تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » فوائد الضحك : كيف يفيد الضحك ومتى كانت أول ضحكة بشرية ؟

فوائد الضحك : كيف يفيد الضحك ومتى كانت أول ضحكة بشرية ؟

يصف الأطباء النفسيون الضحك كوسيلة للتغلب على الإرهاق والضغوطات ومشاكل الحياة، هذا بسبب فوائد الضحك اللا محدودة التي سنتعرف عليها في السطور المقبلة.

فوائد الضحك

كلنا نتمتع بتلك اللحظات المضحكة في حياتنا ونحتفظ بها في ذاكرتنا، فما هي فوائد الضحك! أقصد أن لكل فعل إنساني نابع من الداخل له فائدة تطورية للإنسان والمتعة في الضحك يجب أن يكون لها فوائد بالمثل. لا يوجد كائن على الأرض يقدر الضحك أكثر من الإنسان ويسخر على كل شيء حتى على المواقف المؤلمة ليكون الضحك بمثابة مخرج له من الضيق. ولكن لماذا نريد أن نضحك حتى الأطفال الصغار تجدهم يضحكون، فلماذا ينبع من داخلنا احتياج إلى الضحك؟ كيف تطورت عملية الضحك وقابلية الإنسان واحتياجه لها؟ تعرف معي عزيزي على فوائد الضحك ومعلومات أكثر ستبهرك في هذا الموضوع هنا في هذا المقال.

فوائد الضحك التي تجعله العلاج الأفضل للعديد من الأمراض النفسية

من فوائد الضحك أننا لا نستطيع أن نعيش بدونه

لو تتبعت طرق الإنسان في الحياة وكيف يتطور منذ ملايين السنين ستجد أن لا مفر من أن كل تطور حدث كان في صالح الإنسان ولا شيء يحدث بطريقة اعتباطية. لذلك السؤال يكمن فيما أضاف الضحك إلى الإنسان من قدرة وتطور، هل فوائد الضحك تكمن فقط في التسلية أم أن العقل البشري يحتاج إليه لأكثر من ذلك؟ الإجابة يا عزيزي هي أن فوائد الضحك تفيد العقل وبدون الضحك لما كان للإنسان قدرة على التطور من الأساس. الضحك يخدع العقل وكأنه مخدر أو رشوة في سبيل أن يتحمل الإنسان مصاعب الحياة ويجعله قادراً على التفكير الصحيح. تخيل معي لو إن الإنسان يعيش حياته يحاول فقط التفكير بطريقة منطقية وتحليلية فسيحدث شيئين الأول أنه لن يستسيغ الحياة بعد الآن ويفقد قدرة على متابعة التفكير الجاد فيصل إلى الجنون، الثاني لن يستطيع الإنسان التعايش في مجتمع وجماعة لأن الضحك والفكاهة على أخطاء الأخريين تجعلنا نتقبل بعضنا البعض ببساطة أما لو كان كل شيء يجب أن يسير وفق القوانين الصارمة فسنقتل بعضنا الأخر. فوائد الضحك هي في تنوير العقول على عكس ما تتخيل بأنها تجعلنا غير عميان عن الحياة بل هو من تنير عقلك في كل مرة تضحك فيها على ذاتك أو على مجتمعك لتدرك أن هناك شيء يجب أن يتم إصلاحه. تذكر أن أكثر من يخافه الملوك هو المهرج لأنه الوحيد القادر بضحكه وابتسامته على الوصول إلى صميم قلب الشعب.

الضحك هو جائزة للعقل ويبدأ الطفل الصغير يدرك ذلك من أول أيامه حين تضحك معه أمه وهو يشرب لبنه. ولكن على مدار الوقت تحول الضحك من وظيفة تطورية إلى أداة تهدد بقاء الحياة، تماماً مثل الحلوى فمنذ صنعها الإنسان وهي تمثل الطعم اللذيذ المريح للأعصاب وجائزة للنفس من تعب الحياة ثم بعد ذلك تحولت إلى خطر حين بدأ الإنسان يأكلها بشراهة فتسبب أخطار جسيمة على الصحة. بالمثل الضحك لأنه يبقى يساعد الإنسان على التطور حتى يدخل في حيز استنفاذ وقت الإنسان، بحيث يجلس البشر أمام التلفاز ساعات طويلة وترك العمل لمشاهدة برنامج مضحك لأنهم فقط يهربون من واقعهم، أو حين تنقلب المقالب الضاحكة إلى كارثة واستهزاء بالشخص. إذاً الضحك مثله مثل أي شيء أخر يجب أن يكون في حيز محكم فلا يؤذي بل يساعد.

من فوائد الضحك أنه أفضل الأدوية

الضحك دواء بل إنه الأفضل على المستوى النفسي والفسيولوجي أيضاً. الضحك هو الوحيد القادر على مساعدة المكتئب من الخروج من حالته النفسية السوداوية ويجعله قادر على رؤية الجزء الجميل من الحياة. كما إن الأبحاث أثبتت أن الضحك عندما يرفع الروح المعنوية يرفع بذلك التوتر والضغوط النفسية لأنه يزيد نسبة الإندروفين وهرمون النمو وبالتالي فهو يقلل نسبة هرمون الكوليسترول والأدرينالين وهم السبب الرئيسي وراء التوتر وحدة الأعصاب والضيق النفسي. ومن ناحية أخرى فهو يرفع مناعة الجسم ليجعله قادراً على محاربة أي عدوى بنفسه، لذلك ينصح أطباء الأورام والسرطان زيارة مرضى السرطان ومحاولة الضحك واللعب معهم خاصة الأطفال منهم، لأن ذلك قد يكون الدواء الفعال القاتل حقاً للسرطان.

فوائد الضحك في كونه مخدر طبيعي

عندما تطور الإنسان كان على جسمه تطوير مخدرات طبيعية ليستطيع مجابهة الطبيعة بالألم الذي تسببه له وأقصد الألم الجسدي. ذلك التطور جاء في صورة الضحك حسب أخر دراسات جامعة أكسفورد أن الضحك هو مخدر عقلي طبيعي. الدراسة أجريت على ثلاث مجموعات من البشر، المجموعة الأولى كانت تشاهد برامج مضحكة ساخرة من ذلك النوع أن يجعلك تقهقه بصوت عالي بدون وعي وتحكم في نفسك، المجموعة الثانية ستشاهد برنامج عن الطبيعية وهو مسلي ولكنه ليس مضحك، المجموعة الثالثة ستشاهد لعبة غولف مملة ورتيبة. قبل التجربة تم قياس قدرة تحمل الأفراد على الألم بوضع كيس من الثلج على أيديهم وحساب وقت التحمل، وتم القيام بنفس الاختبار أثناء وبعد مشاهدة البرامج. كانت النتيجة أن قدرة التحمل زادت عند مشاهدي البرامج الساخرة بنسبة 10% أكثر أما المجموعتين الأخيرتين لم تتأثر قدرة تحملهم، بل إنها انخفضت قليلاً عند المجموعة التي تشاهد لعبة الغولف. مما يثبت أن الضحك هو مخدر ومفعوله عجيب على العقل.

من أين أتى الضحك وكيف أفاد البشرية منذ ألاف السنين؟

سؤالنا الآن عن كيفية ظهور الضحك وهل كان مجرد صدفة أم أنه عامل فعال في تطور ونمو الإنسان قبل ألاف السنين؟ الإجابة تأتي على يد عالم البيولوجيا روبن دانبر، وحسب كلامه فإن إفراز مادة الإندروفين في الجسم هي من جلبت الضحك على وجوه البشر والاثنان منذ ذلك الوقت الواحد فيهم يزيد الأخر كلما زاد إفراز الإندروفين كلما زاد الضحك والعكس صحيح. أما بقاء تلك الميزة واستمرارها في حياة الإنسان جاء بفائدة كبرى وهي تكوين المجموعات البشرية وانتماء الفرد إلى مجتمع، والمجتمعات كثرت مع الوقت، وهذه هي النقطة الفاصلة التي من خلالها نجح الإنسان في تحدي المصاعب والبقاء على وجه الأرض. بالمقارنة مع الحيوانات المنقرضة أو الإنسان البدائي تمكن الإنسان الحديث بفضل اعتماده على مجموعته من البقاء وكل ذلك من فوائد الضحك. الدليل على صحة تلك النظرية هي دراسة خبير الأعصاب روبيرت بروفين الذي قال إن 80% من الضحك الذي يمارس في مختلف التجمعات البشرية مثل المدارس والمقاهي والأسواق هو في الحقيقة لأغراض اجتماعية وليس لمجرد الفكاهة.

نحن نمارس فوائد الضحك الاجتماعية أكثر مما نتخيل، فنضحك لأن شخصاً أخر يضحك دون حتى معرفة السبب وكأن الأمر عدوى، وتوجد تجربة جميلة لشخص دخل قطار وبدأ يضحك وهو ينظر إلى هاتفه بطريقة هستيرية، كل من بالقطار بدا عليه علامات التعجب إلا إن بعد فترة بدأ يضحك بنفس الطريقة وهم لا يعرفون لماذا. كما أننا نضحك في سلامنا على الأخريين ونضحك حين نكون خجلانين ونحاول أن نخفي ذلك، وأيضاً حين نشعر بالألم ونحاول تغطيته لكيلا يعرف أحد، أو لمجرد وقوعنا في موقف محرج ولا نعرف ما يجب أن نفعله سوى الضحك. وكل تلك التصرفات تنتج بدون وعي وترتيب بالأغلب بل فقط هذا ما اعتدنا على فعله ويخرج بشكل تلقائي. ومن هنا تظهر فوائد الضحك الاجتماعية، لأن الضحكة تزيل الحواجز وتقرب البشر لبعضهم مما يجعل بإمكاننا أن ننشئ علاقات اجتماعية صحية.

متى كانت أول ضحكة بالتاريخ؟

حسب علماء جامعة بورتثموث المختصين بدراسة وظائف الضحك ومقارنة ضحك الإنسان مع المشابه له في الحيوان خاصة ما يفترض أن يكون جدنا الأكبر “القرود”، أن الضحكة الأولى ظهرت قبل ملايين السنين وليس الآلاف فقط. قام الباحثين بدغدغة أطفال صغار، ثلاثة منهم بشراً واثنين وعشرون طفل قرد من عدة أنواع مختلفة. الملاحظة هو إن جميع الأطفال ضحكوا لمدة ثلاث ثوان أو أكثر ولكن صغار البشر كانت ضحكتهم أعلى وعميقة وغنية بالفرحة، أما القرود فكانت ضحكتهم أقل صوتاً وشبيها بالزفير، وكلما كان القرد أعلى في سلسلة التطور كانت الضحكة أقرب إلى البشر. الأقرب كان صغير الغوريلا أو الشمبانزي والذي كان قادراً على الاستمرار في الضحك والتحكم في عملية التنفس، ذلك الأمر كان أمراً غريباً لأن العلماء ظنوا أن الإنسان هو وحده القادر على التحكم بتلك الطريقة. وبسبب هذا الاكتشاف تطورت الباحثة مارينا دافيلا نظريتها التي تربط بين نشوء الضحك ومساعدته في تطور اللغة والكلام عند الإنسان الأول، لأنه من الضحك تعلم التحكم في تنفسه ومن ثم تعلم يطلق الأصوات ويتكلم لأنك حين تتكلم فأنت تكتُم نفسك.

التشابه في الضحك بيننا وبين الحيوانات الأخرى

فوائد الضحك لا تفيدنا نحن البشر فقط بل الحيوانات تضحك أيضاً. في تجربة عملية قام العلماء بدغدغة بعضاً من صغار الجرذان عند الرقبة، فأصدرت بعض الأصوات التي تتشابه بأصواتهم المرحة عند اللعب، المدهش أن الجرذان أعجبهم الأمر وصاروا أكثر تقرباً من العلماء وأكثر حيوية ونشاط لأنهم صاروا مطمئنين ويرغبون بالمزيد من الدغدغة. الفكرة نفسها تتكرر مع الكلاب وستلاحظ الأمر لو أنك تمتلك كلب أو قطة أو أي حيوان أليف. اختلاف الضحك بيننا وبين الحيوانات الأقل تطوراً هو نفسه اختلاف تطور أدمغتنا، بمعنى أننا نتشارك نفس الحب للمرح والضحك ولكننا نضحك على أكثر من مجرد حركات فيزيائية مثل الدغدغة. نحن نضحك على النكات والحركات الأخريين وكلامهم، أما الحيوان فيحتاج إلى لمسات حتى يضحك، لذلك بسبب أدمغتنا المطورة التي تفهم الأشياء المضحكة. فيمكننا أن نقول إن جميع الحيوانات تضحك ولكن الإنسان فقط هو من يضحك على الفكاهة، والفكاهة تعني التهريج لأن عقله يربط بين السلوكيات وبين ردود أفعال الضحك، وذلك بسبب كبر الدماغ وتطور وظائفه، فتحولنا من كائن طبيعي مماثل للجميع بيولوجياً إلى كائن ثقافي واعي يستغل الضحك كرد فعل اجتماعي.

فوائد الضحك الأخرى

اليوم في عالمنا المرير والواقع المؤلم تصبح أكثر فوائد الضحك هي في قدرتنا على تخطي الفشل، لأن الضحك يخفف الصدمات بين العالم المثالي الجميل والواقع المؤلم فيوسع أفاق التفكير ويجعلنا من الممكن أن نتخطى الفشل إلى نجاح. اضحك من قلبك لتتخطى الهموم هذه هي النصيحة المؤكدة علمياً لحل كل المصاعب. حتى لو أردت أن تحافظ على نضارة وجهك وتحارب التجاعيد فالضحك هو الحل الأمثل الوقائي، لأن في الضحك تتحرك عضلات الوجه فتجعلها في نشاط ودورتها الدموية تعمل بشكل ممتاز. فوائد الضحك يمتد مفعولها على القلب لأن القهقهة وراحة البال يجعل القلب سعيد والعضلة قوية فتصير صحتك أفضل وتحمي نفسك من الأمراض.

أخيراً عزيزي القارئ إن كنت لا تعرف على ماذا تضحك بين كل مساوئ الحياة، فتذكر أن هذه المساوئ يمكنها أن تتحول إلى مواقف مضحكة إن كنت تقبل نفسك وبسيط في تفكيرك وتصرفاتك. اقرأ عن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل وعجز وتشوهات فيحولها إلى ضحك والبسمة لا تفارقهم، وينتشر من خلالهم الضحك إلى قلوب الأخريين لأنهم تعلموا فوائد الضحك.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.