تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » الرغبة في الموت : كيف يأتي تمني الموت وكيف تتخلص من هذا الشعور ؟

الرغبة في الموت : كيف يأتي تمني الموت وكيف تتخلص من هذا الشعور ؟

بالتأكيد في خضم أحد المشاكل الكبرى راودتك فكرة الرغبة في الموت ، كلنا فعل ذلك، فكيف تأتي هذه الأفكار؟ وكيف هو الطريق للتخلص الآمن منها؟

الرغبة في الموت

الرغبة في الموت واقع وليس شيء بعيداً عنا وكثير من الناس تعتبر الموضوع مبالغة ولا أحد يعاني من مثل هذا العرض أبداً ولكن الحقيقة أن الرغبة في الموت هو شعور يجتاح الكثير من الناس في أوقات مختلفة من الحياة، وقد لا تكون أنت الآن تشعر به ولكن هناك آخرون يشعرون برغبة ملحة في عدم التواجد في هذه الحياة وبصورة مقصودة وليس مجرد هروب من الواقع في حين إنه في حد ذاته هروب من الواقع وهروب من البشر وهروب من المسئوليات وهروب من الظروف. وقد يكون نتيجة فترة كبيرة من الاكتئاب أو قد يكون نتيجة لعدم وجود تفاهم لهذا الشخص من الآخرين فيلجأ للشعور بالرغبة في الموت وترك الحياة لعل هؤلاء الناس سيفتقدونه. هناك مشكلة في هذا الشعور فإن لم يعالج بسرعة فهو غالباً يتفاقم إلى أن يصل الشخص إلى مرحلة الرغبة الملحة في الانتحار ويبدأ الشخص في التفكير في أفضل طرق الموت التي لا تسبب الألم، وهناك البعض منهم من لم يجدوا نفعاً من الحياة في وجهة نظرهم فعلاً فيقدمون نحو هذا الفعل وهم مؤمنين تماماً أنه الاختيار الصحيح والحقيقة أنهم يكونون واثقين من نفسهم جداً وليس كما يعتقد البعض أنهم يكونون مترددين فهذا الفعل يحتاج إلى شجاعة كبيرة ولا يستطيع أحد الانتحار طالما هو متردد. وفي هذا المقال ستجد أغلب الأسباب الحقيقية وراء الرغبة في الموت لتتجنبها ولتعرف أنه من الممكن أن تكون نعمة في حياة شخص أخر يُقبل على هذا الشعور فتكون مؤازراً له في محنته هذه خصوصاً أن الأمر نفسي وليس عضوي والعلاج النفسي أصعب من العضوي وأبطئ في المفعول.

أسباب وكيفية علاج شعور الرغبة في الموت

اليأس والخسائر

هي من ضمن المسببات الرئيسية للرغبة في الموت حيث في مثل هذه الحالات يكون الإنسان افتقد لكل ذرات الأمل فيما يرغب أن يفعل أو أن يكون وهناك مواقف يكون فيها الإنسان عاجز عن العيش أساساً وأغلبها تكون مشاكل مادية قائمة على الاحتياجات الأساسية والعجر عن سد هذه الاحتياجات بصورة متكررة، فيتسرب اليأس إلى هذا الشخص ويشعر أنه أقل من باقي البشر وأنه لا يوجد له حياة على هذه الأرض لأنه لا يملك أي شيء أو إمكانيات للحياة. وهناك أيضاً المشاكل الأسرية ويصل فيها الأطراف إلى حائط مسدود من عدم التفاهم وخصوصاً الأهالي مع سن الشباب صعب المراس وكثيراً لا يعرفون الآباء كيفية التعامل مع الفتى أو الفتاة في مثل هذا السن لدرجة أنهم يقللون من شأن ما يفعل فييأس الفتى من أبيه وأمه، وبسبب رعونة الشباب والحماسة يعتقد أن الهروب من هذه الحياة هو الحل ويبدأ في التفكير في الانتحار بطريقة جدية ويأخذ الأمر منحى حيوي بالنسبة له حتى أنه أغلب حالات أو محاولات الانتحار في العالم حسب الإحصاءات هي بين سن الخامسة عشر والثلاثين أي سن الشباب عموماً، لذلك رفقاً بالشباب ويجب أن نعلم أن الشكوى النفسية هي شكوى حقيقية وليست مجرد مبالغات أو مجرد طلب اهتمام من الآخرين.

قصص الحب

وربما يكون هذا سبب غير مقنع لك ولكن في الحقيقة هو سبب حقيقي جداً ومؤثر جداً لأن معظم قصص الحب لا تكتمل والقليل منها هو الذي يكتمل ويصبح زواجاً فيما بعد وأحياناً كثيرة بعدما تتحول قصص الحب إلى زواج تجد الأشخاص غير متفقين أو مختلفين أو مصدومين من الحياة معاً. هناك أشياء كثيرة ولكن ما تخلفه قصص الحب الغير مكتملة عموماً هو الرغبة في الموت. لأن في فترات الحب يكون هناك شخص يأخذ حيز كبير من حياتك وشعورك وعاطفتك وتفكيرك بمعنى أوضح يكون هناك شخص يملأ عليك حياتك ومن ثم مرة واحدة تجد أن هذا الشخص لم يعد موجود وهناك حاجز بينك وبينه اسمه الكرامة وأنك لا تستطيع أن ترجع إليه ومن ثم تجد نفسك في حالة نفسية مزرية وقد تقول لنفسك أن الحياة بدونه مستحيلة ومن ثم ترجع إليه فتجده هو لا يريد ذلك فيزيد الجرح أكثر ويتطور الأمر إلى الرغبة في الهروب من الحياة ورؤية الحياة بطريقة سوداوية. ولكن الحقيقة أن كل هذا وهم فالحياة ستستمر طبيعياً والحياة لا تتوقف على الأشخاص أبداً ولكن الشخص في هذا الوقت يكون مأسور ولا يفكر ومشاعره هي التي تتحكم فيه وليس عقله، لذلك الأمر محير جداً وصعب جداً في أمور الحب هذه والمسئولية غالباً تقع على الشخص نفسه والحل أيضاً على الشخص نفسه.

الشخصية التشاؤمية

هذه الشخصية هي أقرب الشخصيات في الرغبة في الموت لأنه لا يرى شيء جيد تقريباً في هذه الحياة أبداً، ومن المعروف أن الشخصية التشاؤمية هي شخصية يائسة لا تعرف المحاولة ولا تعرف الأمل ولا تعرف النجاح بل شخصية سلبية جداً لا يُعتمد عليها في شيء أبداً. لذلك عندما تواجه مثل تلك الشخصية أي مشكلة فهو لن يواجها بل سيهرب منها وكثرة الهروب مع كثرة المشاكل مع العوامل السلبية لدى هذه الشخصية ستؤدي في الأخير أنه سيتعب من الهرب ويفكر جدياً لمغادرة الحياة لأنه لا يجد نفسه في هذه الحياة من الأساس وهو يرى أن الحياة ليس سوى مكاناً للألم. ومن هنا أعتقد أن مثل هذه الشخصيات هي الأصعب في التعامل والأصعب في إقناعهم أن الحياة جيده وعادية وأن المشاكل هي شيء عادي وليس شيء دائم والعجلة تدور وكل هذا الكلام الجيد ولكن الشخصية التشاؤمية يكون له مناعة ضد كل هذا ويظل مثلما يريد.

عدم وجود هدف

هذا في حد ذاته سبب مهم جداً للرغبة في الموت لأن الهدف في الحياة هو الذي يعطي للإنسان الإحساس بقيمته وذاته ويظهر ذلك جلياً في لحظات النجاح والمنافسة والمشاكل والتغلب عليها والتعلم منها ومن ثم يشعر الإنسان أنه نضج واكتسب خبرة جديدة في الحياة، ليكون له في الأخير ثمرة تسمى الشعور بالقيمة والذات من خلال تحقيق الهدف. فتخيل عزيزي القارئ عندما يكون الشخص ليس لديه أي هدف فلماذا سيعيش؟ هذا هو السؤال الذي سيطرحه هو على نفسه ومنه سينتقل إلى الخطوة التالية ويدعوا نفسه فاشلاً ومن ثم سيشعر بالملل الشديد ثم سيجد أن الحياة لا تطاق ثم سيقرر أن يترك الحياة وهو لا يمتلك من المشاكل شيء بل هو سيترك الحياة لمجرد أنه لا يشعر بقيمتها لأنه لا يمتلك هدف. وهذا يعد أيضاً من سلبيات الحياة المريحة جداً كما في بعض الدول الأوروبية فالإنسان هناك يصبح كائن سطحي لا يفكر لأنه لا توجد مشاكل تحثه على
حلها والتفكير من الأساس.

في المجمل عزيزي القارئ مسببات الرغبة في الموت كثيرة جداً ولكن ما أريد أن أقوله لك أن لهذه الحياة قيمة ووجودك في هذه الحياة ليس مجرد صدفة ولك دور مميز فيها فعلاً وليس مجرد كلمات أطن بها في أذنك. فلا يجب أن تستمع لأي هاجس يدعوك إلى التخلي عن الحياة، مواجهة الحياة أمر صعب ولكنها تستحق ذلك منك لأنها حياتك وربما يتغير الوضع بطريقة أنت لا تتوقعها أبداً يوماً ما، فاجعل دوماً الألم والأمل أصدقاء ولا تفقد الأمل قدر ما تستطيع.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

إحدى عشر − 11 =