تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » جنون تفسير الأمراض : كيف فسر القدماء الأمراض المختلفة ؟

جنون تفسير الأمراض : كيف فسر القدماء الأمراض المختلفة ؟

كان للقدماء الكثير من التفسيرات الجنونية للأمراض التي كانوا يصابون بها، في هذه السطور نستعرض جنون تفسير الأمراض لدى أطباء القدماء.

جنون تفسير الأمراض

جنون تفسير الأمراض قديماً وكيف فسر القدماء الأمراض بطرق مجنونة من أغرب الأشياء التي حين تقرأ عنها تستعجب كيف للعقل البشري أن يصدق هذه الأشياء، في مقالي لا أتحدث عن معتقدات بسيطة مثل الأرواح الشريرة وما إلى ذلك مما كان يعتقدوا به قديماً بل أتحدث عن أغرب تسع تفسيرات للأمراض صدقها القدماء، وصدقني ستتعجب كثيراً مما ستقرأه.

أغرب حالات جنون تفسير الأمراض

نظرية الجو السيئ بالليل

هذه النظرية بقيت حتى أواخر القرن الثامن عشر، حيث كان يعتقد أن الأمراض مثل الكوليرا يسببها الهواء الفاسد الذي يمر ليلاً، فكان الناس يدخلون بيوتهم ويقفلون النوافذ جيداً، حتى أنه يقال إن مثقفين كبار مثل الأطباء وغيرهم مثل الرئيس الأمريكي جون أدمز الشهير، كانوا يؤمنون بتلك الفكرة، إنه جنون تفسير الأمراض قديماً يا عزيزي، لأن البكتريا والطفيليات لم يعرفوا إلا بعد ذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

مرض الصرع

الإغريق كانوا يعتقدون أن الصرع نوع من العقاب الإلهي للبشر نتيجة لغضب إله معين على هذا الشخص، ويربطونه مع الإساءة لألهه القمر “سيلين”، حتى إن التفكير وصل إلى حد تقسيم الأمر بالذي يعاني في نوبة الصرع من سرير الإنسان فهذا إذاً أساء إلى إلهة الطبيعية “سيبيل” أيضاً أما من عانى من صراخ فهو أساء إلى إله الزلزال والبحر والأحصنة “بوسيدون”، والعلاج هو التطهر ومحاولة إرضاء الآلهة الغاضبة، وهذا التفكير العجيب بدل من التفكير في حلول واقعية ليس له تفسير عندي إلا بفرضية جنونهم بتفسير الأمراض قديماً، لأن تلك الشعوب لم تكن جاهلة بل تركت أثار وأفكار فلسفية رائعة، فلماذا هذه النكسة في الطب!

مرض الجذام

أما عند الحديث عن هذا المرض فالأمر هنا يصبح أكثر جنوناً، لأن حكم المجتمع في تفسيره لهذا المرض هو أن المريض قد أخطأ خطأً فادحاً ولا يمكن التطهر منه، حتى أنهم كانوا يعلقون أجراس بالرقبة تحذر الناس من الاقتراب، وفي بعض العصور كانوا يقومون له جنازة وكأنه فعلاً توفى ولا يرجع مرة أخرى للمجتمع، لأنه بالنسبة لهم متوفي فعلاً.

جنون تفسير الأمراض يصل حتى لأبقراط

الطبيب والمفكر اليوناني أبقراط كان دائماً ما يرفض فكرة عقاب الآلهة وأن المرض يأتي بسبب أشياء أخرى وغالباً بيئية، حتى الآن كلامه سليم ولكن حين فكر يلقي نظرية عن مرض بسيط مثل نزلات البرد، اسمع عزيزي ماذا اعتقد، أن الجسم البشري يلقي بفضلات في الدماغ ومن ثم إذا فاضت تلك الفضلات عن الحد يتخلص منها الدماغ عن طريق الأنف، وهذا هو تفسير الرشح أثناء نزلات البرد، هل تصدق ما قال هذا العبقري؟!

الأمراض العقلية

كانت الأمراض العقلية تفسر على أنها أرواح شريرة تلبس البشر، وما زال هذا الاعتقاد سائد مع الأسف، وكان مصدر هذا الشر على الأرض هم السحرة وخاصة الساحرات النساء، حيث اعتقدوا أن النساء أقوى في ممارسة السحر من الرجال، الأغرب في الموضوع هو لماذا النساء! لأنهم اعتقدوا أن النساء أقل كمالاً وأكثر ضعفاً ودليلهم هو الدورة الشهرية، لأن جهاز المرأة التناسلي يصاب كل شهر بشر فينزف دماً وإن لم تتمسك المرأة بالآلهة في هذا الوقت فستسقط في الفخ وتُلبس إلى الأبد، كما أن الخيال كان يعتبر نوعاً من المرض العقلي، فيجب أن تمتنع عنه النساء في تلك الفترة خاصة. كما كان الطحال أيضاً يعتبر من الأعضاء التي يتم من خلالها خروج الشر، إذاً النساء لديهن عضوين شريراً والرجال واحد فقط، فهن إذاً الأقوى في السحر. ووصل حد جنون تفسير الأمراض العقلية بهذه الطريقة إلى منع أي شخص من الاقتراب من المرأة في دورتها الشهرية وإلا يتلوث هو أو هي أيضاً، وحتى الفراش يجب أن تغسله بنفسها بعد الانتهاء بماء مقدس، وإن لم يستطيعوا الحكماء أن يخرجوا الروح الشريرة بالصلوات والهتافات الدينية، فالحل هو الحرق، لا لحماية البشر الباقيين وإنما لتحرير تلك الروح المأسورة الطيبة الأصلية للشخص لترجع إلى ربها. يا له من تفكير سخيف.

الهستيريا

استكمالاً لفكرة الجهاز التناسلي النسائي الشرير، كان أبقراط اليوناني يعتقد أن رحم النساء يسبب لهم الحالات المزاجية الصعبة، وهذا شبه صحيح لو فقط تكلمنا عن الهرمونات وغضبهن السريع في فترات الدورة الشهرية، أما هو فكان يعتقد أن الرحم قادر على أن يتحرك في كل الاتجاهات مما كان يسبب أنواع من الهستيريا في الضحك أو الغضب والحزن أو حتى فقط التحكم بالنفس من النطق وما إلى ذلك من التشنجات، وأن حل تلك النساء هو كثرة استعمال ذلك العضو إما بالجنس الكثير والحمل المستمر، أو أكل الثوم ومضغه يومياً، أفكار عجيبة أخرى بعد جنون تفسير الأمراض هذا.

مصاصي الدماء الحقيقين

كبرنا ونحن نسمع قصص مصاصي الدماء الشهيرة وكم الأفلام التي تحكي عن هذه القصص، ولكن مصاصي الدماء ما هي إلا مجرد مثال أخر لجنون تفسير الأمراض، وأعني بذلك مرض البورفيريا، لأن من أعراض ذلك المرض عدم قدرة المريض على الخروج في أثناء ضوء النهار الذي يؤذيه حقيقة بسبب حساسية الضوء، مما يترتب عليه موت بعض الخلايا بوجهه مع كثرة التعرض وسقوط الأذن أو الأنف في بعض الحالات الخطيرة، ونمو شعر زائد أيضاً، ومن هنا بدأ جنون تفسير الأمراض يلعب بعقل البشر فاخترعوا قصص مصاصي الدماء والمتحولين للذئاب. ومن المضحك أن الثوم حقاً يزيد من هذا المرض وبالتالي يكره المرضى مثل مصاصي الدماء، كما أنا العلاج الحديث هو حقن المرضى بدماء تحتوي على بعض من مكونات الدماء الأصلي، وبالتالي فكرة مص الدماء للشفاء تعتبر فكرة ممكنة، فيمكن أن يكون لوحظ ذلك قديماً فجاءت تسمية مصاص الدماء.

مرض التوحد عند الأطفال

هذا التفسير ظهر في وقت قريب في عام 1943 حيث فسر الطبيب النفسي للأطفال ليو كانر مرض التوحد بارتباطه مع جفاء الآباء في التعامل مع أبنائهم، إما بطرق رسمية وغير عاطفيه إما بطرق التربية العنيفة، وليس لكونه مرض يولدون به، مع أنه لم يدرس نظريته إلا على شريحة صغيرة ولكن تلك النظرية واجهت حرب كبيرة كان المدافع فيها هم أباء المتوحدين، مما جعلوه يتخلى عن أفكاره ولكن بعض مناصري الفكرة ما زالوا حتى الآن مقتنعين بها. هل يبدوا لك الأمر منطقي أم إنه مجرد جنون تفسير الأمراض؟!

المرأة الحامل

هذه الفكرة تبدأ قصتها من أيام الطبيب اليوناني جالينوس ولكنها انتشرت أكثر في أيام القرن الثامن عشر مع عصور الظلمة، وهي أن أي شيء يولد به الطفل هو بسبب حوادث أو انطباعات حدثت للمرأة وهي حامل، فمثلاً إذا سمعت صوت عالي فجأة فيمكن للطفل أن يولد أصم، إذا اشتهت فكاهة ولم تأكلها يحمل الطفل شكل تلك الفاكهة كوحمة مدى حياته على مكان معين في جسده، وعلى الناحية الأخرى إذا ذهبت الأم الحامل إلى المعارض والأماكن الثقافية خرج الطفل مثقفاً ومحباً للفن، وإذا أحبت رجل أو طفل شكله جميل يكون الطفل وسيماً، فكانت المرأة الحامل تهذى باهتمام كبير في الأسر الغنية حد أنها كانت تعامل على أنها طفله يجب أن يُعتني بها دائماً ولا تفعل هي أي شيء. ولكن طبيب التشريح ويليام هنتر أنفى كل هذه الخرافات في منتصف القرن الثامن عشر، وبحلول القرن التاسع عشر كان كل العلماء يؤكدون كلامه، ولكننا نرى هذه التفسيرات المجنونة حتى الآن بشكل كبير جداً ولو كان في سياق المرح، فالشعب العربي وخاصة كبار السن يصدقون مثل هذه الأقاويل بالفعل للأسف. أخيراً عزيزي القارئ أتمنى أن تكون رأيت مدى جنون تفسير الأمراض قديماً فتحمد ربك على نعمة العلم واسع بنفسك لزوال الجهل مِن مَن حولك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

3 + 17 =