تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » كيف يساهم احترام خصوصية الآخرين في تحسين العلاقة معهم؟

كيف يساهم احترام خصوصية الآخرين في تحسين العلاقة معهم؟

احترام خصوصية الآخرين أمر نادر للغاية، حتى أن البعض يجهل ماهية تلك الخصوصية، و احترام خصوصية الآخرين هام جدا بالنسبة له، حتى أنه باحترامك لها يمكنك تحسين علاقتك بهم، وذلك نظرا لما تمثله لهم من أهمية، ولما تعنيه من احترام وتقدير.

احترام خصوصية الآخرين

احترام خصوصية الآخرين يمنحك مكانة متميزة لديهم، وينطبق هذا الأمر على كافة أنواع العلاقات وعلى كل البشر، فحتى مع زوجتك وأبنائك يجب عليك احترام الخصوصية، ذلك أن احترام خصوصية الآخرين يضمن لهم الشعور بالراحة والأمان في وجودك، كما له الكثير من الفوائد لك وللآخرين، ولا يعقل احترام ما نجهل، لذا من الأهمية بمكان معرفة ماهية الخصوصية، وكيف يمكنك احترام خصوصية الآخرين والحفاظ على أسرارهم ومشاعرهم وراحتهم، احترام خصوصية الآخرين لا يتمثل في فعل واحد محدد، بل ينعكس ذلك كسلوك عام نتبعه مع الآخرين، وينعكس هذا السلوك أو مجموعة السلوكيات المتكررة على علاقتنا بهم، ويمثل احترام خصوصية الآخرين الكثير من المعاني الإيجابية بالنسبة لهم، كما يترك عنك الانطباعات الجيدة، فإن كنت ترغب في تحسين علاقتك بالآخرين في الدراسة والعمل والمنزل عليك قراءة هذا المقال، وسنتحدث خلاله عن تعريف الخصوصية وأهمية احترامها بالنسبة لنا وللآخرين، كما سنشرح بالتفصيل كيفية احترام خصوصية الآخرين، وكيف ينظرون لها وكيف تؤدي إلى علاقات أفضل مع الجميع.

تعريف الخصوصية وإطارها

احترام خصوصية الآخرين تعريف الخصوصية وإطارها

قد ينتج عدم احترام خصوصية الآخرين عن الجهل، وهو أمر طبيعي جدا، ففاقد الشيء لا يعطيه، والمعرفة هي أهم شيء في حياتنا، وعدم معرفتك بماهية الخصوصية هو ما يدفعك لانتهاكها بدون قصد، وهو ما يؤدي إلى سوء علاقاتك بكافة أنواعها، والأسوأ هو حدوث ذلك بدون إدراكك له ولأسبابه، إذن يتوجب علينا فهم ماهية الخصوصية قبل الحديث عن كيفية احترام خصوصية الآخرين، والخصوصية بوجه عام هي حق الأشخاص في تقرير حدود مساحاتهم القابلة للمشاركة وتسليط الضوء، فالخصوصية هي حقهم في الاحتفاظ بالأسرار وبعدم معرفة بعض أو كل الأشخاص لمعلومات معينة عن حياتهم، ويمكن تقسيم الخصوصية لعدة أنواع، يأتي على رأسها خصوصية الجسد، فيحق للأشخاص تقرير من يشاهد أجسادهم ومتى وبأي قدر، ويأتي بعد ذلك خصوصية المعلومات مهما بدت تافهة بالنسبة للآخرين، فيحق لهم الاحتفاظ بأي معلومة عنهم أو عن حياتهم، ومن أنواع الخصوصية أيضا خصوصية القرارات، وذلك بالنسبة لمعرفة الآخرين بها ولحجم مشاركتهم فيها أو إبداء الرأي فيها.

أهمية احترام خصوصية الآخرين بالنسبة للجميع

احترام خصوصية الآخرين أهمية احترام خصوصية الآخرين بالنسبة للجميع

يجهل البعض أهمية احترام خصوصية الآخرين، ويقوم البعض الآخر باختزال تلك الأهمية فيما يعود على من نحترم خصوصيتهم فقط، وهو اختزال مخل للغاية، ذلك أن احترام خصوصية الآخرين مهم لنا قبلهم، وتعود أهميته بالنسبة لنا في احترام خصوصيتنا الذي نحصل عليه عند احترام خصوصية الآخرين، كما يسهل علينا مهمة شرح وتوضيح حدودنا الشخصية لمنع تطاول الآخرين علينا، هذا بالإضافة لانعكاس هذا الاحترام على تحسين علاقتنا بهم، كما يخلق احترام خصوصية الآخرين المناخ الصحي والآمن للتعامل والحياة، وعلى الجانب الآخر يمثل احترام خصوصية الآخرين الأمان والراحة بالنسبة لهم، كما يسمح لهم بحرية التصرف دون خوف من التأثير والنقد والتجريح والتطاول والاعتداء والحكم وخلافه، وأغلب البشر يعتبرون عدم احترام خصوصيتهم نوع من التطاول والاعتداء عليهم، وهو ما يدفعهم للثأر والانتقام ، وعواقب هذا كبيرة وتتسم بالعنف والخطورة، لذا فإن احترام خصوصية الآخرين مهم بالنسبة لنا جميعا، كما يعود بالنفع علينا وعلى علاقاتنا بكل المحيطين بنا مهما كانوا.

كيفية احترام خصوصية الآخرين ؟

احترام خصوصية الآخرين كيفية احترام خصوصية الآخرين ؟

يسهل احترام خصوصية الآخرين بعد معرفة ماهية الخصوصية وحدودها التي تختلف من شخص لآخر، وتساعدك معرفتك للأشخاص المحيطين بك في الدراسة والعمل على معرفة حدود الخصوصية بالنسبة لهم، كما تساعدك معرفة أهمية احترام خصوصية الآخرين بالنسبة لك وللجميع على إجادة ذلك، و احترام خصوصية الآخرين لا يترجم إلى فعل واحد، بل هو أسلوب حياة دائم ومجموعة من السلوكيات تعكس احترامك للجميع ولخصوصيتهم، ويهمنا التأكيد على أن هذا الاحترام غير مؤقت، ولا يرتبط بالعلاقات الرسمية فقط، فهي سلوكيات دائما مستقرة ومتصلة، ويفضل الاحتفاظ بها والاستمرار عليها مهما كان عمر علاقتك بالآخرين، أي أن الخصوصية لا تسقط بالتقادم، وفيما يلي أهم صور وأشكال احترام خصوصية الآخرين، وباتباعها ستتحسن علاقتك بهم بشكل مذهل، كما ستصبح الصديق الأبرز وتترك عظيم الأثر في نفوس الجميع، كما ستترك لديهم أفضل انطباع ممكن عنك وعن شخصيتك، فتأمل ما يلي بعمق وتركيز.

احترام خصوصية الجسد

أبسط قواعد احترام خصوصية الآخرين هي احترام خصوصية أجسادهم، فلا أحد يحب أن يلمسه أحد بدون إذنه ورغبته، كما لا يحق لك مشاهدة جسد أي شخص بدون إذنه، مهما تكن علاقتك بهذا الشخص، لا يهم أن يكون صديقك أو زوجتك أو حتى أحد أبنائك، فيجب ألا تلمس أجسادهم أو تشاهدها بدون رغبتهم في ذلك وموافقتهم الواضحة عليه، وتزيد أهمية ذلك بالنسبة للأشخاص الخجولين، فعدم احترام خصوصية الآخرين جسديا أمر مؤذي بالنسبة للجميع، لكنه يتسبب في مشاكل إضافية بالنسبة للأشخاص الخجولين، وقد يتمثل عدم احترام خصوصية الآخرين جسديا في التلامس باليد أو الأحضان المفاجئة أو الجلوس بالقرب بشكل زائد عن الحد، وينطبق أيضا على كافة أشكال المزاح باليد، وهو أمر منتشر في بعض الثقافات، لذا يفضل الابتعاد عن الأشخاص وإبقاء يديك بعيدا عنهم.

احترام المساحة الشخصية

تحدثنا في الفقرة السابقة عن احترام خصوصية الآخرين من ناحية الجسد، والأمر لا يختلف كثيرا عن احترام المساحة الشخصية، لكن يخطئ البعض حين يظن أن غياب التلامس يعني احترام خصوصية الآخرين، وهو خطأ شائع، لذا يجب توضيح أنه لا يجب اختراق المساحة الشخصية للآخرين حتى ولو بالجلوس على مقربة، حتى لو لم تكن تلمسهم وبدون احتكاك بأجسادهم فالاقتراب الزائد عن الحد يؤدي للشعور بعدم الراحة، وتذكر أنه ما لم تكن على وشك تقبيل الشخص الذي أمامك فلا يجب الاقتراب حد الشعور بأنفاسه، فلست طبيبا يا عزيزي وكوكب الأرض ليس ضيقا إلى هذا الحد، ابتعد قليلا ليشعر الجميع بالراحة.

عدم الاستماع إلى الأحاديث الجانبية

من صور احترام خصوصية الآخرين عدم الاستماع إلى أحاديثهم الجانبية، فمن الذوق واللياقة أن تترك ما لا يعنيك، فيجب عليك التوقف عن الاستماع عندما تلاحظ أن الحديث غير موجه لك وأنك لست مقصودا به، ويحدث هذا عندما ينزوي بعض الأشخاص في ركن ما حتى لو كان بالقرب منك، ويحدث أيضا عندما يكون الحديث بصوت منخفض أو بالهمس، ومن قواعد احترام خصوصية الآخرين في تلك الحالة أن تتجاهل هذا الحديث الشخصي أو تترك المكان لتفسح لهم المجال للحديث بأريحية، بل يجب عليك إفساح المجال لهم بمجرد ملاحظة رغبتهم في تبادل الأسرار أو الحديث الخاص بهم، وقوفك في تلك اللحظة يترك انطباعا سيئا عنك، فماذا تظن بمحاولتك الاستماع لهم على عكس رغبتهم؟

الاستئذان

الاستئذان هو الدليل الأوضح على احترام خصوصية الآخرين، ويجنبك سوء الفهم الناتج عن اختلاف الثقافات والفروق الفردية في حدود الخصوصية بالنسبة للجميع، فما قد تعنيه لك بعض الأمور قد يعني أشياء أخرى للآخرين، لذا يفضل الاستئذان دوما، والاستئذان لا يكلف الوقت ولا المال ولا المجهود، فيمكنك الاستئذان قبل عمل أي شيء، إذ يمكنك الاستئذان قبل الحديث مع الآخرين وقبل توجيه سؤال لهم أو طلب بعض الخدمات منهم أو معرفة شيء يخصهم أو مشاركتهم بعض الأمور أو الجلوس بالقرب أو لمسهم وغيره، وهكذا يتضح إمكانية استئذانك قبل عمل أي شيء حتى لو الدخول لغرفة أحدهم، وهو أمر ضروري وطبيعي وليس تفضلا منك على أحد، كما يمنح الآخرين السلطة على تقرير ما يفضلونه، ويعود عليك هذا الأمر بالنفع، فتذكر دوما أن احترام خصوصية الآخرين مفيد لك قبلهم.

عدم التلصص على الآخرين ومراقبتهم

يؤدي الفضول إلى عدم احترام خصوصية الآخرين بطريقة مزعجة، فالبعض يقوده فضوله إلى التلصص على الآخرين ومراقبتهم، فلا يستطيع هؤلاء النوم بدون معرفة كل شيء عن الآخرين، ولا ينشغلون بما يهمهم، فيمتد هذا الفضول إلى كافة الأشياء والمعلومات منبتة الصلة بهم وعديمة النفع تماما، ولكنها الرغبة المريضة في التلصص على البشر، وكشف ما يخبئونه والتطفل على حياتهم، تلك الرغبة المريضة التي تدفع البعض للتعدي على حياتنا وأسرارنا بحثا عن أشياء لا يحق لهم الوصول لها، فتراهم يفتشون فيما يخصك ويستغلون غيابك لقراءة دفاترك الشخصية والنظر لما في داخل حقيبتك، وإن نسيت هاتفك أو حاسوبك مفتوحا بجوارهم ستعود لتجدهم قد عبثوا به وتلصصوا على حياتك، ولا يعتبر هذا مجرد عدم احترام خصوصية الآخرين بل هو تعدي سافر على الخصوصية، وهو ما يجب أن ينتهي تماما من العالم لما يسببه من إزعاج.

عدم إبداء الرأي في حياة الآخرين

من الأشياء المزعجة أن يقوم أحد بإبداء رأيه في شخوصنا أو حياتنا وسلوكياتنا، ولعله ما من أحد إلا ويتعرض لهذا الأمر، وهو ما يعد عدم احترام خصوصية الآخرين، إذ أن حياتنا الشخصية ليست عملا فنيا أو لوحة في متحف عام متاحة للتقييم، فهي حياتنا الشخصية والخاصة جدا، ومن قواعد احترام خصوصية الآخرين عدم إبداء الرأي فيهم أو في حياتهم، خاصة وإن كانت تلك الآراء سلبية، ولا يعفيك من اللوم حسن نيتك ورغبتك في النصح والمساعدة، لذا يجب الامتناع تماما عن ذلك ما لا يطلب منك بشكل واضح ومباشر، وفي حالة طلب منك ذلك يجب عليك توضيح أن هذا ليس شأنك وأن رأيك مجرد رأي استشاري غير ملزم، وربما يكون خطأ، ثم يلي ذلك عرض رأيك بأفضل طريقة ممكنة لمراعاة احترام خصوصية الآخرين وخصوصية حياتهم.

احترام حق الآخرين في عدم إجابة الأسئلة

يحق لجميع البشر عدم الإجابة على أي سؤال، وهو حق ثابت لا تغيره طبيعة العلاقة أو عمرها وقوتها، ومن قواعد احترام خصوصية الآخرين أن تترك لهم هذا الحق، فهو حق أصيل، ويعد الإلحاح في السؤال أو الضغط من أجل الحصول على الإجابة عدم احترام لخصوصيتهم، وهو أمر مزعج ويتسبب في إفساد الكثير من العلاقات ، وتصور معي أن يسألك أحدهم سؤالا متعلقا بحياتك الخاصة وأمورك الشخصية، ولا يدفعه امتناعك عن الإجابة إلى التراجع والصمت، وحتى عند تأكيد عدم رغبتك في الجواب لا يتوقف، بل يستمر في الإلحاح والإصرار على هذا السؤال أو ذاك! قل لي بالله عليك كيف سترى شخصا كهذا سوى شخص متطفل مزعج فاقد للذوق واللياقة؟ لذا يجب عليك التوقف عن تلك الأسئلة المرفوضة من أجل احترام خصوصية الآخرين وتحسين علاقتك بهم.

احترام خصوصية الآخرين وتحسين العلاقات

احترام خصوصية الآخرين احترام خصوصية الآخرين وتحسين العلاقات

بوصولك إلى تلك الفقرة تكون فهمت ماهية الخصوصية بالنسبة للآخرين، وتغيرها من شخص لآخر بحسب الثقافة والتربية والعادات والقيم المتنوعة، كما تصبح على علم مبدئي بأهمية احترام خصوصية الآخرين بالنسبة لك وبالنسبة لهم على السواء، وهنا يأتي دور الحديث عن أثر احترام خصوصية الآخرين على تحسين علاقتنا بهم، ومن المفترض أن تكون عرفت مفاتيح احترام خصوصية الآخرين بعد الحديث المفصل عنها وعن صورها المتنوعة، والحق أن احترام خصوصية الآخرين هو مفتاح قلوبهم، كما تجعلك الصديق الأبرز وتحولك من شخص عادي إلى شخص مميز، كيف لا وهي التي تشعرهم بالأمان في وجودك وبالراحة معك، وهي ما تسهل عملية تواصلك معهم، وتنفعهم بالكثير من الأشكال، فاحترام خصوصيتهم هو ما يجعلهم قادرين على العيش في حياة صعبة مليئة بالمشكلات والتحديدات، ويكمن السر في تأثير احترام خصوصية الآخرين على تحسين علاقتك بهم فيما يعنيه لهم ذلك الاحترام، ويكمن السر أيضا فيما تمثل لهم من الفوائد، وأهمها ما يلي :

الاحترام

الخصوصية ليست مفهوما مجردا يمكن فصله عن شخوصنا وذواتنا، فهي تمثلنا، وتمثلنا نحن، و احترام خصوصية الآخرين يعني احترامهم هم بشكل شخصي، فعند احترام خصوصية الآخرين تترك لهم رسالة مفادها احترامك لهم ولحياتهم وحدودها واحترامك لقراراتهم ومشاعرهم وممتلكاتهم أيضا، ولا أحد يرغب في الإبقاء على علاقة قوية مع شخص لا يكن القدر المطلوب من الاحترام والتوقير، كما يمنحهم احترام خصوصيتهم شعورا بأهميتهم بالنسبة لك، وحرصك على مشاعرهم واهتمامك بجعل حياتهم أفضل، وكلها أشياء تدل على الاحترام، واحترام الآخرين بوجه عام هو من علامات حسن الخلق، وحسن الخلق هو أبراز صفات الشخص المميز الذي يرغب الجميع في استمرار علاقتهم به، والحفاظ عليها.

الاحتفاظ بسلطتهم على حياتهم

عدم احترام خصوصية الآخرين يؤدي لاختراق حياتهم، ولا يهم صورة هذا الاختراق وشكله ودرجته، فهو يمثل في النهاية معرفة ما هو خاص بالنسبة لهم، والمعرفة قوة في أغلب الأحيان، فتمنحك سلطة على حياة الآخرين أكبر مما ينبغي لك، فمعرفتك لأبسط المعلومات عن شخص ما تسمح لك بالتأثير عليه وربما الضغط على نقاط ضعفه وثغراته والأسوأ أنها تسمح لك بتهديده وابتزازه، لذا فإن احترام خصوصية الآخرين يشعرهم باستمرار سلطتهم على حياتهم وشئونهم الخاصة وكيفية إدارتها، ويعمل هذا الشعور على تعزيز ثقتهم بك وتقوية العلاقة واستمرارها، وعلى العكس من ذلك يؤدي غياب تلك السلطة إلى الشعور بالتهديد والقلق من وجودك، فيشعرون بأنهم عرايا تماما بكل المخاوف والمشكلات، وهو أمر قبيح لا يرغب أحد في مشاركته بسهولة، لذا يتوجب عليك احترام خصوصية الآخرين بهدف تأكيد سلطتهم الكاملة على حياتهم.

عدم الرغبة في إيذائهم

عدم احترام خصوصية الآخرين لا يؤدي فقط لمضايقتهم وإغضابهم، بل يؤدي لتعميق مخاوفهم بشأن الشخص الذي يفعل ذلك، فيصعب اعتبار عدم احترام خصوصية الآخرين مجرد فضول بشع أو اختلاف في العادات والثقافات، فعادة ما يكون التفسير الأول لذلك هو الرغبة في الإيذاء، فعند تعمدك التلصص على الآخرين وكشف أسرارهم وأخطائهم تصبح متهما بتعمد إيذائهم، ولا تتوقف حدود الإيذاء عند الشق المعنوي منه، بل تمتد لتشمل الإيذاء المادي أيضا، وهو ما يسهل تنفيذه بالفعل عند معرفة أسرار الآخرين وخباياهم، وعلى العكس من ذلك يعد احترام خصوصية الآخرين دليلا ملموسا على عدم الرغبة في إيذائهم، وذلك بإبقاء شئونهم الخاصة تحت سلطتهم وفي أيديهم.

الحفاظ على الحدود الشخصية

يؤدي احترام خصوصية الآخرين إلى الحفاظ على حدودهم الشخصية، ولا يمكن لأحد احترام خصوصية الآخرين بدون معرفة الحدود الشخصية، فعدم معرفة الحدود الشخصية يجعلك لا تلاحظ اختراق خصوصيتهم، كما أن معرفتك بمعنى الحدود الشخصية يسهل عليك مهمة فرضها وتوضيحها واحترامها أيضا، والحدود الشخصية ليست ثابتة، فهي تختلف من شخص لآخر بحسب شخصيته وثقافته وعاداته وقيمه، والحدود الشخصية هي القواعد والسلوكيات التي تقوم بتحديدها لطريقة تعامل الآخرين معك، وتنطبق تلك القواعد على كافة أنواع التعاملات، ربما تختلف من دائرة لأخرى، فما يسمح به الشخص لأهله يختلف عما يسمح به للأصدقاء وللزملاء والجيران ولغيرهم، وتنطبق تلك الحدود على الحديث الموجه وحجم التطفل على الحياة وحتى على شكل المزاح وطريقته، وعدم احترام خصوصية الآخرين هو كل تجاوز لحدودهم الشخصية فيجب معرفتها.

الحفاظ على السمعة والكرامة

احترام خصوصية الآخرين يضمن لهم الحفاظ على سمعتهم وكرامتهم، فعادة ما يقوم الأفراد بالاحتفاظ بأخطائهم طي الكتمان، يعدونها أسرارهم ويتعاملون معها بحرص شديد، وذلك مهما يكن حجم تلك الأخطاء أو حجم مسئوليتهم عنها، ونحن بشر نصيب ونخطئ، ولا يوجد بيننا من يتصرف بمثالية طوال الوقت، وعلى الرغم من ذلك فمجرد شيوع ذنوب البعض يدفع الآخرون لفضحهم والتنكيل بهم، لذا يؤدي احترام خصوصية الآخرين إلى مساعدتهم على الاحتفاظ بسمعتهم، فإبقاء ما يخفون طي الكتمان لا يعرضهم للإهانة والإدانة في دوائرهم ومجتمعاتهم، وهو أمر يجعلهم حريصين على العلاقات التي تكفله لهم، فلا يسهل عليهم الاستغناء عن شخص يعرف كيفية احترام خصوصية الآخرين، وما تمثله لهم من حماية لسمعتهم وشكلهم الاجتماعي اللائق.

الفرصة لتجاوز الماضي وتصحيح الأخطاء

تحدثنا في الفقرة السابقة عن دور احترام خصوصية الآخرين في الحفاظ على سمعتهم، والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى منحهم فرصة أخرى إضافية لمعالجة الماضي السري لهم وتصحيح أخطائهم، وذلك هو عكس ما يحدث في حالة عدم احترام خصوصية الآخرين، فعندما يساهم خرق خصوصيتهم في كشف أسرارهم وفضح أخطائهم لا تصبح لديهم الفرصة في التجاوز والتصحيح، فلا يبق هناك ما سيخسرونه، كما قد تعرضهم الفضائح للانتقادات والعقاب مما يتسبب لهم في مشكلات إضافية تشغلهم عن التناول الهادئ للأخطاء ومعالجتها، ولا شك أن حرص أحدهم على عدم حرمانهم من تلك الفرصة عن طريق احترام خصوصية الآخرين يدفعهم لتقدير علاقتهم به وتقويتها.

في النهاية يعد احترام خصوصية الآخرين ضمن الأفعال الأخلاقية القويمة، وهو الفعل الصحيح الواجب عمله بالنسبة للجميع، وتزيد أهميته بالنسبة للمقربين من الأهل والأصدقاء وزملاء الدراسة والعمل، وبغض النظر عن الناحية الأخلاقية فهو فعل نافع ومفيد بالنسبة لك قبل الآخرين، فيؤدي احترام خصوصية الآخرين إلى تقوية علاقتك بهم وتحسينها، ويأخذك لمنزلة كبيرة جدا عندهم، ويشعرهم بالراحة في التعامل معك، كما يمنحهم فرصة إضافية لتجاوز الماضي وتصحيح الأخطاء، ويؤدي احترام خصوصية الآخرين أيضا إلى الحفاظ على سمعتهم وكرامتهم، ويحافظ على سلطتهم في إدارة حياتهم ويضمن لهم حرية التصرف، ويسهل عليك احترام خصوصية الآخرين بفهم الخصوصية وحدودها، وباتباع الخطوات السابق ذكرها من استئذان وعدم تطفل وإبداء الرأي في الآخرين وحياتهم، وبالطبع باحترام خصوصيتهم من ناحية الجسد واحترام حدودهم ومساحاتهم أيضا، وكل هذا يجعلك الأفضل بالنسبة للجميع.

أحمد ياسر

أضف تعليق

ستة عشر − 3 =