“من تواضع لله رفعه”، من منا لا يعرف هذا الحديث الذي ورد عن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، فالتواضع صفة لازمة من صفات المسلم لا يمكن أن يكتمل إيمانه بدونها وذلك لما ورد عن رسولنا الكريم أيضاً “لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر”! لكن رغم ذلك يجهل أغلب الناس أصول التواضع، فتجد أحدهم يعظم شأن نفسه ويحقر غيره متفاخراً عليهم إما بنسبه أو جاهه أو ماله ..إلخ متناسياً عقوبة ذلك، أحياناً يكون ذلك عن عمد وأحياناً أخرى جهلاً بحقيقة ما يفعل، فالكبرياء من المشاعر التي يصعب السيطرة عليها خاصة إذا كان الشخص ذو مكانه اجتماعية متميزة، لذلك وجب مجابهة النفس وإخضاعها للتواضع، وهذا ما سنقدمه في هذا المقال.
خطواتك كي تتجنب الغرور وتكون انسان متواضع
أنت لست شخصاً كاملاً!
شعور التكبر يأتي غالباً من تبجيل الإنسان لنفسه وشعوره بأنه شخص مثالي لا عيوب به، لكن هذا ينافي طبيعة الكون! فلا شيء كامل سوى الله سبحانه وتعالى، لذلك يجب أن تتخلى عن هذه الفكرة كبداية، فمهما بلغة درجة براعتك في فعل شيء ما حتى ولو كنت أفضل شخص في العالم يقوم به، هناك آلاف الأشياء الأخرى التي لا تستطيع فعلها، كن مميزاً في مجالك لكن لا تجعل هذا التميز يزرع الغرور بداخلك.
تعرف على عيوبك
بدل أن تلاحق غيرك وتنصب لهم المحاكم على أخطائهم، ابدأ بنفسك أولاً، فملاحقة الآخرين والبحث عن عيوبهم لا تقتصر فقط على تدمير علاقاتك الاجتماعية وإشعار من حولك بمدى ازدرائك لهم، بل تصبح سبباً رئيسياً في جمود شخصيتك وعدم سعيك لتطوير نفسك وإصلاح عيوبك لأنك لا تراها أصلاً! قد لا تشعر أنك تقوم بذلك لأنها قد تحولت إلا عادة ملازمة لك تؤديها دون أن تنتبه، لذلك حاول أن تراقب تصرفاتك وطريقة تفكيرك وتعاملك مع من حولك.
قدر ما يفعله الآخرين من أجلك
أنت لا تعيش بمفردك، كل ما قد وصلت إليه الآن هو نتيجة لدعم عائلتك وأصدقائك وحتى مدرسك! بالتأكيد قمت أنت بالدور الأكبر في حصولك على شهادة مميزة مثلاً، لكن هذا لا يعني أن تتجاهل كل ما قام به والديك وأخوتك وأصدقائك لأجلك، فبدونهم ما كنت لتتمكن من الوصول إلى ما أنت عليه اليوم، وتذكر أن هناك مئات وربما آلاف الأشخاص يتمنون لو أن لديهم صديق يقف بجانبهم أو والد يدعمهم!
لا تمدح نفسك
لا تتفاخر بأفعالك دوماً بل دعها تتحدث عنك! لا أحد يحب الاستماع لقصص التفاخر والتكبر باستمرار، فمهما كان الانجاز العظيم الذي حققته يكفي أن تراه في عيون من حولك، وتأكد أنهم سيقدرونك أكثر عندما يلمسون فيك تواضعك، هذا لا يعني أن تتكتم على إنجازاتك أو تكذب بشأنها! إذا سألك أحدهم عن درجاتك الجامعية فأخبره بكل وضوح وصراحة، لكن لا تسهب في التحدث عن مدى ذكائك وحب أساتذتك لك وتفوقك الدائم على زملائك.
لا تقارن نفسك بمن حولك
تذكر أن كل شخص مختلف عن غيره، وكل شخص له ما يميزه، لذلك لا تحاول مقارنة نفسك بأي شخص مهما كان متميز، فسعيك لأن تكون الأفضل في كل شيء سينقلب عليك وستتحول إلى شخص لا هم له سوى إحباط الآخرين والتقليل من شأنهم كي تبدو في مرتبة أعلى، أو انك ستصاب بإحباط شديد لأنك لن تستطيع الوصول لقمة كل شيء! قدر مواهب الآخرين وأسعى لدعمهم قدر استطاعتك، ولا تنسى أن تركز على مواهبك وتنميها أيضاً.
اعتذر عن أخطائك
لا أحد بدون أخطاء، لكن هناك الكثيرون ممن يكابرون ويرفضون الاعتراف بأنهم اخطئوا في حق أحدهم، لا تكن من هؤلاء؛ فالاعتذار شجاعة وليس ضعفاً أو إهانة، على العكس الشخص الذي يُكابر عن أخطائه شخص ضعيف الشخصية لا يمتلك الجراءة الكافية لتحمل مسئولية ما فعل، كما أن اعتذارك سيحافظ على علاقتك بمن حولك يري من أخطأت في حقه أنك تقدره وتسعى جاهداً للحفاظ على ما يربطك به.
لا تتكبر على طلب النصيحة
من منا لا يحتاج لخبرات من هم أكبر سناً أو أكثر تعمقاً في مجال ما، كما ذكرنا سابقاً كل شخص متميز في عمل شيء ما، فلو كان باستطاعتنا القيام بكل شيء ما خلقنا الله جماعات وأمم متعاونة، لذلك لا تتكبر على التعلم أبداً، كل شخص لديه من العلم ما يسقيك إياه مهما كان وضعه ومكانته، حتى أضعف الحشرات وضع الله تعالى فيها عبرة وعظة لنتعلم منها، لذا لا تحتقر أي مخلوق مهما كان حجمه.
أخيراً تذكر أن التواضع من سمات الأنبياء والعلماء، فكلما على قدر الشخص وزاد علمه كلما ازداد تواضعاً وورعاً وخشية من ظلم من حوله، ولا ظلم أشد من التكبر والتجبر على خلق الله، وتذكر أن جميعنا سواسية أمام الله تعالى يوم القيامة ولن ينفعنا إلا عملنا وما قدمناه في سبيله، فقد قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى…” أي أن ما يميزنا ليست أنسابنا ولا أعراقنا بل ما قدمنا بين يدي الله سبحانه وتعالى.
التواضع من صفات المسلم كما ورد في حديث الرسول صل الله وسلم من التواضع لله رفعه
كما الأعتراف عن الخطأ والإعتذار لمن أخطأت في حقه شجاعة وقوة.
وشكراً علي الموضوع الرائع وربنا يجعلنا من المتواضعين.
انا بنت ما اعترف بأخطائي الصغير ولكن الكبير اعترف بها وانا اعرف عيوبي وانا أحب القراءة والغوص فيها