الخسائر، فأولًا، الماء نفسه يفسد ويُصبح غير قابل للاستخدام بعد دخول الحمض به، ولعلمكم، يُمكن لأساليب التنقية تنقية أي شيء عدا الأحماض، فالماء الذي يدخل به الحمض يُمكننا حذفه ببساطة من إجمالي مساحة الماء الموجودة على الأرض، أما الخطر الأكبر فهو الذي يتمثل بالأشياء التي تتضرر بسبب وجود الحمض بالماء الذي تعيش به، ولكي نكون واضحين فإننا نعني بذلك الكائنات الحية التي تكون غالبيتها من الثروة السمكية، أرأيتم كيف يكون التلوث الحمضي داء كبير على الماء؟ أثمن شيء في حياتنا على سبيل التحديد.

التلوث الحمضي للهواء

الهواء أيضًا لا يسلم من ذلك التلوث المُخيف، فإذا كان الإنسان سيعتقد حقًا أن الحياة سوف تُصبح أسوأ بحضور الأمطار لأنها تلوث له الماء والتربة فإن الهواء، وهو بالمناسبة الشيء الأكثر قدسية، لن يسلم كذلك من الأحماض ولن تتركه وتمر عليه مرور الكرام، فقد أثبتت الإحصائيات والدراسات التي أُجريت حول تأثير وجود الحمض في الهواء أنه يتسبب في تشكيل الضباب الدخاني، وهو ضباب مُضر جدًا بالجسم وينصح الأطباء بتفاديه في الأماكن التي يتواجد بها باستمرار، لكن ليس هذا فقط، فهناك كذلك غاز ثاني أكسيد النيتروجين، وهو أكثر ضررًا من الهواء لتسببه في خنق وضيق بالتنفس، أي أن الهواء لن يُصبح آمنًا لمجرد التنفس حتى حال وجود التلوث الحمضي!

حل مشكلة التلوث الحمضي

بكل أسف يُمكننا القول أننا نتحدث عن مُشكلة من الصعب جدًا إيجاد حلول لها، فمنع هطول الأمطار الحمضية مثلًا يستدعي منع مُسبباتها، وأبرز مسببات الأمطار الحمضية هي الغازات السامة التي تنطلق من المصانع، ومنع الغازات التي تنطلق من الصناعة يعني إيقاف الآلات والمكينات الموجودة داخل تلك المصانع، وإيقاف الماكينات يعني إيقاف عملية الصناعة برمتها، وهذا بالتأكيد أمر مُستحيل، لذلك فإن أغلب الحلول تدور حول إمكانية ابتكار شيء من شأنه منع تلك الغازات السامة من الصعود إلى السماء والاشتباك مع السحب، وهذا ما نجح البعض في فعله فيما يتعلق بالغازات الضارة المُنطلقة من القمامة خلال عملية ترميدها، فهل ينجح الأمر مع مسببات التلوث الحمضي؟ سنرى.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثلاثة عشر − 12 =