تسعة
الرئيسية » دين » كيف كان نبي الله سليمان -عليه السلام- يكلم الحيوانات؟

كيف كان نبي الله سليمان -عليه السلام- يكلم الحيوانات؟

قد كان لسيدنا سليمان -عليه السلام- القدرة على التحدث إلى الحيوانات والطير والحشرات، كما أن الله -عز وجل- قد جعل له سلطة على الجن، وفي هذا المقال سنتعرف معًا على سيدنا سليمان -عليه السلام-، وكيف استطاع أن يكلم الحيوانات بأمر الله؟

سليمان

ربما سمعت من قبل عن قصص سيدنا سليمان -عليه السلام- الشهيرة، التي تحكي عن سماعه حديث النمل، أو قصة سيدنا سُليمان مع الهدهد، أو تسخير الجن له، وجميعها تدل على قدراته الخاصة التي وهبها الله -عز وجل- له دون سواه من البشر. ويعد سيدنا سليمان -عليه السلام- أحد أنبياء الله -عز وجل-. وفي هذا المقال سنلقي الضوء على سيدنا سليمان -عليه السلام- وكيف تمكن من فهم حديث الحيوانات، والتواصل معهم.

من هو نبي الله سليمان -عليه السلام-؟

هو سيدنا سليمان بن داوود -عليهما السلام-، ويصل نسبه إلى إيشا بن عويد بن عابر حتى ينتهي بيهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام-، ويعد سيدنا سُليمان -عليه السلام- أحد أنبياء بني إسرائيل، وقد وهبه الله -عز وجل- ملكًا واسعًا، وسلطانًا عظيمًا، لم يهبه أحدًا من بعده، وقد ورث النبوة من أبيه سيدنا داوود -عليه السلام-، وكان سيدنا سليمان فطنًا حسن التدبير، حيث ورث الملك وهو في الثانية عشرة من العمر.

النبي سُليمان في القرآن

سليمان النبي سليمان في القرآن

ذكر الله -عز وجل- سيدنا سليمان -عليه السلام- في القرآن الكريم في العديد من المواضع، حيث تم ذكره في ست عشرة آية، في سبع سور من القرآن الكريم، فالسور التي وردت فيها مواقف لسيدنا سُليمان هي: سورة النمل، سورة الأنبياء، سورة ص، سورة سبأ، وهناك السور التي ورد فيها اسم سيدنا سليمان، مثل: سورة البقرة، وسورة النساء، وسورة الأنعام.

النعم التي وهبها الله لسيدنا سليمان

لقد أعطى الله -عز وجل- سيدنا سليمان -عليه السلام- العديد من النعم، فقد أورثه النبوة من أبيه سيدنا داوود -عليه السلام-، كما أنه قد وهبه الله ملكًا عظيمًا، وربما هذا نتيجة دعاءه الذي دعا به الله أن يهبه ملكًا لا يكون لأحدٍ من بعده مثله، وبالفعل كان له ذلك، كما أن سيدنا سُليمان يعرف منطق الطير، وهذا يعني أنه يستطيع أن يدرك ما تقوله الطيور، فيفهم أحاديثها مع بعضها، كما أنه يستطيع أن يفهم الحشرات وهي تكلم بعضها أيضًا، فتصل أصواتها إليه، ومن تلك النعم أو فلنقل المعجزات أن الله -عز وجل- قد سخر له الريح أيضًا، فكان يشير للريح فيأمرها أن تذهب لقرية تحتاج إلى ماء حتى ينبت فيها الزرع، ويقال أن الريح كانت تنقله إلى حيث يشاء، وإلى جانب تسخير الريح، فقد سخر الله لسيدنا سليمان المعادن، فكان يصنع منه الأسلحة، وغيرها.

النبي سليمان والجن

لقد ذكرنا العديد من النعم والمعجزات التي وهبها الله -عز وجل- لسيدنا سليمان، ولكننا لم نذكر بعد معجزة تسخير الجن لسيدنا سُليمان -عليه السلام-، فكان منهم الذي يبني بأمر من سيدنا سليمان، ومنهم الذي يغوص في البحر، فيستخرج الأحجار الكريمة مثل: اللؤلؤ، كما أنهم كانوا يبنون المساجد والتماثيل التي لم تكن قد حرمت في هذا الوقت، والقصر الضخمة، وكانوا يصنعون الأواني التي يستخدمها الناس في الشرب، وكانت هذه ميزة لسيدنا سليمان -عليه السلام-، فلم يهبها الله -عز وجل- لأحد من بعده، أما الذين يستعينون بالجن فلم يزدهم هذا الأمر إلا إرهاقًا ونكدًا، كما ذكر الله -عز وجل- في القرآن الكريم في سورة الجن. وكانت الجن يطيعون سيدنا سليمان -عليه السلام-، ولا يخرجون على أمره إلا وعذبهم عذابًا شديدًا، وكانوا يقومون بالأعمال التي من الصعب على البشر القيام بها.

قصة سيدنا سليمان والنملة

كان لسيدنا سليمان -عليه السلام- القدرة على سماع أصوات الحشرات وفهم حديثها، فكانت تصل إلى أذنه ذبذبات أصواتهم، وهذا ما حدث في قصته الشهيرة مع النمل، ففي يوم كان يسير جند سيدنا سُليمان من الجن والأنس والطير فمروا على وادي النمل، فأمرت النملة باقي النمل أن يدخلوا مساكنهم خوفًا من أن يمر عليهم جنود سيدنا سُليمان فيحطمونهم دون قصد منهم، وحينها تبسم سيدنا سليمان لما سمعه من النملة، وكيف أنها تعرف أمره، وكيف استطاع أن يفهم ما تقول، حيث أنها هبة من الله -عز وجل- أنهم عليه بها، فسبحان الله!، وهنا دعا سيدنا سليمان ربه، شاكرًا إياه على ما أنعم عليه.

النبي سليمان والهدهد

سليمان النبي سليمان والهدهد

كان سيدنا سليمان -عليه السلام- يفهم حديث الطيور، ويستطيع التحدث معه، وقد ذكرنا هذا من قبل، وفي مرة كان يتفقد الطير لديه، حيث أنه له جنود من الجن، والإنس، والطير، فلاحظ عدم وجود الهدهد، فغضب حينها لتأخره، وأقسم على تعذيبه إن لم يكن له عذرٌ مناسب لما فعل، وهذا دليل على عدل سيدنا سليمان، إذ أن غضبه لم يمنعه من انتظار سماع حجة الهدهد، قبل أن يحكم عليه حكمًا نهائيًا، يدل حينها على تسرعه، وهذه سمة لا توجد في حكيم عاقل، فلما عاد الهدهد أخبره أنه ما أخره كل هذا الوقت أنه رأى ما لا يعرف سيدنا سليمان، حيث شاهد قومًا يعبدون الشمس، فأراد أن يعرف أكثر عنهم حتى يعود بأخبارٍ كافية عنهم إلى سيدنا سليمان، وبالفعل فقد أخبره الهدهد بأمر هؤلاء بوضوح تام، وكانوا قوم سبأ، فشعر سيدنا سُليمان بالاستياء الشديد لما سمع من عبادة هؤلاء القوم للشمس من دون الله -عز وجل-.

النبي سليمان وبلقيس

وكان قوم سبأ تحكمهم ملكة تدعى “بلقيس”، وذكر الهدهد أن تلك المملكة يتوفر بها جميع أسباب الحضارة، والثراء، والترف، ومما يدل على هذا الأمر أن لملكة سبأ عرش عظيم، وتقع مملكة سبأ في اليمن جنوب الجزيرة العربية. ولأن دعوة سيدنا سليمان -عليه السلام- إلى عبادة الله وحده كانت بالحسنى، فلما وصل إليه خبر قوم سبأ عن طريق الهدهد، أراد أن يتأكد أولًا مما يقوله الهدهد، وهذا شأن كل عاقل حكيم، فقرر أن يبعث إليهم خطابًا يدعوهم فيه إلى عبادة الله -عز وجل- وترك عبادة الشمس، ليرى ردة فعلهم على ما يقول، ويتأكد مما قاله الهدهد عنهم، فعندما وصل الخطاب إلى بلقيس ملكة سبأ، قرأته، وجمعت الوزراء وكبار القوم حتى تشاورهم في أمر خطاب سليمان، وما يدعوهم إليه من عبادة الله -عز وجل-، وهذا يدل على رجاحة عقلها، فإن الشورى بين القوم أمر مهم.

رسالة سليمان إلى بلقيس

لما تشاورت بلقيس مع وزرائها وأكابر القوم، أخذتهم الحماسة للقتال، ولكنها لم تتحمس مثلهم، حيث أنها علمت أن سيدنا سُليمان ملكٌ عظيم، وإن مثله من الملوك إذا أرادوا أن يدخلوا قرية ستكون لهم بسهولة، فهم من الذين لا يجب أن يقف أمامهم أحد، فقررت أن ترسل إليه هدية حتى تكسب مودته، وبالفعل فقد أرسلت بلقيس إلى سيدنا سليمان هدية، وهي عبارة عن حلي وجواهر نفيسة، ولكن سيدنا سُليمان لم يقبل الهدية، فلم يكن بحاجةٍ إلى هديتهم، حيث أن الله -عز وجل- أنعم عليه بالكثير، كما أن من كانت دعوة الله هي أسمى غايته لم يلتفت إلى غيرها، وتوعد مملكة سبأ وملكتهم بأن يرسل إليهم جنودًا لم يروا مثلها من قبل، ولا يستطيعون قتالها، وأن يخرجهم أذلة من بلدهم، عندما علمت بلقيس بما فعل سليمان، وعدم قبوله الهدية، وإصراره على غزو بلدهم، وما هو عليه من قوة، أرادت أن تذهب إلى سليمان بنفسها، وأمرت جنودها بحراسة عرشها، وذهبت إلى سيدنا سليمان بجيشها، وجماعتها.

قصر سليمان الزجاجي، وعرش بلقيس

لقد ذكرنا أن عرش بلقيس كان عظيمًا، وأنها لما أرادت الذهاب إلى سُليمان أمرت بحراسته، فلما علم سيدنا سليمان بأمر قدومها، أمر أن يشيد لها قصرًا من زجاج، وجعل تحته ماء، وسقفه من الزجاج أيضًا، وجعل تحته من السمك والدواب وغيرها، حتى يظن الداخل فيه أن في الماء نفسه، كما أراد أن يظهر لها قوته وعظمته، فأخبر جنوده أنه يريد أن يأتي بعرش بلقيس، حتى تجلس عليه في هذا القصر العظيم، وفي هذا تطوع عفريت من الجن أن يستطيع أن يأتي بعرشها في مدة وجيزة، قبل أن يقوم من مجلسه هذا، وعرض أحد عنده في مجلسه قد أعطاه الله علم الكتاب، أنه يمكن أن يأتيه بالعرش في غمضة عين، وبالفعل فقد جاء عرش بلقيس إلى سيدنا سليمان، وأمر سليمان أن يقوموا ببعض التغييرات الطفيفة على العرش حتى يختبر به قدرتها على ملاحظة الاختلاف، وبالفعل فإن سيدنا سُليمان عندما سألها عن هذا العرش هل يخصها أو لا، قالت كأنه هو.

إسلام بلقيس وقومها

فلما رأت ما عليه سيدنا سليمان من العظمة، وما هو قادر على فعله، فلم تصر على ما هي عليه من كفر، بل تبرأت مما كانت عليه من الضلال والكفر، وأعلنت إسلامها، ويقال أن سيدنا سليمان قد تزوجها، والله أعلى وأعلم. وهكذا فقد كان سيدنا سليمان نبي الله -عز وجل- سخر قوته التي وهبها الله له لنصرة دينه، وللدعوة لعبادة الله -عز وجل-.

وفاة سيدنا سليمان -عليه السلام-

سليمان وفاة سيدنا سليمان -عليه السلام-

كان الجن يدعون أن بإمكانهم معرفة الغيب، فأراد سيدنا سليمان -عليه السلام- أن يثبت للناس كذبهم، فأمر الجن أن يقوموا بأعمالهم الشاقة المعتادة، وحينها قبض الله -عز وجل- روحه وهو يستند على عصاه، وظل في وضعه هذا سنة كاملة، لم يستطع حينها الجن أن يعرفوا أنه ميت، بل ظلوا فيما يقومون به من الأعمال التي كلفهم بها، فلم يعرف أحد بأمر موته، إلا عن طريق دابة الأرض التي سخرها الله -عز وجل- لتأكل عصاه، وعندها عرفوا أنه مات منذ وقتٍ طويل، وتمنى حينها جنوده من الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب بالفعل ما استمروا في تلك الأعمال الشاقة، وهذا دليل واضح على أن لا أحد يعلم الغيب إلا الله -عز وجل-. يقال أنه تم دفن سيدنا سُليمان في فلسطين ببيت المقدس.

إن لكل نبي من أنبياء الله -عز وجل- معجزاته التي أيده بها حتى يستطيع أن يدعو إلى عبادة الله، فتكون له عونًا، وسندًا في حياته، وتعد معجزات سيدنا سليمان من أجمل المعجزات التي وهبها الله لنبي من قبل، وقد استطاع سيدنا سليمان -عليه السلام- بها أن ينشر عبادة الله -عز وجل- وأن يحق الحق في كل مكانٍ تصل إليه يده، نسأل الله أن يجمعنا في جنته بالأنبياء والمرسلين، وبصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجمعين.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

اثنان × 2 =