تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف تتعامل مع مواقع تواصل المجهولين مثل آسك وصراحة؟

كيف تتعامل مع مواقع تواصل المجهولين مثل آسك وصراحة؟

مواقع تواصل المجهولين مثل آسك وصراحة تجد رواجا كبيرًا وحتى الآن لم تخفت حدتها، فكيف تتعامل مع هذه المواقع متفاديًا آثارها السيئة؟

مواقع تواصل المجهولين

انتشرت في الآونة الأخيرة مواقع تواصل المجهولين مثل موقع صراحة وآسك واحكيلي وغيرها، وهذه المواقع لا تعرفك إلى من تتحدث أو مع من تتواصل وفي ظل طرد مواقع التواصل مع أشخاص حقيقيين مثل فيسبوك للحسابات المزيفة لديه أو التي لا تضع اسما حقيقيًا لها ومحاولاتها المستمرة لغلق الحسابات التي تشعر أنها لأشخاص لا يتعاملون بهوياتهم الحقيقية وجدت هذه المواقع متنفسا لها لدى المستخدمين فما سر هذه المواقع وسبب رواجها وما هي الطرق المثلى للتعامل مع مواقع التواصل المجهولين دون أن تسبب لنا الضرر؟

لماذا تجد هذه المواقع رواجا؟

يوجد عدة أسباب تجعل من هذه المواقع بضاعة رائجة لدى مستخدمي الإنترنت سنحاول إجمالها في النقاط التالية:

  • الحرية غير المحدودة التي توفرها مواقع تواصل المجهولين في قول ما تشاء لمن تشاء وأنت تعرف أنه سيقرأ الرسالة ويهتم بها، أحيانا قد يكون لديك شيء تقوله لشخص ما ولكن لا تملك الشجاعة اللازمة لكي تقوله له بدون تجميل بل على العكس بالمبالغة في الصراحة والإفضاء بما يجول في صدرك دون أزمة ولكن مع القيود المجتمعية التي تفرض عليك إن قلته بشخصيتك الحقيقية فضلا عن عدم اهتمام من تريد إيصال الرسالة له بشخصك بل ربما قام بحظرك إن وجد رسالة مثل هذه لديه منك لذلك توفر على نفسك هذه الأزمات وتقوم بإرسالها بهوية مجهولة سمح هو بها عندما اشترك في موقع من مواقع تواصل المجهولين مثل آسك أو صراحة.
  • الشعور الدفين لدى بعض الناس بأن هناك من يهتم بشأنهم وبحياتهم بالتالي يرغبون في الاطلاع على ما يجول في أذهان الناس تجاههم بالتالي يمنحون الفرصة لهم عبر مواقع تواصل المجهولين هذه كي يقولوا تجاههم ما يشاءون وخصوصًا أن الفضول المختص بما يكنه الناس لك ولا تسعفهم شجاعتهم لقوله فضول مرعب وقاتل طالما استولى على الإنسان لا يتركه إلا بالاشتراك في مثل هذه المواقع مع الإلحاح المستمر بحث الناس على أن يقولوا ما شاءوا تجاههم.
  • هناك من يحب أن يتسلى بالأشخاص الآخرين وبالتالي يحب أن يتلاعب بمشاعره وتفكيره لذلك يستغل مواقع تواصل المجهولين ويقوم بهذا عن طريق ترك رسالة معينة تشغل تفكيره مثل أن يخبره أنه يحبه وله العديد من السنوات يحاول قول ذلك له ولكنه يخاف من رد فعله مما يصيب هذا الشخص بالجنون في محاولة لمعرفة هذا الشخص في محاولة مستميتة منه لمعرفة هذا الشخص ومن يكون خصوصًا أن هناك رغبة كبيرة في البشر منذ قديم الأزل تجعلهم يفرحون أو بمعنى أصح يستمتعون بفكرة أن هناك من ينجذب لهم ويحبهم.
  • مخزون العنف لدى البشر والذي يحاولون ممارسته على الآخرين حتى إن لم يكن لهم بهم أي علاقة أو سابق معرفة ولكن لمجرد تفريغ هذا المخزون فيقومون بتفريغه في شخص مثلا طريقة ملابسه أو حديثه أو أسلوب حياته لا يعجبه فيقوم بكتابة رسالة تحتوي على كافة أشكال الرفض والانتقاد والهجوم والكراهية والاستهجان وربما ينساها بعد كتابتها مباشرة ولكن لمجرد تفريغ المخزون السابق ذكره دون حتى أن يبالي بوقع هذه الرسالة على الشخص.
  • شعور الإنسان المعاصر بالانسحاق وانعدام القيمة واحتقاره لنفسه وشعوره باحتقار الآخرين له، وعدم تصالحه مع هذا لذلك يحاول أن يستجدي بعض الأهمية من خلال مواقع تواصل المجهولين هذه مما ينتج عنه اشتراكه في مثل هذه المواقع لاستقبال الرسائل حتى وإن كانت سلبية المهم أن يجد من يهتم به ولو حتى بشكل سلبي أو كانت الرسائل عبارة عن هجوم أو استهجان
  • التعبير عن المشاعر غير المقبولة اجتماعيا مثل التعبير عن الاشتهاء الجسدي مثلا أو مغازلة الشخص بطريقة فجة وغير لائقة وهذه الأمور غير مقبولة من شخص بهويته الاجتماعية لذلك فهي مقبولة في سياق أنها من مجهول.

ما هي الآثار السلبية التي تخلفها هذه المواقع؟

الآن نتحدث عن الآثار السلبية التي تخلفها مواقع تواصل المجهولين على المستخدمين سواء مرسلين الرسائل أو المستقبلين لها، وسنجملها أيضًا في النقاط التالية:

  • شعور الإنسان بالكراهية والنبذ من مجتمعه والناس من حوله لأنه يستقبل رسائل سلبية مما يؤثر على نظرته لنفسه ويضعف ثقته بنفسه إن لم يجعلها تنعدم تمامًا ويؤثر هذا على نظرته لطريقة تعامل الناس معه فيشعر أن المشكلة فيه أو أن هيئته وشخصيته لا تعجب الناس مما يجعلهم يكرهونه بكل هذا القدر وقد يدفعه أحدهم في الشارع عن طريق الخطأ فيشعر أن العالم يكرهه وقد يحدثه بائع المتجر بشكل اعتيادي فيشعر أن الجميع يبغضه وقد ينظر له الساقي في المقهى بشكل طبيعي فيشعر أن الكون بأكمله ينبذه.
  • من الآثار السلبية التي تخلفها مواقع تواصل المجهولين على مرسلين الرسائل أنها تصيبهم بتبلد الحس وغلظة المشاعر ويتناسون أن على الجانب الآخر من رسائلهم هذا إنسان لديه مشاعر وأحاسيس قد تحبطه هذه الرسائل السلبية التي يرسلها له وقد تحطمه تمامًا وتدفعه للانتحار ويتعامل الشخص المرسل بمذهب فرداني بحت المهم أن يشبع رغبته الحيوانية العمياء في إيذاء الآخرين نفسيا وإشعارهم بعدم الرضا عن أنفسهم وعن طريقة حياتهم مما يعجل الأمر مثيرًا للغثيان.
  • الخوف من بعضنا البعض، وإعمال الشك القاتل في نفوس الناس، حيث من أسوأ ما تخلفه مواقع تواصل المجهولين هذه هي أنها تجعل الجميع خائف من الجميع بمعنى أن الأشخاص الذين يرسلون الرسائل التي تحتوي على عنف لفظي أو تحرش أو رغبات سادية متوحشة خارجة من أشخاص لابد أنهم على صلة ولو ضعيفة بالشخص المستقبل لهذه الرسائل بالتالي يصاب هذا الشخص بالخوف من كل من حوله مما يجعل الشك يشتعل بداخله تجاه كل من حوله ويبدأ يظن في كل من يعرفهم حتى أقرب المقربين إليه أنهم يكرهونه ويبطنون هذه الكراهية ويظهرون المحبة والود وبالتالي كارثة حقيقية تهدد دوائرنا الاجتماعية وتنخر في علاقاتنا ببعضنا البعض.

كيف تتعامل مع مواقع تواصل المجهولين دون خسائر؟

أخيرًا إن لم تستطع أن تغلق مثل هذه المواقع نهائيًا فعلى الأقل عليك باتباع هذه النصائح من أجل تعامل مع خسائر أقل:

  • عدم الالتفات للرسائل السلبية ومشاركة الرسائل الإيجابية فقط لإيصال رسالة للمرسل أنك لا تهتم بمثل هذه الأمور ولم تستفزك أصلا وربما لم تكن قد التفتت إليها بالأساس، كما أن مشاركة الرسائل الإيجابية يجعلك تصدر صورة للناس بحب الناس لك ودعمهم لك وحرصهم على إيصال هذا الحب لك ربما هذا سيخفف من حقد الآخرين عليك خصوصًا أن مشاركة الرسائل السلبية هذه قد يحفزهم لإرسال رسائل مشابهة خصوصًا أنك تهتم بها وقد استحوذت بالفعل على وقتك وتفكيرك، لذلك إياك أن تعير رسائل مواقع تواصل المجهولين السلبية الكثير من اهتمامك حتى لا تغرق في دوامتها.
  • بعض مواقع تواصل المجهولين مثل آسك مفيدة لأنها أحيانا يصل من خلالها أسئلة تعيد اكتشاف مناطق بداخلك ربما لم تكن قد وطئتها من قبل لذلك تعامل مع الأمر كلعبة ولا تأخذه على محمل الجد ولا تتعامل كأن هناك من يهتم بك أو يسألك بالفعل، تعامل مع الأمر كأنك تحادث أو تسأل نفسك بالضبط.
  • حاول أن تتصالح مع كونك شخص غير مهم على الإطلاق في الغالب يعني معظمنا جميعًا أشخاص غير مهمون للعديد من الناس بل مهمون للأشخاص الذين نحبهم ويحبوننا بالفعل وهم معدودون على الأصابع وبالتالي لا تتعامل بنفسية الشخصية المشهورة تلك الخدعة التي تخدعنا بها مواقع التواصل الاجتماعي كل يوم ونخدع بها أنفسنا حتى نصدقها ونقتنع بها أيضًا.

هل من المفترض أن تكون الرسائل على هذه المواقع بناءة؟

من عيوب مواقع تواصل المجهولين أيضًا أنها تجعلنا نشعر أنه يجب على كل الرسائل أن تكون بناءة وتفيض بالمدح لإنجازاتنا والمحبة لشخصنا والمشاعر الفياضة لذاتنا وهذا ليس حقيقيًا أو منطقيًا لأنه من الطبيعي أن لا يوجد شخص يجمع على حبه الناس جميعهم أو العالم كله بأكمله، سيكون هناك بالطبع من يكرهك أو يستخف بك أو يشعر بسخافة أسلوب حياتك، هذا وارد وطبيعي، ولذلك لا تشعر أن الجميع كذلك بل على العكس عليك أن تعتاد على هذا الأمر لأن الأنبياء أنفسهم كان هناك من يكرههم ويحاربهم ويضطهدهم ولو شاء الله لجعلهم مؤيدون بالنصر والمحبة الربانية بدون تعب أو جهد ولكن هذه إشارة من الله أنه لا يمكن أن ترضي جميع الناس وطالما أنت سعيد بما تفعله في حياتك فلا تكترث لآراء الناس فيها وطالما راضيًا عن صفاتك الشخصية ولا تود تغييرها فليحترق من ينتقدها، استرخِ.

هل نستطيع التخلي عن هذه المواقع؟

يأتي السؤال الأهم، هل نستطيع التخلي عن مواقع تواصل المجهولين هذه؟ الحقيقة أنه لا يوجد إجابة حاسمة بنعم أم لا ولكن للأسف الإجابة الغالبة هي لا، لا يمكننا التخلي عن هذه المواقع لأن الإنسان منذ بداية ظهوره وتكوين المجتمعات وهو يرغب في حب الظهور والشعور بالأهمية، وهذا ما وفرته وسائل التواصل الاجتماعي بالفعل، وبالتالي من الصعب بل من المستحيل أن يقمع الإنسان هذه الرغبات الأصيلة فيه وأن يكون هناك شخص مهتم به لذاته هكذا وحريص على إيصال رسالة معينة له حتى إن كانت هذه الرسالة تنطوي على مشاعر سلبية ورغبات متوحشة عنيفة أو شهوانية فهي إدمان مثلها مثل إدمان المخدرات بالضبط ولا يمكن التخلي عنها بهذه السهولة بالطبع، ولكن على أي حال، نأمل أن يقوم الناس بتقليلها قليلا وذلك بسبب آثارها السلبية الكارثية والتي إن أفادت في نقطة واحدة فهي تضر في عشر نقاط بالمقابل.

ما هي أسوأ العواقب التي يمكن أن تؤدي إليه هذه المواقع؟

لا يوجد أي شيء يمكن أن تؤدي إليه مواقع تواصل المجهولين أكثر من الانتحار فهناك العديد من الحالات التي أقدمت على الانتحار بسبب طاقة الكراهية التي توجه لها من خلال هذه المواقع ولذلك لا يمكننا التعامل معها باستخفاف واستهتار ونحاول أن ندق ناقوس الخطر حول هذا الفيروس الذي ينخر في عمق أرواحنا ووجداننا ومجتمعاتنا التي لا تحتاج لأسباب جديدة كي تتفسخ وتنهار.

خاتمة

تحدثنا عن مواقع تواصل المجهولين باستفاضة ونأمل أن يقوم الآن من قرأ هذا المقال بإغلاق حسابه عليها إن كان مسجلا فيها وإن لم يستطع فليتعامل إذن بالنصائح التي أوردناها في السطور السابقة.

محمد رشوان

أضف تعليق

4 × 5 =