تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » قراءة وكتابة » كيف يمكنك قراءة عمل أدبي مع الاستمتاع به إذا لم تكن لك ميول أدبية؟

كيف يمكنك قراءة عمل أدبي مع الاستمتاع به إذا لم تكن لك ميول أدبية؟

يظن البعض أن قراءة عمل أدبي والاستمتاع به تحتاج إلى دراسة الأدب، وهو اعتقاد خاطئ، فإن قراءة عمل أدبي لا تحتاج لشيء سوى الرغبة في القراءة، ومهما كان قدر الثقافة الذي تتمتع به فهو لا يؤثر على استمتاعك بالعمل، فقط تحتاج لمعرفة القواعد.

قراءة عمل أدبي

يشعر البعض بالخوف حيال قراءة عمل أدبي ما، خاصة عندما يتمتع هذا العمل بالشهرة والأهمية والمكانة الأدبية، فيبادر البعض إلى تصنيف أنفسهم كقراء مبتدئين كوسيلة وقائية، كأنهم يقرون بعدم قدرتهم على قراءة عمل أدبي معين لافتقارهم لأساسيات ومبادئ القراءة، والحق أنه لا توجد مبادئ بهذا المعنى من الأصل، فإن قراءة العمل الأدبي لا تحتاج إلى تخصص وليس لها أبجديات معينة، فقط تحتاج إلى الرغبة في القراءة وإلى تذوق الأعمال الفنية من داخلك أنت، فإن قراءة عمل أدبي تختلف كثيرا عن قراءة حقل معرفي معين، فالفن يقوم على التعبير عن شعور ما، ويقدمه المبدع بلا قيود، فينفلت الإبداع من سلطة المبدع، وينطلق نحو المتلقي، وهنا يكون دورك قراءة أي عمل أدبي من داخلك، ولا يعني هذا عدم وجود قواعد للقراءة، ولكن ما أقصده أنها ليست قواعد علمية صارمة، وسنتحدث في هذا المقال عن كيفية قراءة كل عمل أدبي والاستمتاع به، وعن فوائد قراءة الأدب، وسنشرح لك كيفية تحويل الأدب إلى ثراء في حياتك.

فوائد قراءة عمل أدبي

قراءة عمل أدبي فوائد قراءة عمل أدبي

يجهل البعض الفائدة من قراءة أي عمل أدبي، والحق أن للأدب الكثير من الفوائد التي يصعب أن نحصيها، فإن قراءة عمل أدبي واحد هي بمثابة العيش في حياة إضافية، فالوقت الذي تقضيه في قراءة هذا العمل يمنحك التجارب الحياتية الكبيرة، ويكسبك الخبرات، كما يساعدك على تحسين مهاراتك في التعبير عن مشاعرك وأفكارك، كما يعرفك ببعض المواقف التي لم تكن ستدركها من حياتك اليومية، فيؤدي إلى زيادة فهمك للأشخاص والأحداث والتجارب، فيسهل عليك الاستنتاج لمشاعر الآخرين وأفكارهم، كما يضيف لك كل عمل أدبي ثروة لغوية إضافية، فتساعدك في التعبير بشكل أفضل، ويجعل حديثك أفضل بالمقارنة بالجميع، وتلك مهارة شديدة الأهمية في كافة مجالات الحياة، فللحديث دور مهم في صناعة تميز صاحبه وأهميته لدى الأصدقاء والمحيطين، وتؤدي قراءة الأدب أيضا إلى زيادة الرحمة لدينا، إذ تمنحنا القدرة على الشعور بالآخرين والتعاطف معهم، وكل تلك الفوائد التي يمنحها لك عمل أدبي هي ما تجعلك إنسان أفضل، وتساعدك على تحسين حياتك.

كيفية قراءة عمل أدبي بسهولة

كي تتمكن من قراءة عمل ادبي تحتاج لشيء واحد فقط، وهو الرغبة في القراءة، وكي تتوافر لديك الرغبة في قراءة عمل ادبي يجب أن يكون مسليا وملهما في الوقت ذاته، فقراءة الأدب ليست عملا نقوم به، فلا يجب أن نشقى مع الأعمال الأدبية المملة ورديئة الصنع، فالأمر لا يتطلب ثقافة معينة أو اطلاع معين ببعض الحقول المعرفية، فقط يجب وجود الرغبة في الاستمرار بقراءة العمل، مدفوعا بالفضول والرغبة، وعندما تتوافر المتعة في قراءة أي عمل أدبي يسهل عليك إكماله، وفي تلك الحالة لا يجب أن تنتظر الوصول إلى معنى بعينه يقصده الكاتب، بل يجب البحث عن مشاعرك الخاصة ومتعتك الخاصة، فلا تنتظر دروس حياتية بعينها أو قيمة يعظك بها الكاتب، فقط عليك البحث عن ذاتك بين السطور، فترى ما يشبهك من حياة البطل، وتسعى نحو الفهم العميق للأطراف ودوافعهم وأسبابهم الخاصة للقيام بالتصرفات، وهذه المشاعر الخاصة التي تتكون لديك هي القراءة الأفضل للأدب عموما.

كيف تستفيد من قراءة كل عمل أدبي؟

يمكنك الاستفادة من كل عمل أدبي تقوم بقراءته، ولا يشترط هذا دراستك للنقد الأدبي أو التحاقك بكليات الآداب، فيمكنك تحقيق النفع من الأدب بطريقة بسيطة جدا، وتتمثل هذه الطريقة في بحثك الشخصي عن ذاتك وعن استمتاعك الشخصي بالقراءة، ويأتي هذا النفع بمحاولة الفهم لكل ما يجري من أحداث ومواقف وتجارب، فيجب عليك البحث عما يمثلك في الرواية أو في أي عمل أدبي تقرأه، فبتلك الطريقة تحصل على كل فوائد الأدب، والتي أهمها المزيد من الفهم للبشر والتجارب، ويمنحك الخبرات الكثيرة، كما تحصل على الثراء اللغوي الذي يمنحك القدرة على التعبير عن نفسك بشكل أفضل، فتتمكن حينها من سرد مشاعرك والتعبير عن أفكارك بمهارة فائقة، كما ستحصل أيضا على خزانة ممتلئة من الشخصيات وتصرفاتهم وطرقهم المختلفة للتعامل مع الأمور والأحداث، وينعكس هذا على طريقتك في التعامل مع البشر والتواصل معهم، كما يؤدي بك في النهاية لأن تصبح الصديق الأبرز والشخص الأكثر تميزا في محيطك.

قواعد المتعة في قراءة الأدب

لا توجد قاعدة واحدة لقراءة أي عمل أدبي في مختلف مجالات الأدب، ولا توجد وسيلة ثابتة للاستمتاع بالقراءة، فقط عليك اكتشاف متعتك الخاصة وكيفية الوصول لها، ولن تكتشف تفضيلاتك سوى بالمزيد من القراءة، وبالطبع ستمر بالتجارب السيئة خلال ذلك، ستقرأ بعض الأعمال الرديئة، وربما ستشعر بالملل وخذلان التوقعات مع بعض الأعمال الأدبية، فهذا أمر شائع كثير الحدوث في رحلة البحث عن تفضيلاتنا، ولا يحدث هذا مع القراءة فحسب، بل يحدث في كل رحلة نخوضها لمعرفة تفضيلاتنا الخاصة، حتى لو كانت رحلة البحث تلك عن الطعام المفضل أو وضعية النوم المريحة، وكل معرفة تستحق العناء، فكي تستمتع بكل لحظة في قراءة عمل ادبي يجب أن ينتمي هذا العمل إلى تفضيلاتك، فلا تقرأ الروايات ما دمت تفضل القصص القصيرة، كما لا تبحث عن الروايات الرومانسية بينما تفضل قراءة الروايات المشوقة والمغامرات، فالمتعة تشترط فهم الشخص لتفضيلاته، وتقتضي أيضا عدم الرهبة من البحث والمحاولة، وبهذا يمكنك الاستمتاع بكل عمل أدبي تقرأه.

ما يمنعنا عن قراءة عمل ادبي

قراءة عمل أدبي ما يمنعنا عن قراءة عمل أدبي

أحيانا نشعر بمزيج من القلق والإحراج عند الحديث عن القراءة، ولا يتعلق الأمر بمجرد قراءة عمل ادبي بل بالقراءة عموما، إذ تشعر خلال الحديث بقلة حصيلتك المعرفية، وتشعر بفقر مكتبتك، وربما تشعر بالحرج من نوع الكتب التي تفضلها، فأحيانا ما تتحول القراءة بالنسبة للبعض إلى نوع من التفاخر الاجتماعي والمباهاة، فيتعاملون معك معاملة الأمي ما دمت لم تقرأ ما سبق لهم قراءته بعد، وهو أمر غريب حقا، خاصة عندما يمتد هذا التفاخر المريض إلى قراءة الأدب، فقراءة أي عمل أدبي لا تمنح قارئها درجة علمية، والهدف منه هو التسلية المثمرة، فلماذا يدفعوننا إلى قراءة ما لا نفضله ويشعرنا بالملل؟ ويعد هذا من أشهر الأخطاء التي نرتكبها في حق أنفسنا، إذ نسعى خلف الكتب ذائعة الشهرة ونجبر أنفسنا على قراءتها، وعندما نشعر بالملل نفقد الثقة في قدرتنا على الفهم وفي ذائقتنا الفنية، فينتهي بنا الحال إلى الابتعاد عن القراءة، لذا يجب اختيار عمل أدبي نفضله لا نسمع عنه.

في النهاية تعد قراءة أي عمل أدبي تجربة ممتعة، ويحرمنا من تلك اللذة بعض الخوف، فجميعنا نخشى عدم الفهم ونخشى التعامل مع كل ما هو جديد بوجه عام، كما يرهبنا بعض المرضى بحديثهم المتغطرس عن قراءة أعمال أدبية بعينها، فيتعاملون مع القراءة كتخصص علمي، ويمنحون أنفسهم مكانة خاصة في هذا الدرب، حتى أنهم ينصبون أنفسهم كشرطة للقراءة، فيحولون الفن من تجربة إنسانية عامة وتذوق فردي إلى حقل معرفي له قواعد وأصول، فينتهي بنا الحال إلى الشعور بالرتابة والامتناع عن القراءة بوجه عام، وكذب ما يدعون، فإن قراءة عمل ادبي ما لا تحتاج لأكثر من الرغبة في القراءة والتأمل، وتأتي تلك الرغبة من اختيار ما تفضله بدلا من اختيار الأكثر ذيوعا وانتشارا، وعندما تفعل ذلك يمكنك الاستمتاع بكل عمل أدبي تقرأه، وتعود عليك القراءة بمكاسب وفوائد أكبر من أن تحصى، فلتنس هذا القلق ولتقرأ أي عمل أدبي يعجبك، ولا يرهبك الإجماع على تفضيل بعض الأشياء، فكل عمل أدبي يخصك أنت، ويخصك وحدك.

الكاتب: أحمد ياسر

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

ثلاثة عشر − ستة =